الجمعة، 7 سبتمبر 2012

بذاءةٌ وتلفيقٌ …


يتعرضُ الكُتابُ في هذه الفترةِ لسبٍ وتجريحٍ وتلفيقٍ بعد أن خاضوا فيما اِعتُبِرَه البعضُِ مما لا يجوزُ فيه الاِجتهادُ أو الفكرُ.  ولما كانت الصحافةُ الإلكترونيةُ تتميزُ كعصرِها بالسرعةِ في النشرِ والجَرأةِ في العرضِ والتواصلِ المباشرِ مع القارئ فقد وجدتَه ضرورياً أن أتناولَ  ما يرِدُ من تعليقاتٍ في المواقعِ الإلكترونيةِ.

التعليقاتُ هي ردُ فعلِ القارئ علي المقالِ الإلكتروني، بقدرِ ما يكون فيها من هدوءٍ يكون فيها التعقلُ والفهمُ والاستيعابُ، كلما زادت فيها الحدةُ والانفعالُ يكون بعدُها عن الموضوعيةِ والحقيقةِ. من المفترضِ، أن المقالَ في الصحيفةِ الإلكترونيةِ حلقةُ نقاشِ، حوارٌ مفتوحٌ بين الكاتبِ والجمهورِ، عندما يعلو الصخبُ وتتطايرُ البذاءاتُ والتلفيقُ فالظاهرةُ أكبرُ من التجاهلِ، إنهانمطٌ غيرُ سويٍ في التعاملِ، في الإنغلاقِ، في غيابِ التسامحِ مع الآخرين وتقبلهم. مطالعةُ التعليقاتِ بما فيها من تجاوزاتِ تُبعدُ القارئ الحقيقي عن المقالِ الأصلي أو تزهدُه تماماً في قراءةِ أية تعليقاتِ، فالأمرُ أصبحَ سباباً علنياً دون محاولةٍ صادقةٍ للفهمٍ، في أحيانٍ كثيرةٍ، هو سبابٌ من أول كلمةِ في المقالِ، أو لمجردِ اِسم الكاتبِ ولو أبدعَ. العديدُ من التعليقاتِ تأتي من أشخاصِ بأسماءٍ مُفبركةٍ، وبعباراتٍ ركيكةٍ محفوظةٍ مثل لست منهم لكني أقولُ الحقَ، أو زمن الرويبضة، مدفوعون هم لإرهابِ الكُتابِ والإيحاءِ بغلبةِ فكرِ بعينِه، وقد يتطوعون من تلقاءِ أنفسِهم بما يتخيلونَه غيرةً وحميةً للحفاظِ علي معتقداتٍ يعلمُ اللهُ كيف خُزِنت في رطوبةِ جماجِمِهم.

كثيرٌ من الكتابِ ينأون بأنفسِهِم عن المشاركةِ في هذه الأجواءِ العَطِنةِ، مُفضِلين الاِحتفاظِ بفكرِهم لمن يقدِرُه، قد لا يخرجونَه أبداً لنورِ النشرِ الإلكتروني، أو ينشرونَه في الصحافةِ التقليديةِ الورقيةِ ضيقةِ الانتشارِ ولو فيها  قيودٌ علي حريةِ الرأي والتعبيرِ، دأبٌ متأصلٌ في عالمِنا العربي ولو كانت صحفُه صادرةً في غيرِ بلادِ العربِ. اِنسحابُ الكُتابِ من الصحفِ والفضائياتِ يحققُ منفعةَ عُظمي، مُبتغاة، لأنصارِ الحجرِ علي الفكرِ والرأي،  وها قد رأينا كيف تردَت الإذاعة في رمضان بعد أن كانت سلطانةَ ما بعد الإفطارِ.
 
الإحصاءاتُ تؤكدُ أن 16% من سكانِ العالمِ العربي يتعاملون مع الإنترنت، من المؤكدِ أن منهم كُثرً من الشتامين المُلفِقين المَسحوبين. أجواءٌ فيها اِفتعالُ الانفعالِ والغيرةِ، فيها الدونيةُ والسوقيةُ، القراءُ الحقيقيون متباعدون، الساحةُ كالعادةِ يحتلُها ذوو الصوتِ العالي واللسانِ البذيء والدماغِ المُخَوخَة، حقيقةُ واقعنا، أكدتها الصحافةُ الإلكترونيةُ، شكراً لها.

في العالم المحترم، الإنترنت وسيلةُ علمٍ وثقافةٍ، أما عندنا فوسيلةُ بذاءةٍ وسوءِ سلوكٍ وتلفيقٍ، لم نسمعْ عن عقابٍ ولا ملاحقةٍ لمرتكبيها، هل سبُ رئيسِ الجمهوريةِ أولى بالمعاقبةِ من التطاولِ والتشهيرِ بأي مواطنٍ؟  

Twitter: @albahary

ليست هناك تعليقات: