الخميس، 6 ديسمبر 2012

فَتحُ مصر

احتلَ من ينتهجون فكر القاعدة أراضٍ شاسعةٍ في مالي، وبدأوا فورًا في تطبيق ما يرونه شريعةً إسلاميةً، بدأ المجتمع الدولي يُعدُ لإسقاطِهم. قبلها اجتاحت القوات الأثيوبية الصومال، أسقطت دولة المحاكم، شهور قليلة أمضتها المحاكم فيما يشبه السلطة، كرَرت الخطابَ العتيقَ، المتشنجَ، المانعَ، الرافضَ، تجبرت رغم هشاشتها، ثم، اندحَرَت وفرت وهربت. الفضائيات لم تكذب، علي الملأ أذاعت مظاهر الفرحة بسقوطها، قهرت شعبها باسم الدين، هكذا كلُ جبارٍ متسلطٍ، تحت أي شعار، من أجل الشعب البطشُ وبه الاستغاثةُ عند الغرق٠


قبلها كان إقصاء طالبان بعد أن قدمت نموذجًا يستحيلُ أن يُحتذي. وبنفس الإخراج، أُبعد حزب الله عن جنوب لبنان، أُجلي عن أرضٍ كان يعتبرها حصنَه وملاذَه، يتغني بالنصر عن بُعد، بالمراسلة، يطالب بالثمن من استقرارِ لبنان ووحدتِه، يلعب بشارعٍ يسودُه التقلبُ والغوغائية. وبمحنة الجلوس علي كراسي السلطة اِبتليت أيضاً حماس، انتخبها الشعب أملاً في الخلاص، لم تستوعب العصر، اتشحت بنفس سلاح القهر، باحتكار الصواب، برفض الآخرين، بإنكار التاريخ، المعاهدات، الاتفاقيات. العالم الآن شديد الحساسية لهذا الخطاب، لا يصدقه، لا يثق به، يري فيه التنمر عند المقدرة، الخيانة المبررة٠

ثم كيف سقطت الدولة العثمانية؟ لقد ضربها الفساد والعنصرية الدينية والعرقية، حتى تحللت وسَهُل على الغربِ اسقاطِها تقسيمها ٠

في مصر تجربة مماثلة تبدأ، تتصورُ في نفسِها القوةَ، تستغلُ سلطةَ الدولةِ، بوضعِ اليدِ سيطرَت علي شوارعٍ وجامعاتٍ ونقاباتٍ، تغلغلَت باسمِ التجارةِ وفعلِ الخيرِ، أساءت لكل من فَكَرَ علي خلافها، سلاحُ الدين مُشهرٌ، به تمنحُ وتمنعُ، تبيحُ وتحللُ، تقودُ المطحونين لويلاتٍ أكبر منهم. ما أخطر سيطرتِِهم وحكمِِهم، المعاهداتُ التي ينكرونها ستهدُرُ أرضاً غاليةً، إنكارُُ المواطنةِِ سيمزقُ الوطنَ، لا يملكون إلا كلامًا براقًا متلونًا وتاريخًا محدودَ النماذجِ، بالهوى يروونه وبواقعٍ بائسٍ يائسٍ فقيرٍ معدمٍ يتصورون إعادتَه٠

بنك فيصل نموذجٌ سيكبرُ، نظامٌ قَبَليٌ يستبعدُ المخالفين في الديانة، يستغلُهم ولا يسمحُ بمشاركتِهم في اتخاذِ القرارِ، في الحكمِ، كلُه باسم الدين. الوضعُ خطيرٌ، مصر تُمَزَقُ، لا نملكُ ترفَ المجاملةِِ، إخفاءَ الحقيقة والمخاوفِ، الدفاعَ عن أنظمةٍ فيها عظاتُ كلِ عاقلٍ، الترويجَ لمن يرون أنهم الحل، ليسوا إلا الدمار علي عجل، الخروج من التاريخ والجغرافيا٠

 العالمُ يمتلكُ القوةَ والمقدرةَ، الشعبُ هو الضحيةُ، مصر الدولة. الحكمُ الديني يعني سقوطَ الدولةًِ، مصر تُفَتَتُ، سيتكاثرُ عليها كلُ من يعارضُ حكمًا دينيًا في عالمِ اليومِ٠

بعد الإعلان الدستوري والانتهاءِ ما بين طرفةِ وعينٍ وانتباهتِها من دستورٍ مشبوهٍ، أُعلِِن التباهي بأبهى عصور الإسلام، بفتحِ مصر، من جديد. هل تتفقُ مصلحةُ الإخوان ومشايعيهم دينيًا مع مصلحةِ مصر؟ يا قلب المخلصين عليك يا مصر ٠٠٠










Twitter: @albahary

الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012

إعلام السيكو سيكو


إسقاط ف-١٦ إسرائيلية فوق غزة، عنوانُ أهرام يوم السبت ٢٠١٢/١١/١٧، صواريخُ حماس تستهدف الكنيست، عنوانُ أخبار اليوم  في نفس اليوم. لا الطائرةُ سقطَت ولا الكنيست أُصيب بذبابة!! إذا كانت أكبرُ صحفِ الإخوان، الوطني سابقًا، على هذا القدِر من الخداع والتلفيق فكيف تكون باقي وسائلِ الإعلام من تليفزيون وفضائيات إخوانية، حكومية سابقًا؟! تدهورَ حالُ مصر والإعلامُ مرآتُه بعد أن تمَ تأميمُه بالأخونة، الغريبُ أن مسؤولَ تعيين رؤساء التحرير بمجلس الشورى يصرح بأن الأهرام والأخبار تحقق مكاسبًا بينما تخسرُ باقي الصحف!! لم أفهم كيف تتحققُ هذه المكاسبُ وقد قاطعَها مثقفو الشعب المصري !! هل يقبلُ شعبُ مصر بعد أن أفاقَ أن يستمرَ خداعُه؟! هل يستبدلُ الشعبُ المصري خداعًا بخداعٍ؟! هل يستمرُ مسلسلُ استغفالِه من عهدٍ إلى عهدٍ؟ أإلى هذا الحدِ تكونُ الجَرأةُ في انكارِ ذكائه؟!

قدرُ مصر أن يحكمَها من لا يفكرون إلا فيما ينفعُ مصلحتَهم، قدرُها أن تعاني وتئن، ممن يحكمونها، بنفسِ قدرِ معاناتِها من شعبِها، مع كلِ الآسى. مصرُ بلدٌ بلا صاحب، لم تعرفْ الاستقرارَ طويلًا، دائمًا ما تنتهي علاقةُ شعبِها بحكامِه نهايةً مأساويةً، فيها الهزيمة كما حدثَ عام ١٩٦٧، وفيها الاستيلاء عليها كما يحدثُ الآن. شعبُها يثورُ، بعد فواتِ الآوانِ، بعد أن يطفحَ الكيلُ وتخرجُ الأمورُ عن السيطرةِ، وقتها ينعدمُ العائدُ من فورانِه. تاريخُ مصر زاخرٌ بالاحتلالِ من كل نوعِ وبالمظالمِ، بشعبٍ مقهورٍ بطئٌ في ردِ فعلِه وفي التعبيرِ عن غضبِه، يفهمُ جيداً، لكن بعد أن تقعَ الفأسُ في الرأسِ، بعد أن تصبحَ ثورتُه وفورانُه بدايةً لاحتلالٍ جديدٍ، بعد أن يستحيلَ إصلاحُ خسائرِ عهدٍ ثارَ عليه. 

الإعلامُ دائماً آداةُ الخداعِ والتلوين، الأسودُ عنده فوشيا مُزهزهٌ، والرمادي الكالحُ أخضرٌ يانعٌ، هكذا يُصَورُ لمصر الآن، المستقبلُ المُعتمُ وكأنه الجنةُ الموعودةُ، يلعبون على عواطفِه يظهرون القهرَ والتكتيفَ والتكميمَ وكأنها الفضيلةُ المُرتجاة. في عام ١٩٦٧ دُمِرَ الجيشُ الإسرائيلي وطيرانُه، وصحى الشعبُ على الهزيمةِ والاحتلالِ والانسحابِ والذلِ والقهرِ. مصر الآن في فترةٍ من أخطرِ ما يُمْكِنُ على سلامةِ أراضيها ووحدةِ شعبِها، سيناءُ يفرطُ فيها لصالحِ أفكارٍ مذهبيةٍ لا تعترفُ بأوطانٍ وحدودٍ، الأرض المصرية بكاملِها يُخططُ لإعادةِ صياغتٍها، في ظلِ إعلامِ مسحوب، مقيدٍ، بلا عقلٍ ولا فكرٍ. 

هل من مصلحةِ مصر أن يكونَ دستورُها قصيرُ النظرِ، محدودُ الأفقِ؟ هل من مصلحتِها أن تُستباحَ سيناء؟ هل من مصلحتِها أن تعودَ للخلفِ قرونًا؟ هل من مصلحتِها أن يعلو الانتقامُ وتصفيةِ الحساباتِ؟ هل من مصلحتِها الطائفيةُ والعنصريةُ؟ 

كل ما هو في غيرِ مصلحتِها مؤكدٌ عندما يكون الإعلامُ سيكو سيكو،،

Twitter: @albahary

الجمعة، 9 نوفمبر 2012

حَجبُ المواقعِ ليسَ من الإنترنت ....


مظاهراتٌ لمنعِ المواقعِ المسماةِ إباحيةٍ وقرارٌ سريعٌ من النائب العام بذلك. لماذا؟ تحقيقاً للفضيلةِ وحمايةً للشبابِ، هكذا قالوا، أمرُ لا يجوز أن يمر مرور الكرام. أولاً، لن تُقبل المزايداتُ على أخلاقياتِ بشريةٍ في صورتِها السويةِ، ومن المؤكدِ أنه يستحيل أن يرضى مواطنٌ بسوء السلوكِ من تحرشٍ وبلطجةٍ وقطعٍ للطريقِ العامِ، مروراً بالدخولِ على المواقعِ الإباحيةِ. أما من الناحيةٍ الفنيةِ، فإنه من الممكنِ منعَ أي موقعٍ على الإنترنت، لكن لفترةٍ محدودةٍ، فمن اليسير جداً أن تُغيرَ المواقعُ الإلكترونيةُ عناوينها وأن يكونَ لها أكثرُ من موقعٍ بديلٍ، وهو ما يجعلُ عبءُ متابعتِها مُكلفاً، إضافةً إلى مهارةِ جيلٍ صنعَ ثورةً من علي الإنترنت في التغلُبِ على كلِ المعوقاتِ وكل محاولاتِ التحاذُقِ عليه.

وإذا كان المنعُ، وهو أسهلَ ما في الحدوتةِ ممكناً لوقتٍ قصيرٍ، فإن مبدأَ المنعِ في حد ذاتِه هو المصيبةُ، لأنه سيبدأ بالمواقعِ الإباحيةِ سُلماً وطريقاً ملفوفاً للتعدي على المواقعِ السياسيةِ والفكريةِ المخالفةِ، وأيضاًعلى الفنون والأدابِ وغيرها وغيرها. هل قام المصريون بثورةٍ على من افترضوا فيهم الخنوعَ والقصورَ والغباء ليظهرَ غيرُهم تحت عباءةٍ أخرى؟! الإنترنت شارعٌ طويلٌ ممتدٌ بلا نهايةٍ، دكاكينُه على الصفين، فيها الجيدُ والردئ، ولكلِ الاختيارُ، حسب تربيتِه وضميرِه. التربيةُ هي المهمة الأصعب والأولى بالاهتمامِ بدلاً من تسطيحِ الأمورِ واختزالِها في شعاراتٍ تغلُفها المزايدة وضيق الأفقُ.


الإنترنت فيه سمٌ قاتلٌ، لكن ماذا عن المخدرات والسجائر والكولة؟ هل نجحَ المنعُ في القضاءِ على المخدراتِ؟ هل قَلَلَت من التدخين الصورُ المقززةُ على علَبِ السجائرِ؟ أين البحثُ الحقيقي عن مشاكلِ الاقتصادِ والديون والأمنِ والإسكان والطعامِ والصناعةِ والزراعةِ والنقل؟! مصر لن تكون كوريا الشمالية ولا أفغانستان ولا إيران، ولا هي دولةً صحراوية الطباعِ والفكرِ.

ثم ماذا؟ يُطارَدُ الفنانون والمُبدعون في المحاكمِ، وتتناثرُ المقالاتُ الصحفيةُ وعبر الإنترنت عن مشروعات القوانين التي تُعَدُ للمنع والتقييد والتكبيلِ والتكميمِ، على الفنانين والصحفيين والُمعدين والمخرجين وغيرهم وغيرهم!! هل ستظهر قوانين تُمنعُ وتجرمُ الفضائيات وأجهزة الاستقبال والهوائيات؟!  وعلى من ستكون ملايين المنع المستحيل في الإنترنت؟ من جيب الشعب أم خصمًا من مُخصصات مشروعات أخرى؟ لقد أتت الأحزابُ المُصنفةُ إسلامية إلى الشارعِ ومجلس الشعب بفضل براعة شباب غَيرَ مصر في 25 يناير ولم يكن تحت يده سوى الانترنت، لقد زادَت اللحى والجلاليب بفضل هؤلاء الشباب، هل يكون الآن الإنقلاب على الإنترنت؟

هل الأجدى أن تُمنعَ دراسةَ الحاسباتِ أصلاً وكذلك إدخالِ أجهزتِها بالَمرة حتى تعمُ الفضيلةُ،؟! أم في المنع عن دخولِ مواقعٍ إلكترونيةٍ بعينِها كفاية؟! هل تُمنعُ أيضًا دراسة الإعلام والفنون؟! هل فكر المنادون بالمنعِ  في كيف يكون دخول الجيل الرابعِ من خدمات الإنترنت إلى مصر؟  لقد عَلَمَ الإنترنت العالم الانفتاح، وغزَت الأقمار الصناعية والاتصالات كل الحُجُب، ألا يفهمون ما يتخطى ما لُقِنوا؟ هل تكون الانترنت والإعلام حلالاً، في بعض الأوقات، لما يُريدون  تمرير ما يرغبون؟!

في كل أنظمةِ التشغيلِ الحديثةِ يمكن منعُ المواقعِ المرفوضةِ في المنازلِ، لماذا إذن التهربُ المتعمدُ عن هذا النهجُ؟ هل التظاهرُ عالي الصوت هدفٌ في حد ذاتِه بدلاً من هدوء المنازل؟! هل المبدأ هو المنعُ الفوقي كبدايةٍ لكلِ منعٍ وتكبيلٍ وتكميمٍ وتقييدٍ؟! على كلِ عقلٍ الاختيارُ والتمييزُ بحريةٍ، بلا وصاية ولا مزايدة، لا مكانَ في عالمِ اليومِ لمن يمنعَ ويسمحَ حسب كيفه ومزاجه ومصلحته. العلم وٍالإنترنت والفكر والفن والإعلام على نفس الوجه من العملة، الحريةُ ليس لها إلا وجهٌ وحيدٌ، بلا تأويلٍ أو تلاعبٍٍ. 



















