السبت، 22 نوفمبر 2008

إصلاح أم تغيير؟


الإصلاح هو اِستبدال ما تَلَف مع الإبقاء علي الوضع الحالي، فإصلاح السيارة لا يؤدي إلي بيعها. أما التغيير فيكون عندما يستحيل الإصلاح لتلف كل الأجزاء والمكونات لدرجة يستحيل معها الاِستبدال، وهو ما يؤدي لزوماً إلي العطب والتوقف التام.هذه المقدمة مُستوحاة من واقع ما يتردد عن الإصلاح في المنطقة العربية. لطالما أسرفت الأنظمة العربية في رفع لافتات التغيير مع ميعاد أي انتخابات، ولو كانت وهمية. لم يحدث التغيير ولم تكن هناك انتخابات؛ اِستمر الركود، وأسِنت المياه في مجتمعات أحوج ما تكون إلي إعادتها للحياة.بعدما ثارت أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية، أشارت كل الاتهامات إلي المنطقة العربية لما فيها من بذور العنف والتعصب ورفض التجديد. بدا الإصلاح في المنطقة ضرورة تأكدت جدية التمسك بها مع إزالة طالبان من أفغانستان وصدام من العراق. الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ومن يُسمون أصدقاء لا يعرفون إلا الواقع، إلا مصالحهم؛ ليست هناك صداقات شخصية في مستقبل الأمم ولا اِستجابة لنصائح حكيمة. ليسوا سُذجاً، مراكز أبحاثهم هي التي تُقَرِر وتُحدِد الاحتمالات؛ الآراء الاِنفرادية ليست إلا دخان في ريح عاتية.نسيت الأنظمة العربية في صراعها من أجل البقاء التغيير الذي تغنت به، أصبح الإصلاح غُنوتها الجديدة. هل هي صادقة المشاعر في ترديدها لكلماتها؟ هل تكسب الوقت "بالحذاقة" ؟ قد يرحل ساكن الأبيض، وتبقي ريما علي أقدم عاداتِها، هل هو رهانها؟ هل مفهومها للإصلاح هو التعلق بأي قشة تُبقيها في السلطة؟ هل ستتذكر أن لها شعوباً فتطلقها في مظاهرات ضد الإصلاح الخارجي والممارسات الأمريكية؟ ما أكثر ما نادت الشعوب العربية بالتغيير، لم تُسمع، مغلوبة علي أمرها؛ أما الولايات المتحدة الأمريكية فقادرة وعازمة، أحلامُها أوامر.طول البقاء ليس له مكان في دنيا البشر، لكنه في المنطقة العربية واقع مفروض. تولي السلطة له قواعده وأُسسه الثابتة، لكنه في المنطقة العربية بالحيازة الطويلة. هل العالم بغافِل عما تعانيه هذه المنطقة؟ المنطقة العربية تدندن بالمساواة وحقوق الإنسان؛ ملآى هي بكل الانتهاكات والمظالم. إعلامُها يتغنى بالتاريخ، يُفبركه عند الحاجة، هل من شهود عليه؟ إذا صح هذا التاريخ الإعلامي لماذا تدهور الحاضر؟ لا إجابة، لا يوجد من يريدها، الاستمرار في الضباب هو الأنسب.محاولات الإصلاح المزعوم لا تكون بالأحاديث المستمرة، إنها بالأفعال؛ أين النتائج؟ من المؤكد أن الخلل موجود، في النوايا أولاً. لم يعُد هناك من يُصدق كلاماً و لا وعوداً، الشعوب المنسية والعالم القادر علي حد سواء.حرية الرأي ليسن بالمنع والقصقصة واِنتقاء من يكتبون بالطبلة. هل من إحصائيات صحيحة لكم المُرتَجع من الصحف؟ هل من تبرير صادق لتراكمها علي الأرصفة؟ هل ضربها الركود فيما ضرب؟هل يمكن نشر هذه المقالة في صحيفة حكومية عربية؟ قبل الختام والسلام، هل نحن بحاجة لإصلاح أم لتغيير؟ اللهم لوجهك نكتب،،

شاهدت في السينما


1) ماكس باين Max Payne
فيلم بسيط مستوحى هذه المرة من لعبة فيديو ومقدم فى هذا الإطار من حيث الخيال الواسع والمبالغات.
القصة التى تدور حول رجل شرطة ليس لديه ما يخسره ليست مبتكرة ودرجة الإبهار فى الفيلم ليست عالية نتيجة تركيز المخرج والسيناريو على الغموض والقتامة إلا أن تصميم ورسم المناظر ملفتا للنظر واضافا لمصداقية الفيلم.
الموديل الأوكرانية الأصل اولجا كوريلنكو التى اصبحنا نراها مؤخرآ فى افلام الأكشن Quantum of Solace و Hitman لها دور عابر فى هذا الفيلم أيضآ.
درجة الفيلم : 6 من عشرة

2) الخطة المضحكة Burn After Reading
أحدث أفلام الأخوان كوإن (Joel & Ethan Coen) اللذان حازا على جائزة الاوسكار الأخير عن فيلمهما No Country for old men.
هذه المرة يقدمان كوميديا سوداء حيث الشخصيات مرسومة بشكل كاريكاتورى لإبراز تجاوزاتها.
يمرح معظم الممثلين أثناء أداء أدوارهم خاصة براد بيت (فى نيو لوك) وجورج كلونى.
فيلم ظريف ولكن قيمته لا تتعدى قيمة ال سى دى محور قصة الفيلم.
درجة الفيلم : 6,5 من عشرة


3) عميل ذكى جدآ Get Smart
عودة شخصية العميل السرى الهذلى ماكسويل سمارت الذى ابتدعاه ميل بروكس وباك هنرى فى الستينيات وقدماه كسخرية من شخصية العميل جيمس بوند ومغامراته فى حلقات تلفزيونية حققت نجاحآ ملحوظآ.
الفيلم الجديد به مواقف ضاحكة ولكنها ليست كثيرة، كما يحتوى الفيلم كعادة مثل هذه الأفلام على اشارات ساخرة من شخصيات وأحداث أفلام أخرى، أما أداء الممثلين فى دورى العميل سمارت والعميلة 99 فقد كان مناسبآ.
الفيلم الذى عرض خلال الصيف حقق نجاحآ كافيآ لإنتاج جزء جديد.
درجة الفيلم : 6 من عشرة

مهندس / دانيال تانيليان - سكندرى عاشق للسينما ومحب للفنون

الأحد، 16 نوفمبر 2008

هيا نبلطج.. هيا نتحرش


التحرشُ بالإناثِ طفا علي سطحِ الأعيادِِ، طغَت أحداثُه علي أي أخبارٍ سياسيةٍ وغيرِ سياسيةٍ، أصبحَ هدفاً في حدِ ذاتِه، يَخرجون خصيصاً له، يُعدون ألفاظَه ومصطلحاتِه، يتدربون علي تصرفاتِه. مجاميعٌ تتساندُ، تجدُ في كثرتِها قوةً وشجاعةً، يتبارون في الانحطاطِ والسفالةِ، يرون في أفعالِهم شطارةً ومهارةً وخفةِ دمٍ، يُعبرون عن واقعِ مجتمعٍ، غرسَ فيهم هذه السلوكياتِ، علي كلِ مستوياتِه. التحرشُ فعلٌ يومي، لا يرتبطُ بملبسِ الضحيةِ ولا شكلَها ولا عمرَها، لكن بالنظرةِ للمرأةِ عموماً، إنها كائنٌ أقلُ من الرجلِ، لا يعلو لمستوي فهمِه وإدراكِه، مستباحٌ باعتبارِه مُسخرٌ بالطبيعةِ لخدمتِه ومزاجِه.
التحرشُ إن كان وليدَ بيئةٍ محرومةٍ بدرجةٍ فهو بدرجاتٍ نتاجُ ثقافةٍ تَعتبرُ المرأةَ تابعاً للرجلِ، حقوقُها محصورةٌ في القدرِ الذي تخدمُه به، وجودُها في الحياةِ تُقاسُ أهميتُه بما قدمَت له، يجب أن يذوبَ كيانُها فيه، أن تكون ملكَه، لا غرابةَ إذن إذا تطاولَ عليها بفعلٍ أو قولٍ، ومع ضياعِ الخطوطِ الفاصلةِ امتدَ التطاولُ من الأقربين إلي الغرباءِِ. مجتمعاتٌ لا تَري قوتَها إلا في الشطارةِ علي النساءِ، كلُ همِها في إخضاعِها وتأديبِها وتكتيفِها، ولو خابَ الرجالُ ونالوا من التلطيشِ ما لا يملكون له رداً ولا صداً. التحرشُ ليس رزيلةً مصريةً فقط لكنه زادَ فيها لانفلاتِ المجتمعِ ككلٍ، لغيابِ القانونِ، لعجزِه.
التحرشُ هو البلطجةُ، عملةٌ واحدةٌ، البلطجةُ سلوكٌ عام، يمارسُه المجتمعُ علي كافةِ مستوياتِه، السياسيةِ والدينيةِ والاجتماعيةِ. أهلُ الحكمِ يقمعون المعارضين، قبل المعارضةِ الحزبيةِ، يحتلون الشوارعَ بالتشريفاتِ، تصرفاتُهم فوقَ المساءلةِ، البلدُ ملكُهم، الإعلامُ، الفرصُ، الأكلُ والشربُ والسكنُ، لما لا يسيرُ علي مسلكِهم من يقدرُ؟ ميكروفوناتُ المساجدِ تقتحمُ البيوتِ، تغزوها، لا اعتبارَ لمريضٍ أو متعبِ أو طالبِ علمٍ، الشوارعُ تُحتلُ أيامَ الجمعِ لا اعتبارَ لسيارةِ اسعافٍ أو حريقٍ أو مُتجهٍ للمطارِ أو سكةِ حديدٍ، مركباتُ النقلِ العامِ تتوقفُ في وسطِ الطريقِ وكأنها ملكٌ شخصيٌ، الأموالُ تنهبُها شركاتٌ تزعمُ توظيفَها، ذبحُ الأضاحي في الطرقاتِ وكأن الأمراضَ والمشاعرَ خارجَ المراعاةِ، كلُ ما يُنسبُ لدينٍ يُقصدُ به في المقامِ الأولِ فرضُ أمرٍ كَرهاً. أما السلوكُ العامُ فمن فرطِ ما شاهدَ من المنتسبين للسياسةِ والدينِ تألفَ مع البلطجةِ، اعتادَها، امتهنَها، في القيادةِ، في البيعِ والشراءِ، البناءِ، في كل المعاملاتِ، لا احترامَ لكلمةٍ أو اتفاقٍ.
ليس تحرشاً فحسب، إنها بلطجةٌ متعددةُ المظاهرِ، تحرشٌ، سرقةٌ، قيادةٌ في الممنوعِ، تزييفٌ لكلِ الحقائقِ، احتقارٌ للقوانينِ، تارةً لأنها من صنعِ البشرِ وتارةً لأن هناك بشراً أعلي منها!!

الثلاثاء، 11 نوفمبر 2008

نصرة قوية يا أوباما..


أوباما، أسودٌ أمريكي، فازَ برئاسةِ الولايات المتحدة الأمريكيةِ، أقوي دولة في العالم، اختارَه البيضُ قبل السودِ، كفاءتُه أهلَته، بلا واسطةٍ، ولا أهلٍ ولا أقاربٍ، مقطوعٌ من شجرةٍ، لم يساندْه إلا مجهودُه واقتناعُ شعبٍ واعٍ ناضجٍ حرٍ. انتخابُه أيقظَ مواجعَ العالمِ كلِه، حتي أعتي ديمقراطيته، لم يصل أسودٌ بها إلي كرسي السلطةِ في أعلي مستوياتِها، تجربةٌ تثيرُ غيرةَ من يحسُ ويشعرُ ويفهمُ.
ردودُ الأفعالِ في عالمِنا العربي تفاوتَت ما بين الشارعِ والرابضين إلي الأبدِ علي كراسي السلطةِ. الشارعُ فرِحَ، تصورَ أن مع أوباما الحلُ للمظالمِ والمعاناةِ، في العراق وفلسطين ولبنان، سايرَه بعضٌ من الإعلامِ، اللاعبُ علي الأوتارِ الحساسةِ، أياً كانت، أما محتلو السلطةِ فلا همَ لديهم إلا كراسيها، بعثوا ببرقياتِ التهنئةِ، من المستبعدِ أن يؤثروا ولو بمقدارِ شعرةٍ، السياسةُ الأمريكيةُ لا تخضعُ لفهلوةِ العربِ ونصاحتِهم وشطارتِهم وحكمتِهم، ترسمُها مؤسساتٌ حقيقيةٌ حرةٌ، لا تتأثرُ بمن يجلسُ علي كرسي المسئوليةِ.
أوباما لن يغيرَ بين يومٍ وليلةٍ، لن ينحازَ للسودِ، لن يجاملَ دولاً أفريقيةً، مستشاروه خليطٌ من العاملين مع الرئيس الأمريكي الحالي وممن سيضيفُهم طبقاً لرؤيةِ حزبِه، أهمُهم العاملون بوزارةِ الدفاعِ والخارجيةِ، أقربُهم يهودي أدارَ حملتَه الانتخابيةِ بمهارةٍ. من ينظرون للسياسةِ الأمريكيةِ بمنظورهِم، بمفهومِ الحكمِ الأسري والعائلي والعشائري والطائفي غافلون، أعماهم نهمُ السلطةِ عن حقائقِ عالمٍ سريعِ التغيرِ، عاجزون عن استيعابِه، وكذلك الديناصوراتُ والسلاحفُ. قدمَ المجتمعُ الأمريكي نموذجاً في احترامِ الآراءِ المتعددةِ والأعراقِ المتنوعةِ، لو كان أوباما في بلدٍ عربيٍ لاشتغلَ في غسيلِ المواعينِ وارتدي ملابسَ السفرجيةِ وسكنَ أحياءَ العبيدِ، ولنرجعَ للأفلامِ العربيةِ القديمةِ وقبلَها الجديدةِ، إن كنا ننسي أو نتعامي. أحدُ زعماءِ الفصاحةِ العربِ قالََ منشكحاً أن أوباما سيكون ضد العربِ لأنه معقدٌ ومصابٌ بمركباتِ نقصٍ لسوادِ بشرتِه!!
أمريكا تخلصَت من العبوديةِ عبرَ تاريخِها القصيرِ، تأقلمَت وتطورَت، لذا ستسودُ وتسودُ أياً كانت أزماتُها، أما التجمعاتُ الإسلاميةُ والعربيةُ فعجزَت رغمَ تاريخٍ امتدَ لمئات السنين، اخفاقاتُه محفورةٌ منقوشةٌ مخطوطةٌ، انكارٌ لحقوقِ الانسانِ وتمييزٌ بالعنصرِ والجنسِ والدينِ والعقيدةِ واللونِ. تجمعاتٌ يستحيلُ أن تتغيرَ، مفهومُها للحياةِ يقومُ علي توهمِِ الأفضليةِ والتفوقِ، بلا أساسٍ حقيقي، لذا اندحرَت وتمزقَت وتفتَت وتخلفَت؛ تجترُ ماضي ضبابي غائمٍ وكأن فيه مفاتيحُ المستقبلِ الموعودِ، مصباحُ علاء الدين السحري، خزعبلاتٌ في خزعبلاتٍ، صراعٌ مع طواحينِ الهواءِ، مع نفسِها وجلدِها. مصادفةٌ، صورةٌ، دعايةٌ، إذا تولي مخالفٌ في الدينِ أو العقيدةِ أو اللونِ أو الجنسِ أو العشيرةِ أو الفصيلةِ، أو حتي في المزاجِ!!
لا تشتري العبدَ إلا والعصا معه، قيلَت نكايةً في كافور الأخشيدى لما تولي الحكمَ منذ مئات السنين، مازالَت، في امريكا سيتولي أي اخشيدي وأي كافور، ستلحقُ بها أوروبا والعالم المتحضرُ؛ ستظلُ التجمعاتُ الإسلاميةُ والعربيةُ في أوهامِ الأفضلِ والأخيرِ، ستزولُ، قبلَ قيامِ الساعةِ، لا عزاءَ، لمن يهتفون بنصرِ أوباما، من تغفيلِهم،،

الاثنين، 3 نوفمبر 2008

وكأنه حقيقي وبصحيح وبجد...


احتلَ مؤتمرُ الحزبِ الوطني هذه الأيام، زماناً ومكاناً، الشوارعُ تحملُ لافتاتِه، الإعلامُ يرسلُ كاميراتُه وميكروفوناتُه بالعشراتِ لنقلِ ما يجري في القاعاتِ الفخيمةِ التي استضافته. استنفارٌ للمواردِ، إعلامٌ، صحفٌ، طرقاتٌ، مجاميعٌ من البشرِ، الشئ لزوم الشئ، مصاريفٌ لا يُعرفُ مقدارُها؛ تجمعٌ ظاهرُه مؤتمرٌ للحزبِ، واقعاً لم يُرْ في ما سبقَه من مؤتمراتٍ غيرُ حياةِ الضنكِ والبؤسِ. بدلٌ سوداءٌ، كرافتات، وجوهٌ يبدو عليها الاهتمامُ والتركيزُ حينما تنصتُ ومتحدثون يرسمون الجديةَ والإلمامَ والصرامةِ، كلُه جدٌ في جدٍ، علي السطحِ. لم يجدْ المؤتمرُ صديً، لا في الشارعِ ولا في وسائلِ الإعلامِ الخارجيةِ، منتهي التجاهلِ، عدمُ الاكتراثِ، كأن شيئاً لم يكن، هل لتزامنِه مع الانتخاباتِ الأمريكيةِ؟ قطعاً لا، المقارنةٌ غيرُ واردةٍ، التجاهلُ متواصلٌ متعمدُ منذ بدأت هذه الحلقاتُ من المؤتمراتِ.
التسابقُ والتباري في اتهامِ المعارضةِ بالنباحِ ظاهرةٌ، إعلامُ الحكومةِ يستخدمُ مفرداتٍ علي شاكلةِ، فلان ألقي قفازَ التحدي، في وجه من؟! كلامٌ بلا مضمونٍ، مجردُ رَصِ خاناتٍ، لست من المعارضةِ، تحمِلُ كلَ مثالبِ الحزبِ الكاتمِ علي كلِ ما يطولُ، اتهامُها بتعويقِ مسيرةِ الانجازاتِ لا يتفقُ مع حالٍ بلا انجازاتٍ أو شحيحِها، مع سيطرةِ القلةِ علي كل الفرصِ، مع تدهورِ الأحوالِ الاقتصاديةِ، تهميشِ الجامعاتِ والعلمِ، توليةِ من لا يجيدون غيرَ إثارةِ التوترِ. تدَني وضعُ المصريين في بلدِهم فهانوا خارجَها، المصري يئنُ في كلِ مكانٍ، لم تَفتحْ له سوي الأرصفةِ أزرُعَها. المعارضةُ إذا هاجمت حزباً يسيطرُ بلا أساسٍ حقيقي فلا عتابَ عليها، الشعبُ كلُه يرددُ ما تنشرُه صحفُها حتي لو لم يقرأُها، إذا صرخَت، فمن قلةِ حيلتِها، من انكارِها، من المنِ عليها بأقلِ ما يجبُ.
الشعبُ، قبل المعارضةِ، لا يصدقُ ما يقالُ عن عدمِ التوريثِ، عن السياساتِ والخُططِ، عن المكانةِ والريادةِ، لماذا يُصدقُ؟ الثقةُ معدومةُ فيمن يحكمون، الحياةُ سنتُها التغييرُ، الحزبُ الكاتمُ لا يعترفُ به إلا عندما يُزيحُ من يعارضونه، من داخلِه أو خارجِه، مُنزهٌ هو عن التغييرِ، عن تركِ الحكمِ لغيرِه، لا يوجدُ من يُضاهيه عقلاً وفكراً وكفاءةً، هكذا يتوهمُ. من يعارضونه ليسوا بأفضلِ، مهما كانت شعاراتُهم، مهما اعتصموا وصرخوا وانتقدوا، زعيقُهم مبررٌ، سُدَت أمامَهم كلُ السبلِ، بلطجيةُ الحزبِ الكاتمِ يحاصرون أي رأي، في أي مكان، حتي علي الإنترنت، طبعاً، إنه حزبٌ حكومتُه زكيةٌ، يفهمُ كيف يردُ علي منتقديه، كيف يقضي علي بطالةِ الشبابِ، البلطجةُ بالعصي في الشوارعِ وبالسبابِ في مواقعِ الرأي الإلكترونيةِ.
نصبَ الحزبُ مؤتمرَه، هناك من يتركزُ دورُهم في الكلامِ أمام الميكروفوناتِ والشاشاتِ، هناك من يقومون بدورِ المنصتين باهتمامٍ، أخرون يؤدون مشاهدَ المناقشين، معهم ملفاتٌ كبيرةٌ ضخمةٌ، مكتوبٌ عليها عناوينٌ خطيرةٌ، الأزمةُ الاقتصاديةُ، حقوقُ الفقراءِ، السياسةُ الخارجيةُ، الأمنُ القومي، حقوقُ المرأةِ والطفلِ، الأوراقُ بداخلِ الملفاتِ بيضاءٌ، غير مهم، كلُه تمثيلٌ في تمثيلٍ، أدوارٌ علي مسرحِ قاعةِ المؤتمراتِ، بلا روح، المهمُ الأجرُ، وزارةٌ، إدارةٌ، سفريةُ، أرضٌ، فيلا، شقةٌ، كلُه خير.
زحمةٌ، كلٌ يغني علي ليلاه، الحضورُ ضروريٌ، أبعديةٌ، مصر،،

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2008

الجمعةُ الغرقانةُ!!


يومُ الجمعةِ 24/10/2008، يومٌ شهِدَ علي حالٍ يثيرُ الأسي لبؤسِ حاضرٍ ولغدٍ لا يبشرُ بكثيرِ أملٍ. بدايةً فقد استقللتُ قطار 922 من سيدي جابر إلي القاهرة في الثالثةِ وخمسٍ وأربعين دقيقةٍ، تلكأ وتكأكأ طوال الطريقِ، نمنا وصحونا ومايزالُ في أولِه، تمنينا ودعونا أن تُفكَ كربتَه، لم يحدثْ، غَضِبنا وتململنا وسَخِرنا، إلي أن وصلَ علي مَهلٍ في السابعةِ والنصفِ، بعد ساعةٍ ونصفٍ من موعدِه. السككُ الحديديةُ عنوانُ الدولِ، كلما تأخرَت عن مواعيدِها كان الدليلُ علي التخلفِ أكيدٌ فاضحٌ. سكك حديد مصر كانت منضبطةٌ وخابَت، خيبةٌ من حديدٍ، لا مواعيدُها ثقةٌ، ولا أداؤها، أحدُ الركابِ بعد أن وصلَ حمدَ ربنا شاكراً، الحمدُ للهِ أن التأخيرَ لم يكن لحادثةٍ، قضاءٌ أخفُ من غيرِه.
غادرتُ محطةَ رمسيس، بحثتُ عن تاكسي، تمنعوا وتمنعوا، تدلعوا وتبغددوا، قلتُ لنفسي سأتحركُ للأمامِ، قد تُفرجُ، أبدأً حتي وصلتُ إلي غمرة، استمرَ عشمي في الفرجِ حتي وصلتُ إلي العباسيةِ، في التاسعةِ والنصفِ مساءاً، تيقنتُ أن لا مجالَ لحسنِ النوايا، من المؤكدِ أن في الأمورِ أمورٍ، تشريفةٌ، حادثةٌ، اللهُ أعلمُ. المهمُ قلتُ الأملُ في سيارتي، ما حكَ جلدَك مثل ظفرِك، قدتُها من ميدان عبده باشا إلي كلية الشرطة، السرعةُ متر في الساعة، الدنيا متجمدةٌ، إذا سألت عن السببِ أجابَك الاستغرابُ والتجهمُ، الصمتُ في أحسنِ الأحوالِ. بعد ساعةٍ ونصفٍ من سيرٍ بسرعةِ السلحفاةِ اتضحَت الصورةُ، قبل بانوراما حرب أكتوبر، في شارع صلاح سالم، انتقلَ إليه المحيط بقدرة قادر!! علي السياراتِ عبورُه إذا أرادَت الوصولَ إلي المطارِ أو مصر الجديدة أو مدينة نصر، ما يقدرُ إلا ربُنا، سياراتٌ علي الصفين، منها من دخلَتها المياهُ وبلَطت في الخطِ، رفعَ أصحابُها سراويلَهم حتي الركبةِ، بعضهم جلسوا بداخلِها يتأملون حالَهم، شُلَ تفكيرُهم، أين سيقضون الليلَ. السياراتُ العفيةُ واصلَت سيرَها، ببطءٍ، الكلاكسات زغاريدُ نجاةٍ من مجهولٍ لا يُعلمُ له منتهي.
وصلتُ إلي مدينةِ نصر في منتصفِ الليلِ، بدأت رحلتي من الاسكندرية في الثالثةِ وأربعين دقيقة عصراً، أكثر من ثمانِ ساعاتٍ ضاعَت من عمرِ الزمن، ضاعَ ألافٌ منها، نحن محلك سر أو للوراءِ أو لتحتِ. الهند وصلت هذا الأسبوع إلي القمرِ، نحن بالبركةِ، وحسب الريحِ، لم يبقي شئ، مجردُ تجمعاتٍ معروفةٌ نهايتُها ،،

الاثنين، 20 أكتوبر 2008

تصويتٌ علي نشرِ صورةِ سوزان تميم مقتولةً!!


أجري برنامج القاهرة اليوم في مساء الأحد 19/10/2008 استفتاءً بين المشاهدين حول نشرِ صورِة للفنانة سوزان تميم بعد قتلِها. الظاهرُ استفتاءٌ والباطنُ تحريضٌ علي نشرِ الصورة باعتبارِها سبقاً إعلامياً يُتباهي به، إعلامٌ انتهازيٌ تجاريٌ يحضُ علي العنفِ باسم الاتعاظِ وكأن مشهدَ القتلِ أمرٌ يُتباهي بالسبقِ في إذاعتِه علي الملأ، وكأن الموضوعات انتهت ولم يتبقْ سوي نشرِ مثل تلك الصورِ. هل يُمكنُ لمحطةٍ اعلاميةٍ محترمةٍ أن تكررَ وتزيدَ في التكرارِ علي مدار ساعاتِ البرنامجِ حول سنذيعُ إذا أرادَ المشاهدون وسنتخذُ كلَ الضوابطِ لمنعِ جرحِ المشاعرِ الحساسةِ لكن غيرُنا سيذيعُ إن لم نفعلْ؟ مالك وغيرك؟ هل إذا سرق تسرق؟! إذا كذَبَ تكذبُ؟! كن محترماً واتركه لحسابِ الناس معه؟
طبعاً فرصةٌ لمدعي الفضيلةِ ونافخي التطرفِ للربطِ بين مقتلِها وممارسةِ الفنِ، وكأن الفنَ كلُه فسادٌ، وكأن القتلَ النهايةُ الطبيعيةُ لممارستِه!! إعلامٌ ينشرُ ثقافةَ القتلِ بالاستفتاءِ علي نشرِ صورِه وبالترويجِ لأراءٍ لا تجدُ غضاضةً في الدعوةِ إليه باعتبارِه جزاءً لا بدَ منه. العنفُ يوميٌ، يشكو منه المجتمعُ ويولولُ إعلامُ تلك الفضائياتِ من انتشارِه، نحيبُ ذئابٍ لا مدافعين عن مصالحٍ عامةٍ، مرتزقةٌ لا مهنيون. ما الفارقُ بين مقتلِها ومقتلِ أي إنسانٍ آخر؟ وأين حرمةُ الموتِ؟
الفضائياتُ تمادَت في جذبِ المشاهدين، تارةً بالفتاوي الشاطحةِ وتارةً بالموضوعاتِ المثيرةِ للغرائزِ دون اعتبارٍ لأخلاقياتٍ، المهمُ أكبرُ مشاهدةٍ وبالتالي إعلاناتٌ تسكبُ الملايين علي أصحابِها. كالعادةِ، فضائياتٌ تتكسبُ من مصر ومما يجري فيها بأدواتٍ مصريةٍ حتي تبدو صادقةً، أما مجتمعاتُها فتُسدَلُ عليها سُترٌ سوداءٌ داكنةٌ علي ما فيها من كل الخطايا والبلايا.
المخزي أن البعضَ رأي أن نشرَ صورِ صدام حسين بعد إعدامِه مبررٌ لنشرِ صورِ سوزان تميم!! ما الرابطُ بين الموضوعين؟! غمامةٌ لم تكلفُ تلك الفضائياتُ خاطرَها في ايضاحٍها. نشرُ صورِ صدام كان للتأكيدِ علي انتهاءِ عهدِه، مسألةٌ سياسيةٌ استُخدِمت فيها وسائلُها الاأخلاقيةُ، أما نشرُ صورِ سوزان تميم فتصرفٌ من فضائياتٍ تتاجرُ بانفتاحِ بمصر بوسائلٍ أيضاً لا أخلاقيةٍ.
هنيئاً لمذيعِ روحي روحي واللطافةِ والخفافةِ خبطاتُه وأداؤه المفتعلُِ؛ عصرُ الخواءِ يُعتادُ فيه سيطرةُ المسلكِ الهمجي، أمام الشاشاتِ وورائها، أما الحقيقةُ فلا وجودَ لها، ولا الحُرُماتِ،،