الجمعة، 3 أكتوبر 2008

في الجامعاتِ الأجيالُ لا تتواصلُ..


انتقالُ المسئوليةِ من جيلٍ إلي الذي يليه سمةُ المجتمعاتِ السليمةِ، فيه الاعترافُ بسنةِ الحياةِ، بأن الزمنَ لا يدومُ لشخصٍ مهما بلغَ، لفئةٍ أياً كانت ثروتُها، لجماعةٍ ولو زادَ علمُها، لأسرةٍ حتي لو توحشَ سلطانُها. الزمنُ أزالَ امبراطورياتٍ، هزمَها، جعلَ فيها العظةَ والعبرةَ، السيادةُ لمن تعلمَ منه، من طَورَ دساتيرَه وقوانينَه لتتأقلمَ معه، من أنكرَه لا بديلَ عن انقراضِه واندحارِه وانكسارِه. عالمُ اليومِ شاهدٌ علي سيادةِ من اتعظوا واعتبروا وتعلموا، للأسفِ لسنا منهم ولا يبدوا في أي أفقٍ أننا سنكون من الفائزين. التمسكِ بالسلطةِ حتي الموتِ أصابَ مجتمعنا بلا رحمةٍ، عمِيتُ البصيرةُ عن أضرارِه القاتلةِ، لم يعدْ قابلاً للشفاءِ؛ مسئولون علي كراسي السلطةِ لعقودٍ، تلخلخَت أرجلُهم، ارتعشَت أياديهم، ثقُلََت عقولُهم، ثأثأت ألسنتُهم، ضعُفَ نبضُهم، خَفَت بصرُهم، ارتفعَ ضعطُهم، تيبسَت مفاصلُهم، مازالوا علي الكراسي جالسين، ولو كانت بعجلٍ، من كثرةِ ما أصابَهم غابَ عنهم التفكيرُ وتقديرُ الأمورِ.
مرضٌ عضالٌ ضرَبَ الجامعاتِ من ضمن ما ضربَ، مرضٌ اجتماعيٌ مُعدٍ، مثوارثُ في منطقةٍ تعيشُ علي الخرافاتِ والجهلِ، ولو ادعَت العلمَ وأقامَت له الزيناتِ والأفراحَ والليالي الملاحَ. فجأةً، أفاقَ من بالسلطةِ، لأسبابِهم، علي خطايا سيطرةِ بعضِ شيوخِ أساتذةِ الجامعاتِ، طالَ بهم الزمنُ فأفسدوا واستحوزوا ومنعوا من بعدِهم، لم يُعلِموا إلا ما يبيعونَه كتباً، لم يُدرِسوا وأرسلوا صبيانَهم بدلاً منهم، طوعوا لوائحَ الجامعاتِ بهواهِم ليستمروا، لم يبحثوا واكتفوا بوأدِ ما يليهم من أجيالٍ حتي يظلوا تحت كلِ ضوءٍ ومغنَمٍ ومنصبٍ، الكراسي كلُها لهم ولمحاسيبِهم، تغلغلوا، علي كل المستوياتِ في الجامعةِ وخارجِها، بفكرٍ مريضٍ، يدورُ حولَ تميزِ جيلِهم. صدرَ قانونٌ بتظيمِ وضعِ من تخطوا الستينَ والسبعين عاماً من أساتذةِ الجامعاتِ، وراءُه ما وراءُه من أسبابٍ، أصابَ ذوي الأخلاقِ منهم بخطايا من أفسدوا، ثارَت الدنيا نفاقاً علي ضياعِ كرامةِ الجامعاتِ وأساتذتِها، تناسي كاذبوا الزفةِ في غمرةِ ادعاءِ المواقفِ أن أجيالً من أساتذةِ الجامعاتِ حورِبَت وأُبعِدَت بفعلِ فاعلٍ من الأكبرِ سناً، عمداً وبكلِ الإصرارِ والترصدِ والأنانيةِ.
مع اختلاطِ الحقِ بالباطلِ، استمرَ تغلغلُ كثيرين من الذين استهدَفهم قانونُ تنظيمِ الجامعاتِ بعد أن طالَ بهم البقاءُ بما يفوقُ طاقةَ الزمنِ، دخلوا في دوائرِ مستشاري الوزراءِ، بوهمِ خبرتِهم، ارتدوا عباءةَ إصلاحِ الجامعاتِ وغيرِها وهم أكبرُ أسبابِ معاناتِها علي مدارِ سنين عملِهم بها وبعد بلوغِهم سنِ المعاشِ، وزراءٌ ومسئولون بفكرٍ محدودٍ أولوهم مسئوليةَ التفكيرِ عنهم، الإصلاحُ والتطويرُ، كيف وهم لم يُفلحوا أثناءَ عملِهم الطويلِ بالجامعاتِ وخارجِها؟ شاركوا بهمةٍ في إصدارِ قوانينًٍ وقراراتٍ تحتَ عنوانِ الإصلاحِ، هى واقعاً أستمرارٌ في مسلسلِ اعتادوه، الانتقامُ والإبعادُ لأجيالٍ بعينِها، ضمانُ شغلِ الكراسي بالمنافقين والتابعين الذين يضمنون لهم الاستمرارَ وطولَ البقاءِ. ازدواجُ شخصياتِهم يتبدي في ادعائهم العزةِ والكرامةِ والترفعِ في جامعاتِهم وكلياتِهم مع خنوعِهم التامِ خارجَها حيث يترأسُهم من يصغرونهم بما يدورُ حولَ العشرين عاماً، الفلوسُ والمغانمُ من اسفارٍ وعطايا تهون من أجلِها كرامةٌ كاذبةٌ مدعاةٌ. لم تغيرْ السنينُ من تكتلِهم لمحاربةِ من يتولي بعدَهم المسئوليةِ، لا بدَ أن يكون خاتماً في أصغرِ أصابعِهم، يجبُ ألا يقفُ أمامَ تجاوزاتِهم وإلا وُصِمَ بالنكرانِ والجحودِ، صوتُهم أعلي دائماً من عملِهم، لا زالوا يتصورون أن الجامعاتِ أبعادياتُهم، هناك من المسئولين من يضعفون أمامَهم، كراسي هذا الزمنِ، أعلي من قدراتِ شاغليها، في أحيانٍ كثيرةٍ.
المجتمعُ مريضٌ بداءِ انكارِ أن نقلَ السلطةِ دواءٌ، ولو كان مُراً، الجامعاتُ في ذاتِ المحنةِ، ما لها من براءٍ قريبٍ، الأساتذةُ الأجلاءُ تعففوا وابتعدوا احتراماً لماضيهم، اعترافاً بسنةِ الحياةِ، أما من شبوا من أساتذةِ الجامعاتِ علي خطيةٍ فشابوا عليها، ما زالوا يعيثون فساداً في كلِ مكانٍ، هكذا عاشوا وهكذا سيستمرون،،
لا حياءَ ولا رياءَ في الحقِ، لهذا كتبتُ وسأظلُ،

يوم السلام العالمى فى مكتبة الإسكندرية


بمناسبة يوم السلام العالمى (21 سبتمبر) قام مركز الفنون فى مكتبة الاسكندرية بعرض خمسة أفلام عالمية متميزة تتناول بعض القضايا الشائكة فى عالمنا المعاصر.
1) أرارات Ararat
هذا الفيلم الذى يحمل اسم الجبل الواقع عند الحدود الحالية بين أرمينيا و تركيا كتبه وأخرجه أتوم ايجويان الكندى من أصل أرمينى والمولود فى مصر.
من خلال سيناريو ذكى وبإحساس بالغ يتحدث الفيلم عن حرب الإبادة التى تعرض لها الأرمن فى عام 1915 وتأثيرها على الأجيال الأرمينية التالية التى انتشرت فى كل بقاع العالم نتيجة لها.
آخر أفلام هذا المؤلف/ المخرج عنوانه عبادة ِAdoration عن صراع الثقافات خاصة بين الشرق والغرب.
درجة الفيلم : 7.5 من عشرة
2) يونايتد 93 United 93
فيلم مثير ومشوق إلى أقصى حد عن احدى الطائرات المدنية الأربعة التى شاركت فى أحداث 11 سبتمبر 2001 . المتميز فى الفيلم هو المونتاج إلى جانب الإخراج والسيناريو بحيث تتوالى اللقطات بسرعة غامرة بالأحداث يلهث وراءها المشاهد من البداية للنهاية.
لم ينل الفيلم أية جوائز اوسكار من التى رشح لها والتى ذهبت لفيلم الراحلون The Departed . لكن نفس فريق العمل من المخرج بول جرينجراس والمونتير كريستوفر راوس حققوا اوسكار أحسن مونتاج لفيلمهم التالى The Bourne Ultimatum
.
درجة الفيلم : 8 من عشرة
3) صور مطموسة Redacted

رؤية خاصة و شخصية للمخرج برايان دى بالما لما يجرى فى العراق و لكنها رؤية سودوية و دموية كعادته فى أفلامه (The Black Dahlia, Scarface, Carrie) .
الفيلم يأخذ الشكل الإعلامى الحديث كالتحقيقات الصحفية المصورة والفيديو والإنترنت ويعتبر تجربة رائدة فى مثل هذه النوعية.
درجة الفيلم : 7 من عشرة

كما تم عرض فيلمين آخرين هما الفيلم الشهير غاندى Gandhi للمخرج الإنجليزى ريتشارد أتنبورو وأداء الممثل الكبير بن كينجزلى و الفيلم الجيد الأحد الدامى The Bloody Sunday للمخرج الإنجليزى بول جرينجراس والذى يتناول أحد أحداث الصراع الدائر فى ايرلندا الشمالية بشكل الدراما الوثائقية Docu Drama .

مهندس / دانيال تانيليان - سكندرى عاشق للسينما ومحب للفنون

الأربعاء، 1 أكتوبر 2008

في تشكيلِ اللجانِ العلميةِ للترقياتِ


أصدرَ الوزيرُ المختصُ بالتعليمِ العالي قراراً بتشكيلِ اللجانِ العلميةِ المختصةِ بفحصِِ أوراق أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ المتقدمين للترقياتِ. لم يُفهم كيف تمَ تشكيلَُ هذه اللجان، أسماءٌ ضُمَت لعضويتِها دون وضوحٍ لمبرارتِ العضويةِ، خاصةً وأن الانتاجَ العلمي لكل عضوٍ معروفُ تماماً، وأن الأداءَ في أحيانٍ كثيرةٍ لا يفضلُ أداءَ زملائهم الأقدمِ والأنشطِ البعيدين عن دائرةِ إصدارِ القراراتِ التي تثيرُ من الجدلِ ما يفوقُ أي شئ آخرٍ. الأمرُ ليس في تشكيلِ لجانٍ، فقد عزفَ أعضاءُ هيئةِ التدريسِ عن كلِ ما يمتُ لهذه النوعيةِ من القراراتِ ومصدريها بدرجةٍ جعلت من العملِ الجامعي وعلاقاتِه صنفاً من العبثِ. انعزالٌ سحيقٌ بين القرارتِ والواقعِ، بين متخذيها والمفترضِ أنهم زملاءٌ لهم، بين مصلحةِ العملِ الجامعي وحياتِه ومستقبلِه إن كان لهم من الاعتبارِ نصيبٌ وحتميةِ انكسارِه مما يتعرضُ له.
الشفافيةُ كالعادةِ كانت العنوانَ المستديمَ، قيل أن فيها تحقيقُ العدالةِ وراحةُ بالِ المتقدمين للترقياتِ من أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ، كلامٌ كالعادةِ كبيرٌ، لكن قبلُه الثقةُ الواجبةُ في القراراتِ وفي اللجانِ ذاتِها، أين هي؟ هل ثقةُ الغالبيةِ الساحقةِ من أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ المفترضِ تعاملِهم مع تلك اللجانِ خارجَ الاعتبارِ؟ جرَت السوابقُ أنها ليست محلَُ مراعاةٍ، هكذا أكدَت الشواهدُ، اتساقاً مع مرحلةِ معاندةِ الاتجاهِ العامِ وكأنها في حدِ ذاتِها هدفٌ لا محيدَ عنه. من الطبيعي والجو العامُ ملبدٌ غائمٌ أن تكونَ الظنونُ العامةُ صائبةً، اللجانَ هي من القريبين، الطاعةُ كلُها وكذلك الاستجابةُ، الترقيةُ لها قراراتُها ولها اعتباراتُها، ليست من شأنِ كلِ من هبَ ودبَ، عضويةُ اللجانِ ليست للكافةِ مهما كان شأنُهم، إنها قرارٌ سياديٌ، له من الأغلفةِ أساليبُها.
كيف تعملُ تلك اللجانُ وهي في محلِ نظراتٍ وهمزٍ ولمزٍ؟ كيف تخاطبُ قاعدةً غيرَ مقتنعةٍ؟ فيما سبقَ كان تشكيلُ لجانِ الترقياتِ، بما له وما عليه، معلوماً، لا يدَ فيه لوزيرٍ أو غيرِه، ألان أصبحَ التشكيلُ بلا سندٍ معلومٍ، كيف إذاً بشكوكٍ فيها تنجحُ وينصلحُ حالُ جامعاتٍ زادَت في الأونةِ الأخيرةِ معاناتُها؟ كيف يرتضيها أساتذةٌ لهم احترامُهم وتقديرُهم؟ أُطلِقَ علي اللجانِ قبلَ تشكيلِها إنها من المبشرين بالجنةِ، لما سيُحصِلُ من فيها من مكافآتٍ، أقاويلٌ يؤكدُ الوقتُ جديتَها ويجعلُ من ظنونِها يقينٌ.
الدائرةُ مغلقةٌ، لمن بداخلِها توزعُ العضوياتُ بالقطعةِ، في لجانِ ترقياتٍ، مجالسِ أمناءٍ، وغيرِها وغيرِهأ، علي من بالخارجِ الابتعادُ، البحلقةُ ومصمصةُ الشفاه، لا عزاءَ للجامعاتِ، للبلدِ كلِها،،

الأحد، 28 سبتمبر 2008

شعبٌ شامتٌ


انتقدَت الأقلامُ الحكوميةُ في الصحفِ والإعلامِ المشاعرَ المتشفيةَ للشعبِ فيما يحلُ من أحداثٍ مثل حريقِ مجلسِ الشورى واعتبرتها من عدم الانتماءِ ونكرانِ الجميلِ لما يُرادُ أن يُصورَ علي أنه اِنجازاتٌ وتطورٌ. الشماتةُ شعورٌ سلبيٌ يحملُ معاني الانتقامَ، انتقامٌ دون القيامِ به شخصياً، تُركَ للزمنِ وللآخرين، قد يكون بفعلِ فاعلِ أو مصادفةً، المهمُ أن يتمَ. الشماتةُ لغةُ العاجزِ، المقهورِ، اليائسِ، المتربصِ، تتحينُ لحظةَ الانفجارِ، إما في صورةِ مشاعرٍ جارفةٍ بالسرورِ لحدثٍ ما ضد من استحوذ علي كراهيةٍ عميقةٍ، وقد يتجاوزُ السرورَ إلي إيقاعِ المزيدِ من الضررِ مثلما حدَثَ في المحلةِ بعد اضرابات عمالِ مصانعِ الغزلِ.
تعجبت الأقلامُ الحكوميةُ من غيابِ النخوةِ في المصريين، تندرت بزمان وأفلامِ زمان، بأولادِ البلدِ الجدعان، لم تُراعْ أن الزمنَ تغيرَ، أنساها نعيمُها المعاناةَ العامةَ، كتمَ الأنفاسِ، انطباقِ الصدورِ. تِكرارُ أسماءٍ وصورٍ وأخبارٍ وتقاريرٍ بعينِها أصابَ الشعبَ بالمللِ، النفورِ، الرفضِ، لم يعُدْ يصدقُ ما يُنشرُ ويُزاعُ، قاطعَ كل ما يُمثلُ من جلسوا علي رأسِه وأقاموا وشيدوا وتوارثوا وباعوا واشتروا. شعبٌ يريدُ الحياةَ، لا يجدُ أبسطَ ما فيها، رزقُه شحيحٌ، يراه مع من لا يستحقون، يسرقونَه، يكذبون عليه، فاضَ كيلُه وطفحَ، شعرةٌ تفصلُه عن الانفجارِ، قبل أن يتحولَ انتقامُه من شماتةٍ إلي نيرانٍ.
ما أيسر اتهاماتِ الشماتةِ والنكرانِ والجحودِ، طالما أنها وسيلةُ الاستمرارِ علي الكراسي والتكويشِ علي المغانمِ والفرصِ؛ النكبةُ ليست فقط في توزيعِ الاتهاماتِ يميناً ويساراً ولأعلي وأسفل، إنها في التعميةِ عمداً علي واقعٍ يستحيلُ أن ينتهي نهايةً مُفرحةً، لا يوجد لها تصورٌ واحدٌ، لكنها جميعاً تؤدي إلي نفس الخاتمةِ، الفاجعةِ. غابَ الرأي، استُبعِدَ، حلَ محلَه النفاقُ، شهوةُ الكراسي والمالِ والسلطةِ، كلُ مسئولٍ لا يبغي إلا بقاءه، لأطولِ فترةٍ ممكنةٍ، وكأن الحالَ بلا انهيارٍ ولو مالَ. الشعبُ بعذرِه، لا يري الأملَ، نساه، كرِه التردي، ساءَ خُلقُه، فقدَ تسامحَه، ضلَ طريقَه، من فرطِ ما أساؤا إليه، في سيرِه وجلوسِه ونومِه، في أكلِه وشربِه، في أساسياتِ معيشتِه، في حريتِه.
الشماتةُ، ِشعورٌ سلبيٌ فيمن توفرَت لهم الكرامةُ، من اِحتُرِمَت أدميتُهم، لكنها حقيقةُ فيمن تبتلعُهم العباراتُ أو زوراقُ الهروبِ من جدبِ واقعٍ لا يُري منه مخرجاً قريباً،،

الأحد، 21 سبتمبر 2008

الحكومةُ الإلكترونيةُ


القريةُ الذكيةُ، مركزُ نشاطِ الحكومةِ، حكومةٌ إلكترونيةٌ نسبةٌ لمن يترأسُها. الذكاءُ الإلكتروني هو اِنجازُ الأعمالِ باستخدامِ تكنولوجيا الحاسباتِ الإلكترونيةِ من خلالِ البطاقاتِ الذكيةِ، ومن أمثلتِها بطاقاتُ السحبِ الآلي بالبنوكِ. من سِماتِ نظمِ التعاملِ الذكي التقليلُ إلي أبعد حدٍ من الاعتمادِ علي موظفين، فالمعاملاتُ تتمُ بين طالبِ الخدمةِ والحاسبِ الإلكتروني، سواء كان ألةَ حجزِ تذاكرِ أو استخراجِ شهاداتٍ وغيره وغيره. يوجدُ أيضاً المكتبُ الذكي والمنزل الذكي، حيث تُضاءُ الأضواءُ في أوقاتٍ محددةٍ ويتمُ تشغيلُ الأجهزةَ المنزليةَ بنظامٍ مُعينٍ وفقاً لبرامجٍ يُغذي بها الحاسبُ اللإلكتروني القائمُ علي إدارةِ منظومةِ العملِ. من الطبيعي أن يكون العملُ في المصانعِ كافة قائماً علي الإنسانِ الآلي الذي لا يكلُ ولا يملُ ولا يعرفُ وردياتٍ ولا حوافزاً ولا اعتصاماتٍ ولا اضراباتٍ.
كلامٌ جميلٌ فخيمٌ، أين حكومتُنا الإلكترونيةُ منه؟ سمِعنا عن بطاقاتِ التموينِ الذكيةِ، عن توزيعِ الخبزِ إلكترونياً، عن الحجزِ منزلياً في السككِ الحديديةِ والطيرانِ؛ حلو، لم نرْ شيئاً حقيقياً سوي طوابيرِ عيشٍ، قطارتٍ تتعطلُ ومحطاتِ سككٍ حديديةٍٍ لا تصلحُ للاستخدامِ الأدمي، طائراتٍ لا تقومُ في مواعيدِها، انتاجٍ بالحدِ الأدني. هل تجارةُ الأراضي التي تُمارسُها الدولةُ قبل الأفرادِ تدخلُ في بندِ النشاطِ المُستجدِ للحكومةِ الإلكترونيةِ؟ مستحيلٌ، فهي تجارةٌ قديمةٌ تقومُ علي الفتاكةِ والفهلوةِ.
أين إذاً الحكومةُ الإلكترونيةُ؟ الإجابةُ سهلةٌ واضحةٌ، لننظرُ إلي المواقعِ الإلكترونيةِ التي تُقدمُ الآراءَ ووجهاتِ النظرِ التي تحجبُها صحافةُ الحكومةِ الإلكترونيةِ، التعليقاتُ علي المقالاتِ الناقدةِ لها تكونُ بأقلامِ مرتزقتِها الذين يتعيشون علي فُتاتِها، مدفوعين للتعليقِ بالسبابِ تبريراً لخطاياها. الحكومةُ الإلكترونيةُ حلَت مشكلةَ بطالةِ الشبابِ بإجلاسِهم علي مقاهي الإنترنت لمتابعةِ ما يُكتبُ في مواقعِ الرأي الإلكترونيةِ، مدوناتٌ كانت أو صحفٌ، وظيفتُهم الردُ بأكلاشيهاتٍ ثابتةٍ علي ما يُنشرُ، ومع ضحالةِ ردودِهم وبغبغتِهم في كلِ المواقعِ ومع سوءِ سلوكٍ تدربوا عليه أصبحَ ما يرصون محفوظاً ممجوجاً مستهجناً فاضحاً للحكومةِ الإلكترونيةِ التي فشلَت في كل ما هو إلكتروني بحق، لم تُحدِثْ، لم تُطورْ، لم تُنظِفْ، لم تُخطِطْ، فقط أجلسَت شباباً بائساً علي مقاهي الإنترنت، كفاية عليها.
نموذجٌ لإدارةِ شئون الحكمِ يقومُ علي استخدامِ ألفاظٍ فخمةٍ لانجازاتٍ عدميةٍ، حكومةٌ إلكترونيةٌ أصبحَت مثارَ تندرٍ بكل من يمثلونها من أشخاصٍ وما يخرجُ عنهم من شطحاتٍ في المسلكِ والعملِ. إذا كانت هذه الحكومةُ إلكترونيةً، فماذا تكون الحكومةُ الأمريكيةُ واليابانيةُ والاسرائيليةُ والتايوانيةُ والماليزيةُ؟ لا أجدُ وصفاً غير الألبنديةِ نسبةً إلي الألبندا، الإلكترونيةُ واسعة زيادة، تُذكِرُ بأبهي العصورِ، بالشفافيةِ، سيادةِ القانونِ، الفرصِ للشبابِ،...، كفاية، مش ناقصة،،

الخميس، 18 سبتمبر 2008

الكذبُ والإدارةُ


الإدارةُ، فنُ تسييرِ العملِ في إطارِ القوانينِ واللوائحِ وأيضاً في حدودِ القواعدِ السلوكيةِ والأخلاقيةِ، بمعني أنه عند تطبيقِ القوانينِ واللوائحِ فمن الضروري أن يكونَ الهدفُ منها صالحَ العملِ، لا إضرارَ باشخاصٍ بعينهم أو تقريبَ البعضِ علي حسابِ زملائهم مع تفادي المكائدِ والدسائسِ والإيقاعِ بين زملاءِ العملِ. العملُ الإداري متعددُ المستوياتِ بدءاً من رئيسِ الوزراءِ مروراً بالوزراءِ وغيرِهم وغيرِهم.
مع شيوعِ مبدأ اسنادِ الكراسي الإداريةِ لأشخاصٍ تتوفرُ فيهم صفاتٌ شخصيةٌ أكثرُ منها إداريةٍ، سادَت في العملِ الإداري سلوكياتُ لا تقيمُ اعتباراً لأخلاقياتِ الزمالةِ ولوجوبِ اكتسابِ احترامِ المرؤوسين والزملاءِ، من الطبيعي أن يكذبَ رئيسُ العملِ، أن يدعي فعلَه كذا وكذا لمصلحةِ موظفٍ أو جهةِ عملٍ، وهو واقعاً لم يفعلْ أو فعلَ العكسَ تماماً. من المعتادِ في رئيسِ العملِ أن يسبَ وينضحَ لسانُه بكلِ ما بداخلِه من مثالبِ سلوكيةٍ ونفسية. النفاقُ وانعدامُ الرأي الذي يبديه رئيسُ العملِ لمن بيدِه المدُ له أو ترقيتُه يتناقضُ تماماً مع ما يبديه من فظاظاتٍ مع المحيطين به.
الوزراءُ علي سبيلِ المثالِ، لا يعنيهم إلا رضاءَ من عينهم، يُسرفون في التصريحاتِ التي لا يساندُها واقعٌ، منهم من يُثيرُ السخطَ العامَ باعتبارِه أحدِ مسبباتِ إبقائه، علي الأقلِ من وجهةِ نظرِه. لم يُنسْ بعد هتافُ فاشل، فاشل الذي ردَدَه المعلمون في وجهِ الوزيرِ، هتافٌ لا يتعلقُ بالوزيرِ وحدِه لكنه ضد نظامٍ كاملٍ يقومُ علي اختيارِ عناصرٍ يستحيلُ أن تؤدي في ظلِ مناخٍ عامٍ من الاحباطِ والفسادِ وقلةِ الحيلةِ علي مستوي الدولةِ والشعبِ، إضافةً إلي صفاتِها الشخصيةِ التي تجعلُ قبولَها علي مستوي العلاقاتِ الاجتماعيةِ مستحيلاً فما بالك علي مستوي العملِ.
للأسفِ، يتربعُ الكذبُ علي قائمةِ السلوكياتِ المرزولةِ التي اجتاحَت العملَ الإداري علي كافةِ مستوياتِه، يتناقلُه الإعلامُ وجهاتُ العملِ والمجتمعُ كلُه. مجتمعٌ اعتادَ الكذبَ فصارَ سلوكاً مألوفاً، لا يثيرُ الغضبَ، بل يجدُ التفهمَ، يمارسُه ببراعةٍ من غزا الشيبُ مفرِقَهم ومن المؤكدِ أن يورثونَه ولو حضوا علي الصراحةِ وادعوا غرسَها. عندما يُقابلك رئيسك أنا أرسلت لك الدعوةَ الفلانيةَ ولم تجدْها، فاعرف أنه يكذب عليك وأنه سبقَك بالكلامِ حتي لا تحرِجُه بعتابِك له علي تخطيك، هو لا يجدُ في الكذبِ غضاضةً بل يعتبرُه مهارةً ونصاحةً وسرعةِ بديهةٍ، الكذبُ أصبحَ مرادفاً لها. عندما يدعي رئيسك أن سمعَ عن رئيسِه كذا وكذا وكذا فاعلم أنه كاذبٌ وأنه يريدُ إضفاءَ مصداقيةٍ يفتقدُها في شخصِه وأقوالِه.
كارثةٌ والله، نظامٌ إداري تاجُه الكذبُ، الدويقة وقبلُها العبارةُ أبسطُ نتائجِه،،

الأربعاء، 17 سبتمبر 2008

ومالت الشجرتان..


أحرصُ منذ سنواتٍ علي صلاة الجمعةِ، نشاطٌ ديني وثقافي واجتماعي، أحسُ معه بأنني وسطُ البشرِ، أشعرُ بهم وأراهم، علي حقيقتِهم، ولو ادعي بعضُهم ورعاً ليس في طبعِه ولا في تصرفاتِه. أحياناً تكونُ الراحةُ النفسيةُ محصلةَ الجمعةِ، لكن ما أكثرَ ما خرجتُ منها بعدمِ سعادةٍ وبخجلٍ. أخجلُ من إمامٍ يجعلُ هدفَ الخطبةِ التهجمِ علي أبناءِ الدياناتِ الأخري وادعاءِ فهمِ معتقداتِهم أكثرَ منهم، كأن اللهَ أتي بها عبثاً ليُلهي بعضاً من الناسِ لا ليهديهم، ليلغيها ويغيرها بعد فترةٍ، ويزدادُ أسفي عندما يعلو صوتُ الميكروفون بالسبابِ والنعوتِ الحيوانيةِ المعروفةِ. هل خطبةُ الجمعةِ بهذا المفهومِ تحضُ علي الخيرِ والتآخي والتعايشِ؟ قطعاً لا، خاصةً وأن كلَ ما يُقالُ ينتشرُ، وتأتي ردودُ أفعالِه في صورةِ تنافرٍ وبغضاءٍ وإساءةٍ للخطيبِ من هذه الشاكلةِ ولمستمعيه تَلحقُ بديانتِهم بلا وجهِ حقٍ.
أما عدمُ السعادةِ فيأتي مما أسمعُ من أحاديثٍ لا تنضِبُ ولا يجِفُ مصدرُها، أواظبُ علي الجمعةِ منذُ سنواتٍ طوالٍ، ولا تكُفُ الأحاديثُ عن الظهورِ، لأولِ مرةٍ، مُستجدةٌ، مُستحدَثةٌ، كيف ومن أين؟ اللهُ والخطيبُ أعلمُ. أخرُ تلك الأحاديثِ ظلَ عالقاً بذهني ودفعني لكتابةِ هذا المقال الذي كان أسيرَ خاطري رافضاً الخروجِ، مفضلاً الصمتِ حتي تعذرَ واستحالَ. قال الخطيبُ أن النبي، صلي الله عليه وسلم، لما أرادَ قضاءَ حاجتِه في الصحراءِ اقتربَت منه شجرتان ومالتا حتي تُظللا عليه حتي قضي حاجتَه ثم استقامتا وتباعدتا. لم أفهم المغزي من الحديثِ، هل هو معجزةٌ؟ علي ما يحضُ؟ وهل تقتربُ منه شجرتان كلما أرادَ صلي اللهُ عليه وسلم قضاءَ حاجتِه؟ ذكرني هذا الحديثُ بأخرٍ لخطيب أخرٍ، إذ قالَ أن النبي صلي اللهُ عليه وسلمَ قالَ مِثلُ المؤمنين كشعرةٍ بيضاءٍ في ثورٍ أسودٍ أو كشعرةٍ سوداءٍ في ثورٍ أبيضٍ. لا تعليقَ مني، فكلٌ وما يأتي به خاطرُه.
مثلان لحديثين، غيرُها كثيرٌ، بعضُهما خطيرٌ فيما يدعو إليه من عنفٍ وتجاوزٍ لأعرافٍ اجتماعيةٍ مستقرةٍ، لن أرددُ ما وردَ بها، فهي مثارٌ للعديدِ والعديدِ من القضايا والفتاوي والبرامجِ الإعلاميةِ المتلهفةِ، ليس في عالمِنا بل في العالمِ كلِه، منها تخرجُ ردودُ الأفعالِ التي تحكمُ السياسةَ العالميةَ وبها تندفعُ تحركاتُ الجماعاتِ التي تعتبرُ الأحاديثَ َمن المسلماتِ واجبةِ الطاعةِ أياً كان مصدرُها.
الأمرُ جدٌ، الفضائياتُ أذاعَت ما كان مجهولاً منكوراً، ليس إماماً في جامعٍ أو زاويةٍ علي ملأٍ من عشراتٍ أو مئاتٍ، بل ملايينٌ من المصدقين ومثلهم من المتربصين. ومع غيابِ المرجعيةِ الإسلاميةِ الواحدةِ والتشتتِ المذهبي، ومع التلهفِ علي الشهرةِ والتربحِ علي مستوي الخطباءِ والإعلام بأنواعِه، أصبحَ من المستحيلِ وقفُ طوفانِ ما يُظهرُ بطنُ الغيبِ من أحاديثٍ.
لاغرابةَ فيما حلَ بالعالمِ الإسلامي من توهانٍ، فلا هو راغبٌ في تصحيحِ نفسِه، ولا هو بقادرٍ إن رغِبَ؛ أزمةُ فكرٍ وثقافةٍ، يشدهما الجمودُ بأقوي من مؤثراتِ عصرٍ لا مكانَ فيه لمن انغلقَ وتقوقعَ متصوراً أنه يملكُ مفاتيحَ الصوابِ والحقيقةِ وما عداه خارجَ الملةِ،،