الأربعاء، 22 يناير 2014

أزهى عصور التناكة ...

الحالُ في مصر شديد الغرابة، كلُ من هبَ ودَبَ أطلقَ على نفسِه ما شاءَ من ألقابٍ ومسمياتٍ، زادَ عددُ المفكرين في مصر عن أي منطقةٍ في العالمِ، الكلُ يدلي برأيِه وفي العادةِ بلا علمٍ، الثوريون والمدافعون عن حقوقِ التعبيرِ عن الرأي يعلو صوتُهم لإثباتِ الوجودِ، لتسجيلِ موقفٍ إعلامي، لا أكثر، منتهى إيه، التناكة هي التعبيرُ الأمثل. الفوضى انتقلَت إلى كلِ مكانٍ،  الشارعُ أصبحَ في صورةٍ تبعثُ على كلِ الأسى والحزنِ. 

مهما قيل عن عودةِ الشرطةِ، فهي لم تعدْ بعد، وإلا ما هو تفسيرُ سيطرةِ الباعة الجائلين على ميدان رمسيس؟ على ميادين وشوارع سعد زغلول وصفية زغلول في الأسكندرية؟ الآن، ما أيسر إقامة كشك "حاجة ساقعة" وباردة وتِلِمة، ثلاجة حمراء أو زرقاء، عليها اسم شركة من شركات المثلجات الكبرى، كيف؟ هل هو اتفاق مع تلك الشركات؟ أم  أنه مجرد تقليد لاسم الشركة؟ فوضى ما بعدها فوضى. ثم ماذا؟ توضع الثلاجة ثم يُقام الكشك، في أي مكان، مفترق طرق، أمام بنك، لا يهم تعطيل المرور، لا يهم الإزعاج، لا يهم تجمعات "الِصيع" أمام الكشك، ولا حتى ما يُباعُ بالإضافة للحاجة الساقعة من مكيفات ومُضَبِطات دماغ، مفهوم طبعًا. 

أكشاك الرخامة والغتاتة ولي الذراعِ كثيرةٌ، سأذكرُ ما أرى في طريقي، على سبيل المثال على اختفاء سلطةِ الأحياء بحجةِ غيابِ الشرطة، وممكن طبعًا أن يكونَ غضُ البصرِ لأسبابٍ أخرى.   لنبدأ بفرع البنك الأهلي في أرض الجولف، كشكان أحدهما احتلَ صينية في الطريق المؤدي إلى البنك والأخر في شارع البنك، هو كده. أيضًا عند تقاطع امتداد شارع أبي داود الظاهري مع الشارع الطاقة بمدينة نصر، كشك  أقيم واستقر، كيف؟ الله أعلم، فوضى مرورية أمامه، ودوشةٌ طول الليل من تجمعات "العواطلية"، حتى أرض السكان خلف الكشك يُزرعُ فيها جرجير، منتهى البجاحة، لكن العيب على من ترَكَهم على البحري. 

مع الأكشاكِ، منادو السيارات الذين يحتلون الشوارعَ ويتوزعون بطولِها مع أقاربِهم وصبيانِهم، وكذلك باعة الفاكهة على عربات نصف نقل وحمير وبغال؛ مرة أخرى شارعُ الطاقة بطولِه موجودٌ شاهدٌ، وكذلك شارعُ أبي داود الظاهري وشارع أحمد فخري. تحولَت ملكيةُ المدن إلى البلطجية، بوضع اليد، تحت سمع وبصر الأحياء، وسيبك من تصريحات رؤسائها عن إزالة المخالفات، كله فرقعة بق، ذهبَ أوانُها. المقاهي في كلِ المكان هي مراكزُ قيادةٍ، لكلِ أنواعِ المخالفاتِ، واللي عاجبه. 

أزهى عصور التناكة، هل هناك تعبيرٌ آخر؟ لأ ،،


Twitter: @albahary

الأحد، 29 ديسمبر 2013

الزُنبة ...

كتاب طريقي للدكتور/ كمال الجنزوري شبهُ سيرةٍ ذاتيةٍ لمشوارِه الطويلِ مع العملِ الحكومي، متسلقًا درجاتِه حتى مُنتهاها. عِظمُ المسؤوليةِ يجعلُ الكتابَ على قدرٍ عالٍ من الأهميةِ، فصاحبُه شافَ ورأى وسمعَ، وعانى، قد تكونُ معاناةُ كلِ طَموحٍ، لكنها ضريبةُ المنصبِ في مصر.  مما عانى الدكتور/ الجنزوري؟ من الكيدِ.

الكيدُ هو المكرُ السئ، هو الإيقاعُ بين زملاءِ العملِ، هو نشرُ  الجستابو بين المرؤوسين، ينقلُ همساتِهم ولفتاتِهم، هو التحريضُ على كتابةِ الشكاوي في حقِ من يُرادُ التدبيرُ ضدهم.  سلوكٌ مريضٌ، لا يعرفُ سنًا، ولا مسؤوليةً،  إنما نفسيةٌ غيرٌ سويةٍ.   في المصطلحِ العامِ، فلان زُمبجي، أي يخبط بالزمبةِ، يفقعُ زُمبة. ما هي الزُمبة، آلةٌ حديديةٌ صُلبةٌ مُدببةٌ، يستخدمُها حدادو المسلحِ والسباكون، وهي من أقوى الأدواتِ التي في حوزتِهم، تفوتُ في الحديدِ،  وفي أي حائط.  

من عاني منهم الدكتور/ الجنزوري وعَلَموا عليه هم من عِليةِ زمانِه، من سُلِطَت عليهم الأضواءُ، لكن من المؤكدِ أن الزِمجيةَ في مصر يتراوحون ما بين من هم فى أعلى درجاتِ السلمِ ومن هم مازالون صراصيرًا. الزُمبجي يتصفُ بشخصيةٍ مؤمراتيةٍ، لا يحب أحد ولا يصدق أحد، لا غالي عليه ولا عزيزَ، يضحكُ بصفارٍ، ويتكلمُ بهدوءٍ وحكمةٍ مصطنعةٍ، يَتَمسكنُ حتى يتمكنُ، وإن تَمَكَنَ فالفُجرُ كلُه، أماراتُ النفاقِ كلُها مُركزةٌ فيه. 

الزَمبَجةُ لا تعرفُ مكانًا، قد تكون في مصنعِ، في مؤسسةٍ حكوميةٍ، في نادٍ، في مدرسةٍ، في جامعةٍ، لا أخلاقَ لها،  تحريضُ الطلابِ على كتابةِ شكوى في أحدِ أساتذتِهم، تحريضٌ موظفٍ على الكيدِ لآخر على وشك الترقيةِ، مقالٌ مُلفقٌ في صحيفةٍ ولو من تلميذٍ في حقِ من علَمَه.   كم من قصصٍ عن زُمبجية طلعوا لفوق، بالزُمبة صعدوا وبها استمروا.  مناخٌ الزُنبِ مريضٌ لا ينتجُ عنه إلا أداءا متخلفًا فاسدًا. 

الكيدُ، مصيبةُ سلوكياتٍ ونفوسٍ. الزُمبة منتشرة في مصر في المؤسساتِ وأجهزةِ الحكومةِ والخاصِ، أكثر مما هي في أيدي الصنايعية، وعجبي،،

