السبت، 3 مارس 2012

الجودةُ المعطوبةُ ...





طُرِحَ منذ قرابة الأربع سنوات مشروعٌ لاعتماد الجامعات الحكومية تحت مسمى استيفاء متطلبات الجودة. الجودةُ كمفهوم لا يمكن الاعتراضُ عليها أو رفضُها، لكن ما لازمَ طرحَها من اتجاهٍ سائدٍ في الدولةِ لشغلِ الشعبِ بمختلفِ فئاتِه الدينيةِ والاجتماعيةِ والوظيفيةِ عن الالتفاتِ لما يُدبرُ سياسياً  صَبغَها بنفورٍ شديدٍ من أعضاءِ هيئة التدريسِ، خاصة مع تردي أحوالِهم الماديةِ وإبعادِهم عن مناقشةِ متاعبِهم ومشكلاتِهم المزمنةِ واغفالِ آرائهم حتى المتخصصِ منها. وفي ظلِ تدهورٍ مستمرٍ في الحالِ العامِ واسنادِ مناصبٍ لمن تعوزُهم الكفاءةُ، اِستخدِمَت الجودةُ سلماً لتصعيدِ البعضِ وتَزَيا بها آخرون حتى تصعدَ بهم، فازدادَت تنفيراً وكان لها من عداء أعضاءِ هيئات التدريسِ النصيبُ الأوفرُ ففشلَت فشلاً مونديالياً.




الجودةُ مفهومٌ متكاملٌ يضمُ كلَ عناصرِ العمليةِ التعليميةِ دون أغفالٍ لأيٍ منها، سواء من باب الاستهالِ، أو السهو، أو الممالأةِ وهو أسوأها. وقد كان ولايزالُ رفضُ أعضاء هيئاتِ التدريسِ للجودةِ متُمَحوراً حول سؤالٍ رئيسى، بأمارة إيه؟! الجودةُ هي تقديمُ خدمةٍ تعليميةٍ متميزةٍ تحققُ النفعَ العام للمجتمعِ، لكنها اِختُزِلَت الآن بتسطيحٍ مُخلٍ في كيف يشتكي الطالب!! وكأن مبدأَ شغلِ أعضاءِ هيئاتِ التدريس قبل 25 يناير اِستُعيضَ عنه بعد 25 يناير بكيف يكونُ نفاقُ الطلابِ وإسكاتهم، على حسابِ العمليةِ التربويةِ والتعليميةِ.

العمليةُ التعليميةُ في حدوتةِ الجودةِ بصورتِها الحاليةِ أفرَدَت صفحاتٍ ولجانٍاً لوضعِ ألياتِ الشكوى، شكوى الطلاب!! لكن، أين رضاء أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ؟! أين المعاملُ والمكتباتُ والمدرجاتُ؟! أين دورِ المياه، بدون مؤاخذة؟! أين النظافة؟! وأين المياه والكهرباء في أحيانٍ كثيرةٍ؟!

مع كلِ الاشمئناط فإن مبدأَ نفاقِ الشوارع والحارات المزدحمة هو لافتةُ هذه المرحلةِ، الصوابُ ليس الهدفَ، ولا الحقَ، لا غرابةَ في أن يُرفعَ شعارُ "تأديب وتهذيبَ وإصلاحَ  أعضاءِ هيئات التدريسِ".


الجودةُ المعطوبةُ والانبطاحيةُ تلك لن يكون وراءها إلا التخريبُ الممنهجُ للمجتمعِ، يستحيلُ أن ينصلحَ مجتمعٌ وجامعاتُه يُعاملُ فيها أعضاءُ هيئاتِ التدريسِ كمُدانون ومُذنبون ومُتَهمون، بلا خطأ ولا أمارةٍٍ، وكأن قدرَهم أن يُعاديهم نظامٌ سقَطَ وأن يتاجرُ على حسابِهم نظامٌ لم يأت بعد،،


Twitter: @albahary




ليست هناك تعليقات: