الأربعاء، 2 فبراير 2011

آوان التعقل ...

بعد صبرٍ طالَ هَبَ الشارعُ المصرى احتجاجاً على تدهورِ الأحوالِ، مظالمٌ حقيقيةٌ رُفِعَت لافتاتُها وعَلَت صرخاتُها. أخيراً، استجابَ الرئيسُ مبارك، تفاوتت ردودِ الأفعالِ ما بين رفضٍ وتشككٍ وقبولٍ. انتفاضةٌ مصريةٌ بدأت على الإنترنت واِمتدَت نداءتُها إلى الشارعِ، لم تُعرَفْ لها قيادةٌ واضحةٌ وصَعُبَ التحاورُ معها، فى ذاتِ الوقتِ ركبَت موجتَها تياراتٌ معارضةٌ تبارَت قياداتُها فى ظهورٍ على الشاشاتِ طالما تمنوه واشتاقوا له. شُلَت الحياةُ فى مصر، عَمَت الفوضى، اِزدادَت معاناةُ المرضى، قَلَ الطعامُ، تضاءلَت السيولةُ الماليةُ فى الجيوبِ، حالٌ يستحيلُ استمرارُه. بعد خطابِ الرئيسِ لا بدَ أن يهدأَ الإيقاعُ، أن ننظرُ جميعاً فى كل الاتجاهاتِ، أن نرى ونتدبرَ، لست من أعضاءِ أى حزبٍ، أنا مواطنٌ مصرىٌ، وهو الأهم، أكره التخبطَ والفوضى والضبابيةَ وانتهازيى المعاناة.



الإنترنت عالمٌ قائمٌ بذاتِه، له أولوياتُه واهتماماتُه وقضاياه، لكنه عالمٌ يستحوذُ على أثنين مليار مستخدم وهم 30%من تعدادِ سكانِ الكرةِ الأرضيةِ، بينما يبلغُ عددُهم فى مصر 17 مليوناً بنسبة 21%. شبكة الإنترنت أصبحَت مهيمنةٌ على الاتجاهاتِ الفكريةِ والاجتماعيةِ والاقتصاديةِ بصورةٍ يستحيلُ تجاهلُها وانكارُها. وقد أصبحَت شبكاتُ التواصلُ الاجتماعى مثل فيسبوك تضمُ 450 مليون مشتركٌ على مستوى الكرة الأرضيةِ من ضمنهم 3,5 مليون مصرى وهو ما يجعلُ تأثيرُها شديدُ الأهميةِ. الإنترنت لغةُ عصرٍ، لا هى مفسدةٌ ولا مضيعةٌ للوقتِ، وهو ما روجَت له كثيراً شعاراتُ الإنغلاقُ التى سرعان ما ركبَت موجة انتفاضة مصر ورحَبَت به نفاقاً واسترزاقاً حتى لا يستمرُ تأخرُها عن الزمانِ.



كثيرون من المعارضين للنظامِ فى مصر جاءوا من الخارجِ، بحسنِ نيةٍ أو بدونِه، لكنهم معروفون بالإسمِ، لذا من السهلِ التعرفِ على دوافعِهم ونواياهم، لكن ما يجبُ أن نتنبه له أن الإنترنت عالمٌ لا أرضَ له ولا جنسية ولا دين، وأن من يتخفون تحته أخطرُ من المعارضين الذين نعرفهم. وما يلفتُ النظرَ ويجبُ أن نراه بمنتهى الوضوح أن من يصنفون أنفسَهم نَشِطوا انترنت مقيمون خارج مصر يتلهفون على الفضائيات الأجنبية بقدرِ تلهفِها عليهم. على كلِ من يقيمُ فى ميدان التحرير وفى أى ميدانٍ آخر أن يقفَ ويفهمَ ويتحَسبَ لخطواتِه وألا يصيحَ إلا بما يشعرُ لا بما يشعرُ به آخرون، وألا يتحرك إلا فى إطارِ مصلحةِ بلدٍ كبيرٍ عليه إلتزاماتٌ محليةٌ ودوليةٌ.



وختاماً، إذا كان الشبابُ هم الحركةُ والنشاطُ، فإن العقلَ الأرجحَ موجودُ أيضاً فى غيرِهم، وهم أيضاً بالملايين، لكنهم لا يتظاهرون، لنقفَ إذن ونتعقلَ ويحترمُ بعضُنا بعضاً، كفانا فوضى وميليشيات تبحث لنفسها عن متنفسٍ وشخصيةٍ، كفانا بهلونات سياسة، كفانا افتعال ثورية، كفانا تَشَفٍ،،

المُكابرةُ ...


فى هذه الأزمة لا بدَ أن نتصارحَ، بلا منعٍ ولا حجبٍ، كما جَرَت العادة، لا بدَ أن تكون فى الأزمات التجربةُ والعظةُ. بدايةً، المُكابرةُ، هى الصفةُ الأساسيةُ لنظامِ الحكمِ فى مصر لسنواتٍ طالَت بأكبرِ من المحتملِ بشرياً، سنواتٌ اُغلِقَت فيها كلُ الآذانِ، وانسَدَت خلالَها كلُ وسائلِ النفاذِ لعقلِ القابعين على كراسى السلطةِ بكلِ مستوياتِها، سنواتُ تصورَ فيها الرابضون على مفاتيحِ السلطةِ بالمالِ والنفوذِ أنهم الأذكى والأقوى والأكثرُ فهماً. وهو مع كلِ الأسفِ مُنتَهى القصورِ فى الفهمِ مع غيابٍ مؤكدٍ للتصَوُرِ والقُدرةِ على تحليلِ الأمورِ.



تصورَ القابعون على السلطةِ فى مصر أنهم مبعوثو العنايةِ الإلهيةِ لإنقاذِ مصر، أنكروا شعباً بأكملِه، بمثقفيه وشبابِه وكادحيه، انعزلوا داخلَ أنفسِهم لدرجةِ العجزِ التامِ عن رُؤية دنيا من حولِهم تفورُ باستمرارِ وهم فى دواخلِهم قابعون، أنكروا أن الشعبَ كَرِهَهم وفقدَ أى أملٍ فيهم وأن الفورانَ آتٍ لا محالةً وأن لصبرٍ طالَ حدودٌ يستحيلُ بعدَها أى تحَمُلٍ. خرَجَت الأمورُ عن سيطرتِهم قبل انتفاضةِ الثلاثاء الخامس والعشرين من يناير، بفعلِ التزويرِ، تزويرُ رغباتِ الشعبِ قبل تزويرِ الانتخاباتِ. تصوَرَ القابعون فى السلطةِ أن قوتَهم فى تعيينِ المنافقين والإمعاتِ فى كلِ مكانٍ، خابَ ظنُهم وازادَدَ انعزالُهم وترسَخَت فى شعبٍ يئسَ منهم أعلى درجاتِ الكراهيةِ والنفورِ.
سياساتٌ خاطئةٌ فى كلِ المجالاتِ وجدَت من يدافعُ عنها كذباً، جامعاتٌ خاصةٌ أفسَدَت مفهومَ التعليمِ فى مصر، جودةٌ كاذبةٌ استنفذَت جَهداً ومالاً فقط لشغلِ العقولِ، مُمتلكاتٌ عامةٌ بأبخسِ الأسعارِ بيعَت، أراضِ الدولةِ وُزِعَت على المقربين من أهلِ المالِ، قوانينٌ سيئةٌ سُنَت لمصالحٍ ضَيقةٍ، شخصياتٌ مكروهةٌ عُينَت فى مراكزٍ حيويةٍ، فسادٌ استشرى وتُرِكَ له الحبلِ على الغاربِ. الإعلامُ غابَت عنه المصالحُ العامةُ واقتَصَرَ على ما يُرَوجُ لمن قبعَ فى السلطةِ ويبعدُ عنه ما يُعكرُ مزاجَه، غَيَبَ عنه تماماً صورةَ مجتمعٍ يغلى بكافةِ طوائفِه.



نظامُ حكمِ مصر تَخيلَ أنه سيحكمُ بالإعلامِ الخادعِ وبالعصا الغليظةِ وبالمنافقين والإمعاتِ، لكن انتفاضةَ الثلاثاء الخامس والعشرين من يناير أثبتَت أن الشعبَ إذا أرادَ يوماً الحياة لا بدَ أن ينحنى القدَرَ. ما يحدثُ فى مصر الآن كان متوقعاً إلا فى دائرةِ من حَكَمَ بمَعزلٍ عن الشعبِ، بفعلِه، بسوءِ اختيارتِه وسياساتِه، حتى لما خرَجَت الأمورُ عن السيطرةِ يوم الجمعة الثامن والعشرين من يناير اقتصَرَ تصورُ الحلِ على إقالةِ حكومةٍ طالَت الشكوى منها ومن سياساتِها المُستفزِةِ المُتعاليةِ، حكومةٌ اِختيرَت عمداً لأنها بلا حولٍ ولا قوةٍ ولا فكرٍ، ما لها إلا مُجَرَدُ تعالٍ أجوفٍ. وإذا كان الحلُ فى تغييرِ الحكومةِ فماذا عن ما اقتَرَفَت من خطايا ومن عينَت من فاشلين فى مختلفِ المؤسساتِ والجامعاتِ والصحفِ؟ ماذا عن مجلسى الشعبِ والشورى وقد شُكِلا بعيداً عن الحكومةِ؟ وماذا عن حكومةٍ جديدةٍ تضمُ نفسَ الوجوه الكريهة؟



ما وصَلَت إليه مصر الآن نتيجةٌ حتميةٌ لحكمِ المكابرةِ، لا بدَ أن نتعلمَ الحوارَ فى صحفِ الحكومةِ، وفى كلِ مكانٍ، هل نتعظُ؟ هل نفتحُ؟ مع أسفى وحزنى،،

الاثنين، 24 يناير 2011

ماذا جري للأسكندرية؟!

بدأ محافظ الأسكندرية عمله مشدودأ، حققَ الانضباط في الأسواقِ والشوارعِ، تصدي لمخالفاتِ البناء. لكن، يبدو أنه تعبِ وأصبحت الفوضي والعشوائية أكبر من سيطرتِه بتحالفاتٍ مؤكدة مع الأحياء وشرطة المرافق وسكوت عن أيادى الظلام.


 

لنبدأ من شوارع سعد زغلول وصفية زغلول والسلطان حسين، أهم شوارع وسط البلد، فقد تحولت إلي أبعاديات للباعة الجائلين، المشاه انسدَت أمامهم الأرصفة ولم يعدْ مسموحاً إلا السير في عرض الطريق، مع السيارت!! طبعاً الإبراهيمية تعرضت لذات الاحتلال.


 

محطات ترام محطة الرمل والإبراهيمية وبولكلي تم تأجيرها لبعض الباعة ومن منطق التناكة والنطوعية استولوا علي المحطات بالكامل وحَرَموا الركاب التند التي تقيهم الشمس اللاسعة والأمطار ومنعوا عنهم الدكك التي تريحهم، ثم وسعوا غزوتهم من بيع الصحف إلي نشر شرائط الوعظ الذي يحض علي الكراهية عيني عينك، هذا مع بيع الطرح والجلاليب والبخور. من حَرَك هؤلاء الباعة ومولهم بما يتجاوز امكاناتهم؟!

 

أما عن الميكروفونات الممتدة من المساجد والزوايا غير المرئية فقد تجاوز أمرها حدود الآذان معقول الصوت إلي الاستفزاز والتحدي المتعمد، فمثلاً في المنطقة بين رشدي وبولكلي يتحول وقت الصلاة إلي خناقة ميكروفونات صادمة للسكينة ولخصوصية نفوسٍ تنشدُ الراحة في بيوتِها. حتي صلاة التراويح فى رمضان مدوا لها علي محطة ترام بولكلي أحد مكبرات الدي جي!! أما إغلاق الشوارعِ، ولو كانت رئيسية، فى أوقاتِ الصلاةِ فتعدى حدودِ المعقولِ وما عادَ قاصراً على صلاة الجمعة وما استثنى منطقةً بدءاً من وسط البلد حيث المنشية وصولاً إلى منطقة الرمل بعد سيدى جابر.
 
مناديو السيارات لهم صولاتهم وغزواتهم على أراضى الدولة ولما كانت الأسكندرية موضوعنا فلنر كيف احتلوا كل وسط البلد وفرضوا ما يريدون من عشوائية وإتاوات، وبالمرة المنطقة بين بولكلى ورشدى حيث لَبَدَ أحدُهم أمام محل أحذية مُضيقاً طريقاً أصلاً مختنقاً بسياراتٍ يركنها فى دولته، أقصد منطقة نفوذِه بوضعِ اليدِ.

 

الأسواق مثل الإبراهيمية وكليوباترا انتظمت لوهلة وعادَِت لما اعتادَته من اعتداءٍ على حَرَمِ الطريقِ، أما سوق رشدى فقد منعت مافيا السوق بعض الباعة من فرشِ عشوائياتهم ففرشوها خارجه، على الطريقِ العام، أمام دورة مياه عمومية.

 
هل انهدَ حيلُ المحافظ، ممثل الدولة، أمام هذا الكم من الانفلاتات المتعمدة المتجاوِزةِ؟! هل لم يجدْ المُساندةَ؟ هل خرجَت الأسكندرية عن طوعِ الدولةِ؟ هل تنفصلُ؟! لمصلحة من؟!

السبت، 15 يناير 2011

وطنٌ قبل أن نبكى عليه



العالمُ يتحدُ والعربُ والمسلمون على فرقةٍٍ، العالمُ يزدادُ قوةً والعربُ والمسلمون على ضعفٍ وسقمٍ ووهنٍ، يقتلون أنفسَهم متصورين أنهم الأفضلَ، يقتلون غيرَهم متوهمين أنهم الأصوبَ. بلدانُهم بالمظالمِ والتخلفِ والجهلِ متخمةٌ، إلى متى؟ إلى أين؟


انفجرَت مصر لحظة اِنفجارِ الأسكندرية، مصر لم تعد مصر، حتى قبل الإنفجارِ، جرحُها زادَ، وجعُها مؤكدٌ، حقيقىٌ، كلُهم فى حقِها على خطأ، كلُهم، حكاماً ومحكومين، ما عادوا أبناءها، ولا أهلَها، مجردُ ساكنين، هى سبوبتُهم وأكلُ عيشِهم ومحلُ تجاربِهم السياسيةِ والاقتصادية والاجتماعيةِ، والمذهبيةِ. غابَ مفهومُ الوطنِ بفعلِ سياساتٍ خاطئةٍ جَنَبَت الشعبَ فاستعدَته، وأيضاً بتجنى تياراتٍٍ تتجاهلُ الوطنَ فى معتقدِها وترى فى كلِ أرضٍ ساحةَ قتالٍ لا مكان فيها للمختلفين عقيدةً وفكراً.


مصر، غابَت عنها السماحةُ، والتسامحُ والانفتاحُ، تأثرَت بشظفِ معيشةٍ وبقيظٍٍ حاصرَها بعقودِ عملٍ استعباديةٍ وبفضائياتٍ رافضةٍ كارهةٍ متشنجةٍ، أبناؤها فقدوا انتماءهم، يريدونها نسخةً أخرى للتزمتِ والإنغلاقِ. الشواهدُ شديدةُ الوضوحِ وأهلُ الحكمِ فى غيرِ ذى وادٍ، حركةٌ ثقيلةٌ وقراءةٌ بأعينٍ مُغمضةٍ. مصر الفنونِ والثقافةِ والعلمِ تتراجعُ؛ فيها من يسافرون لدولٍ نفطيةٍ للحصولِ على الدكتوراة فى أحدثِ العلومِ، أنكِرَت الدولُ الرائدةِ علمياً لصالحِ إنغلاقٍ يريدونه لمصر، مصيبةٌ تهددُ مستقبلَ مصر وجامعاتِها، والكلُ كالعادةِ فى نومٍ عميقٍ متخاذلٍ.



فى عالمُ اليومِ الشؤونُ الداخليةُِ مفتوحةٌ على الملأ، على البحرى، مفهومُ حقوقِ الإنسانِ اتسعَ ليخترق الحدودَ، لا يمكنُ التعدى بسهولةٍ على الإنسان، أياً كان معتقدُه، لنتذكرَ من أنقذَ المسلمين فى كوسوفو، ألم يكن حلف الأطلنطي؟ لماذا انقسمَ السودان؟ لأن من حكمَ وأهلُه فى الشمالِ، على حدٍ سواء، أنكروا اختلافَ أهلِ الجنوبِ، ليس بِمُستبعدٍ أن يزدادَ السودان انقساماً، أن يُحاكَمَ البشير دولياً بعد أن أدى الغرضَ منه. ماذا ينتظرُ العراق ولبنان بعد أن عجزَ سكانُهما عن التعايشِ والتفاهمِ، عن الاستيعابِ المتبادلِ؟ الإجابةُ ليست بالعسيرةِ، التقسيمُ والتفتتُ، مصيرُ غزة، دولةُ اللا دولة، التى يرونها نموذجاً لحكمٍ لا بدَ أن يتسعَ ويمتدُ، ولو عمَ الخرابُ والفقرُ والجوعُ، حكمٌ من أجلِ الحكمَ.


ما يحدثُ على أرضِ مصر ليس فى صالحِها، التأثير العالمى أقوى، ما يزولُ بشجبٍٍ أو إدانةٍ، الإصلاحُ ضرورةً، المظالمُ مدمرةٌ، التفرقةُ مخربةٌ، المقامرةُ بسكونِ شعبِها خادعةٌ، المسؤوليةُ على الجميعِ، حكاماً ومحكومين، طيورُ الظلامِ تريدُها فوضى، ولو كانت تفتيتاً.


لا نريدُ مصرَ مُقَسَمةً، وطناً كان، وطناً نرثاه،،

الأحد، 2 يناير 2011

لنحافظ على الأقباط حتى تسلم مصر










شئٌ حزينٌ أن تكونَ الدقائقُ الأولى لميلادِ عامٍ جديد شاهدةٌ على منتهى الخِسة، على جريمةٍ ضد مصر راحَ فيها عددٌ كبيرٌ من أقباطِ مصر أثناء صلاتِهم، لم يدُرُ ببالِ صواريخِ الفرحِ فى كلِ مكانٍ أن هناك انفجاراتٍ أيضاً تدوى لقتلُ الفرحَ. ما حدَثَ فى الأسكندرية أدمى عيونَ كلِ نفسٍ سويةٍ، لا تعرفُ إلا أن مصرَ فى خطرٍ، وأن الغدرَ بالأقباطِ يصيبُها كدولةٍ وكيانٍ. الحدثُ خطيرٌ يستحيلُ أن نجاملُ فيه أو نخدعُ أنفسَنا بتسميةِ الأمورِ بما لا تُسَمى. التوتراتُ الطائفيةُ واقعٌ لا يجوزُ أن نغفلَه، وهى نتيجةُ مماراساتٍ عدةٍ شاركَت فيها الدولةُ الرسميةُ بالصمتِ عملاً بمبدأ إكفى على الخبر ماجور حتى تهدأ الأمور وينسى من ينسى.

 
الأقباطُ يَشْكون ويَشْكون ولا يَسمعون إلا اصبروا، ثم ماذا، أصبروا، حتى عَزَ الصبرُ، وتنَبه العالمُ منذ زمنٍ أن مصرَ فعلاً فى مشكلةٍ لم تُواجَه بالجديةِ الواجبةِ والرغبةِ الحقيقيةِ، لا يجوزُ أن نطوى جانباً تقريرَ الحرياتِ الدينيةِ الأمريكى الصادرَ منذ أسابيع، ليس من الكياسةِ اعتبارُه مؤامرةً. لنراجعُ ما تَعَرَضَ له الأقباطُ من تعدياتٍ على رموزِهم وتحريضٍ، لنرجِعُ لأقاويلِ من اِعتُبِروا رموزَ فكرٍ باحترافِ التهجمَ عليهم، خَلطُ الوعظِ بسبابِهم وتسفيهِم سَكَبَ فى النفوسِ كراهيةً متبادلةً وتشكُكاً وتربُصاً. اختلَطت حريةُ الرأى بالتسامحِ مع من جعلوا منها مساراً لتفتيتِ مصر بالتَهَجُمِ على الأقباطِ والتدخلِ فى عقائدِهم.

 
لا بدَ من الصراحةِ، يجبُ إيجادُ الجانى الحقيقى وكلِ من ساعدَه بكلمةٍ مكتوبةٍ ومسموعةٍ ومرئيةٍ، من الضرورى التوصلُ للأسبابِ بأمانةٍ، التبريراتُ السطحيةُ لا مكانَ لها، العدو ليس فى الموساد، لكن ما يرتكِبُه لأجندته يخدمُ الموساد وللأسف آخرين يُبدون أخوةً قائظةً. يجبُ الاعتبارُ من تجاربِ من حولِنا، من ضحكوا على أنفسِهم وما ضحكوا على العالمِ الأقوى، من تفتتوا بشرِ أعمالِهم. يستحيلُ تصورُ مصر بدون أقباطها؛ هل نسينا صدقَهم وأمانتَهم فى العملِ؟ هل نسينا أن التنوعَ الدينى والفكرى والثقافى هو سمةُ المجتمعاتِ الإنسانيةِ الحقيقيةِ؟ هل غَفلنا أن الإنغلاقَ بدايةُ الاندثارِ؟

الإعلامُ الفضائى وجاراه الحكومى، جعلوا من الفقراتِ الدينيةِ وسيلةً لرفعِ نسبةِ المشاهدةِ، طمعاً فى الإعلاناتِ، لا فى الوعظِ ولا فى غيرِه، منها أُذيعَ علناً ما يحضُ على إلغاءِ العقلِ والانقيادِ. أصبحَ أهلُ الفتاوى هم المحركون لمجتمعٍ تعودَ إلغاءَ عقلِه، مصيبة، هل غُيِبَ المجتمعُ إلى هذا الحدِ؟ لنرَ كيف أدَت عقودُ العملِ الخليجيةِ إلى تغلغلِ أفكارٍ رافضةٍ كارهةٍ منكرةٍ للمخالفِ ديناً وفكراً؟ أفكارٌ ليست من طبائعِ مصر ولا أخلاقِها.

مصرُ فى محنةٍ، غابَت الدولةُ وغابَ عنها العقلُ فسيطرَ على الشارعِ من لا يريدون الدولةَ الحديثةَ. والإسكندرية أيضاً، شوارعُها وأسواقُها فوضى، من اشترى محطاتُ الترامِ؟ من يروجُ شرائطَ الفتنةِ؟ من يهيجُ فيها المظاهراتِ؟ من يحاولُ السيطرةَ عليها؟ من رَفعَ فيها الميكروفوناتِ تحدياً؟ الأماراتُ واضحةٌ وسُكِتَ عنها.

لا مفرَ من الصراحةِ والحسمِ والعدالةِ، إذا أردنا لمصر الاستمرارَ،،

السبت، 1 يناير 2011

شارعُ المكعباتِ وميدانُ امنحتب ...

الأسماءُ هى التاريخُ، ما هو الإسم الجديدُ لميدان سليمان باشا بوسط البلد؟ وهل تَقَبلَ الشعورُ العامُ الأسماءَ البديلةَ لشوارع شريف وفؤاد وتوفيق بالأسكندرية؟ قطعاً لا. هل يمكن تغييرُ اِسم ميدان رمسيس بعد نقل تمثالِه؟ وهل يمكن المساسُ بأسماء فنادق مثل كتراكت ومينا هاوس وويندسور؟ أكيد مستحيل. حتى عند بيع أى سلسلة من المحال أو العلامات التجاريةِ فإن الإسمَ يظلُ صامداً، هو التاريخُ والنجاحُ والذكرياتُ التى بها يؤرَخُ للزمانِ والمكانِ.

أكتبُ بعد أن نشرَِت الصحفُ أنه سيتمُ، ضمن إجراءاتٍ أخرى، تغييرُ أسماءَ مدارسِ النصر للبنين والنصر للبنات والليسيه بالإسكندرية إلى المستقبل والجيل والصاعد وغيره، طبعاً مع حلِ مجالسِ الإدارة و"تفوير" الشكل الإدارى لتلك المدارس. الموضوع إذن متعددُ الأوجه، مسحٌ لكل ما يمتُ للماضى بِصِلةٍ، ثورة يعنى.


طبيعى أن يثورَ الطلابُ ومن خَلَفوهم، وكذلك المدرسون. لمن الحقُ فى هدم الماضى من طرفٍ واحدٍ؟ هل دافعُ "تفوير" هذه المدارسِ، وليس إداراتِها فقط، ما قيلَ عن شكاوىٍ؟ حلو، طيب ما مدى جديةِ هذه الشكاوى؟ ومن كتبها أو من اِستُكتِِبَها؟ وهل توقفت مشاكلُ التعليمِ عند هذه المدارسِ تحديداً وبعدَها سيكون كلُه الفل الفل؟ وماذا عن الشكاوى التى من الطبيعى أن توجه ضد المدارس التجريبيةِ؟ هل سيتمُ حلُها و"تفويرها" إلى كتاتيب؟

التعليمُ، جامعى ومدرسى، يدخلُ كلَ بيتٍ، طلابٌ وأهالى ومدرسون، يستحيلُ أن تُحلَ مشاكلُه بتحركاتٍ فرديةٍ عنيفةٍ وجذريةٍ، التعليمُ لا "تفويرَ" فيه ولا عنتريةَ، إنه ملكٌ للمجتمعِ كلِه، لا يملكُ فردٌ أو وزارةٌ بأكملِها مفاتيحَه. كما سبقَ وقلنا لا لتدميرِ التعليمِ الهندسى بإلغاءِ السنةِ الإعداديةِ بكلياتِ الهندسةِ، ولا لخيالاتِ الجودةِ الورقيةِ، فكمان لا لهدمِ التاريخِ الذى طالما كان مثارَ فخرٍ، واسألوا من خرجوا من هذه النوعية ومن غيرِها من التعليم الخاص، الملكة صوفيا وعمر الشريف وأحمد رمزى ومفيد شهاب وسمير صبرى وأحمد نظيف وعلاء الأسوانى، ما شاء الله، وممكن تسألونى.

عندما يغضبُ المجلسُ الأعلى للشبابِ والرياضة على مجلس إدارة نادٍ من الأنديةِ الرياضيةِ والاجتماعية، فإنه بعد تأنٍ وتروٍ لدرجةِ المللِ، يصدرُ قراراً بحلِه، لكنه يظلُ نادياً، لا ساحةً شعبيةً. عندما تغضبُ القيادةُ السياسيةُ من وزيرٍ أو مجلسِ إدارةِ شركةٍ فإنها تقولُ لهم مع السلامة، وتَبقى الوزارةُ ولا تُباعُ الشركةُ روبابكيا. حنانيك يا وزارة التربية والتعليم، بالراحة، البلد مش نايمة للدرجة ديه، المشاكلُ فاضَت عن الحصرِ، لماذا التشتيتُ والتشتتُ؟ لا خابَ من استشارَ، وخابَ من إذا اِستُشيرَ سكَتَ أو وخافَ أو طَبطَبَ ودَلَع.

على فكرة، شارعُ الهرم ملئ بالمخالفاتِ، لتُنقلُ تبعيتُه لحى عين شمس وليُغَيَر اِسمُه لشارعِ مكعباتِ الجيزة، وبرضه لتعددِ المخالفاتِ بميدان رمسيس ليكن اِسمُه ميدان امنحتب وليتبع محافظ أسيوط.

المسئولية، أى مسئولية، لسيت خناقة ولا تار بايت ولا تجليات وافتكاسات، فى التعليم المدرسى والعالى وفى غيرِهما، وفى أى مجالٍ كان، صحرا أو بستان. إيييه، نعمل إيه بس، الكتابة فرض، والزعل مرفوع،،

شاهدت في السينما




فيلم مثير مستوحى من أحداث حفيفية حول قطار عليه حمولة مواد كيماوية شديدة الخطورة ينطلق بدون سائق نتيجة أخطاء ومحاولة سائق ومعاونه البطولية لإيقافه قبل أن يتسبب فى كارثة.

الفيلم به جميع العناصر التى تجذب المشاهد وتضمن إرضاءه من سيناريو ذكى, ممثل نجم, إيقاع سريع وعمل بطولى. المخرج المخضرم تونى سكوت المتخصص فى أفلام الإثارة والتشويق (Top Gun, True Romance, Man on Fire) قلل من إستعماله للخدع لزيادة الواقعية والمصداقية.

منذ بداية الفيلم يركب المشاهد قطار الإثارة المنطلق ولا ينزل منه إلا عندما يتم إيقافه!


درجة الفيلم : 7 من عشرة





فيلم أكشن حول رجل يخرج من السجن بعد 10 سنوات لينتقم من الذين أوقعوا به وحاولوا قتله وقتلوا أخوه.

القصة ليست جديدة لكن السيناريو جيد ويركز على بعض التفاصيل التى تزيد من جاذبيته والإخراج متميز للأمريكى الأسمر جورج تيلمان الإبن (Men of Honor) الذى وفق فى إختيار الممثلين المناسبين للأدوار وموسيقى تتماشى مع الجو العام للأحداث.

لا نمل أبدآ من مشاهدة فيلم عن شخص ينتقم ممن أساءوا إليه والتعاطف معه, وهذا الفيلم مثال لذلك.

درجة الفيلم : 6,5 من عشرة





الجزء الأول من الفصل الأخير من سلسلة أفلام هارى بوتر حيث ينطلق الأبطال الثلاثة للبحث والوصول إلى بعض المقتنيات ذات القدرة الخاصة قبل الشرير فولدمورت وتدميرها إستعدادآ للمواجهة الفاصلة.

الفيلم فيه من الجديد ما يشد إنتباه المشاهد حيث تدور الأحداث خارج مدرسة السحر إلى جانب إبراز جوانب جديدة من الشخصيات إلا أن تقسيم الفصل الأخير إلى جزئين أدى إلى قلة الأحداث والإحساس بالإطالة.


بعض المؤثرات البصرية جيدة والأخرى أقل جودة.


الجزء الأخير سوف يعرض فى الصيف القادم.


درجة الفيلم : 6,5 من عشرة



فيلم أكشن يميل للكوميديا حيث أنه مقتبس من رواية مصورة (كوميكس) حول عميل سرى متقاعد تتم محاولة لقتله فيستعين بأعوانه السابقين لمعرفة من وراء المحاولة.

الفيلم أداء مجموعة من النجوم الكبار مقامآ وسنآ وفرصة لهم لإثبات الذات إلا أن القصة مبهمة والمخرج روبرت شوينتكى الألمانى الأصل (Flight Plan) فشل فى نقل روح ومعالم الكوميكس للشاشة.

عنوان الفيلم بالإنجليزية RED إختصار Retired Extremely Dangerous أى متقاعدون وقمة فى الخطورة أصبح بعد رؤية الفيلم Ragged Enticing Disappointment أى خيببة أمل مهلهلة وشاردة!

درجة الفيلم : 6 من عشرة

 



فيلم خيال علمى من إنتاج ديزنى حول إبن صاحب شركة تعمل فى مجال الإلكترونيات يدخل فى أحد برامج لألعاب الفيديو, من تصميم والده قبل تغيبه من سنوات, بعد تلقيه إشارة منه والمغامرات التى يعايشها فى ذلك العالم التخيلى.

الفيلم إنتاج ضخم وجزء ثانى لقيلم أنتج فى 1982 (Tron) إعتبر فى حينه نقلة مهمة فى تقنية المؤثرات الخاصة.

الفيلم محاولة جديدة من ديزنى لإستخدام أحدث التقنيات إلى جانب إعطاء أبعاد إنسانية لذلك العالم الإفتراضى.

الفيلم قد يعجب البعض ولكن لن يعجب الجميع والبعد الثالث لم يضف كثيرآ.
درجة الفيلم : 6,5 من عشرة

 



دراما تشويقية حول كاتب أمريكى يتم إستئجاره ليكتب مذكرات رئيس وزراء إنجليزى سابق يقيم فى الولايات المتحدة ويكتشف من خلال عمله أسرار تعرضه للمخاطر.

الفيلم أحدث أفلام رومان بولانسكى الذى شارك فى السيناريو وحصل على عدة جوائز أهمها أحسن إخراج فى مهرجان برلين الماضى وهى جائزة مستحقة بالفعل.

أداء جيد من الممثلين إلا أن السيناريو يشوبه بعض الإفتعال الذى يفقده المصداقية.

من الصعب ألا يربط المشاهد شخصية الفيلم مع أحد السياسيين الإنجليز السابقين رغم الإختلافات المقصودة فى السيناريو.


درجة الفيلم : 7 من عشرة

مهندس / دانيال تانيليان - سكندرى عاشق للسينما ومحب للفنون