الاثنين، 20 أبريل 2009

اُنصر نصر الله ...


دبرَ حسن نصر الله لمصر، التفويضُ الإلهي الممنوحُ له أعطاهُ حقَ الفعلِ بدونِ صدٍ وردٍ، أفعالُه لا حدودَ لها، طالما لم يجدْ من يصدُه، حددَ لنفسِه مجالاً جوياً في لبنان، تُسقَط الطائراتُ التي تتعداه، طائراتُ الجيشِ اللبناني طبعاً، الحربُ قرارُه المنفردُ وكذلك وضعُ أجهزةِ تنصتٍ في مطارِ بيروت، مروراً باِخراسُ المعارضين ونسفِ محطاتِ إعلامِهم، هو الكلُ في الكلِ. انتصرَ علي اسرائيل في لبنان، أُجلي من الجنوبِ واختفي عن الأنظارِ، معني جديد للانتصارِ. حواريوه يفخمونه ويمجدونه ويقدسونه، كل من يعارضُهم عميلٌ مأجورٌ مرتزقُ، هكذا تكون حرية الرأي واحترامُ النقدِ.
من فرطِ غرقِه في ذاتِه، استباحَ أراضيٍ ليست له، لم يعملْ من لبنان أثناء ضربِ غزة فليكن من مصر، ملطشةٌ هي، لا تحمي أرضَها من واضعي اليدِ، افتقدَ نظامُها التأييدَ الشعبي، لما لا يقامرُ فيها، سيهبُ المصريون طوابيراً خلفَه، هكذا غرِقَ في تخيلاتِه. لما انكشَفَ مستورُه تمحكَ في نصرةِ الفلسطينيين، حللَ كل تجاوزاتِه، حلالٌ له حرامٌ علي غيرِه، ليس للدولةِ المصرية عليه سلطانٌ. نموذجٌ لفكرٍ ينسبُ نفسَه للدين حتي يُخرِسُ كلِ فعلٍ وقولٍ، حتي تكونُ له العصمةُ من كل خطأٍ، بنفسِ المنطقِ يدافعُ عنه كلُ من يجعلُ الدينَ ستارَه، محاميه يتهمُ السلطاتِ المصريةِ بتعذيبِ الموقوفين، يروجُ أكاذيباً مع قلةِ علمِه بالتفاصيلِ، ما يهمُه أن نصر الله لا يُخطئ وأن مصر التي يحملُ جنسيتها مستباحةٌ.
فكرُ نصر الله ومن يتشيعون له، سنةٌ كانوا أم شيعةٌ، لا يعترفُ بسلطانِ دولةٍ ولا بحدودٍ، المهمُ أن تكونَ لهم الكلمةُ، أن يتسعوا ويتوسعوا لو لم يجدوا من يلمُهم، سكونُهم مؤقتٌ، متحينٌ، متربصٌ، خَبِرُهم عالمٌ يفهمُ ويحللُ، لكنهم لا يستوعبون، يتصورون أن حقَ الحركةِ لهم، وحدِهم. نموذجٌ جاهلي للتعاملِ مع عالمٍ جديدٍ، أكاذيبٌ تُروَجُ، تاريخٌ يُفبرَكُ، هزائمٌ تُحلي وتُعادُ تسميتُها، طالما وُجِدَ المخدوعون الناقمون الساخطون الرافضون، ما أكثرُهم في منطقتِنا، وطبعاً في مصر. ليس بمستغربٍ أن يصرخَ إعلامُ نصر الله ومن يزعقون معه، بارعون هم في السبابِ والاتهاماتِ والتزييفِ، لا مكانَ للحقيقةِ، تمثيلٌ في تمثيلٍ، الكاميراتُ مغريةٌ، ما أحلي الظهورَ كوطنيين مناضلين أحرار، ولو كانوا عبيداً، للتخلفِ والجهلِ والكذبِ.
الأزمنةُ تُعرفُ من وجوهٍ تُمثُلُها وتَدُلُ عليها، خاصةً عندما لا يخرجُ عنوانُها عن الانكساراتِ والاندحاراتِ؛ محامي نصر الله ينتصرُ له، سبوبةٌ وأسلوبٌ، بدأ منذ الجاهليةِ واستمرَ، اُنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، نصر الله أخوك، ولو مؤقتاً،،

الجمعة، 10 أبريل 2009

تعرفوا الهايف من إيه؟!


أوباما انحني لملك السعودية أثناء قمة العشرين التي عُقِدَت في الثاني من ابريل بلندن، الصحفُ الخليجية والفضائيات التي تعمل بفلوسها في مصر وغيرها شَغَلت اسطوانات الطبل والزمر والنفاق والابتذال؛ أوباما انحني أمام الكرامة السعودية العربية الإسلامية، حُلَت مشاكلُ العربِ المستعصيةُ، سيستيعدون حقوقَهم، لا بدَ من اعتذارِ الولايات الأمريكية عن خطاياها، عن غزو العراق، لا بدَ من حلِ مشكلةِ فلسطين، براءةٌ لبشير السودان من أنياب أوكامبو، ومفيش مانع من حل مشاكل االخبز وانقطاع المياه وجبروت الكفيل وفُجره.
انحناءةٌ بالغ فيها أوباما، لم تكن تعني له شيئاً، لن تُغير سياستَه ولو أرادَ؛ تفاهةُ المنافقِ، في الإعلام وغيرِه، تُعيِشُه في أسرِ مفرداتٍ اعتادَها دون أن يعنيها، المهمُ عنده لقمةُ عيشه، عيشُ السرايا والبغاشة والبقلاوة والهريسة بالمكسرات. العربُ هم العربُ ولو تغيرَ الزمنُ وفاتَهم وجري، يعبدون من ينافقُهم، لا يُحللون ويبحثون ويُدققون، كل ما يعنيهم مِلءُ بطونِهم وعيونِهم، القشرياتُ تَخدعُهم وتزغللُ عقولَهم النايمانة النعسانة؛ لم يثبُتْ أن انحناءةَ أوباما تعني موقفاً أمريكياً سياسياً، أفرَدَ لها إعلامُ النفاقِ والتهييجِ والإثارةِ والفتاوي مساحاتٍ وتأويلاتٍ وتعليقاتٍ، سهراتٌ من زرعِ الأوهامِ ونسجِ القصصِ عن غيرةِ من تجاوزوا الانحناءةَ، من يتنكرون للانجازاتِ، من لا يُوفون ولاةَ الأمرِ العربِ حقوقَهم، ولو كانوا طغاةً جبابرةً ظلمةً.
يستحيلُ توقعُ تغييرٍ في تركيبةِ الفكرِ في منطقتِنا، فكرٌ نمطيٌ متكررٌ، ولو عَبْرَ مئات السنين، الخلفاءُ أجزلوا لمن أشعرَ فيهم، حتي يومِنا هذا، تغيرَت مسمياتُ أهلِ السلطةِ ولم يتغيرْ ما قيلَ فيهم، ألم يُحبُ علي لطفي رئيس وزراء مصر السابق الرئيس "الويكا" لمجلسِ الشعبِ حب الفرخةِ للديكِ؟! ألم ينشكحُ رئيس مجلس الشعب؟! الفكرُ العربي يُجيدُ الرفضَ والسفسطةَ، يرفضُ الجديدَ المختلفَ، يتصارعُ لمباراةٍ في كرةِ القدمِ، لمشاجرةٍ بين مسلمٍ وغيرِه، ولو بغيرِ حقٍ، فكرٌ قَبليٌ جامدٌ، لا تُلَينُه شهاداتٌ علميةٌ مهما علَت، هي للزينةِ لا للتطبيقِ أو اعتيادِ النقاشِ والحوارِ.
أوباما انحني لملك السعودية، هل انحنت أمريكا أو غيرها؟ مستحيلٌ، حتي فلوس البترول أوشكت علي خسارةِ قيمتِها، إن لم يكنْ قريباً فمن المؤكدِ في المستقبلِ، بدائلُ البترول بدأ استخدامُها، سيقايِِضُ اصحابُ البترول العرب ما تحت أراضيهم مقابل المياه، من تركيا واسرائيل، لا بديلَ، لا مفرَ. اقتصادٌ عربي لا يقوم علي صناعاتٍ أو ابتكاراتٍ محليةٍ، فقطُ بيعٌ وشراءٌ، بيعُ بترول في مقابلِ كل شئ، خائبون حتي في التجارةِ، منتجٌ وحيدٌ تقوم عليه حياتُهم.

