الاثنين، 12 يناير 2009

نظامٌ يدفعُ الثمنَ..


الهجومُ الإسرائيلي علي غزة بعد إلغاء حماس للهدنةِ ومبادرتِها بإطلاقِ الصورايخِ، لم يأتْ بجديدِ، الحالُ هو الحالُ، العربُ هم العربُ، لا يتغيرون، العالمُ تغيرَ، اسرائيل وجدَت من المناصرين بأكثرِ مما كانت تحلمُ أو تتمني، في وضعِ دفاعٍ عن النفسِ هي، تردُ الإرهابَ، حرام المدنيين، إلي الجحيمِ حماس، هكذا قال الاتحادُ الأوروبي والولاياتُ الأمريكيةُ كعادتِها. العربُ مزقَ بعضُهم بعضَه، ما بين الخيانةِ والعمالةِ، لم ينطلقْ صاروخٌ من عابري المسافاتِ الطويلةِ، لا من إيران ولا من سوريا ولا من حزب الله، فنجرية كلام، لا أكثر، قطعاً الحال من بعضه في قطر واليمن.
مع كلِ خسائرِ تلك الحربِ الماديةِ والمعنويةِ يقفُ النظامُ في مصر علي قمةِ الخاسرين، المظاهراتُ ضده في الداخلِ والخارجِ، في دولٍ أجنبيةٍ وأخري عربيةٍ، في الفضائياتِ والورقياتِ، المرئي والمسموعِ، في مجلسِ الشعبِ المصري وفي الشارعِ. نظامٌ اِتُهِمَ، كما جرَت العادةُ، في ممارساتِه خاصةً ما يتصلُ منها بالقضيةِ الفلسطينيةِ، نظامٌ أخفَقَ في كسبِ مؤيدين، الأنطاعُ تجرأوا عليه، إعلامُه فشلَ في تجميلِه والترويجِ له، أقلامُه حالُها من حالِه، لا قبولَ ولا مصداقيةَ، كارثةٌ لمن يجلسُ علي كرسي السلطةِ. إذا كان للنظامِ مناصرون في الداخلِ لهانَت معاناتُه في الخارجِ، لكن عندما يتوحَدُ الداخلُ مع الخارجِ في الاتهاماتِ والمشاعرِ الكارهةِ فمن المؤكدِ أن الخطأَ فيه، يستحيلُ أن يكونوا كلهم عليه.
لماذا كَرِهَه الداخلُ؟ الإجابةُ ليست بالعويصةِ، طولُ بقاءٍ لا يبررُه ضيقُ معيشةٍ وقلةُ رزقٍ وفرصٍ، وزراءٌ ومسئولون أُجلِسوا بلا استحقاقٍ ولا كفاءةٍ، أثاروا من الغضبِ والنقمةِ بما يوحي أن تعيينَهم لا يُقصدُ به سوي الإلهاءِ العامِ، فئاتٌ أُفقِرَت حتي تُغلَقُ عقولُها، أعضاءُ هيئاتِ تدريسٍ بالجامعاتِ علي رأسِها، تضييقُ حرياتٍ وظلمٌ، تفاوتٌ اجتماعيٌ شاسعٌ، استهتارٌ بحقوقِ المصريين في الخارجِ، تبذيرٌ حيث يجبُ التقتيرُ وتقتيرٌ عندما يجبُ التبذيرُ، بلدٌ بلا مكانةٍ تليقُ به وتُرضي غرورَ شعبِه ، علمياً أو صناعياً أو اجتماعياً أو سياسياً.
الخارجُ لا يعترفُ إلا بالقوي داخلياً، لا بالعسكرِ والسجونِ، لكن بشرعيةِ البقاءِ والاستمرارِ، مقاعدُ مجلسِ الأمنِ المُجَدَد لن تُعطي جزافاً، إنما هي للأنظمةِ التي تستوفي معاييرَ احترامِ حقوقِ الإنسانِ أياً كان لونُه وجنسُه ودينُه وعرقُه. ريادةٌ ومكانةٌ، يُطنطنُ بها إعلامُ النظامِ، تنفيها المظاهراتُ ضده، احتقاره للشعبِ أبعده عنه، تصورُه أن في معاندتِه القوةُ والمنعةُ أفقده مساندتَه، نظامٌ بلا تأييدٍ داخلي كمن لا أهلَ له، بائسٌ، يتيمٌ، منبوذٌ، ضعيفٌ، ولو توهمَ غير ذلك.
مصر، تاريخٌ مبهرٌ، أما الحاضرٌ فمُقفرٌ والمستقبلٌ دامسٌ، لهذا كرهوا نظامَها، من الداخلِ أولاً، نظامٌ بلا سندٍ، لهذا دفعَ الثمنَ باهظاً، علي حسابِ المصريين، للأسفِ،،

الجمعة، 2 يناير 2009

لما تهاونَت مصر...


ألغَت حماس الهدنةَ وأطلقت صواريخَها علي اسرائيل، ردَت اسرائيل الصاعَ بمائة مثلِه، ولولَت حماس وناحَت عن الخيانة المصرية وعمالةِ نظامِ حكمِها. المظاهراتُ في الدول العربيةِ، بما فيها اليمن وقطر، تهاجمُ مصر وتقتحمُ سفاراتِها وقنصلياتِها، اختزلوا كارثة غزة في مصر وأدوارِهم في التهجمِ علي شعبِها ونظامِها.
مصر أصبَحَت الحائطَ المائلَ لكلِ نكبةٍ ومصيبةٍ ووكسةٍ، لا غرابةَ بعد أن فرطَ حاكموها في كرامةِ شعبِها، معاملةُ المصريين المهينةُ في دولِ النفطِ قوبلَت بلا مبالاةِ، رُفِعَت لافتةُ الشقيقةِ الكبري للتغاضي عن المعاملةِ بالمثلِ، للمحاسبةِ علي انتهاكِ حقوقِ المصريين وكرامتِهم، عَبارتين من السعوديةِ مقابل الطبيبين المصريين الذين نالا من الجلدِ ألف وخمسمائة ومن سنوات السجن عشرين، بلا محاكمةٍ حقيقيةٍ. انتهاكُ كرامةِ مصر جري عادةً، بدأت بالمواطنين العاديين الذين سافروا سعياً وراءَ لقمةِ عيشٍ، وطالَت النظامَ، مهمةٌ سهلةٌ بطولِ الممارسةِ واعتيادِها.
اسرائيل تردُ بما يجعلُ تجاهلَ ردِ فعلِها غباءً وتغفيلاً، من المؤكدِ أن حماس وقعَت فيه، كما سبقَها حزب الله، نفسُ الأخطاءِ، نفسُ الانغماسِ في الذاتِ، نفسُ تصورِ المقدرةِ، نفسُ انكارِها في الآخرين، طبعاً فهم كفارٌ لا قدرةَ لهم ولا عقلَ. احتكارُ الحقيقةِ والفعلِ والصوابِ، مأساةُ العقليةِ المتدثرةِ بشعاراتٍ قشريةٍ، تُرَدِدُها حركاتُ حماس، وقبلُها حزب الله وطالبان، للسيطرةِ علي الشعوبِ واخضاعِها، لم تفكرْ في طلبِ العلمِ ولا في حقوقِ الانسانِ في الفكرِ والعقيدةِ والحريةِ، غرقَت في فخاخٍ نصبَتها لنفسِها، حاربِت طواحينَ الهواءِ، جوبِهَت بواقعٍ يفوقُ قدرتِها، بدلاً من الوقفةِ مع الذاتِ بحثَت عن شماعةٍ، عن كبشِ فداءٍ، لا يوجَدُ إلا مصر.
مصر في نظرِِ الآخرين، نظامٌ بلا جماهيريةِ، شعبٌ بلا كرامةٍ، صورةٌ خلقَها النظامُ بإهدارِه حقوقِ شعبِه في الداخلِ والخارجِ، وأكدَها الشعبُ بتهافُتِه وراءَ المالِ، بالغشِ في المعاملاتِ، بالكذبِ واعتيادِه، الغني والفقير مُتساوين في المساوئ. الفضائياتُ العربيةُ تهاجمُ مصر علي أرضِها بمرتزقةٍ مصريين، تافهين، سطحيين، مُشخصين، كاذبين، مُخادعين، كله من أجلِ المالِ، ولو ادعوا أنهم إعلاميون، ولو افتعلوا المحاوراتِ والسبقَ والشجاعةَ. كيف تَفتحُ فضائيةٌ سعوديةٌ علي أرضِ مصر بابَها لمدعِ فكرٍ من أفاقي هذا الزمن كي يُهاجمُ وزيرَ الخارجيةِ المصري لأنه أخذ بيدِ وزيرةِ خارجيةِ اسرائيل؟! تساءلَ بانفعالٍ كيف سيقابلُ زوجتَه وماذا سيقولُ لها؟! أماراتُ الهيافةِ، نموذجُ لتفاهةِ العرضِ والتناولِ والأولوياتِ والفهمِ. من الطبيعي أن تُهاجمَ مصر علي أرضِها وخارجِها، بعربٍ ومصريين، كلُهم يرتزقون، كلُهم مُغيبون، كلُهم مُخربون.
ٍالخطايا والمخازي العربيةِ لا تري إلا ما يحدثُ في مصر، تُحملُها فوقَ طاقتِها، نظامُها مسئولٌ ومعارضوه، وكذلك شعبُها؛ يزايدون بعضهُم علي بعضٍ، يحتكرون الوطنيةَ وكذلك الحلولَ، منهم من يُدافعُ عن حماس باعتبارِها امتدادٌ لهم، نموذجٌ لما يخططون ويدبرون، يروقُهم قولُ اسماعيل هنية ألا استسلام حتي لو أُبيدَت غزة، طبعاً، حماس هي غزة، الشعبُ وقودُهم، لا إرادةَ له.
مصرُ ملطشةُ من لا ملطشةَ له، شماعةُ من لا شماعةَ له، المظاهراتُ ضدُها وكذلك الشتائمُ، ستستمرُ، الهزائمُ والنكباتُ العربيةُ، ستتواصلُ، باعتيادِ الكذبِ والشعاراتِ وخداعِ الذاتِ، بتصورِ جهلِ الآخرين وقلةِ حيلتِهم.
هاجَموا مصر وسَبوها، ثم ماذا؟! هل شَفوا عجزَهم وبؤسَ حالِهم؟! مرضٌ لن يكون البراءُ منه إلا إذا أحبَ المصريون مصر، نظامٌ، معارضون، شعبٌ،،

الأحد، 28 ديسمبر 2008

لا تراجع حتي لو أبادوا غزة...


غزة تحت النيران، صواريخ وقنابل اسرائيل حولت برودة الِشتاءِ إلي حرٍ قائظٍ، جعلت من ليلِه الطويلِ نهاراً ساطعاً؛ قتلي بالمئات، صراخٌ ونحيبٌ، استغاثاتٌ، تصريحاتٌ ناريةٌ، حتي الآن، علي الأقل. بدأت المظاهراتُ العربيةُ مصحوبةٌ باتهاماتِ العمالةِ والخيانةِ، دعواتُ القمةِ إياها علَت، لا بدَ من إثباتِ الوجودِ. إعلامُ الانتفاعِ والافتعالِ أطلقَ أصواتَه المتشنجةَ وأقلامَه المخادعةَ؛ نفسُ السيناريوهات، نفسُ المشاهدِ، نفسُ الأداءِ، نفسُ الأدوارِ، لا يتغيرون ولو تغيرَ الزمن، وراءَ كل نكبةٍ، هم منتحبوها، منتفعوها، مرتزقتُها. الأنظمةُ العربيةُ سخنت الأجواء الإعلاميةَ، تم تجييش المتظاهرين، شحذوا حناجرَهم، اسرائيل معتديةٌ جانيةٌ باغيةٌ. المعارضون لا يريدونها إلا فرصةً للظهورِ والمزايدةِ، همهُم أنفسُهم، لا حماس ولا غيرها، سبوبةٌ من ضمن، لا أكثر.
من الجاني؟ اسرائيل تري في هجومِها ردٌ علي صواريخ حماس، حماس وجدَت في صواريخِها دفاعٌ شرعي عن وطنٍ محتلٍ. وضعُ غزة منذ سيطرةِ حماس عليها تدهورَ من بؤسٍ إلي بؤسٍ، نظرةُ حماس للحكمِ باعتبارِه هدفاً في حدِ ذاتِه حصرَتها في ثقبِ إبرةٍ، خنقتها تصريحاتِها النارية وتخيلُها وجوبِ فرضِ نهجِها علي من حبسَتهم في غزة وعلي جيرانِها، شمالاً وجنوباً. لا العالمُ يقبلُها ولا امكاناتُها تسمحُ لها بنشرِها أو الدفاعِ عنها. ولي عهدُ الصراخِ في الميكروفوناتِ، استدرارُ التاريخِ وتأويلُه لا يصنعان الحاضرَ. حماس غرَقَت في بحورٍ عمقتها بأيديها، حاربَت طواحينَ الهواءِ، انتهَجَت العنفَ مُتوهمةً أن استخدامَه من حقِها، وحدها، به ألقت فتح من الشبابيك وتجبرَت عليها؛ عاشَت الأوهامَ، حشَدَت العروضَ العسكريةَِ الصارخةَ، تغنَت بصواريخِها التي قتلت خطاءً أطفالاً فلسطينيين، وصلَت في سكرتِها إلي إنهاءِ الهدنةَ مع اسرائيل. لم تفكرْ حماس في التحولِ من الشعاراتِ إلي السياسةِ، إلي المتاحِ، انهكَت نفسَها في نزاعاتٍ غيرِ قابلةٍ للانتهاءِ. لم تجلسْ حماس علي مقاعدِ المسئوليةِ عن شعبٍ، إنما جرَبَت فيه شعاراتِها، ساقَته بالعنفِ، سلَطَت إعلامَها لغسلِ الأدمغةِ، حتي الأطفال حاصرت عقولَهم برسومٍ كرتونيةٍ تحضُ علي العنفِ وكره الآخرين. نسيت حماس أن الحكمَ مسئوليةٌ، حفاظٌ علي الحياةِ، الإنسانُ لا يعيشُ بالشعاراتِ، ليس وقوداً لمغامراتِها وفأراً لتجاربِها.
إذا كانت حماس قد حسَبَت وفكرَت قبل أن تنهي الهدنةَ وتُطلِق صواريخَها فإما أنها علي قدرِ فعلِها فلا يحقُ لها التباكي والولولة، أو أنها لم تحسبْها ولم تفكرْ وتلك كارثةٌ. من المفترضِ أن حماس يقومُ عليها راشدون يُسألون عن أفعالِهم ويتحملونها، علي قدرِ فعلِها وردودِ أفعالِها لا بدَ أن يكونوا، أو فليصمتوا، ليجعلوا صواريخَهم في مخابئها، ليس لهم أن يطلبوا من الآخرين أن ينجروا إلي معاركِهم. اسرائيل تغولَت بالديمقراطية والعلم واحترام مواطنيها، الدولُ العربيةُ جمعاءُ داسَت مواطنيها، أفقدَتهم اتزانَهم النفسي، حماس ليست بمختلفةٍ، ولا حزبَ الله.
صرح اسماعيل هنية ألا تراجعٌ حتي لو أُبيدَت غزة، لم يقلْ لو أُبيدَت حماس، لقد استباحَ غزة وأهلَها وقوداً لسياساتٍ بلا تخطيط، لا غرابةَ في أن تتمادي اسرائيل، في أن تجدَ مبرراً ذهبياً للخلاصِ من حماس، العالمُ لن يلومُها، لا في مجلسِ الأمنِ، ولا في غيرِه، مصيبة،،

الجمعة، 26 ديسمبر 2008

الجودة وسنينها...


الجودةُ، كلامُ الصباحِ والمساءِ، قبل الأكلِ وبعدِه، علي ألسنةِ المسئولين، أُملي عليهم، رددوه، فيه الاستمرارُ علي كراسيهم. الجودةُ، سبوبةُ من لا سبوبةَ له، سلمُ كل مشتاقٍ، يبغبغون عنها بحُرقةٍ وانفعالٍ، لزومُ إظهارِ الإخلاصِ وحب مصر، طبعاً، همهمُ خدمتها بكلِ أنفاسِهم.
زيادةُ مرتباتُ أعضاءِ هيئات التدريسِ بالجامعات ِفي مقابلِ تواجدِهم، أحدُ شعاراتِ الجودةِ ومتطلباتِها، لم يتجاوبْ معه معظمُهم، لم يتقاض من ملأوا استماراتِ التواجدِ مليماً. من امتنعوا عن استيفاءِ الاستمارات اعتبروا أن من حقِهم التمادي في هجرِ كلياتِهم، استمروا في الجمعِ بين وظيفةٍ وأكثر، في الشركاتِ التي تدعي نقلِ التكنولوجيا وانشاءِ المعاملِ، مشاريعُها دعائيةٌ وهميةُ، تجذبِ أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ بالمالِ، من الطبيعي أن يعصوا كلياتِهم، أن يُكَوِنوا تكتلاتٍ للترويجِ لتلك الشركاتِ في كلياتِهم، أن يحولوا الكلياتِ لمراكزٍِ تابعةٍ لها. غسيلُ أوضاعٍ إداريةٍ فاسدةٍ، شركاتٌ تدعي نقلَ التكنولوجيا للجامعاتِ في مقابلِ الاستيلاءِ علي أعضاءِ هيئاتِ تدريسٍ أعياهم ضنكُ الحالِ وقلةُ الحيلةِ؛ أوضاعٌ تعلمُ بها إداراتُ الكلياتِ والجامعاتِ، عينُ العجزِ مكسورةٌ.
الجودةُ، مشاريعٌ بميزانياتٍ، بمكافآتٍ، هرولَ إليها من يحلمون بالكرسي، أي كرسي، هي اتحادُ الطلبةِ في الستينات، هيئةُ التحريرِ، الاتحادُ الاشتراكي، حزبُ مصر، والحزبُ الوطني، المهمُ أن تكون سكةُ وصولٍ، لا يهمُ المضمونُ، العبرةُ بالخواتيمِ؛ بها صعدَ الكثيرون، المناصبُ الجامعيةُ لهم، وما حولها. لا بد أن تتدهورَ العمليةُ التربويةُ والتعليميةُ، شُكِلَت لجانُ ترقياتِ أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ بما لا يُفهَمُ إلا أنه تقريبٌ وإبعادٌ، التفصيلُ واضحٌ، لا ضرورةَ للخوضِ فيه. أي جودةٍ وأعضاءُ هيئاتِ التدريسِ بالجامعاتِ لا يرون ما يدعو لبحثٍ علمي ولا يندمجون في مسرحيةٍ كرهوها.
الجودةُ تكون بالصدقِ في السياساتِ، باِعطاءِ الحقِ لأهلِه، من مارسوا العمليةِ التعليميةِ، من كانوا محلَ احترامِ وتقديرِ زملائهم، لا من هبطوا علي الكراسي، رجالاً ونساءاً، بدون استحقاقٍ إلا ما تراه جودةٌ لا تمتُ لصالحِ العمليةِ التربويةِ والتعليميةِ بصلةٍ، جودةٌ بفهومٍ خاصٍ مختلفٍ، جودةُ الإلهاءِ عن البحلقةِ فيما لا يجوزُ. الاحصاءاتُ العالميةُ المحترمةُ لم تضعْ الجامعاتِ المصريةَ في أي موقعٍ محترمٍ، محقةٌ، تفهمُ وتحللُ، ما عجزَ عنه أهلُ الجودةِ إياها. وللتذكرةِ، كنت أولَ من نشرَ تقريراً بأفضلِ خمسمائة جامعة علي مستوي العالمِ في جريدة الوفد بتاريخ 11/2/2004، وفي باب شباب وتعليم بأهرام 31/1/2005 بعد أن غيروا اسمي، طبعاً من مستلزماتِ الجودةِ وأمانةِ نسبةِ المجهودِ لأهلِه.
أعضاءُ هيئاتِ التدريسِ في يأسِهم وبؤسِ حالِهم، المعاملُ والمكتباتُ علي جفافِها وعناكبِها، المدرجاتُ بغبارِها وكراسيها المخلعةِ وبنوافذِها المكسورةِ، لم تصلها الجودةُ بعد، لا تُتوقعُ في القريبِ.
أولُ ما في أي جودةٍ يبدأُ بالاعترافِ بالعلمِ وأهلِه، لا جودةَ بالإعلامِ إياه، ولا بالسياساتِ التي لا تفهمُ إلا جودةَ استمرارِها، ولا بالمسئولين الذين لا يبتغون إلا جودةَ كراسيهم،،

الاثنين، 15 ديسمبر 2008

بوش انضرب.. وماله


حذاءان صوب بوش، تفادهما بخفةٍ، شتيمةٌ، كأنه لم يسمعها. امتلأت المدوناتُ وتعليقاتُ القراءِ في المواقع الإلكترونية فرحاً بالبطولة العربية والشهامة العراقية، الصحفيون تباروا في الانفعال تعليقاً علي الحدثِ الفخمِ، تماماً كما يفعل معلقوا الكرةِ ولو أمام مباراةٍ تافهةٍ. الصحافةُ والفضائياتُ اعتبرته الفتحَ الأعظمَ، الحكوماتُ العربيةُ سلطَت إعلامَها للتسخينِ، طبعاً حكامُها علي صوابٍ وبوش غلطان من أولِه لأخرِه.
الجوعانُ يحلمُ بسوقِ العيشِ، مشهدٌ غريبٌ علي الاجتماعاتِ العربيةِ التي يحضرُها الرؤساءُ ومن دونِهم بكثيرٍ، حيث إجراءاتُ الأمن تمنع التنفسَ واللفتاتِ والهمساتِ، ما بالك بمواكبِ التشريفةِ والزياراتِ والافتتاحاتِ؛ تتحولُ الحياةُ إلي سجنٍ كبيرٍ، إلي معتقلٍ. ما أكثر ضحايا التشريفاتِ العربيةِ، من بشرٍ ووقتٍ، ما أقسي انتهاكات الكرامةِ الإنسانيةِ لمواطنين في أراضيهم، ما أخزي سقوط إعلامِ النفاقِ والطبلِ والزمرِ وفضائياتِ الانتقاداتِ الفارغةِ.
حذاءان تفادهما بوش، أصبحا فرصةً ذهبيةً للظهورِ كمناضلين وثوريين وأحرارِ، ما أكذبُ ثورةِ العبيد، عبيدُ أنظمتِهم، وعبيدُ استحواذ الكراسي إلي الأبدِ، عبيدُ الإعلامِ المخادعِ؛ ما أتعس المحرومين الذين يفورون فرحاً لوهمٍ يخالونه حقيقةً. لنتخيل لو كان الحذاءان وُجِها لزعيمٍ عربي، سيُتطلقُ الرصاصُ في كلِ مكانٍ، سيصيبُ العشراتِ عشوائياً، لن يكون للإعتذارِ محلٌ ولا للأسفِ، سيكون حديثُ الإعلامِ عن المؤامراتِ وشجاعةِ الحراسِ وبسالتِهم ويقظتِهم.
شعوبٌ محرومةٌ من الانتصاراتِ، تتلهفُ نسمةً، تترقبُ فرصةَ فرحٍ، ولو كان زائفاً؛ أنظمةٌ غارقةٌ في الهزائمِ، تتلهفُ لحظةَ إلهاءٍ، يستحيلُ أن تغسلَ عقوداً من القهرِ. مولدٌ بلا صاحبٍ، ضجيجٌ وصخبٌ بينما يتابعُ بوش أسفارَه، غيرُ عابئٍ، ولا مكترثٍ، عادةٌ سقيمةٌ، فورانٌ ثم خمدانٌ، لماذا وكيف؟ لا شئ يهم، كله يُنسي ولا يبقي إلا حقيقةُ المرارةِ، بطعمِها ورائحتِها، بكلِ ما فيها، تعودُ الهزائمُ لتسيطرُ، الصراعاتُ لتمزقُ، الحوادثُ اليوميةُ لتحصدُ، انتظاراً لحذائين يُلقيان، متي اللهم أعلم، المؤكدُ أن ريما دوماً تعودُ بعدها لعادتِها القديمةِ،،

السبت، 6 ديسمبر 2008

روز اليوسف ليست ظاهرة ..


