





سبَقَ وأن عَرَضت ما يتعرضُ له التعليم الهندسي من مخططاتٍ تُدَبرُ بحجةِ إصلاحِه وما فيها إلا التأكدُ من تمامِ القضاءِ عليه، وما البطالةُ السائدةُ بين المهندسين إلا دليلٌ علي محنةٍ طاحنةٍ ضرَبَت مهنةَ الهندسةِ من جراءِ ممارساتٍ خاطئةٍ ومن استمرارِ التمادي فيها، وكأن العزةَ واجبٌ وكأن ما يتبعُها من آثامٍ قدرٌ علي هذا البلدِ.
فقد استمرَ تسريبُ دعاوي لا تخمدُ مُناديةٍ بقَصرِ الدراساتِ الهندسيةِ علي أربعِ سنواتٍ باعتبارِها المُنقذُ لمهنةِ الهندسةِ مما هي فيه من تردٍ؛ دعاوي تجدُ مسارَها إلي الصحفِ باسماءِ من يشغلون مناصباً إداريةً في الجامعات أو من المُستمرين بعد المنصبِ في الدائرةِ الضيقةِ المهيمنةِ علي التعليم العالي. تبدأُ تلك الآراءُ دوماً بنعي حالِ التعليمِ الهندسي وبأنه قاطرةُ التقدمِ وتنتهي بأهميةِ مهنةِ الهندسةِ ويتم في وسطِ الكلامِ زحلقةَ حكايةِ قصر الدراسةِ الهندسيةِ علي أربعِ سنواتٍ مع ضرورةِ دمجِها مع الدراسةِ في المرحلةِ الثانويةِ. نفسُ نهجِ المؤتمراتِ التفصيلِ، التيك آواي، التي يُنتقي محاضروها وحاضروها بتوصياتِهم الجاهزةِ؛ وهي ذاتُ محنةِ تعيين القياداتِ الجامعيةِ، يُرددون توجهاتِ من أوجدوهم، بدلاً من انتخابِهم ليكونوا مُعبرين عن همومٍ حقيقةٍ.
تناسي هؤلاءُ في دعاواهم أن تدهورَ الدراساتِ الهندسيةِ نتيجةٌ حتميةٌ لسياسةِ الوزارةِ، المسئولةِ عن التعليمِ العالي وأضافَت إليه الجودةَ، والتي أسرَفَت في قبولِ الطلابِ في كلياتِ الهندسةِ، وفتَحَت معاهداً وكلياتٍ خاصةً تُسمي هندسيةً ضزَبَت بقسوةٍ كل ما يَمُتُ للهندسةِ من جلدٍ وبحثٍ وأمانةٍ واعتمادٍ علي النفسِ. الآن يدخلُ طلابُ المرحلةِ الثانويةِ إلي كلياتِ الهندسةِ الخاصةِ بمجموعِ 64% وهو ما لا يدلُ إلا علي تدهورِ المستوي العلمي وتواضعِ الإمكاناتِ العقليةِ والمهاريةِ، لم تقفْ الكارثةُ عند هذا الحدِ بل امتدَت إلي فتحِ كلياتِ الهندسةِ أمام طلابِ الثانويةِ العامةِ من مجموعةِ العلمي المتأدبِ، وكأنها ناقصة تدهور فلا بدَ من المزيدِ.
لما ألغوا السادسةَ الإبتدائيةَ منذ عدةِ سنواتٍ ظَهرَت فرقةُ مُنشدين تُرَدِدُ بأن في ذلك توفيرُ أموالٍ، تَسولوا باسمِ الحكومةِ، نَفسُ ما يترددُ الآن لإلغاءِ السنةِ الإعداديةِ بكلياتِ الهندسةِ. وكأن التوفيرَ لا يكون إلا في التعليمِ الذي يجبُ أن تبيعَ الحكومةُ كلَ ما تملكُ من أجلِه؛ لم يدافعوا عن إبقاءِ السنةِ الإعداديةِ بالدراساتِ الهندسيةِ في مقابلِ التوفيرِ في علاجِ من هبَ ودبَ علي نفقةِ الدولةِ، في الأسفارِ هنا وهناك، في وفي وفي... الجوقةُ التي هاجمَت أيامَ طه حسين وبإشارةٍ من وزير التربيةِ والتعليمِ مدَحَته، موجودُ منها كثير، تظهرُ في مكانٍ آخرٍ، علي كلِ لونٍ يا باتيسته، أُسُ البلاءِ.
ضُرِبَت مهنةُ الهندسةِ في مقتلٍ لما أُغلِقَت نقابتُها لأخطاءِ من أداروها لأجندتِهم ولم تحاولُ الحكومةُ انقاذَ المهنةِ وكأن الخلاصَ من مجلسِ نقابةِ المهندسين هو هدفُها الأوحدُ. هل يجرؤ أي مسئولٍ في وزارةِ التعليم العالي والجودة علي طرحِ حكايةِ دمجِ المرحلةِ الثانوية في الدراساتِ الطبيةِ؟ نقابةُ الأطباءِ حافَظت علي مهنتِها بغيرةٍ وغالَت في ذلك، والمحاكمُ شاهدةٌ علي مدي ما يمكنُ أن تذهبُ إليه.
الإصلاحُ لا يكون باغتصابِ سنةٍ من الدراساتِ الهندسيةِ بأي مُسمي، ليس بالتقليدِ الأعمي، لكنه بأمانةٍِ المسئوليةِ والبحثِ والتحليلِ. هل من جعلوا مهنةَ الهندسةِ بشموخِها تتسولُ مكاناً قادرون الآن علي إصلاحِها؟ الحمد لله إنني أكتبُ مدفوعاً بحسرتي علي ما يحيقُ بمهنةِ الهندسةِ من تدميرٍ، لا باحثاً عن مكانٍ في دائرةٍ ما أو نفعٍ خاصٍ أو كرسي،،
فازَت مصرُ بكأس الأمم الأفريقية، عن جدارة واستحقاق. موضوعُنا ليسَ الفوزُ ولا كيف تحققَ، المحللون الرياضيون أولي وأقدر، إنما هو في أجواء البطولة، ما قبلها وأثناءها وما بعدها. قبل البطولة، لم يكنْ الحلمُ قد بدأ، استمرَت ريما علي أقدمِ عاداتِها، تهجُمٌ علي حسن شحاتة وعلي استمرارِه، لم يتعدْ التفاؤلُ تخطي الدور قبل النهائي. مع توالي الانتصاراتِ استيقظَ الأملُ حتي كانت مباراةُ الجزائر التي فجرَت الأفراحَ وردَت الاعتبارَ، عاشَ الجميعُ حلمَ البطولةِ واندمجوا في الاحتفالاتِ، تجددَت المخاوفُ من الاحتفالاتِ قبل أوانِها، من سَكرةِ قد تذهبُ بها المقاديرُ، لكن الله سَلَمَ، فزنا في النهائي، بصعوبةٍ. حسن شحاتة أصبحَ البطلَ، من هاجموه غيروا جلدَهم، كُلُه يركبُ الفوزَ، يري في نفسِه سبباً له.
انتهَت البطولةُ، وما تزالَ الزيناتُ مرفوعةً، الفرحُ حلو، اِختُذِلَت مصر في كرةِ القدمِ، الأغاني الوطنيةُ لها، لا حديثَ إلا عن المعركةِ، أبطالِ أنجولا، المكافآتُ والنياشين لهم، حقُهم. الصحفُ باعَت بما لم تستطعْ من زمنٍ، الإعلامُ الفضائي اِنتَفعَ من إعلاناتٍ نَساها خاطرُه، أهلُ السُلطةِ يتمحكون في اللاعبين ومدربِهم، مهرجاناتُ النفاقِ أشكالٌ وألوانٌ، مصرُ بلا مشاكلٍ، كُلُه تمام. تسطيحُ الأمورِ والإلهاءُ، تدبيرٌ متصلٌ، لا ينتهي ولن. دوامُ الحالِ من المُحالِ، الواقعُ أقوي، ولو طالت مُدةُ بطولةٍ في كرةِ القدمِ، ولو فازَ بها المنتخبُ أو ناد.
الأزماتُ حقيقةٌ، أنابيبُ البوتاجاز شَحَت، هجومٌ غَدَرّ برجالِ شرطةٍ عُزَلٍ في سيناء، لا مفرَ من الصحيان، انتهي الحلمُ، يجبُ. كرةُ القدمِ ترفيهٌ مشروعٌ، يُنمي الحِسَ الوطني، لكن الدولُ لا ترتقي به، لن يؤدي إلي عضويةِ مجلسِ الأمنِ بعد تطويرِه، لن يُطعمُ الجوعي، لن يحلُ مشكلةَ البِطالةِ والسكنِ، لن يُخَلِصُ من مشاكلِ التعليمِ والبحثِ العلمي، لن يقضي علي التوتراتِ الطائفيةِ ولو سَكَنِها بُرهةً، ولي زمنُ استغفالِ الشعوبِ.
مصرُ تعاني، الثقةُ بين الحاكمين والمحكومين ضاعَت، ومعها العدالةُ والاستقرارُ الاجتماعي، العلماءُ لا يُكَرَمون، يتمنون لو لعبوا الكُرةَ، ما ضاعَ مستقبلُهم، مستقبلُ مصر،،
الفيلم مبنى على قصة قصيرة بلورها بإسلوب مناسب المخرج ريتشارد كيلى معتمدآ على معرفته بوكالة ناسا للفضاء حيث عمل والده وإختار لأحداث الفيلم سنة 1976 التى هبطت فيها لأول مرة مركبة فضاء على كوكب المريخ. الفيلم يدفع المشاهد للتساؤل حول الكثير مما يراه وبه عدة رموز يمكن لكل مشاهد أن يفسرها طبقآ لرؤياه مثل موزع الصندوق وهؤلاء الذين ضربتهم الصاعقة, وما أكثر الأزرار فى حياتنا.
درجة الفيلم : 6,5 من عشرة
فيلم عن حلول دمار للقشرة الأرضية فى عام 2012 نتيجة تغييرات مناخية ومحاولة النجاة فى أفلاك على غرار سفينة نوح.فيلم سئ للمخرج والمشارك فى السيناريو رولاند ايمريك (Independence Day, The Day After Tomorrow ) الذى يبدو أنه تبنى قضية المخاطر التى تهدد عالمنا. كل ما قام به هنا هو أنه جمع بين أحداث فيلميه الأخيرين وأفلام الكوارث السابقة عن الزلازل والفيضانات والنيازك والسفن التى تغرق فى إطار من الحيل المبهرة ولكن من خلال سيناريو ساذج وإخراج غير موفق وأداء باهت للممثلين بإستثناء وودى هاريلسون (صاحب محطة إذاعة منعزل).بإختصار كارثة فنية صغرى تحذر عن كارثة طبيعية عظمى.
درجة الفيلم : 5,5 من عشرة
Cirque du Freak : The Vampire's Assistant
فيلم فانتازيا عن شاب يضطر لإنقاذ صديقه من الموت الإثضمام لسيرك الغرائب حيث العاملون فيه من مصاصى الدماء لكن غير تقليديين. الفيلم موجه أساسآ للمراهقين ويمهد فى حالة نجاحه لسلسلة أفلام جديدة حول هذا السيرك حيث الإمكانية لإستخدام مؤثرات بصرية تعجب المشاهد.
الفيلم مسلى وتشارك فيه سلمى حايك فى دور ثانوى بلحية!
درجة الفيلم : 6 من عشرة
مهندس / دانيال تانيليان - سكندرى عاشق للسينما ومحب للفنون
خرَجَت جامعاتُ مصر من أي تصنيفٍ وكل تصنيفٍ، وهو ما يعكسُ حقيقةَ حالٍ لا يصحُ إغفالُه أن كان هناك حرصٌ علي الإصلاحِ، فبدون الجامعاتِ يستحيلُ التطورُ، بدون آراءِ وأفكارِ عقولِها لن تتضحُ الحقيقةُ أيُ حقيقةٍ، ولو كانت شديدةُ المرارةِ، كلامٌ قديمٌ، مُكررٌ، لكن التكرارُ واجبٌ. أولي خطواتِ الظهورِ علي خريطةِ الاحترامِ والتقديرِ العلمي عالمياً، ولو بعدَ عقودٍ، تبدأُ بحسنِ اختيارِ القياداتِ الجامعيةِ، طالما نُبِذَ مبدأُ انتخابِهم، اِختيارٌ بمعاييرٍ علميةٍ، ليس من بينها المجاملاتُ ولا القدرةُ علي إثارةِ التوتراتِ بحجةِ تحقيقِ الانضباطِ.
اختيارُ القياداتِ الجامعيةِ المقصودُ لها التوفيقُ يتحققُ إذا كانوا من أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ الحقيقيين الذين عاشوا في الجامعةِ ودخلوا مختلفِ أنشطتِها، الغرباءُ عنها، ولو نجحوا فيما كانوا فيه، يتعذرُ أن يتأقلموا مع أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ لطبيعتِهم الخاصةِ، التي فيها الاعتزازُ بالنفسِ والتخصصِ والمعرفةِ، وهي خصالٌ لا يُقدرُها من يعملُ بعيداً عن الجامعةِ الحقيقيةِ، وبدون إعدادٍ يُطلبُ منه الدخولُ ضمن مسئوليها. ليس بمُستغربٍ إذن أن تُطالعُنا صحفٌ بالحكمِ بالحبسِ والعزلِ علي قيادةٍ جامعيةٍ لامتناعِها عن تنفيذِ حكمٍ قضائيٍ؛ هذه النوعيةُ من القياداتِ تُسئ للنظامِ ككلِ، تارةً لعدمِ تنفيذِ أحكامِ القضاءِ، وأخري للتعسفِ وعدمِ القدرةِ علي التعاملِ في الجامعةِ باعتبارِها مؤسسةٍ تعليميةٍ تقومُ أولاً وثانياً وثالثأً حتي أخيراً علي الفكرِ والحريةِ.
التواصلُ بين القياداتِ الجامعيةِ وأعضاءِ هيئاتِ التدريسِ بالجامعاتِ يكون أولاً بمن يُختارون لاحترامِهم لكرامةِ أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ وقيمتِهم وعِلمِهم وتخصصاتِهم، لا مكانَ فيه لمن يستعفون في الخطأَ وفيه يُكابرون، القيمةُ فقط لمن ينآون في ممارساتِهم عن أهواءِ نفسٍ بشريةٍ بالسوءِ وتصفيةِ الحساباتِ أمارةٌ. القياداتُ الجامعيةُ يجبُ أن يكون فيها الكياسةُ والتروي وتحكيمُ العقلِ واستشارةُ أهلِ الخبرةِ، ليست لمن يتحركُ بما يُبثُ في أُذنيه؛ التعاملُ مع أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ بالجامعاتِ له مواصفاتٌ خاصةٌ لا غني عنها، فيها منتهي التروي، انتقاءُ الألفاظِ وتوقيتاتِها، يستحيلُ أن يكون فيها من يخاطبهم بصيغةِ "أنا رئيس الجامعة" أو "أنا عميد الكلية" أو أنا كذا وكذا، الجامعةُ بالأساسِ أساتذةٌ ومنهم من يتقدمُ أيةَ قيادةٍ جامعيةٍ علماً ومكانةً. لا بدَ أن تُختارَ القيادةُ الجامعيةُ التي تفهمُ أن الكرسي زائلٌ وأن البقاءَ للأستاذيةِ، ولاحترامِ الزملاءِ، وهو ما يسهلُ التيقنُ منه، إذا كان من معاييرِ الاختيارِ.
ليسا ببعيدين، وجهان لنفس المحنةِ، حقيقةُ ما تتعرضُ له مصر، ما يُدبرُ لها؛ تهجمَ أحدُ أثرياءِ مفتيي الفضائياتِ علي عادل إمام، أُطلِقَت النيران علي أقباطِ نجع حمادي، أقباط مصر، في يوم عيدِهم. من الفاعل؟ من يريدون السيطرةَ علي مصر، إخضاعِها، كلٌ بطرِيقتِه.
التهجمُ علي عادل إمام وجدَ تبريرَه في أفلامٍ قدَمَها منذ فترةٍ، إنه يَسخرُ من الدعاةِ، لا بدَ من فتحِ الدفاترِ القديمةِ، تأديبِه، تمهيدٌ وإعدادٌ لزمنٍ يرُونه آتٍ، يسودُ فيه من سيحكمون، باسم الدين، من لن تُرَدُ لهم كلمةٌ، لا مكانَ لفكرٍ غيرِ فكرِهم ولا رأيَ غيرَ رأيهِم، هم الكلُ في الكلِ، السادةُ، الملوكُ، المفكرون، المقدسون، المنزهون، الأثرياءُ. في الدولةِ التي يريدونها لا فنَ ولا فكرَ ولا اختلافَ إلا فيما يسمحون به، القيودُ والسجونُ والعِصي لمن يُخالفُهم، من لا يرضون عنه في دنياهِم الموعودةٍ، في دولتِهم، التي لابدَ وأن تتوسعَ وتنتشرَ في العالمِ، القريبِ والبعيدِ.
إطلاقُ النيرانَ علي أقباطٍ في يوم عيدِهم، أمامَ كنيستِهم، ليسَ عشوائياً، ولا بفعلِ مجرمٍ مُنفعلٍ غاضبٍ، الفعلُ كلُه لمناخٍ عامٍ تشَكَلَ في اتجاهٍ الأُحاديةِ، رفضُِ الآخرين، عقيدةً، ديانةً، مذهباً، لوناً. الدولةُ الموعودةُ لا تعرفُ إلا ديناً واحداً، بتصورٍ واحدٍ، من لا يسايرُه أو يدخلًه سيكونُ في المرتبةِ الدنيا، عبداً أعجمياً، مُستباحاً ذليلاً، المواطنةُ مفهومٌ غربيٌ، لا وجودَ لها ولا للديمقراطيةِ، المثلُ عندهم في الماضي، يُجَملونه، يُزيفونه، يُغفلون فشلَه واندثارَه، بفعلِه، بعنصريتِه، بظلمِه، بِقَبليتِه.
لماذا انحدَرَت مصر؟ لماذا تَرَدَت؟ لماذا يرونها سَهلةً مُستباحةً؟ الأسبابُ عديدةٌ، في النظامِ، الشعبِ، الجيرانِ، العالمِ. النظامُ غارِقٌ في قضاياه الخاصةِ، كيف يستمرُ، يبقي، تجَمدَ، شاخَ، مماراساتُه مُتَوقعةٌ ولو تصورها مُفاجئةً، سَخَرَ إعلامَه لغُثاءٍ، تفاهاتٍ، سطحياتٍ، نفاقٍ، تدليسٍ، احتكَرَ كلَ الفرصِ، الوظائفُ لمن يتَفَنَنون في الإلهاءِ، في شَغلِ النفوسِ، تهييجِها بعيداً عنه. نظامٌ فقدَ ثقةَ شعبِه حتي لو كان علي صوابٍ، مصيبةٌ، محنةٌ، أين عقلاؤه؟ هل هم موجودون؟ فاتَ الوقتُ.
الشعبُ تغِلُه العصبياتُ في الفكرِ والتصرفاتِ، التَقاتُلُ من أجلِ مباراةِ كرةٍ، لحادثةِ مرورٍ، لمشاجرةِ أطفالٍ، يُصدِقُ من يهاجمُ النظامَ، من بابِ التشفي أحياناً، مُعاندةٌ في أحيانٍ أخري، وأيضاً كراهيةٌ. سوءُ الحالِ أدي الاختناقِ، سوءِ الخلقِ، الهجرةِ إلي سرابِ حالٍ أفضلٍ، وراءَ البحارِ، في الكيفِ، في الانقيادِ وراءَ من سيخلصون باسمِ الدينِ، ولو كانت النهايةُ علي أيديهم.
أما الجيرانُ، يكرهون مصر، من الشرقِ للغربِ، لنظامِها وشعبِها، يستبيحونها، إعلامُ البترولُ يسبُها من أرضِها، ما لا يقدرُ عليه في صحاريهم يستطيعه في مصر، عقودُ العملِ هي الرِقُ بعينِه، هي فَرضُ ثقافةِ الصحراءِ، العتامةُ، القَيظُ، الغِلظةُ، الجَفافُ، اللِحي المُحناةُ، الجلاليبُ القصيرةُ، الثيابُ الداكنةُ، الشَباشِبُ، الحياةُ المُزدوجةُ، ظاهرُها غيرُ باطنِها، قناعُ فضيلةٍ ومعيشةُ فُجرٍ.
وإلي العالمِ، الحروبٌ تَغلبُه في أفغانستان وباكستان والعراق والصومال واليمن، دخلَتها المجتمعاتُ كلُها قبلَ الجيوشِ، تفجيراتٌ في مواصلاتٍ عامةٍ في بريطانيا، ضابطٌ أردني يطلقُ النارَ علي زملاءٍ له في معسكرٍ أمريكي، متفجراتٌ في ملابسِ نيجيري علي طائرةٍ أمريكيةٍ، صومالي يحاولُ قتلَ رسامٍ دانماركي، منعٌ للمآذنِ، قيودٌ في المطاراتِ والسفرِ. المزاجُ العامُ في العالمِ معبأٌ ضد ما هو مسلمٌ، الكراهيةُ عيني عينك، هنا وهناك.
ما تُعانيه مصرُ مؤكدٌ، واضحٌ، لما في داخلِها ومن خارجِها، الأقباطُ وكذلك عادل إمام وكلُ فكرٍ، ليسوا جزءاً من حكمٍ يُرادُ إقامتُه ونشرُه، التخلصُ منهم بكلِ وسيلةٍ مباحٌ، مُحَلَلٌ. في الصومال مثالٌ له، لفاتورةٍ ستدفعُها الدولُ الضعيفةُ، الهَشةُ، من وجودِها، من استمرارِها، هل تنجو منها مصر؟
ترقيعاتٌ في شيءٍ مهترئ، يسمونه وزارةً، أناسٌ يدخلون ويخرجون، لماذا؟ لا يعرفون ولا يجوزُ لهم ولا للشعبِ، كلهم عبيدُ إحساناتٍ، عليهم القبولُ والرضا. أُخرِجَ وزيرُ التربيةِ والتعليم بما يجعلُ الزهدَ في أي منصبٍ فضيلةً، كأنه مجردُ كرسيٍ ألقي لمخزنِ الخردةِ. عيب والله حتي لو كان الفشلُ حليفَه، لم يخترْ نفسَه للمنصبِ وما راودَ أحلامَه، فوجئ به مثلما بوغِتَ بالاستبعادِ. هل تعيينُ وزيرٍ أو قلشُه يُصَنفُ سري جداً، سرٌ حربي!! ولما الانتظارُ لأشهرٍ قبل التعيين في العديدِ من المناصبِ في الوزاراتِ والجامعاتِ؟! لم يكنْ تمحصاً ولا تفحصاً ولا تدقيقاً، ما كان الترددُ حكمةً ولا هو من حسنِ الفِطنِ، ولن يكون، ولو كان فكيف يُختارُ بعد طولِ تأخيرٍ وتسويفٍ ومماطلةٍ من يفشلون وبالقوي وبالجامد؟! يستحيلُ أن يكونَ العيبُ فيهم لكن في كيف بعد طولِ دهرٍ أجلَسَوا علي كرسي ليس لهم.
علامات التعجبِ فقدَت معناها، اِستُعيضَ عنها بمفرداتِ السخريةِ والاشمئناط التي تزخرُ بها شبكة الانترنت والجلسات. تعليقاتُ القراءِ في المواقعِ الإلكترونيةِ غير الحكوميةِ تؤكدُ علي رأيٍ شعبي قاطعٍ فيما جرَت عليه عادةُ تجاهلِه في السياساتِ والأشخاصِ، حجمُ انفصالِه عن من يتأخرون ويتلكأون ويعاندون اتسعَ، وصلَ إلي آخر المنتهي.أيةُ سياسةٍ أصبحَت مرفوضةً ومنتقدةً ومكروهةً، وضعٌ مأساويٍ لأي نظامٍ بلغَ به التجمدُ والعجزُ ما يعزلُه تماماً عن الواقعِ، عن قدرِ المخاطرِ التي بيدِه غرِقَ فيها. سنواتٌ وسنواتٌ مرَت، ضاعَ معها عمرُ أجيالٍ ومستقبلُهم في تعييناتٍ لا تُفهمُ ولا تُقبلُ في المناصبِ الوزاريةِ وغيرِها، سياساتٌ وهميةٌ تعرضَ خلالَها الشعبُ لكلِ أنواعِ التجاربِ في التعليمِ والصحةِ والزراعةِ والاقتصادِ، لم يرْ منها إلا أزماتٌ ونكباتٌ.
يستحيلُ أن يتقدمَ وطنٌ ومواطنوه فئرانُ تجاربٍ، يتناوبُ كراسي المسئوليةِ والسياساتِ فيه من تعوزُهم المقدرةَ والعلمَ والفكرَ، ولا مانعَ من انعدامِ الشخصيةِ القياديةِ والكياسةِ الوظيفيةِ، باختصار، وظائفٌ تمنحُ، هباتٌ، عطايا، مكافآتٌ، لا أكثر. السياساتُ يضعُها المتخصصون، أصحابُ الرأي والخبرةِ، أصبحَت مع نوعيةِ الوزراءِ التي فُرِضَت مجردَ شكلٍ، سبوبةٌ للاستمرارِ علي الكراسي لحين القلشِ بأقلِ قدرٍ من الخسائرِ وأكبرِ كمٍ من المغانمِ. الناسُ تأملُ في التغييرِ لأنه سنةُ الحياةِ، عندما يكون بالتنقيطِ يزدادُ يأسُهم وحنقُهم ومعاداتُهم للنظامِ، عندما يحلمون بالتغييرِ فهو في تصورِهم لا يقفُ عند حدِ وزيرٍ أو إثنين، بل إلي ما هو أكثر وأبعد.
لطالما اجتمعَت في وزير التربيةِ والتعليمِ كلُ أسبابِ السخطِ العامِ، لما أُخرِجَ تعاطَفَ معه الكثيرون، ليسَ حباً فيه لكن معاندةً واستنكارً لإهدارِ كرامةِ إنسانٍ أخطأَ قبلَه من وضعَه أمامَ مسئوليةٍ أكبرَ منه ومن أي آتٍ بعدَه وبعدَه وبعدَه. اختيارُ من يصلحون للمناصبِ القياديةِ علمٌ، ليس مصادفةً ولا مجاملةً، لا هو بضربِ الودَعِ ولا بالتقليبِ في الدفاتِرِ القديمةِ ولا بالحفرِ تحت البلاطةِ.
ما علينا، فضفضة والسلام،،