Twitter: @albahary

الخميس، 12 ديسمبر 2013

The Citizen of Khaled AlNabawy

I am not a professional movie critic, but like many who follow and admire cinema, we can make a judgment on the storyline, the acting and directing. In this regard I will be tackling The Citizen, but as an input to a subject of the highest importance, especially in this period. The film shows  Khaled AlNabawy as the main character, and is directed by Sam Kadi, in his first long film, with the participation of the American third row actor William Atherton. The film tells the story of a Lebanese citizen who traveled to the United States of America, one day before September 2001 explosions, and filed a request for immigration as a start for a new life. Unwarily the events catch him and he is regarded terrorist in the eyes of the US authorities. The film is a typical flat stereotype, dimensionless personalities, evils are evil because they are American, and the goods are good simply because they are Arab, simply, it is no more than an Arab film spoken in English. Events and personalities are merely black and white, reminder of tens of films depicting the infidels as irreverent, speaking aloud, crazy, wearing colored costumes, while the believers are calm, modest, decent, and wise. Also typical of films that show the Jews as miser, malicious with round noses, usually fooled as done by Naji Atta-Allah in the TV series of Ramadan before the last.

Expert sites that assess films such as IMDb, recorded a critics mark of  38 points out of 100 for The Citizen, and 6.7 out of 10 from a mostly Arab audience. In fact, the film won three awards and was nominated for two, but these were mostly in gatherings rather than typical film festivals. However, the local media follow-up of the film hailed a spectacular breakthrough, and achievement, in their paper pages and aired talk shows, waiving their main role of seeking and promoting the truth, they didn't bother checking specialized movie sites.  Media handling, as mostly usual, plays on the easy, without scrutiny, unfortunately in most of the topics. It is appreciable to have Egyptian and Arab representatives in global gatherings, but the most honorable is to put the record straight, well or weak. This is the mass media role, educate and inform, lay out facts based on study and digging, not on whims, generally, not for this film in particular.

The media is under focus, revealed by The Citizen, just as others did, unsuccessful again, weak once more.

Twitter: @albahary

الاثنين، 9 ديسمبر 2013

مواطن خالد النبوي ...


لست ناقدًا سينمائيًا، لكني مثل كثيرين نتابع السينما ونستمتعُ بها ونتذوقُها ومن فرطِ ما شاهدنا نستطيعُ الحكمَ على ما يقدَمُ قصةً وتمثيلًا وإخراجًا.  وإن كنت سأتعرضُ سريعًا لفيلم المواطن ولكن باعتبارِه مدخلًا لموضوعٍ على أعلى قدرٍ من الأهميةِ خاصةً في تلك الفترة.  الفيلم من تمثيل خالد النبوي وإخراج سام قاضي وهو أول أفلامه الطويلة، وشارَكَ فيه الممثل الأمريكي وليام أثرتون، وهو من ممثلي الصف الثالث. الفيلم يحكي قصة مواطن لبناني سافرَ إلى الولايات المتحدة الأمريكية، قبل انفجارات سبتمبر ٢٠٠١ بيومٍ واحدٍ، طلبًا للهجرةِ وبدءِ حياةٍ جديدةٍ، وإذا بالأحداث  تباغته وتجعلُه إرهابيًا في نظرِ السلطاتِ الأمريكيةِ.  الفيلمُ مُسَطَحٌ نمطي  stereotype ، لا جديدَ فيه، الأشخاصُ بلا أبعادٍ، الشريرُ شريرًا لأنه أمريكي، والطيبُ طيبًا لأنه عربي، هكذا بمنتهى البساطة. مجردُ فيلم ٍعربي أبيض وأسود في كتابتِه وأحداثِه، ناطقٌ بالإنجليزية، يذكرُنا بعشرات الأفلام التي تصورُ الكفارَ صارخين زاعقين مُلونين مجانين ، بينما المؤمنون هادئين قانعين عقلاءً رُزَناءً، وأيضًا الأفلام التي تظهرُ اليهودَ بخلاءً مَكارين خبثاءً أنوفُهم معقوفةٌ، مضحوكٌ عليهم مثلما فعلَ فيهم الكومندان ناجي عطا الله في رمضان قبل الماضي.  

المواقعُ الكبيرةُ لتقويمِ الأفلام مثل imdb أعطَت المواطن درجة 38 من 100 في تقديرِ النقادِ السينمائيين و6.7 من 10 في تقدير جمهور المشاهدين، وأغلبهم عرب؛ وفعلًا حصَلَ الفيلم على ثلاثة جوائز ورُشحَ لاثنتين، لكنها جوائزٌ في تجمعاتٍ سينمائيةٍ أكثر منها مهرجاناتٍ حقيقيةٍ.  إلا أن المتابعةَ الإعلاميةَ للفيلمِ عندنا أظهرَته فتحًا مبهرًا، وانجازًا مبينًا، وفَرَدَت صفحاتِها وفضائياتِها دون الرجوعِ إلى التقويم الحقيقي للفيلم. الموضوعُ إذن ليس الفيلم، إنما التناولُ الإعلامي الذي يلعبُ على السهل، دون تدقيقٍ، ومع الأسفِ في معظمِ المواضيعِ.  شئ جميل أن يظهرَ ممثلٌ مصريٌ وعربيٌ في التجمعاتِ العالميةِ، لكن الأجملَ أن توضعَ الأمورُ في نصابِها، جيدًا كان أو ضعيفًا.  هذا هو الإعلامُ، تثقيفٌ وتنويرٌ وإجلاءٌ للحقائقِ عن دراسةٍ وتعبٍ، لا عن هوى وغرضٍ، ليس في هذا الفيلمِ تحديدًا، لكن على وجه العمومِ.  

الإعلامُ تحت المنظارِ، كشَفَه المواطنُ، مثلما فعَلَ غيرُه، لم ينجحْ، بايخة،


Twitter: @albahary

الأربعاء، 20 نوفمبر 2013

كيف تصل إلى القمر بتوك توك ...

تحشيشة؟ أبدًا، لكنه تعبيرٌ عن نظرةٍ للأشياءِ، في كل مجال، في السياسةِ والصناعةِ والرياضةِ، ينبري بعض من ينسبون أنفسَهم للرأي والفكرِ بالنقدِ والهجومِ، بدون تعمقٍ ولا دراسةٍ ، فتاوى وفهلوة، استظراف، وكأن الرأي العلمي الموثقُ لا اعتبارَ له، وكأن آلمنطقَ في العالمِ المتقدمِ  يجبُ أن يختلفَ عن أسلوبِ التفكيرِ والعملِ في مصر. 

أكتبُ بعد مباراة مصر وغانا الثانية، تابعتُها من قناة الجزيرة الرياضية، كان المحللون مصريين، أحدُهم حارسُ مرمى سابق، تارة يتكلم في السياسة واليوم في الرياضة، مستحوذًا على الحديث، فارضًا وجهة نظره، حتى قبل أن تبدأ المباراة، إيه الحكاية يا كابتن؟ المدرب غلطان !! كيف؟ لم يدخلْ اللاعبون الملعب بعد!! هل عشت معهم؟ هل وُضِعت في ظروفِ المدربِ؟ التشكيل غير سليم، كيف يلعب كهربا وهو زغنون؟ كيف يوضع فلان وعلان على الدكة؟ أما بين الشوطين فالمدربُ تغييراتُه خاطئةٌ وخططُه تؤدي للهزيمة، هو كده !! هل عمله في قناة الجزيرة مالكٌ  تفكيره؟ عمومًا، ليست فلسفته وحده، إنها فلسفة مصرية، كلُ واحدٍ بدماغه، هو صح وغيره غلط، وإذا وقعت الواقعة لا بدَ من شماعةٍ.  في الكرةِ هو المدربُ، وكأنه يخطئ في التمرير، ويشوط خارج الجون، يسرح ويفكر في سَبوبة ما بعد المباراة، كأنه أوقفَ الدوري وسَطَحَ النشاطَ الكروي!! لقد أخفقَ كلُ المدربين والكرةُ في كاملِ نشاطِها، لكنه خواجة أمريكي، لا بد أن يبلعَ الزلط، أن يكونَ سُلمًا للانتهازيين والوصوليين، وعليه أن يصنع المعجزات في زمنِ العلمِ والتخطيطِ والأسبابِ والمسبباتِ، وبالمرة يعمل عجين الفلاحة!!  

لو كان المدربُ وحدُه هو صانعُ الفوزِ لفازَت الأنديةُ والمنتخباتُ الخليجيةُ والتركيةُ وتأهلَت بقدرِ ما جلَبَت من أسماءٍ تدريبيةٍ عملاقةٍ، لكنه منطقُ التغييبِ، البعدُ عن الواقعِ، الفهمُ في كلِ شئ بدون أمارة. لقد أدى المنتخبُ المصري أداءًا مشرفًا محترمًا لم يوصل للبرازيل، لم تتحققْ المعجزةُ، بالمنطقِ وبالعقلٍ، بالعربي واللاوندي والهندي والانجليزي والفرنساوي. هناك من يبكون "بتَمسَحةٍ" من حوادث الطرقِ والسكك الحديدية، وأولُ أسبابِها الحياةُ العبثية ُالمستهترةُ المتواكلةُ، الكارهةُ للنظامِ والانضباطِ. هل يبدأُ اجتماعٌ في موعدِه؟ هل يُسلمُ صانعٌ ما اتُفِقَ عليه كما تعهَدَ؟  من منا لم يتعرضْ للغشِ حتى من أكبر المحال؟ مع كلِ الأسفِ، الغشُ فلسفةٌ، كذلك الكذبُ والملاوعةُ، مع الذات وعلى الآخرين. 

ما نحن فيه من تراجعٍ دلالتُه الإعلامُ، كلُ من هَبَ ودَبَ أصبَحَ إعلاميًا، دون مؤهلاتٍ دراسيةٍ أو نفسيةٍ، لقد احتلَ الفضائياتِ مصابون بجنونِ العظمةِ، تصوروا أنفسَهم ثوارًا وأصحابَ رأيٍ،   يصرخون بحرقةٍ، يتصورون أنهم أهل سلطان وصولجان، يجب أن يفعلَ  الوزير فلان، ويجب أن يرحل الوزير علان، أنا أريد من الوزارة كذا وكذا، على رئيس الجمهورية أن يفكر بالطريقة ٤/٢/٤ لأنها أحسن من ١/٢/٣/٤، أضافةً إلى الفبركةِ والتلفيقِ !! سألملم أوراقي وأرحل، إذا لم تفعلوا !! توحدَ مع نفسِه، تصورَ أنه فلتة !! مع السلامة، مَلَلنا ونَفَرنا وقَرفنا. من أين استقى هؤلاء "الإعلاميون" ثقافتهم؟ أين شاهدوا الردحَ والبذاءةَ ؟! من المؤكد خارج كتب الإعلام والفضائيات العالمية المحترمة. 

أما نشط سياسي فهو أعجوبةُ الأعاجيب، في زمنٍ مضى، ظهر مصطلحُ غني حرب، والآن هناك أغنياء ثورة، احتلوا الفضائياتِ في غفلةٍ من الزمن، بتدبيرٍ ليس منهم، هم أدواتُه، انقلَب حالُهم من فقرٍ لغِنى، نشطاءٌ جدًا، أحاديثهم في الفضائياتِ بألف كذا واستثماراتُهم بمليون كذا.  طبيعي أن يفقدوا جميعًا ما كان لهم، من تأثيرٍ وكاريزما خادعة، بانوا بانوا، على حقيقتهم بانوا.   

لو وصلنا لكأس العالم لا بدَ أن ينقلبَ الكونُ، يكتشفَ أنه على خطأ، يتعلمَ أن الفهلوةَ والهجصَ والفوضى أهمُ أسبابِ النجاحِ،  ممكن؟ في الملوخية.  اللاعب لاعب والحكم حكم، عندنا كله يتجمعُ في شخصٍ واحد، في نفس الوقت، لاعب وحكم ومهندس وطبيب وفيلسوف وواعظ وخطيب جامع ومفتي فضائيات وحلواني وإعلامي!!

هل يمكن الصعود إلى القمر بتوك توك؟ أمريكا لا تستطيع لكننا لها!! هل يمكن تسخين المياه بالثلج؟ روسيا ستعجز لكننا قدها وقدود!! هل يمكن النزول لأعماق المحيط في نفس واحد، المصري يستطيع واسألوا أبو لمعة!!  كأس العالم فَلَت منا هذه المرة، صُدفةٌ ولن تتكرر !!

Twitter: @albahary

الخميس، 14 نوفمبر 2013

العجوزة والنعانيع ...

الإعلامُ سلاحٌ كثير الحدودِ، منها ما يصيب ومنها ما يَخيبُ بالقوي، وأنه من خيبتِه يصيبُ نفسَه، فيوقعُ المللَ والنفورَ والمقاطعةَ والاستهجانَ في نفوسِ المشاهدين، وهو ما يجعلُه إعلامًا موصومًا بعدم المصداقيةِ والارتزاقِ، هذا إذا لم يكنْ مُساقًا لخدمةِ أولوياتٍ ما.  مقدمةٌ سخيفةٌ، أنا عارف، لكن ما العمل وقد انضَمَمت لطابور مقاطعي الفضائيات، كرهت الشخط والنطر والحَزق والوعظ والإرشاد والفَذلكة والفلسفة والنصاحة والفتاكة والتحاذُق وبذاءات الشوارع. لكن لماذا صَعُب علىَّ الفن فجأة وكتبت؟! في إحدى الفضائياتِ الممولةِ  رياليًا، "حَزَقَ" أحدَ كسيبةِ الإعلامِ، دون أن يكونَ دارسًا له ولأصولِه وآدابِه،   وبصوتٍ مُنفرٍ كالمعتادِ، وفي غيابِ الكاريزما شخصية، وزارةٌ عجوزةٌ مثل رئيسها!! مش فاهم هل يندرجُ هذا المسلكُ تحت بندِ النقدِ، أم تحت بندٍ آخر سماه هذا النغنوغ الزغنون في نفس الحلقة قلة ...، ولن أردد ما قاله؟.

تقليعةٌ، يتصابى كل من يريدُ أن يبدو ثوريًا، يصبغُ شعرَه، يدهنه جل، ويهاجم في الفاضية والمليانة، يُهَيِّج، يثير قضايا بلا قضايا حقيقية، الوزراة مش ولا بد، ماشي، هل الارتزاق من مهاجمتها هو الحل؟ هل إرضاء حب الظهور هو الحل؟ الإعلامُ يتصدرُ الآن مرحلةَ كل من عنده كلمة يقولها، ولو كانت فارغة.  لا تخلو فضائيةٌ من انتقادات وكأن مقدمي برامجِها يحملون مفاتيحَ الحكمة، منتقدون صباحيون وآخرون للمساءِ والسهرةِ!! نهجٌ جديدٌ في إعلام اللا إعلام، هاجم تعيش وتأكل قراقيش !! لا أدافعُ عن الوزارة، ففيها وزراء مكانهم المَكلَمانات، وأسألوا التعليم العالي والجامعات عما يعانونه من تَخَبطٍ وضَعفٍ وخِفةٍ، على كافة المستويات وصولًا لإدارات الكليات. 

اتهام الوزراةِ بالعَجَز لأن رئيسَ وزارتِها مُسِنٌ، لن يُصلِحَ، ولن يجعلَ الأفندي الناقدَ بالتنطُعِ صبيًا كتكوتًا، النقدُ في الإعلام الراشدِ الواعي يكون بالمنطقِ، بلماذا وكيف، ليس بطول اللسان وتصنع المفهومية. إعلامٌ هذا فهمه ولسانه لا يبني رأيًا، لكنه يؤيدُ فكرة الإعلام الفسدان، أيا كان توجهُه، إعلامٌ يضربُ نفسَه بنفسِه،،،

وزارة عجوزة لأن رئيسها عجوز؟ إخخخ،،،



Twitter: @albahary

المرأةُ في المجتمعِ ... وفي الدستورِ

حوارًًٌ ساخنٌ بين رجلٍ وامرأةٍ، لا يهمُ من المخطئ، ينتهي بقلمٍ صوتُه عالٍ، علي وجهِها، تَرِفُ المسكينة وتبكي، من هي؟ زوجته، إبنته، أخته، الجو. ما هو مستوي تعليمِها؟ مش مهم! ما هي وظيفتها إذن؟ أيضاً مش مهم!! طبعًا شَدها من شعرها، وزغدها، وتعالي يا "بِت"، وروحي يا "مَرَة" عادي جدًا. سيناريو يتكرر في الأفلام والمسلسلات العربية، القديمة والجديدة، ثقافة، تراث، يندر في الأفلام والمسلسلات الأجنبية التي نقلدها، رمزٌ فشنك للرجولة والفتونة وقوة الشخصية، حتي لو كانت الخيبة بالويبة. 

لما تنبه المجتمع لخطر التدخين انطلقت المطالبات لمنعُ مشاهدِ البطلِ المدخنِ في الأفلام والمسلسلات وتم بالفعل الاستغناء عنها ومعها قعدات الغُرَز، ولم يختل العمل أو يتأثر. لماذا لا تكون الدعوة بالمثل؟ لماذا لا تُمنع مشاهد ضرب المرأة علي وجهها والتعدي عليها؟ لماذا لا تُبتكر مشاهدٌ أُخري لإثبات الرجولة الشرقية، ذات الدم الحامي كما يتخيلون؟

في أفغانستان تُعاقب طالبان المرأة بقدرِ ما يتصورونه خطأً، ومن العقوبات قطع الأنف!! منتهي العظمة!! المرأة أصبحت مشكلة كثير من المجتمعات الشرقية وحائطها المائل.  يلبس الرجل القصير والطويل، الشفاف والسميك، يفرفش وينعنش ويدلع نفسه، المهم أن يكون علي مزاجه، أما المرأة فلا يحقُ لها الخروج عن قوالبٍ قاتمةٍ، الحر والبرد سواء، فهي كائن منقوص الإحساس، والعقل، معاناتها وتألمها في غير بالٍٍ. 

تقبلت المرأة نظرة المجتمع لها، دخلَت سجناً فُرِضَ عليها، تنازلت عن إرادتها، يَسَرت تَجَبُر َسي السيد عليها، حتي بدون وجه حق، بدون أمارة. لنجد نموذجاً في مسلسل "عايزة أتجوز"، خفيف وطريف لكنه ينتسب إلي طائفة وضع المرأة تحت بند الهطل من أجل عيون الحاج سي السيد، ولو كان معطوباً، علماً أو مكانةً أو شكلاً. 

سي السيد يري أنه محور عالم المرأة، طبعاً القِوامةُ له حتي لو كانت الدواب أكثرَ منه فهماً ومقدرةً، أقعدي في البيت، أمرك يا سيدي، إلبسي كذا، أمرك يا سيدي، كفاية دراسة، أمرك يا سيدي، عالمك البيت والعيال، أمرك يا سيدي. ماذا لو عَطَبَ الحاج سي السيد في صحته أو ماله أو عمله؟ أين تذهب تلك المرأة بعيالها؟ لماذا التناكة الفارغة؟ أسئلة غير واردة، غير مطروحة طالما أمر سي السيد ورأي وشاء!!

منذ بضعة أشهر، في ترام الأسكندرية، فوجئ الجميع برجل في خمسينات العمر يضرب طفلة لا يتجاوز عمرُها الإثني عشرة عاماً، أشعبها تلطيشاً، لم يرِقْ أو يلين لبكائها  وصراخِها، ولاستهجان الركاب، حكايتك إيه يا عم؟ محدش له دخل، إبنتي وأنا حر فيها!! منطقٌ مريضٌ، وكأن القانون يعاقبُ علي ضرب الغريب ويتسامحُ في ضرب القريب!!شيوع منطقِ سي السيد هذا يعكسُ مرضاً اجتماعياً نامَت عنه الآلة الإعلاميةُ، علي مستوي الدولة، وتغافلَت عنه عمداً فضائياتُ التكفيرِ التي تحصرُ نفسَها في أجندة محددةٍ، لا تحضُ علي علمٍ واحترامِ مجتمعٍ، إنما تَلِحُ علي قضايا معينةٍ يقعُ في أولِها تحجيمِ المرأةِ، مش عيلة انضربت!!

كثيرٌ من العرب يسافرون للغرب بحثاً عن العلم والعمل، يحملون في داخلهم ميراثٍاً اجتماعياً ثقيلاً يعزلهم عن المجتمعات التي سعوا إليها، يجدون الشرطة علي بابهم مع أول قلم علي وش حريمهم، أقصد ستاتهم، الحكاية مش سايبة، وسي السيد الحامي مكانه الوحيد السجن ثم أول طائرة لبلاده المحروسة.

سي السيد الشرقي الحامي الساخن قليل الانجازات، ساعات عمله قليلة، أعذاره كثيرة، لا يفكر جدياً في كيفية تقدم بلده ومجتمعه، في كيفية احتلال مكانة محترمة في عالم لا يرحم،  سَلَمَ مُجَهلاً قيادَه لمفتيي القضائيات، همُه الرئيسي، أرقه الموجع، انحَصَرَ في تكتيف المرأة وتحجيمها، حفاظاً علي جنسه من الفساد والخطيئة. سي السيد ضعيف الإرادة، لا مؤاخذة، وعقله علي قده، والمرأة ستغويه وستعطله عن الإبداع، لذا لا بد من وضعها في كل القوالب، هو كده وإلا لا وألف لا!!

الدولة "المُباركية"،  لأغراضِها وضعت المرأة في مناصب، رئيسة جامعة، عميدة، قاضية، ماشاء الله، لكنها لو خرجت للسوق وتحدثت مع البائع فهي الحاجة، لو دخلت في حوار كده أو كده سيكون الرد اتلمي يا ولية، أما في الأحياء الشعبية والأرياف والصعيد فالحكاية لا تحتاج سوق أو خناقة، هي حاجة وولية، وبس!! أما الدولة "المُرسية"، فترى أن التحرش مسؤولية المرآة بمجرد تخطيها عتبة منزلها!! أما الدولة "الحالية" فلا لون ولا طعم ولا رائحة، حاجة من كله ومن غير كله ...

المرأة تريدُ من الدستور أن ينصفَها، أن يُساويها بالحاج سيد، هل يُمكنُها؟ وإذا أمكنَها هل يُساويها المجتمعُ؟ لقد أصبحنا في مجتمعٍ يجنحُ إلي القتامةِ والغلظةِ الصحراويةِ، فقدَ أهم ما كان يميزُه، التسامحَ، التعدديةَ، قبولَ الأخرِ، تَفَهُمَ الاختلافِِ. كأبٍ، أجدني في قلق ٍ علي بناتي، وهن علي أول عتبات الحياة العملية، لست وحدي، إنما كل الأباء الذين يرجون لبناتهم الأمن والاستقرار والكرامة،،


Twitter: @albahary