مساك الله بالخير يا شعبان عبد الرحيم، أحببت عمرو موسي بعفويةٍ، أما أهلِ الهيافةِ والتفاهةِ، فمرتزقةٌ حتي أعماقِهم، يؤولون بغرضٍ، سيستمرون طالما استمرَت العطايا،،

تخريب وتدمير .. باسم نقل التكنولوجيا


يحظرُ قانون العاملين المدنيين بالدولة الجمعَ بين وظيفتين، ويحددُ قانون الجامعات الانتدابات بما لا يزيد عن ثمان ساعات موزعةٌ علي يومين أسبوعياً. لكن مع تدني أوضاع هيئات التدريس المادية وترهل أوضاع الجامعات أحيلت القوانين إلي المخازن بالعلمِ التام لإدارات الكليات. نتيجةٌ لهذا الوضعِ المثيرِ لكل الآسي والأسف تجرأت بعض الشركات التي ترفعُ شعارَ نقل التكنولوجيا وتوظيف الخريجين علي تعيين أعضاء هيئات تدريس بها دون إتباعِ الإجراءات القانونيةِ والأخلاقيةِ الواجبةِ، فهي تُقيدهم عندها استشاريين أو عاملين نصف الوقت بينما هم واقعاً متواجدون بها كل الوقت وعلي سفرٍ في مأمورياتِها داخلَ وخارجَ مصر. المحصلةُ الختاميةُ، أوضاعاً إداريةً فاسدةً، يتواجد أعضاء هيئات التدريس هؤلاء بكلياتهم في أضيق الحدود، يتمردون عليها، تنقلبُ التزاماتُهم تجاه كلياتِهم إلي منحةٍ ومنةٍ وترفعٍ عن العمل وتفضلٍ به، تتشكلُ منهم تكتلاتٌ للدفاعِ عن مصالحِ تلك الشركات بالكليات.
ليس بمستغربٍ إذن أن تتجبر تلك الشركات، بمالِها تفرضُ قواعدَ كلِ الألعابِ، تغسلُ الأوضاعَ الإدارية الفاسدة التي خلقَتها في الكلياتِ باتفاقاتٍ توقعُها معها بشهودٍ من وزارة التعليم العالي و"الجودة"، في بنودِها انفاقٌ علي مشاريع التخرج، دعمُ المعاملِ والمختبراتِ، تقولُ أن فيها نقلَ التكنولوجيا، علينا أن نصدق، طالما ظلت الجيوبُ خاويةً، طالما إن إداراتِ الكليات مغلوبةٌ علي كلِ أمورِها، حتي فيما يتصلُ بأخلاقياتِ احترامِ الطلابِ لأساتذتِهم وللمناخِ الجامعي ككل. المؤتمراتُ الوهميةُ والأخبارُ المدسوسةُ في الصحفِ تنهمرُ عن الاسهاماتِ العلميةِ في دعمِ البحثِ العلمي والجامعات، تعلو صورُ الافتتاحاتِ والجلساتِ والندواتِ والنقاشاتِ، ملايين مهدرةٌ علي زيفٍ في زمنِ الزيفِ. تحولَت الكلياتُ ومعاملُها إلي فروعٍ لتلك الشركاتِ، الطلبةُ وبقايا البحث العلمي تُوجه لها، أيدي عاملةٌ مجانية ٌومعاملٌ تُخزن بها الأجهزةُ التي تخدمُ سياساتِها، لو أفادت الكليات في السكة ماشي.
انقلبَ الأصلُ، تحولَ العملُ في الجامعاتِ إلي عملٍ إضافي في وقتِ الفراغ من شركاتِ تخريبِ الجامعاتِ، ولو ادعَت بفلوسِها غير ذلك، العاملون بها من أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ تغيرَت سلوكياتُهم وألفاظُهم إلي ما يتداولُ في الأسواقِ والنواصي، اِسكُت يا عم الحج، أنا بضرب بما في رجلي، بَحلقة وتَلعيب حواجب، نظرات من فوق لتحت، معارضة لإثبات التواجد، ترويج كلام فارغ وشائعات، وغيره وغيره مما يُري في كل شارع وحارة وزقاق.
هانت الجامعات الحكومية بعد أن تردت أوضاع هيئات التدريس المادية وانعدمت الميزانيات التي يمكن أن تخصص لها، بعد أن تولي شئونها من لا يبغون إلا المناصب، بعد أن أُبعِد أعضاءُ هيئات التدريس وأُقصوا ونُحوا.
وأسفاه وكل سلامي للجودة إياها وللتربية والتعليم والبحث العلمي الذي أفردت له المؤتمرات والندوات، ومع رثائي علي كلِ منافقٍ طأطأ راسه في انتظارِ كرسي من كراسي الجودة، جودةُ الفشلِ والاخفاقِ والغشِ والكذبِ،،

الخميس، 2 أبريل 2009

كحكُ ما بعد قعدةِ الدوحةِ..


اجتمعَ أولو أمرِ العربِ في الدوحةِ، بعضُهم، حتي لا يزعلُ البعضُ، جلسوا وقعدوا، تناولوا القهوةَ في فناجينٍ صغيرةٍ، لا بد أنها شديدةُ المرارةِ ومن الجائزِ أن تكون شديدةُ الحلاوةِ، ما علينا، ماذا أضافَت القعدةُ، لا شئ يبدو واضحاً ولا يبدو أنه سيبدو. غريبٌ أمر العرب، قبل قعداتِهم تنهمرُ آمالُ إعلامِهم عن المصالحةِ وتوحيدِ الصفوفِ وشحذِ الهممِ، إعلامٌ مغيبٌ مزقوقٌ؛ أما إعلامُ من هم ضد القعدةِ فيسيرُ في اتجاهٍ آخر، مخالفٍ تماماً، يروي الحكاوي عن حكمةِ المقاطعةِ وعن الكرامةِ التي حُفِظَت، مسحوبٌ أيضاً لكن من ذيلِه.
لم أفهمْ كيف حُفِظَت الكرامةُ بعدمِ الاهتمامِ بقعدةِ الدوحةِ، مع يقيني بتفاهتها ككلِ سابقاتِها، الكرامةُ أكبرُ بكثيرٍ من عدمِ الاهتمامِ، إنها في توفيرِ حياةٍ كريمةٍ للمواطنين تحترمُ أدميتَهم، تعدديتَهم، حريتَهم، لا تلقيهُم فريسةً لأسماك البحرِ بعد أن ضاقَت بهم بلادُهم، لا تتركُهم أزلاءَ تحت رحمةِ كُفلاءٍ فَجَرةٍ. شعاراتُ الشقيقةِ الكبري لا تصادفُ هويً لا في مصر ولا خارجها، رُدِدَت كثيراً للتغاضي عن إهانات المصريين في كل مكان، نُحييَت جانباً عندما تعلَقَ الأمرُ بالتطاولِ علي النظامِ السياسي؛ كم كنت اتمني أن تُقاطعَ القعداتُ كلُها إذا مُسَت كرامة أي مصري، وقتها لن يكون للجرأةِ علي مصر منفذٌ.
الإخوةُ العربُ من أولي الأمر لا يجدون لهم نصيراً أو راعياً إلا هوجو شافيز الرئيس الفنزويلي، لم يدعوه للقمةِ، يتخيلون أنه يُدافعُ عن قضاياهم، نسوا كدأبِهم أنه يتحركُ بأولوياتِه، أنه لا يفكرُ فيهم بل علي العكسِ قد يكِنُ لهم ما لا يَسُرُهم. في القعداتِ العربيةِ مهرجاناتٌ للخطابةِ والأزياءِ والدلعِ في المشيةِ، فيها الشعرُ الطويلُ المفرودُ المصبوغُ، فيها الذقونُ المتنوعةُ، أكيد للعطورِ الفواحةِ وجودٌ وإن لم تنقلها الصورُ. قعداتٌ مسرحيةٌ هزليةٌ، ما فيها إلا الخناقاتُ واصطناعُ المواقفِ والبطولاتِ، أبطالٌ علي بعضِهم البعض، مُستأنسين جداً مع أي من هَبَ ودَبَ.
حقيقي زَهِقنا وطَهِقنا، نحن الرعايا، جلسوا علي أنفاسنا وما مَلّوا، جابونا لأخرِ كلِ الصفوفِ ومازالوا علي وعودِهم بالديمقراطيةِ وحقوقِ الإنسانِ والتقدمِ والرفاهيةِ، بعد العيد لا يُعجَن الكحك، لم يُرْ في قعدةِ الدوحة عيدٌ، لنأكلُ الكحكَ من باب تَخَيُل الأعياد، طبعاً لو معنا فلوسه،،

الجمعة، 20 مارس 2009

كوندوليزا .. كمان











في مقالٍ سابقٍ بعنوان كوندوليزا العانس تعرضت لمن يفسرون عنوستَها بغضبٍ من الله، لما في ذلك من تسطيحٍ للأمورِ وهويً يجافيان المنطقَ والواقعَ ويتجاهلان طبيعةَ الأشخاصِ والمجتمعاتِ. لم يطفْ بذهني كمُ الرسائلِ الإلكترونيةِ المعترضةِ علي العنوانِ وكأنني أُعايرُها أو أتشفي فيها، لم يتطرقْ المعلقون إلي ما ذكرتُه من صفاتٍ ومهاراتٍ فيها ولا إلي فسادِ منطقِ من يرون في عنوستِها نقيصةً تلحقُ بالمرأةِ لا الرجلَ.
بدايةً لا بدَ من شكرِ القراءِ، فهم روحُ المقالِ عندما تعفُ ألسنتُهم، أما الإيضاحُ فهو واجبُ الكاتبِ وقدرُه. أهمُ ما يلفتُ النظرَ، التعلقُ بالعنوانِ قبل الدخولِ في المقالِ أو متابعتِه للنهايةِ، وهي ظاهرةٌ فيها ما يجبُ الوقوفُ أمامَه؛ من يُعلقون علي المقالِ من عنوانِه، يتصورون أنه يغني عن القراءةِ حتي آخرِ كلمةٍ، يتسرعون في الحكمِ، يستنتجون الخلاصةَ، وبسرعةٍ يُعلقون. عموماً الشكرُ لهم علي المتابعةِ في زمنٍ عزَت فيه القراءةُ، خاصةً في الصحافةِ الورقيةِ بما فيها من حجبٍ ومنعٍ وقصٍ ولزقٍ.
فتحَ المقالُ الأولُ عن كوندوليزا بابَ النظرةِ للمرأةِ في مجتمعات الشرقِ، النظرةُ إليها باعتبارِها في مرتبةٍ أدني من الرجلِ، فإذا رفضَت الزواجَ فلعيبٍ فيها ولقصورٍ أعفا عنها الرجالَ؛ وماذا عن الرجالِ الذين لا يتزوجون؟ هل هم علي أكملِ أوصافٍ وخصالٍ وخسرَتهم النساءُ؟ نظرةٌ فيها من ازدواجيةِ المنطقِ وجفافِه، فلكلٍ أولوياتُه، رجلٌ كان أم إمرآةٌ، هناك من يفضلُ العملَ والدراسةَ ويُبَديهما علي الزواجِ، هناك من يري في الوحدةِ والهدوءِ سلويً ورفقةً، هناك من تجبرُه ظروفُه علي تأجيلِ الزواجِ حتي يغادرُ قطارُه المحطةَ، هناك وهناك وهناك من الأسبابِ التي تمنعُ الزواجَ أو تؤخرُه للرجالِ والنساءِ علي حدٍ سواءٍ. ما أكثرُ ضحايا الزواجِ من النساءِ، زواجٌ متعجلٌ، أو لمجردِ إرضاءِ المجتمعِ؛ هل تضحي المرأةُ باستقرارِها النفسي والصحي لمجردِ أن تكون علي ذمةِ رجلٍ خيالُ المآتةِ منه أفيدُ؟ هل ينحصرُ طموحُها في انتظارِ بسلامتِه حتي يحنُ عليها بنظرةٍ أو بأكلةٍ؟ إذا قبِلَت فهي حرةٌ، وإذا رفضَت فهذا حقُها، ليس للمجتمعِ أن يلومَها أو يُعايرَها. لم يثبتْ علمياً أن الرجالَ أذكي من النساءِ، لكلٍ امكاناتُه ومهاراتُه، وإذا كانت أضعف عضلياً في الأقوي احتمالاً وصبراً.
المقالُ الأولُ عن كوندوليزا قُصِدَ منه المضللون والمرتزقةُ لا العنوسةَ، فكوندوليزا إمرأةٌ ناجحةٌ، إنها بكلِ من يهاجمونها ويوضعون علي كراسي أكبرَ منهم، دخلَت التاريخَ رغماً عنهم، بينما انحصروا في أسرِ أدمغتِهم والسبوبةِ التي تجُرُهم.
المقالُ لا يعرفُ من عنوانِه، مع شكري،،

الجمعة، 13 مارس 2009

آآه يا خوفي..


نشرَت إحدي الصحفِ اليوميةِ عنواناً كبيرأ بتصريحٍ لوزير التعليم العالي، نفكرُ في إعادة أستاذ الكرسي، تصريحٌ مرعبٌ يعكسُ فكراً بعينِه، فكرُ من يعين في المقامِ الأولِ. ذكرني هذا التصريحُ بمقالٍ في باب الشبابِ والتعليمِ بإحدي الصحفِ القوميةِ واصفاً الوزيرَ ومن حولِه بالخلطةِ السريةِ، إناسٌ يعملون في الخفاءِ ظناً أنهم يُدارون علي شمعةِ انجازاتِهم وتجلياتِهم.
لكن قبل أن ندخلَ في موضوع نفكرُ في إعادةِ أستاذ الكرسي، لا بدَ أن نعرِجَ أولاً علي الفكرِ الذي وضعَ علي الكراسي من يثيرون القلاقلَ واللغطَ والغضبَ، والانشغالَ. ما أمر وأكثر ما حملَته الفترةُ الأخيرةُ من اضراباتٍ واعتصاماتٍ، في جريدةِ الأهرامِ وقبلَها من الصيادلةِ وسائقي مقطوراتِ النقلِ، من العاملين في معاهدِ البحوثِ ومن أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ بالجامعاتِ ومن المحامين وغيرِهم وغيرِهم. وضعٌ متفجرٌ فيه من المخاطرةِ التي تصلُ لدرجةِ المقامرةِ، المخاطرةُ بإثارةِ أكبرِ قدرٍ من شغلِ الرأي العامِ وإبعادِه عن السياسةِ الداخليةِ منها والخارجيةِ، حتي إذا خرَجَت الأمورُ عن السيطرةِ يظهرُ القرارُ الشجيعُ بحلِ المعضلةِ أو تسكينِها. سياسةٌ كتلك لا بدَ وأن تقومَ علي مسئولينٍ علي قدرٍ من الموهبةِ في إثارةِ الرأي العامِ بأفكارِهم الغريبةِ قبل أن تكون صحيحةٍ وبجِلدٍ سميكٍ يصمدُ للنقدِ مهما اشتدَ وحمي وجرَحَ. علاقةٌ غيرُ سويةٍ تقومُ الآن بين الشعبِ وحاكميه، فيها التربصُ والكراهيةُ المتبادلةُ، بدأها من حكموا عندما تصوروا أن في الشعبِ هطلٍ وعجزٍ عن فهمِ ما يُدَبرُ بنهارٍ وليلٍ.
عودةٌ إلي نفكرُ في إعادةِ أستاذِ الكرسي، فما يحدثُ في وزارةِ التعليمِ العالي من تهييجٍ للمشاعرِ غدا اعتياداً مباركاً، لم يُمنعْ من اقترفوه ولم يؤنَبوا، فاستمروا في طريقٍ وجدوه مَفتوحاً مُعبداً، بِدأً باللجانِ العلميةِ للترقياتِ التي أُدخِلَ فيها من لا يُعرفُ لهم سندٌ علميٌ أو تذكيةٌ تُفضلُهم عن من هم أقدَم وأحق، سندُهم الوحيدُ أنهم من الشلةِ الطيعةِ، من المقربين إلي الخلطةِ السريةِ. أما الجودةُ فنكتةٌ سخيفةٌ ستوقفها علي ما يبدو وزراةُ الماليةُ، وستعودُ ريما إلي ما عليه درجَت، اعتصاماتٌ واضراباتٌ يقابلُها وعيدٌ وتهديدٌ. التعليمُ المميزُ باعَ الجامعاتِ بالمالِ، اقتبسَ من الجامعاتِ الخاصةِ التسيبَ وقصقصةَ العلمِ وتسطيحَه، من أجلِ المالِ تهونُ كرامةُ أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ وتُسحَقُ الأخلاقياتُ، لا تكونُ الإدارةُ ألا بعمداءٍ معينين تفصيلاً وبالمقاس، رجالاً كانوا أم نساءاً. لم يحظْ عهدٌ في وزارةِ التعليمِ العالي بهذا الكمِ من الغضبِ ومن ومن ومن... لماذا لا يتواصلُ التمادي، لماذا لا يستمرُ وقد انقسمَت الجامعاتُ علي نفسِها ما بين أهلِ الجودةِ ومن هم خارجَها، ما بين أهلِ المتميزِ ومن هم خارجَه، ما بين أعضاءِ اللجانِ العلميةِ ومن هم عنها مَبعَدون؟
أستاذ الكرسي أُلغي في كلِ جامعاتِ العالمِ المحترمةِ إلا من فكرِ الخلطةِ السريةِ في وزارةِ التعليم العالي، نظامٌ نُبِذَ لأنه يقومُ علي الدكتاتوريةِ في العلمِ، علي انفرادِ شخصٍ بمقدراتِ تخصصٍ علميٍ. البحثُ العلمي يقومُ علي حريةِ الفكرِ وقبلَها الإنفاقُ بسخاءٍ عليه، لا باختزالِ وتسطيحِ أسبابِ ما وصلنا إليه من تردٍ وتهلكةٍ في غيابِ الانضباطِ في الجامعاتِ، في وجوبِ استخدامِ العصا، في إعادةِ أستاذ الكرسي ممن يُختارون كما أُختيرَ من ضُموا لعضويةِ اللجانِ العلميةِ دون مؤهلاتٍ علميةٍ حقيقيةٍ مُميِزةٍ. عودةُ أستاذِ الكرسي تأكيدٌ علي الدكتاتوريةِ، هل تجدُ تأييداً لأنها تتفقُ وهواً لدي من أوجدوا المسئولين عن التعليم العالي؟ هل هي سِمةُ حقبةٍ ذقنا فيها ما ذقنا، من كلِ من هبَ ودبَ؟
نفكرُ في عودةِ أستاذ الكرسي، آآه وآآه يا خوفي مما ينتظرنا، بعد أن احتللنا آخر الصفِ بكلِ الجدارةِ، بعد أن أصبحَ الاهتمامُ الأولُ إثارةَ القلاقلِ والمتاعبِ والانشغالِ. أنا مُحبطٌ، قالها أحدُ الأساتذةِ القدامي المُخلصون، صدَقَ، فالصورةُ شديدةُ القتامةِ.
ما بعد الختامِ، اعتدنا تعليقاتِ المدسوسين من أهلِ الخلطةِ السريةِ، طبعاً فهم من حكومةٍ إلكترونيةٍ زكيةٍ ناصحةٍ، فيها من الخبراءِ من لا يجودُ بمثلِهم زمنٌ. هل تسترُها علينا يارب أم خسارة فينا؟

الأربعاء، 4 مارس 2009

كوندوليزا العانس..