نُشِرَت بجريدة الشروق يوم السبت ١٧ نوفمبر ٢٠١٢
Twitter: @albahary

الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

المدينة الفخارية ...


القاهرة ، مدينة تاريخية، كانت لها شخصية، معمارية، حيايتة، كان لها طابع، رائحة؛ الآن أصبحت مدينة كارهة لتاريخها، ولمستقبلها. فوضى في كل مكان، لا مرور متحضر، لا بناء على علم وأساس، ولا أخلاق. أقول ذلك وكلي أسى وقرف من شيوع سلوكيات الفوضى والبلطجة، من تخلخلها في دماء أبناء جيل جديد يتربى عليها ويتشربها في المدارس والشوارع، وقبلها في البيوت. 

أخر مظاهر السلوكيات المرَضية التي شاعت لدرجة الوباء، هذه التلال القميئة من الآواني الفخارية والقُلل والطُبل (جمع طبلة) التي تغزو الأرصفة والشوارع، ويقيم بجوارها بصفة دائمة محترفو البلطجة والتسول. انظروا إلى ما آلت مدينة نصر، أمام مستشفى حسبو، في شارع الطاقة بجوار النادي الأهلي، إقامة كاملة، فيها كل أنواع البلطجة والفحش والتسول في الطريق العام، تُحتَلُ الشوارع والحدائق بحجة أكل العيش، لبيع الفخاريات. هل الطواجن هي الأكلات المفضلة في البيت المصري؟! هل الزير هو البديل الجديد للثلاجات؟! هل الطبلة هي الآداة المعتمدة بدلاً من الكلاكس؟! طبعًا هذه النكبات الفخارية تحتل جزءًا مُعتبرًا من الشارع، من الطريق العام، من اللازم  أن تكون عُرضةً للكسر وخصوصًا مع الزحام والظُلمة، حتى تبدأ المناحة المُتمناه عن قَطع العيش، ويا لهوتي ويا خرابي!! هل تذكرون تمثيلية البيض المكسور والبكاء عليه؟! هي هي، لكن بتلال من القُلل والطُبَل!! الغريب أن هذه التلال الفخارية تختفي فترة يوم أو يومين وتعود مرة أخرى!! هل أخبرتها عصفورةٌ ما أن حملة إزالة قد تكون في الأفق؟!

هكذا أصبحت القاهرة، صارَت معرضًا مفتوحًا لكل العشوائيات، بدلاً من أن تزهو بالنظافة والنظام!!  مع كل هذه الفوضى والعجز عن فرضِ النظام والسلوكيات، كيف يُطلب من أصحاب المحال الإغلاق المُبكر توفيرًا لطاقة تُبددها الحكومة قبل غيرها، بسياساتٍ  غيرِ منزهةٍ، وبسوء ممارسات؟!

هل تكون القُلة شعارًا للقاهرة؟! لا أجد تعبيرًا أفضل، عنها وعن حالها، وآسفاه،،
Twitter: @albahary

الأحد، 4 نوفمبر 2012

صُحفُ الإخوانِ ... الوطني سابقًا


أقيل رئيس تحرير جريدة الجمهورية بعدما أجلِسَ على كرسيها في إثرِ إعلانٍ سَعى له برجليه، فورًا جاءَ بديلُه، شَكة دبوس. كانت الجريدة، كغيرِها من الصحفِ المُسماةِ قوميةِ وحكوميةِ، تسيرُ على منحى اعتادته، وتربَت عليه بطبيعةِ الأشياءِ في مصر، وبدروسِ الماضي، من يتزوج ماما هو أونكل.  من المؤكدِ والمفترضِ أنها صحفٌ غيرُ حزبيةٍ، الواقعُ غَيرُ المفترضِ، فَتَحَت صفحاتِهاعلى البحري لما يُفرِحَ الحرية والعدالة ويسرُه ويُشرِح قلبَه، غابت عن المصريين، تمامًا، تسَطَحَت، وتفلطَحَت، وتبلَطَت، وتبلَدَت، ما عادَت للقراءةِ والمتابعةِ بصالحةٍ. من انفتَحَت لهم أبوابُها وأعمدتُها لا يصلحون لكتابةِ المقالات المدرسية، تمامًا مثلما سبقَ ونُشَرَت روايات فتحي سرور الإبداعية لما كان طالبًا في أولى ثانوي، وقتها كانت الروايةُ قائمةً على كلمةِ سُحقًا سُحقًا، الآن هناك أعمدةٌ جعلَت من القلمِ آداةَ ضربٍ وإيلامٍ،  فيها بؤسٌ وبرودةٌ وعَفَرة، تملأُ الطولَ والعرضَ، ولا تُقرأ!!  أعلاها صورٌ متَبَسِمةٌ لمن شخبطوها، لماذا؟!

صحفُ الدولةِ التي يدفعُ المصريون ثمنَ كلٍ ما فيها، أماكن وأجهزة ومرتبات، تاهت، عَطِبَت بوصلتُها، مُغماة، تُلِطشُ في كلٍِّ اتجاهٍ غلط، لا خبر ولا تحقيق ولا مقال، الخوف وِحِِش، وقعدة القهوة ضياعٌ وتكلفةٌ برضه، الكتابة لن تكون غير في المضمون، فيما لا يعكرُ مزاجِ أولي الأمرِ، الحكومة ستدفع، من جيب الشعب طبعًا، رؤساء تحرير زي الفل، صحفُهم كسبانة، الحديدة، ولاشئ غيرها. وإذا كانت سياسةُ مجلس الشورى المبجلِ خلعَ الإداراتِ الصحفيةِ الخاسرةِ، فهل ىسيطبقُها على رؤساءِ التحريرِ المُنَتقين لضبطِ مزاجِ البعضِ دون البعضِ؟! القاعدةُ أن الإخواني لا يُعزلُ ولا يُقالُ لأنه لا يُخطئ، الضحيةُ هي الصحفُ وقبلها الحقيقةُ التي غابت والموضوعيةُ التي خرَجت ولم تعُدْ، ألم يزايدُ رئيس التحرير المخلوع، ألم يحاولُ أن يكونَ أجدعَ من الملك، ألم يُنشِن يا فالح، ألم يشوط، لكن في المدرجاتِ!!

رئيسُ التحرير المخلوع ليس متفرٍدًا، هناك من يسيرون على نهجِه، يزايدون، يهاجمون بالغَمزِ واللمزِ، كتاباتُهم مُجَهلةٌ، نمطٌ عجيبٌ، لا شجاعةَ فيه ولا مهنيةَ، ليشخبطوا مهما شَخبَطوا، وقعوا فيمن لا حبيبَ لهم. الصحفُ المستقلة، أيًا كان تصنيفُها،  أكثرُ حريةٍ، مزنوقةٌ في اتهاماتِ العِمالةِ وتلقي الأموالِ، تهمُها جاهزةٌ ومُغَلفةٌ، وفوقها بوسة وألف بلاغ وبلاغِ. ما أحلى جو الحرية وإعلام الثورة، تطورٌ حقيقيٌ ونهضةٌ ما بعدها نهضةٌ. 

عاشَت مصر أزهى عصور الديمقراطية وعادَت للوراء، وهي الآن في أزهى عصور النهضة، ترى إلى أين؟!

Twitter: @albahary

الأربعاء، 10 أكتوبر 2012

من وحي انقطاع الكهرباء ...


أكتب في السادسة والنصف من مساء يوم الثلاثاء الموافق ٢٠١٢/١٠/٩، الكهرباء مقطوعة منذ ثلاثة أرباع الساعة عن جوار نادي أهلي مدينة نصر، الدنيا كُحل إلا من إضاءة جهاز الحاسب. موضوع الكتابة الممكن الوحيد في مثل هذه الظروف يستحيل أن يكون هجر الحبيب، أو حتى رغيف العيش، لن يخرج عن الظلام، المشاعر في الظلام، المعنويات، الآمال والطموحات، المتواضعة طبعًا. الهدف الأوحد الآن هو كيفية تحَسُس الطريق في الظلام؛ لقد سبق أن سقطت في الشارع بسبب انقطاع الكهرباء ومازلت حتى الآن أعاني تمزقًا في أوتار القدم. من يُلسعُ من الشوربة لا بد أن يكون في الزبادي نافخًا، سأجلس غصبًا عني ولن اتحرك حتى تعود الكهرباء، بعد دقيقة، بعد ساعة، بعد ليلة، اللهم صبرنا. 

انقطاع الكهرباء ليس لزيادة في الاستهلاك، وإلا فبيتنا في مصر أولى من أهل حماس، ٣٠ ميجاوات لغزة أحق بها المصريون في هذه الحَلكة. من المؤكد أن هيئة الكهرباء تعاني، من تدهور في امكاناتها المادية والبشرية، من نقص في وقود تشغيلها، المشكلة ليست في الشعب المصري ولا في زيادة استهلاكه، من الظلم وتجاوز الحقيقة تحميلُه وزرًا لا يستطيعه فأوزاره ثقيلة، وكثرٌ منها بخطأ فعله، لكن لا يُحملُ الضغطَ المزعومَ على شبكات الكهرباء. 

للأسف، أن المسؤولين، الحاليين كسابقيهم، يركبون الموجة ومراجيح الهواء، لا بد من إغلاقِ المحال في التاسعة مساءًا، تخفيفًا للضغط على شبكات الكهرباء!! لست مالكًا لمحل، ولا من هواة الخروج المسائي للتسوق، لكن كيف يستطيع قضاءَ حاجاتِه من يتوجه لمنزلِه بعد الخامسة، بعد معاناةٍ مع الزحامِ وتوقفِ المرور؟ كيف تغطي المحال نفقاتِها في ظل ركودٍ خانقٍ؟ لن يمكن رفع الأسعار ولو أراد أصحابها، هل يفلسون؟ هل ينضم عمالُهم لطوابير البلطجية والعاطلين؟ مقارنة مصر بغيرها من الدول ظالمةٌ خادعةٌ، فلا المرور هو المرور، ولا الطقس هو الطقس، ولا ظروف العمل هي ظروف العمل، ولا ولا ولا. كفى طنطنة وكلام ظُلمة. 

كم مائة يوم ستحل أزمة الكهرباء؟ هل ستُمنع الملوخية في مصر؟ ويا ترى متى؟ الكتابة في الظُلمة شعورٌ آخر، إحساسٌ غريب،  كفاية أفضل،،

عادت الكهرباء بعد ساعتين من التقل والدلال، أحمدك يارب.

نُشِرَت بجريدة اليوم السابع يوم الأحد ١٤ أكتوبر ٢٠١٢

Twitter: @albahary

الاثنين، 24 سبتمبر 2012

شاهدت في السينما

 جزء جديد من سلسلة أفلام الشخصية الكرتونية الرجل الوطواط (فارس الظلام) يعود فيه باتمان من إعتزاله الإختيارى لإنقاذ مدينة "جوثام" من الدمار على يد مجموعة من الأشرار. آخر فيلم فى ثلاثية مخصصة لشخصية باتمان المستوحاة من الكوميكس ومن إخراج كريستوفر نولان الإنجليزى الأصل الذى يقدم – مع مجموعة عمله المعتادة – فيلمه الجديد الذى يلي "Inception" (الذى حقق أربع جوائز أوسكار من ثمانية ترشيحات).

الفيلم رغم أنه فانتازيا إلا أن الشخصيات والمواقف والأحداث فى غاية الواقعية وللفيلم أبعاد كثيرة ما بين سياسية وإجتماعية وإنسانية وأخلاقية. الفيلم رغم الجدية والقتامة التى تشتهر بها قصص باتمان إلا أن التفاؤل غالب عليه ورغم أن الصراع الدائر هو ما بين الخير والشر إلا أن معظم الشخصيات تقع فى المنطقة الرمادية.
فيلم ممتع يحقق المتعة الفكرية والمتعة الحسية فى نفس الوقت وفى طريقه ليصبح واحد من الأفلام الأكثر تحقيقآ للإيرادات.

درجة الفيلم : 7,5 من عشرة 




فيلم خيال علمى تدور أحداثه فى نهاية القرن الواحد وعشرين بعد أن دمرت حروب كيماوية معظم كوكب الأرض وتقلصت المساحة المأهولة حيث يكتشف عامل عند إقباله على رحلة إفتراضية شخصيته الحقيقية ودوره فى الصراع الدائر بين السلطة الفاسدة والمقاومة.

الفيلم مقتبس من قصة قصيرة للمؤلف الأمريكى الشهير فيليب ك. ديك (1928-1982) وإعادة إنتاج لفيلم بنفس العنوان تم عرضه فى 1990 إلا أنه جاء أقل من سابقه رغم التطور الذى طرأ على صناعة السينما لأن كتاب السيناريو حرصوا على تقليد بعض الأفلام الناجحة من هذه النوعية والإكثار من مواقف المخادعة والتشكيك لكن لم يساندهم أداء الممثلين أو المخرج الذى ركز بدوره فيما يتخصص فيه وهو الأكشن.
للأسف لم يتم الإسترجاع على الوجه الكامل المرجو!

درجة الفيلم : 6 من عشرة

 
فيلم فانتازيا حول طالب الثانوى بيتر باركر الذى يلدغه عنكبوت تجارب أثناء زيارته لمعمل شريك والده السابق الذى بدوره يقوم بتجارب لإنماء أطراف الجسد المبتورة.

الفيلم ليس جزءآ جديدآ لكن بداية ثلاثية جديدة حول شخصية الرجل العنكبوت من مارفل كوميكس بمجموعة عمل جديدة وأحداث جديدة فى إطار القصة الأصلية.
الفيلم الذى يمكن تلخيصه بالقول أنه حول مقابلة الرجل العنكبوت وصديقته لدكتور جيكل ومستر هايد أقل من الأجزاء السابقة أداءآ وإخراجآ وتأليفآ.
الحسنة الوحيدة فى الفيلم إعادة الممثلة الممتعة سالى فيلد للشاشة بعد غيبة عدة سنوات.

درجة الفيلم : 6 من عشرة
 



فيلم خيال علمى حول رحلة إستكشافية على متن سفينة الفضاء "بروميثيوس" ( إسم من الأساطير الإغريقية القديمة يرمز للسعى إلى المعرفة ) من كوكب الأرض إلى كوكب يعتقد أن لسكانه دور فى نشأة الحضارة الإنسانية.

يحاول المخرج الإنجليزى الشهير ريدلى سكوت أن يكرر نجاح وشهرة فيلمه "Alien"  الذى أخرجه فى عام 1979 وتبعته عدة أجزاء من مخرجين آخرين إلا أن سيناريو الفيلم الجديد لا يسعفه فى تحقيق غرضه حيث أنه يعيد تقديم أفكار وأنماط تم تناولها من قبل مثل الثرى الذى يبحث عن الخلود أو الروبوت الذى يحاول أن يصبح إنسانآ كما أن الفيلم الذى يقوم بالتمثيل فيه عدد من الممثلين الجيدين يطرح الأسئلة أكثر من أنه يقدم الأجوبة.
المؤثرات البصرية متميزة ولكن البعد الثالث لم يضف كثيرآ – كالعادة مؤخرآ-

درجة الفيلم : 6,5 من عشرة  
مهندس / دانيال تانيليان - سكندرى عاشق للسينما ومحب للفنون