الجمعة، 9 ديسمبر 2011

وبعد انتخاباتِ الجامعاتِ …


أُجريت الانتخاباتُ في الجامعاتِ، ما بين كراسي إدارية ومُجَمَع انتخابي، تَمَت التربيطاتُ وعَرِِفَ كلُ من رشَح َنفسه أين سيكون. ككلِ انتخاباتٍ هناك وعودٌٌ واجبةُ السدادِ، ممن لا يملكُ، ولو كان هناك من يستحقُُ. انتخاباتٌ بالصورةِ التي تَمَت جعلت من رشحوا أنفسهم من أساتذة الجامعات ينحنون كثيراً ويبتسمون ويصافحون ويخاطبون ويرسلون رسائل محمول ورسائل إلكترونية إضافةً إلي المنشورات الورقية. لماذا؟ من المؤكدِ أن هناك دافعاً، شخصياً كان أو رغبةً من تيارٍ في السيطرةِ، في الحالين ليس هكذا تكونُ الجامعاتُ.

إذا كان المَغنمُ شخصياً، طمعاً في كرسي وسلطانٍ وشهرةٍ، فكما تكون ترقيةُ أعضاء هيئة التدريس مشروطةً بدورات بعينِها، من الضروري أن تُحَدَدَ دوراتٌ لكل من يؤتمنُ علي كرسيٍ جامعي. فمع الانتخابات ستكون الأولوية لتحقيقِ الوعود الانتخابية التي من المؤكدِ، في ظل الفوضى والانفلات وخُفوتِ احترام الأكبر علماً أو سناً، أن تكونَ متعارضةً مع قواعدٍ جامعيةٍ مستقرةٍ وأيضاً متنافرةٍ مع مصالح الأقسامِ العلميةِ والكلياتِ وبالتالي الجامعاتِ. من الطبيعي أيضاً مع عشقِ الكرسي أن يتصورَ من أُجلِسَ أنه "رئيس دكاترة"، أى أكثرُ منهم فهماً وأصوبُ رأياً، وهو ما لا يتفقُ مع واقعٍ يبتعدُ فيه من يحترمُ نفسَه عن أية انتخاباتٍ تبتذِله، ومع وجودِ أساتذةٍ حقيقيين خلقاً وعلماً. من غير المقبولِ أن يفطَ من أُجلِسَ كعفريتِ علبةٍ أو يُقاطعُ أو يعلو صوتُه، من الضروري أن يفهمَ أنه جاء لتسيير عملِ القسمِ أو الكليةِ أو الجامعةِ، لا أن يكونَ أمراً ناهياً، ولا مفكراً فيلسوفاً بدون أماراتٍ ولا وجه حق. التثقيفُ قبل الكرسي والتربيطات، وليس بالانتخاباتِ سينصلحُ حالُ الجامعاتِ والبلدِ ولا بالتعيين الفاجرِ كما سبَقَ.

أما إذا كان المغنمُ لجماعةٍ تبَغي السيطرةَ على الجامعاتِ، فما هو بما يتفقُ وحريةُ أساتذةِ الجامعاتِ ووجوبُ إبقاءِ الجامعاتِ معاهدِ علمٍ وبحثٍ بمنأى عن الصراعاتِ السياسيةِ والدينيةِ والطائفيةِ. يستحيلُ أن تكونَ العدالةُ بين الطلابِ وأعضاءِ هيئاتِ التدريسِ في ظلِ تمييزٍ سياسي وديني وطائفى، يستحيلُ التعليمُ الحرُ في إطارِ المنعِ والكبتِ والتوجيه. وإذا كانت الجامعات قد تراجَعَت بسبب العداء لأساتذةِ الجامعاتِ بحيث أصبحَ إفقارُهم هدفاً في حد ذاتِه، فإنه من المستحيلِ أيضاً أن ترتقي وقد استُبعِدَ من أساتذتِها وطلابِها من لن يُسَيروا أو يُقادوا لأية أهدافٍ غيرِ علميةٍ ولاختلافِهم مع أيةِ توجهاتٍ تُفرضُ عليهم. إدخالُ الجامعاتِ في الصراعاتِ، أياً كان تصنيفُها، تشتيتٌ لها وتجنيبٌ لما يمكن أن تؤديه من أمانةِ التعليمِ والبحثِ وإيجادِ الحلولِ وكشفِ الحقائقِ.

قد يكونُ التفكيرُ مرفوضاً كما كان، وكما قد يكونُ، ألهذا تُساقُ الجامعات؟ الانتخاباتُ ابتذلَت أساتذةَ الجامعاتِ، وأذا فُرِضَت فلا بدَ من أن يوضع كلُ من أجلِسَ على كرسي في مكانه، لا يتخطاه ولا يتصورُ أنه أكبر منه أو ممن في كليتِه وجامعتِه. أيضاً على كلِ جماعةٍ، تريدُ إخضاعَ الجامعاتِ وأعضاءِ هيئاتِ التدريسِ بها والطلابِ، أن تبتعدَ إن كانَت هي أمينةٌ وصادقةٌ ومخلصةٌ، وراغبةٌ بحقٍ في تقدمِ هذا البلدِ، لا إفقارِه وكسرِ عينِه، بفعلِ التعصبِ واحتكارِ الصوابِ، والهزيمةِ التي لن تكونَ إلا مؤكدةً،،

Twitter: @albahary

ليست هناك تعليقات: