الخميس، 7 أغسطس 2008

في الجامعات..التحايل بالدستور وعلي القوانين


العمل الجامعي لا يقوم إلا علي العطاء والأمانة، وهو ما يستحيل إلا إذا كُفلت الحياة الكريمة اللائقة لأعضاء هيئات التدريس بالجامعات. لكن في مصر جاءت مع رياح زمن لا يعترف إلا بالعلم رياح معاكسة لا يشتهيها مخلص مؤمن بحق هذا البلد في التقدم، تدهورت لدرجة مذرية أحوال أعضاء هيئات التدريس بالجامعات، ما بين تدني مذهل في مرتباتهم وما بين تخلص متعمد من كبارهم. سقطت شعارات احترام العلم تحت أقدام من رفعوها، انكشفت أمام ملأ لا يرحم سوءات من يدعون ما لا يفعلون.
لم يجد أعضاء هيئات التدريس لهم نصيراً، لن يؤمن مستقبلهم إلا جهدهم، لن يحميهم في كبرهم إلا ما ادخروه لزمن لا رحمة فيه ولا احترام، من الجالسين علي أعلي الكراسي قبل غيرهم. ما العمل؟ أين الملاذ؟ انتدابات في كل مكان، تستنفذ الطاقة، لا تبقي لجامعاتهم إلا أقل القليل مما تبقي منها، لم يعد القانون الذي يحدد ساعات الانتدابات محل اعتبار، تناساه الجميع، إنه قانون تنظيم الجامعات!!أما الإعارات فمنها الداخلي والخارجي، الإعارات الداخلية تنتهي علي الورق، يتسلم عضو هيئة التدريس عمله في كليته محتفظاً بوظيفته في الإعارة، جامعاً بين وظيفتين في تحدي لكل القوانين!! الشركات التي تستقطبهم وتشجعهم علي مخالفة قوانين الدولة تتباهي في الصحف بالمشروعات التي تقيمها لنقل التكنولوجيا لمصر!! هناك من يعملون في مكاتبهم ومشروعاتهم الخاصة وبخطابات يحصلون عليها من وزراء بأنهم مناضلون في مهام قومية تمتد إعاراتهم لعشرات السنين!! وزير التعليم العالي يعلن حزنه من تغيب أعضاء هيئات التدريس عن جامعاتهم وفي نفس الوقت يصدر قرارات بتجاوز بعضهم لسنوات الإعارة الست المنصوص عليها قانوناً!! الكل عاجز عن المساءلة، إدارات الجامعات غير قادرة علي حماية أعضاء هيئات التدريس ورفع شأنهم، ما أمامها إلا غض الطرف، عين الخجل منكسرة، من فرط قلة الحيلة.
أما الإعارات الخارجية فامتدت لسنوات من الممكن أن تطول وتطول رغم أنف القوانين، ولو انتهت تبدأ حيل الأجازات الخاصة لمرافقة الزوج أو الزوجة، عقود عمل وهمية، مرتباتها هزيلة، ساعات عملها متلاشية، قد تكون ساعة في الأسبوع، للتدريس في مسجد!! هناك من يتحركون بوثائق سفر غير مصرية، دلالة علي حصولهم علي جنسية أخري، ومع ذلك يطالبون بأجازة خاصة لمرافقة الزوج أو الزوجة!! هناك معيدات لم يمض علي تعيينهن أيام يتحايلن باسم أجازة رعاية الطفل للسفر للخارج بجواز سفر غير مصري يحملنه بسبب جنسيتهن المزدوجة!! الدستور المصري ينص علي حماية الأسرة ولم شملها، لم يرد فيه ما يحمي حقوق جهة العمل!!
الأحوال وصلت لدرجة من التدني فاقت الخيال، فإذا افترضنا أن من حق أعضاء هيئات التدريس بالجامعات تأمين مستقبلهم بعد أن جار عليهم أهل السلطة، كيف يمكن تقبل التلاعب والتحايل الذي يقترفه بعضهم عمداً ومع سبق الإصرار؟! وما ذنب أعضاء هيئات التدريس بالأقسام الذين توصد دونهم الإعارات بسبب تحديد حد أعلي للمعارين قسم؟ ألا يتناقض إطلاق الإعارات وفتح الباب واسعاً أمام ملاعيب السفر لمرافقة الزوج أو الزوجة مع تحديد نسبة المعارين بكل قسم؟! هناك من لا ينوون العودة ويشغلون نسبتهم في المعارين جائرين إلي ما لا نهاية علي حق من يُفترض أنهم زملاء لهم!!
إدارات الجامعات في وضع لا تحسد عليه، أحياناً تحدد قواعد الإعارات والأجازات الخاصة مطالبة الكليات بتطبيقها، عندما تنفذ الكليات يتبرم أعضاء هيئات التدريس أصحاب المصالح ويشكون، تتراجع إدارات الجامعات وكأن إدارات الكليات هي الظالمة الجانية!! إذا كانت إدارات الجامعات أضعف من مساندة قواعد وضعتها فلتنساها.
اضمحلت القوانين بفعل الإهمال، هُجِرت، خفتت الأخلاق في الجامعات، عم الجشع والأنانية، مع غياب تقدير الدولة المخلص لأعضاء هيئات التدريس. شعارات، شعارات، شعارات، واقع مرير، مرير، مرير؛ عضو هيئة التدريس يعمل في كل مكان إلا في جامعته، أهل الكراسي يتكلمون، يَدَعون، الضحية بلد اِعتُبِر فيها أعضاء هيئات التدريس من الأعداء، هنيئاً لإسرائيل، , وحسرتاه،،

ليست هناك تعليقات: