الاثنين، 26 يناير 2009

طبولُ النصرِ..


انتهَت مؤقتاً حربُ غزة، لا بدَ وللهدوءِ من نهايةٍ، لماذا؟ المقدِماتُ واضحةٌ، هي ذاتُها، بصخبِها، بمنطقِها في فهمِ الأشياءِ وتبريرِ الأفعالِ، ولو كانت في غيرِ محلِها. بعد الحروبِ يكون كشفُ الحسابِ، حسابُ الأرباحِ والخسائرِ، حماس خرَجَت منتصرةً، هكذا تقولُ ويرددُ نافخو النارِ في إعلامِهم، بكلِ أنواعِه. للنصرِ العربي معنيً آخر، مختلفٌ، اِختُزِلَ في تحملِ كلِ أنواعِ الضربِ، في المخابئ، في المدارسِ، في المساجدِ، في المنازلِ، المهم البقاءُ ضمن الأحياءِ، لا تقديرَ للحياةِ الإنسانيةِ، ولا للبؤسِ الإنساني، الشعاراتُ أولي، ولو ولَت إلي غيرِ رجعةٍ.
طبولُ النصرِ علا ضجيجُها، العدو اندحرَ وخابَت مخططاتُه، هكذا تحولَت هزيمةُ 1967 إلي نكسةٍ، ولو استمرَت أثارُها حتي اليومِ، هكذا انكسرَ صدام حسين في الوقتِ الذي بشرَ فيه وزيرُ إعلامِه من إحدي الخراباتِ بطردِ العلوجِ، هكذا اُزيح حسن نصر الله من جنوب لبنانٍ تعرضَ للتدميرِ والتخريبِ، هكذا ظهرَت مصطلحاتُ التمثيلِ المشرفِ بمعني الهزيمةِ بأقلِ قدرٍ من الأهدافِ، هكذا أصبحَت الهزيمةُ مقبولةٌ مبررةٌ، هكذا أصبحَ الخداعُ ركنٌ أساسيٌ في معيشةٍ تقومُ عليه، وحدِه. الانجازاتُ العربيةُ، كلامٌ في كلامٍ، هَجسٌ وفَشرٌ ونَخعٌ، لا انجازاتٍ ولا نجاحاتٍ، تبارٍ في السبابِ والاتهاماتِ، غرقٌ في الأوهامِ، أوهامُ الأفضليةِ، وجوبِ النصرِ.
أكدَت حربُ غزة أن العربَ هم العربُ، منذ مئات السنين، لم يتغيروا، لم يتعظوا، برغمِ ما في تاريخِهم من عبرٍ وعظاتٍ، لا يعتبرون بها، يتناسنوها، يؤولونها، حتي يتوهوا عن الواقعِ، يغرقون في ظلماتٍ من نسجِ أوهامِهم وخُيالاتِهم. في حربِ غزة تقاتلَ العربُ بكلِ الشراسةِ الإعلاميةِ، حتي مواقعِ الانترنت أكدت ما في الشارعِ العربي من رفضٍ لتعددِ الآراءِ، من بذاءةِ ما في الألسنةِ، من عقولٍ تيبسَت من فَرطِ كُرهِ التفكيرِ. الفضائياتُ العربيةُ تمثلُ قمةَ الخداعِ والتضليلِ والتزييفِ، فيها فهلوةُ العرضِ وسطحيةُ الطرحِ، مع افتعالِ اللطافةِ والظرافةِ والخفافةِ، روحي روحي روحي. العربُ ظاهرةٌ منها عرِفَ العالمُ كيف يتجنبُ الفشلَ، كيف بالعلمِ يرتقي، كيف يتقبلُ التعددَ والاختلافَ حتي يُكتبُ له الاستمرارُ.
احتفالاتٌ بالنصرِ من علي الخرائبِ والأنقاضِ، لم يحاربوا، لم يقاوموا، الشعبُ هو الوقودُ، هو الذي يعاني ويئنُ ويتعذبُ، بلسانِه يتكلمون دون أن يسألونَه أو يُشاوروه، علي أشلائه يطبقون نظرياتِهم وخلفَه يختبئون من النيران. الإنسانُ العربي بلا كرامةٍ علي أرضِه، مستباحٌ مُهمشٌ مُكبلٌ، اعتادَ المعيشةَ علي الهامشِ، قَنِعَ بنصيبِه، من فرطِ يأسِه وقلةِ حيلتِه، من شدةِ قهرِه، من اعتيادِه علي الأغلالِ، ولو آلمتَه وأدمتَه، أغلي أمانيه أن يفوزَ فريقُه في مباراةِ كرةِ قدمٍ، فقط لا غير، قبلَ رغيفِ الخبزِ وأنبوبةِ البوتاجاز، والكرامةِ.
ستستمرُ احتفالاتُ النصرِ والعروضُ العسكريةُ بصيحاتِها وطبولِها، ضاعَت المعاني، الهزيمةُ هي النصرُ، التراجعُ هو التقدمُ، وعجبي،،

الخميس، 22 يناير 2009

معارض مكتبة الإسكندرية - يناير 2009


معرضان جديران بالمشاهدة:

1- السراب والتأمل Mirage and Reflection
معرض لوحات زيتية مشترك للفنانة المصرية الدنماركية ليز علام Lise Allam والفنانة الدنماركية بيا أندرسن Pia Andersen (
www.piaandersen.com)
لوحات الفنانة ليز علام كلها تقريبآ من الحجم الكبير وتمثل أشخاص أحيانآ على شكل خيال أو طيف وأحيانآ أخرى على شكل "سلويت". تتميز معظم لوحاتها بخطوط رقيقة وإحساس عالى وإختيار جيد للألوان.
أعجبت خاصة باللوحتين الزرقاوتين واللوحة التى تمثل سيدة جالسة على دكة وخلفها سيدات مسنات.
أما لوحات الفنانة بيا أندرسن جاءت كلها على شكل واحد لكن فى أحجام وألوان مختلفة. لوحاتها عبارة عن طبقات أفقية تختلف فى سمكها فالجزء الأمامى أوسع من الخلفى وبينهما فاصل وهي مرسومة بالشكل التأثيرى وحسب اللون المستخدم يمكن للمشاهد أن يتخيل المنظر كما لو كان حقلآ أو بحيرة أو غابة وفى الخلف السماء. ألوانها جذابة ومتناسقة ولوحاتها تدعو للتأمل.

2- إنفجار Blow-Up
معرض صور من عالم النانو يجمع بين العلم والفن وينظم فى إطار إنطلاق عام العلم المصرى الإيطالى.
النانو تكنولوجى من أحدث التطبيقات العلمية والنانو يساوى واحد من المليارمن الوحدة.
فى الجانب العلمى من المعرض نكتشف من خلال الصور كيفية التصوير فى عالم النانو وكيفية وزن المواد النانوية وكيفية تشكيل سطحها سواء عن طريق الحفر أو الترسيب.
وحيث أن هذه الصور الإلكترونية ليست ملونة وإنما تظهر فى درجات متفاوتة الكثافة من اللون الرمادى يتم عادة إضافة الألوان لتوضيحها فتبدو فى بعض الأحيان كلوحات فنية جذابة. إلى جانب أن إختيار الكادر المناسب للصورة مثل جزء معين من سطح المادة قد يجعل منها أيضآ لوحة فنية جذابة. وإختيار اللون والكادر يمثل الجانب الفنى من المعرض.


مهندس / دانيال تانيليان - سكندرى عاشق للسينما ومحب للفنون

شاهدت في السينما


1) طلباتكم أوامر Yes Man

فيلم جديد للممثل جيم كارى من النوعية التى اعتاد أن يقدم فيها دور الذى يعانى من مشكلة ما فى سلوكه فى إطار كوميدى خفيف.
الفيلم لطيف وأداء جيم كارى مناسب لا مبالغة فيه ولااسفاف.
يقول أفيش الفيلم "كلمة واحدة يمكن أن تغير كل شئ". ربما! لكن المهم أن الفيلم ينجح فى دفع المشاهد للتأمل وجعله يشعر بالسعادة.
درجة الفيلم : 6,5 من عشرة


2)
العين المراقبة Eagle Eye

يطرح الفيلم موضوع يشغل بال الكثيرين خاصة بعد التطور التكنولوجى الهائل فى الحواسب ووسائل المراقبة.
الفيلم مثير الى حد ما لكن المشاهد يحتاج ليقتنع بقصته إلى خيال واسع يساوى على الأقل خيال كتاب السيناريو.
لم يبرز أحد من مجموعة العمل والشكل تجارى بحت.

درجة الفيلم : 6 من عشرة

3) المنتقم Punisher: War Zone

عودة شخصية المعاقب Punisher من سلسلة كتب مارفيل كوميكس Marvel Comics بعد أربع سنوات من الظهور لأول مرة على الشاشة الفضية. لكن هذه المرة جانب التوفيق مخرج الفيلم وممثل الدور الرئيسى حيث فشلا فى إظهار الشخصية بالشكل الملائم.
الفيلم بإيجاز شديد : قليل من الإبتكار .. كثير من العنف.

درجة الفيلم : 5,5 من عشرة

4) بابل بعد الميلاد Babylon A.D

فيلم تدور أحداثه فى المستقبل القريب حين تعم الفوضى ويغيب الأمن وتتصارع الجماعات للسيطرة على العالم.
مخرج الفيلم الفرنسى الذى قدم من قبل أفلام Gothika , La Haine حسنته الوحيدة هنا خلق جيد للمناخ الذى تدور خلاله الأحداث.
مع أن هدف بطل الفيلم إنقاذ العالم ( كما يدعى فى سرده للقصة ) إلا أن الفيلم بهذا المستوى لن يحقق شيئآ.
درجة الفيلم : 5 من عشرة


مهندس / دانيال تانيليان - سكندرى عاشق للسينما ومحب للفنون

الاثنين، 12 يناير 2009

نظامٌ يدفعُ الثمنَ..


الهجومُ الإسرائيلي علي غزة بعد إلغاء حماس للهدنةِ ومبادرتِها بإطلاقِ الصورايخِ، لم يأتْ بجديدِ، الحالُ هو الحالُ، العربُ هم العربُ، لا يتغيرون، العالمُ تغيرَ، اسرائيل وجدَت من المناصرين بأكثرِ مما كانت تحلمُ أو تتمني، في وضعِ دفاعٍ عن النفسِ هي، تردُ الإرهابَ، حرام المدنيين، إلي الجحيمِ حماس، هكذا قال الاتحادُ الأوروبي والولاياتُ الأمريكيةُ كعادتِها. العربُ مزقَ بعضُهم بعضَه، ما بين الخيانةِ والعمالةِ، لم ينطلقْ صاروخٌ من عابري المسافاتِ الطويلةِ، لا من إيران ولا من سوريا ولا من حزب الله، فنجرية كلام، لا أكثر، قطعاً الحال من بعضه في قطر واليمن.
مع كلِ خسائرِ تلك الحربِ الماديةِ والمعنويةِ يقفُ النظامُ في مصر علي قمةِ الخاسرين، المظاهراتُ ضده في الداخلِ والخارجِ، في دولٍ أجنبيةٍ وأخري عربيةٍ، في الفضائياتِ والورقياتِ، المرئي والمسموعِ، في مجلسِ الشعبِ المصري وفي الشارعِ. نظامٌ اِتُهِمَ، كما جرَت العادةُ، في ممارساتِه خاصةً ما يتصلُ منها بالقضيةِ الفلسطينيةِ، نظامٌ أخفَقَ في كسبِ مؤيدين، الأنطاعُ تجرأوا عليه، إعلامُه فشلَ في تجميلِه والترويجِ له، أقلامُه حالُها من حالِه، لا قبولَ ولا مصداقيةَ، كارثةٌ لمن يجلسُ علي كرسي السلطةِ. إذا كان للنظامِ مناصرون في الداخلِ لهانَت معاناتُه في الخارجِ، لكن عندما يتوحَدُ الداخلُ مع الخارجِ في الاتهاماتِ والمشاعرِ الكارهةِ فمن المؤكدِ أن الخطأَ فيه، يستحيلُ أن يكونوا كلهم عليه.
لماذا كَرِهَه الداخلُ؟ الإجابةُ ليست بالعويصةِ، طولُ بقاءٍ لا يبررُه ضيقُ معيشةٍ وقلةُ رزقٍ وفرصٍ، وزراءٌ ومسئولون أُجلِسوا بلا استحقاقٍ ولا كفاءةٍ، أثاروا من الغضبِ والنقمةِ بما يوحي أن تعيينَهم لا يُقصدُ به سوي الإلهاءِ العامِ، فئاتٌ أُفقِرَت حتي تُغلَقُ عقولُها، أعضاءُ هيئاتِ تدريسٍ بالجامعاتِ علي رأسِها، تضييقُ حرياتٍ وظلمٌ، تفاوتٌ اجتماعيٌ شاسعٌ، استهتارٌ بحقوقِ المصريين في الخارجِ، تبذيرٌ حيث يجبُ التقتيرُ وتقتيرٌ عندما يجبُ التبذيرُ، بلدٌ بلا مكانةٍ تليقُ به وتُرضي غرورَ شعبِه ، علمياً أو صناعياً أو اجتماعياً أو سياسياً.
الخارجُ لا يعترفُ إلا بالقوي داخلياً، لا بالعسكرِ والسجونِ، لكن بشرعيةِ البقاءِ والاستمرارِ، مقاعدُ مجلسِ الأمنِ المُجَدَد لن تُعطي جزافاً، إنما هي للأنظمةِ التي تستوفي معاييرَ احترامِ حقوقِ الإنسانِ أياً كان لونُه وجنسُه ودينُه وعرقُه. ريادةٌ ومكانةٌ، يُطنطنُ بها إعلامُ النظامِ، تنفيها المظاهراتُ ضده، احتقاره للشعبِ أبعده عنه، تصورُه أن في معاندتِه القوةُ والمنعةُ أفقده مساندتَه، نظامٌ بلا تأييدٍ داخلي كمن لا أهلَ له، بائسٌ، يتيمٌ، منبوذٌ، ضعيفٌ، ولو توهمَ غير ذلك.
مصر، تاريخٌ مبهرٌ، أما الحاضرٌ فمُقفرٌ والمستقبلٌ دامسٌ، لهذا كرهوا نظامَها، من الداخلِ أولاً، نظامٌ بلا سندٍ، لهذا دفعَ الثمنَ باهظاً، علي حسابِ المصريين، للأسفِ،،

الجمعة، 2 يناير 2009

لما تهاونَت مصر...


ألغَت حماس الهدنةَ وأطلقت صواريخَها علي اسرائيل، ردَت اسرائيل الصاعَ بمائة مثلِه، ولولَت حماس وناحَت عن الخيانة المصرية وعمالةِ نظامِ حكمِها. المظاهراتُ في الدول العربيةِ، بما فيها اليمن وقطر، تهاجمُ مصر وتقتحمُ سفاراتِها وقنصلياتِها، اختزلوا كارثة غزة في مصر وأدوارِهم في التهجمِ علي شعبِها ونظامِها.
مصر أصبَحَت الحائطَ المائلَ لكلِ نكبةٍ ومصيبةٍ ووكسةٍ، لا غرابةَ بعد أن فرطَ حاكموها في كرامةِ شعبِها، معاملةُ المصريين المهينةُ في دولِ النفطِ قوبلَت بلا مبالاةِ، رُفِعَت لافتةُ الشقيقةِ الكبري للتغاضي عن المعاملةِ بالمثلِ، للمحاسبةِ علي انتهاكِ حقوقِ المصريين وكرامتِهم، عَبارتين من السعوديةِ مقابل الطبيبين المصريين الذين نالا من الجلدِ ألف وخمسمائة ومن سنوات السجن عشرين، بلا محاكمةٍ حقيقيةٍ. انتهاكُ كرامةِ مصر جري عادةً، بدأت بالمواطنين العاديين الذين سافروا سعياً وراءَ لقمةِ عيشٍ، وطالَت النظامَ، مهمةٌ سهلةٌ بطولِ الممارسةِ واعتيادِها.
اسرائيل تردُ بما يجعلُ تجاهلَ ردِ فعلِها غباءً وتغفيلاً، من المؤكدِ أن حماس وقعَت فيه، كما سبقَها حزب الله، نفسُ الأخطاءِ، نفسُ الانغماسِ في الذاتِ، نفسُ تصورِ المقدرةِ، نفسُ انكارِها في الآخرين، طبعاً فهم كفارٌ لا قدرةَ لهم ولا عقلَ. احتكارُ الحقيقةِ والفعلِ والصوابِ، مأساةُ العقليةِ المتدثرةِ بشعاراتٍ قشريةٍ، تُرَدِدُها حركاتُ حماس، وقبلُها حزب الله وطالبان، للسيطرةِ علي الشعوبِ واخضاعِها، لم تفكرْ في طلبِ العلمِ ولا في حقوقِ الانسانِ في الفكرِ والعقيدةِ والحريةِ، غرقَت في فخاخٍ نصبَتها لنفسِها، حاربِت طواحينَ الهواءِ، جوبِهَت بواقعٍ يفوقُ قدرتِها، بدلاً من الوقفةِ مع الذاتِ بحثَت عن شماعةٍ، عن كبشِ فداءٍ، لا يوجَدُ إلا مصر.
مصر في نظرِِ الآخرين، نظامٌ بلا جماهيريةِ، شعبٌ بلا كرامةٍ، صورةٌ خلقَها النظامُ بإهدارِه حقوقِ شعبِه في الداخلِ والخارجِ، وأكدَها الشعبُ بتهافُتِه وراءَ المالِ، بالغشِ في المعاملاتِ، بالكذبِ واعتيادِه، الغني والفقير مُتساوين في المساوئ. الفضائياتُ العربيةُ تهاجمُ مصر علي أرضِها بمرتزقةٍ مصريين، تافهين، سطحيين، مُشخصين، كاذبين، مُخادعين، كله من أجلِ المالِ، ولو ادعوا أنهم إعلاميون، ولو افتعلوا المحاوراتِ والسبقَ والشجاعةَ. كيف تَفتحُ فضائيةٌ سعوديةٌ علي أرضِ مصر بابَها لمدعِ فكرٍ من أفاقي هذا الزمن كي يُهاجمُ وزيرَ الخارجيةِ المصري لأنه أخذ بيدِ وزيرةِ خارجيةِ اسرائيل؟! تساءلَ بانفعالٍ كيف سيقابلُ زوجتَه وماذا سيقولُ لها؟! أماراتُ الهيافةِ، نموذجُ لتفاهةِ العرضِ والتناولِ والأولوياتِ والفهمِ. من الطبيعي أن تُهاجمَ مصر علي أرضِها وخارجِها، بعربٍ ومصريين، كلُهم يرتزقون، كلُهم مُغيبون، كلُهم مُخربون.
ٍالخطايا والمخازي العربيةِ لا تري إلا ما يحدثُ في مصر، تُحملُها فوقَ طاقتِها، نظامُها مسئولٌ ومعارضوه، وكذلك شعبُها؛ يزايدون بعضهُم علي بعضٍ، يحتكرون الوطنيةَ وكذلك الحلولَ، منهم من يُدافعُ عن حماس باعتبارِها امتدادٌ لهم، نموذجٌ لما يخططون ويدبرون، يروقُهم قولُ اسماعيل هنية ألا استسلام حتي لو أُبيدَت غزة، طبعاً، حماس هي غزة، الشعبُ وقودُهم، لا إرادةَ له.
مصرُ ملطشةُ من لا ملطشةَ له، شماعةُ من لا شماعةَ له، المظاهراتُ ضدُها وكذلك الشتائمُ، ستستمرُ، الهزائمُ والنكباتُ العربيةُ، ستتواصلُ، باعتيادِ الكذبِ والشعاراتِ وخداعِ الذاتِ، بتصورِ جهلِ الآخرين وقلةِ حيلتِهم.
هاجَموا مصر وسَبوها، ثم ماذا؟! هل شَفوا عجزَهم وبؤسَ حالِهم؟! مرضٌ لن يكون البراءُ منه إلا إذا أحبَ المصريون مصر، نظامٌ، معارضون، شعبٌ،،

الأحد، 28 ديسمبر 2008

لا تراجع حتي لو أبادوا غزة...


غزة تحت النيران، صواريخ وقنابل اسرائيل حولت برودة الِشتاءِ إلي حرٍ قائظٍ، جعلت من ليلِه الطويلِ نهاراً ساطعاً؛ قتلي بالمئات، صراخٌ ونحيبٌ، استغاثاتٌ، تصريحاتٌ ناريةٌ، حتي الآن، علي الأقل. بدأت المظاهراتُ العربيةُ مصحوبةٌ باتهاماتِ العمالةِ والخيانةِ، دعواتُ القمةِ إياها علَت، لا بدَ من إثباتِ الوجودِ. إعلامُ الانتفاعِ والافتعالِ أطلقَ أصواتَه المتشنجةَ وأقلامَه المخادعةَ؛ نفسُ السيناريوهات، نفسُ المشاهدِ، نفسُ الأداءِ، نفسُ الأدوارِ، لا يتغيرون ولو تغيرَ الزمن، وراءَ كل نكبةٍ، هم منتحبوها، منتفعوها، مرتزقتُها. الأنظمةُ العربيةُ سخنت الأجواء الإعلاميةَ، تم تجييش المتظاهرين، شحذوا حناجرَهم، اسرائيل معتديةٌ جانيةٌ باغيةٌ. المعارضون لا يريدونها إلا فرصةً للظهورِ والمزايدةِ، همهُم أنفسُهم، لا حماس ولا غيرها، سبوبةٌ من ضمن، لا أكثر.
من الجاني؟ اسرائيل تري في هجومِها ردٌ علي صواريخ حماس، حماس وجدَت في صواريخِها دفاعٌ شرعي عن وطنٍ محتلٍ. وضعُ غزة منذ سيطرةِ حماس عليها تدهورَ من بؤسٍ إلي بؤسٍ، نظرةُ حماس للحكمِ باعتبارِه هدفاً في حدِ ذاتِه حصرَتها في ثقبِ إبرةٍ، خنقتها تصريحاتِها النارية وتخيلُها وجوبِ فرضِ نهجِها علي من حبسَتهم في غزة وعلي جيرانِها، شمالاً وجنوباً. لا العالمُ يقبلُها ولا امكاناتُها تسمحُ لها بنشرِها أو الدفاعِ عنها. ولي عهدُ الصراخِ في الميكروفوناتِ، استدرارُ التاريخِ وتأويلُه لا يصنعان الحاضرَ. حماس غرَقَت في بحورٍ عمقتها بأيديها، حاربَت طواحينَ الهواءِ، انتهَجَت العنفَ مُتوهمةً أن استخدامَه من حقِها، وحدها، به ألقت فتح من الشبابيك وتجبرَت عليها؛ عاشَت الأوهامَ، حشَدَت العروضَ العسكريةَِ الصارخةَ، تغنَت بصواريخِها التي قتلت خطاءً أطفالاً فلسطينيين، وصلَت في سكرتِها إلي إنهاءِ الهدنةَ مع اسرائيل. لم تفكرْ حماس في التحولِ من الشعاراتِ إلي السياسةِ، إلي المتاحِ، انهكَت نفسَها في نزاعاتٍ غيرِ قابلةٍ للانتهاءِ. لم تجلسْ حماس علي مقاعدِ المسئوليةِ عن شعبٍ، إنما جرَبَت فيه شعاراتِها، ساقَته بالعنفِ، سلَطَت إعلامَها لغسلِ الأدمغةِ، حتي الأطفال حاصرت عقولَهم برسومٍ كرتونيةٍ تحضُ علي العنفِ وكره الآخرين. نسيت حماس أن الحكمَ مسئوليةٌ، حفاظٌ علي الحياةِ، الإنسانُ لا يعيشُ بالشعاراتِ، ليس وقوداً لمغامراتِها وفأراً لتجاربِها.
إذا كانت حماس قد حسَبَت وفكرَت قبل أن تنهي الهدنةَ وتُطلِق صواريخَها فإما أنها علي قدرِ فعلِها فلا يحقُ لها التباكي والولولة، أو أنها لم تحسبْها ولم تفكرْ وتلك كارثةٌ. من المفترضِ أن حماس يقومُ عليها راشدون يُسألون عن أفعالِهم ويتحملونها، علي قدرِ فعلِها وردودِ أفعالِها لا بدَ أن يكونوا، أو فليصمتوا، ليجعلوا صواريخَهم في مخابئها، ليس لهم أن يطلبوا من الآخرين أن ينجروا إلي معاركِهم. اسرائيل تغولَت بالديمقراطية والعلم واحترام مواطنيها، الدولُ العربيةُ جمعاءُ داسَت مواطنيها، أفقدَتهم اتزانَهم النفسي، حماس ليست بمختلفةٍ، ولا حزبَ الله.
صرح اسماعيل هنية ألا تراجعٌ حتي لو أُبيدَت غزة، لم يقلْ لو أُبيدَت حماس، لقد استباحَ غزة وأهلَها وقوداً لسياساتٍ بلا تخطيط، لا غرابةَ في أن تتمادي اسرائيل، في أن تجدَ مبرراً ذهبياً للخلاصِ من حماس، العالمُ لن يلومُها، لا في مجلسِ الأمنِ، ولا في غيرِه، مصيبة،،

الجمعة، 26 ديسمبر 2008

الجودة وسنينها...


الجودةُ، كلامُ الصباحِ والمساءِ، قبل الأكلِ وبعدِه، علي ألسنةِ المسئولين، أُملي عليهم، رددوه، فيه الاستمرارُ علي كراسيهم. الجودةُ، سبوبةُ من لا سبوبةَ له، سلمُ كل مشتاقٍ، يبغبغون عنها بحُرقةٍ وانفعالٍ، لزومُ إظهارِ الإخلاصِ وحب مصر، طبعاً، همهمُ خدمتها بكلِ أنفاسِهم.
زيادةُ مرتباتُ أعضاءِ هيئات التدريسِ بالجامعات ِفي مقابلِ تواجدِهم، أحدُ شعاراتِ الجودةِ ومتطلباتِها، لم يتجاوبْ معه معظمُهم، لم يتقاض من ملأوا استماراتِ التواجدِ مليماً. من امتنعوا عن استيفاءِ الاستمارات اعتبروا أن من حقِهم التمادي في هجرِ كلياتِهم، استمروا في الجمعِ بين وظيفةٍ وأكثر، في الشركاتِ التي تدعي نقلِ التكنولوجيا وانشاءِ المعاملِ، مشاريعُها دعائيةٌ وهميةُ، تجذبِ أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ بالمالِ، من الطبيعي أن يعصوا كلياتِهم، أن يُكَوِنوا تكتلاتٍ للترويجِ لتلك الشركاتِ في كلياتِهم، أن يحولوا الكلياتِ لمراكزٍِ تابعةٍ لها. غسيلُ أوضاعٍ إداريةٍ فاسدةٍ، شركاتٌ تدعي نقلَ التكنولوجيا للجامعاتِ في مقابلِ الاستيلاءِ علي أعضاءِ هيئاتِ تدريسٍ أعياهم ضنكُ الحالِ وقلةُ الحيلةِ؛ أوضاعٌ تعلمُ بها إداراتُ الكلياتِ والجامعاتِ، عينُ العجزِ مكسورةٌ.
الجودةُ، مشاريعٌ بميزانياتٍ، بمكافآتٍ، هرولَ إليها من يحلمون بالكرسي، أي كرسي، هي اتحادُ الطلبةِ في الستينات، هيئةُ التحريرِ، الاتحادُ الاشتراكي، حزبُ مصر، والحزبُ الوطني، المهمُ أن تكون سكةُ وصولٍ، لا يهمُ المضمونُ، العبرةُ بالخواتيمِ؛ بها صعدَ الكثيرون، المناصبُ الجامعيةُ لهم، وما حولها. لا بد أن تتدهورَ العمليةُ التربويةُ والتعليميةُ، شُكِلَت لجانُ ترقياتِ أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ بما لا يُفهَمُ إلا أنه تقريبٌ وإبعادٌ، التفصيلُ واضحٌ، لا ضرورةَ للخوضِ فيه. أي جودةٍ وأعضاءُ هيئاتِ التدريسِ بالجامعاتِ لا يرون ما يدعو لبحثٍ علمي ولا يندمجون في مسرحيةٍ كرهوها.
الجودةُ تكون بالصدقِ في السياساتِ، باِعطاءِ الحقِ لأهلِه، من مارسوا العمليةِ التعليميةِ، من كانوا محلَ احترامِ وتقديرِ زملائهم، لا من هبطوا علي الكراسي، رجالاً ونساءاً، بدون استحقاقٍ إلا ما تراه جودةٌ لا تمتُ لصالحِ العمليةِ التربويةِ والتعليميةِ بصلةٍ، جودةٌ بفهومٍ خاصٍ مختلفٍ، جودةُ الإلهاءِ عن البحلقةِ فيما لا يجوزُ. الاحصاءاتُ العالميةُ المحترمةُ لم تضعْ الجامعاتِ المصريةَ في أي موقعٍ محترمٍ، محقةٌ، تفهمُ وتحللُ، ما عجزَ عنه أهلُ الجودةِ إياها. وللتذكرةِ، كنت أولَ من نشرَ تقريراً بأفضلِ خمسمائة جامعة علي مستوي العالمِ في جريدة الوفد بتاريخ 11/2/2004، وفي باب شباب وتعليم بأهرام 31/1/2005 بعد أن غيروا اسمي، طبعاً من مستلزماتِ الجودةِ وأمانةِ نسبةِ المجهودِ لأهلِه.
أعضاءُ هيئاتِ التدريسِ في يأسِهم وبؤسِ حالِهم، المعاملُ والمكتباتُ علي جفافِها وعناكبِها، المدرجاتُ بغبارِها وكراسيها المخلعةِ وبنوافذِها المكسورةِ، لم تصلها الجودةُ بعد، لا تُتوقعُ في القريبِ.
أولُ ما في أي جودةٍ يبدأُ بالاعترافِ بالعلمِ وأهلِه، لا جودةَ بالإعلامِ إياه، ولا بالسياساتِ التي لا تفهمُ إلا جودةَ استمرارِها، ولا بالمسئولين الذين لا يبتغون إلا جودةَ كراسيهم،،