طفَت أصدارات روزاليوسف علي صدارةِ الأحداثِ، لا السبقَ في الأخبارِ، بأسلوبِها في اختيارِ الموضوعاتِ والشخصياتِ. أسلوبٌ متفردٌ في اختيارِ مفراداتِه وألفاظِه، انحدرَ مع الأسفِ إلي مستوياتٍ جعلَت من السكوتِ عليه لزمنٍ تقديرٌ ومباركةٌ ودفعٌ للمزيدِ. اختيارُ القائمين علي تلك الإصداراتِ يؤكدُ علي نهجٍ بعينِه، فيه البلطجةُ بالقولِ والتلفيقِ، فيه تجرؤٌ علي الحرماتِ، تَرصُدٌ، قذفٌ وتباهٌ به. لا غرابةَ إذن إذا سادَت في المجتمعِ سلوكياتٌ شبيهةٌ تتلهفُ علي فرصةٍ لإثباتِ أنها لا تقلُ براعةً في هذا الانحدارِ، لا غرابةَ إذا أصبحَت نهجَ حياةٍ، صباحاً ومساءاً، في الشارعِ، العملِ، النادي، المنزلِ. إصداراتُ روزاليوسف قريبةٌ من النظامِ، هي من أدواتِه، فيها الإرهابُ والتهديدُ والوعيدُ، فيها تلويثُ السُمعةِ، من خافَ عليه الابتعادُ، ليست سِكتُه، من خافَ سَلِمَ.
روزاليوسف هي أساسُ الموضوعِ، ليس لأنها روزاليوسف، إنما لما يمثلُه الارتكانُ عليها والثقةُ فيها، مهما انحدرَ ما تؤدي وتمارسُ. روزاليوسف ليست الإصدارتُ، إنها كل من أُجلِسَ علي كرسي لأنه هي، يفعلُ كما تفعلُ، يردحُ مثلَها، يفرشُ ملاءتَها، يستخدمُ عصاتَها ومطوتَها وسنجتَها، إنها العديِدُ من المسئولين، علي كافةِ المستوياتِ، طالما عُينوا ليسيروا علي خُطاها، قدوةٌ هي في زمانٍ انسحَبَ فيه المحترمون. الكراسي عنوانُ النظامِ، كلما عفَت ممارساتُهم وتصرفاتُهم، كلما كان نزيهاً عفيفاً، والعكسُ بالعكسِ. ما أكثرَ المسئولين الذين أثاروا بفلتانٍ ألسنتِهم وتصرفاتِهم توتراتٍ وهياجاً، وكأنَ الاستفزازَ العامَ هدفٌ قائمٌ بذاتِه.
المشكلةُ الأكبرُ في انتشارِ داءِ روزاليوسف علي النطاقِ الأعمِ باعتبارِه نهجاً رسمياً، قدوةٌ، مع الأسفِ فيما لا يجوز، مسلكٌ لا يُحتذي، انتشرَ لأنه يتلاءمُ مع مرحلةٍ عمَت فيها فوضي غيرُ مسبوقةٍ، غابةٌ تعلو فيها الأصواتُ بالباطلِ قبل الحقِ، يخرجُ من الألسنةِ ما تُعاقبُ عليه القوانين، تُستخدمُ العصي وما اشد بدلاً من الحوارِ والنقاشِ. روز اليوسف هي تعاملُ النظامِ مع المخالفين، تباكي المعارضين بالحقِ والباطلِ، إعلامُ التهييجِ والإثارةِ، فضائياتُ التربحِ علي حسابِ السمعةِ والحقيقةِ، تجاوزاتُ المسئولين علي كافةِ المستوياتِ. الكراسي التي شغلَها طه حسين وأحمد لطفي السيد ومصطفي أمين ومحمد حسنين هيكل، شُغِلت بمن تمثلَت روزاليوسف في مسلكِهم.
روزاليوسف، عنوانُ واقعٍ، بسياساتِه، أشخاصِه، ليست ظاهرةً، في الأمثالِ قالوا إبن ... يجيب لأهلِه الشتيمة، وأكيد ما هو أسوء بكثير، لكن من يشعرُ ويحسُ؟؟

الأحد، 23 نوفمبر 2008

الشريعة السعودية..


ألفٌ وخمسمائة جلدة وعشرون سنة سجناً لطبيبين مصريين يعملان بالسعودية، السفارةُ السعوديةُ بالقاهرة تؤكد أن الإعلامَ يبالغُ ويهولُ، العقوبةُ لا تتجاوزُ الألفَ ومائة جلدة، بالإضافةِ إلي السجنِ!! الصحفُ الحكوميةُ في مصرلا تري ولا تسمعُ ولا تتكلمُ، كالعادةِ؛ الصحفُ المستقلةُ والمعارضةُ لم تسكتْ، من واجبِها ومن حقِها. الشقيقةُ الكبري مصر يجبُ أن تتحملَ، من نصبَها شقيقةً، ومن وكبرَها؟ يُسألُ في ذلك من يحكمون وإعلامُهم، الدولُ المجاورةُ لا تعترفُ بأنها شقيقةً أو كبري، والدليلُ كل ما يلقاه المصري من صنوفِ الهوانِ والمذلةِ، لا تنصبُ عليه وحدِه ولو طالته سياطُها، إذا توهمَ الجالسون علي الكراسي.
العملُ في السعويةِ والخليجِ، عند الكثيرين، مهربٌ من شظفِ عيشِهم، تسابقوا عليه وتهافتوا، داسوا علي كرامتِهم من أجلِ الاستمرار فيه، ظروفٌ غيرُ أدميةٍ تتلقفُهم، أجورُهم متدنيةٌ، ومع ذلك راضون، ما رماك علي المرِ إلا ما هو أشدُ مرارةً. ما نالَت مصرُ من العملِ في الخليجِ إلا كل أذيً، ضاعَت شخصيتُها واختفَت وراءَ أزياءٍ سوداءٍ قاتمةٍ وجلاليبٍ قصيرةٍ ووجوهٍ مكفهرةٍ رافضةٍ، غابَ الفكرُ وحورِبَ، عمَت غلظةُ البداوةِ في التعاملاتِ، أصبحَت الحياةُ ممنوعاتٍ في ممنوعاتٍ. مصر، لم تعدْ مركزَ اشعاعٍ، تابعٌ هي بضيقِ يدِها وتردي أوضاعِها السياسيةِ، استباحَها من وجدوا المالَ سهلاً، أغنياءٌ بلا سندٍ، اشتروا كلَ ما تطولُه أياديهُم، إعلامُهم علي أرضِها للتهجمِ عليها، سبوبةٌ لهم، يتربحون من سيرتِها، يُعتمون بها علي خطايا مجتمعاتِهم.
مصر، تجترُ ماضيها، حاضرُها عاجزٌ، حاكموها لا يشغلُهم إلا استمرارُهم، ضاقَت صدورُهم بمعاناةِ شعبٍ اعتادَ القهرَ، الشرطةُ اختلَ دورُها، تحولَ من حمايةِ المواطنِ إلي الدفاعِ عن أهلِ الكرسي، أسلحتُها موجهةٌ إلي رؤوس العزلِ وصدورِهم، برطعَ المجرمون وفردوا، استولوا علي أراضي الدولة من السلومِ إلي سيناء، عمَ الفسادُ والبلطجةُ، حياةُ غابٍ لا مكانَ فيها لضعيفٍ، لا قانونَ إلا ما تراه القوةُ. لماذا يُطلبُ من الأغرابِ حسنُ معاملةِ المصريين بينما هم مُداسون علي أرضِها؟ تُنتهكُ أدميتُهم في طوابيرِ الأكلِ والشربِ والسكنِ، وأمامَ السفاراتِ الأجنبيةِ. ما الذي يدفعُ مصريٌ تحت هذه الظروفِ للانتماءِ، للتغني بالمصريين أهمه؟ ليغير جلدَه، ليلبسُ مثل من بأموالِهم اشتروه، ليفكرُ مثلهم، ليكفرُ ويحرمُ كما يفعلون، وأكثر، بقدرِ ما يدفعون، بقدرِ ما يستمرُ عندَهم.
عقودُ العملِ في السعودية، عقودُ رقٍ وعبوديةٍ، يتصورونها أسلوبَ دعوةٍ، لا تسري إلا علي المصريين، في الأغلبِ، وكذلك العقوباتُ المبتكرةُ للتنكيلِ بهم وإذلالِهم، غيرُ قابلةٍ للتطبيقِ علي من يردون الإساءةِ بعشراتِ ومئاتِ أمثالِها، يدعون أنهم حماةُ الدينِ وهم أسوأُ أمثلتِه، يخافون ولا يستحون، لم ترْ الحضارةُ الإنسانيةُ منهم إلا رفضَ الآخرين والتجمدَ والجلوسَ علي الأرائكِ الوثيرةِ بالأحذيةِ، يسبون حضارةَ الغربِ وهم أولُ المستفيدين من بذخِها، لا علمِها.
يتصورون أنهم مباركون بالمالِ الكثيرِ، أنهم محلُ غيرةٍ، من فرطِ تغفيلِهم، ومن خيبةِ غيرهم، أيضاً،،