تفتقَ ذهنُ أحدُ مناضلي الورق برأيٍ مبني علي فكرٍ عميقٍ، فكرُه، كوندوليزا رايس وزيرةُ الخارجيةِ الأمريكيةِ السابقةُ لم تتزوجْ، ربنا غضبان عليها، هكذا بمنتهي البساطةِ؛ مناضلٌ دائماً في حالةِ صراخٍ وانفعالٍ، يهاجمُ من يراهم رؤوسَ فسادٍ، يسقطُ من الإجهادِ والإعياءِ، يفني نفسَه في النضالِ، تارةً يتباكي علي صدام، تارةً يسبُ الأمريكان، تارةً يهيصُ في اجتماعاتِ مجلسِ الشعبِ، الفضائياتُ ملعبُه، خاصةً ما تحركُها الأموالُ الخليجيةُ.
هذا النموذجُ من المناضلين والمحللين، ينتشرُ في كلِ مكانٍ له بالعربيةِ صلةٌ، من أقصي الشرقِ إلي أقصي الغربِ، ومن منتهي الشمالِ إلي آخر الجنوبِ، يحللون بما يريدون لا بما ينبغي أن يكون، يُفبكرون بمزاجِهم ما لا يحتملُ تأويلاً، يمكنهم إدعاءُ أن الشمس تسطعُ ليلاً وان ما يُري نهاراً هو القمرُ. ليسوا فقط من مغتصبي الأقلامِ، إنهم أيضاً علي الكراسي، يتولون مسئولياتٍ أكبرَ منهم، يكابرون ولو أخطأوا، يتمادون في الانجرافِ وراء شطحاتِهم، طبعاً فهم من المعصومين، هكذا يرون أنفسَهم.
لما تدهورَ الاقتصادُ العالمي ظهرَ منهم من يري أن النظريةَ الاقتصاديةَ الاسلاميةَ فيها الحلُ، هي الطريقُ الثالثُ، البديلُ عن الرأسماليةِ والشيوعيةِ، البنوكُ الإسلاميةُ لم تفلسْ ولم تقعْ، هكذا بمنتهي البساطةِ، بدون دراسةٍ وتحليلٍ وبياناتٍ موثوقةٍ، فعلاً أحضروا التائهةَ من ذيلِها. نفسُ منطقِ مناضلِ كوندايزا التي عنَسَت، في مخيلتِه، لأن ربنا لم يرضْ عنها، وكأنها العانسُ الوحيدةُ علي الكرةِ الأرضيةِ، وكأنها حاولَت الزواجَ وفشلَت، وكأنها ملهوفةٌ يا ولداه في انتظارِ إبن الحلالِِ الذي يسترُها ويلمُها.
الآن وقد وقعَ البشير السوداني في فخِ محكمةٍ دوليةٍ للجرائمِ ضد الانسانية، كيف سيكون قولُ مناضلي كوندوليزا؟ من المؤكدِ أنهم سيُغدقون في تهمِ التحيزِ ضد العرب والمسلمين، في ادعاءِ أن المحكمةَ مُسيسةَ، وأن قادةَ اسرائيل أولي بالمحاكمةِ؛ لن ينظروا في مدي صحةِ التهمِ ولن يدققوا، ليس من طبعِهم، المهمُ أن يظهروا كوطنيين أحرار مناضلين. سيستمرُ منطقُ خلطِ الأوراقِ، ستكون ضجتُهم بلا منطقٍ، لن يقدموا ولن يؤخروا، ستزدادُ الأمورُ سوءاً، كالعادةِ.
مناضلو كوندوليزا يزينون كلَ الهزائمِ انتصاراتاً، علي أتمِ استعدادٍ هم لتصويرِ البقاءِ في المخابئ نصراً مطلقاً، وماله، طالما أنهم في الصورةِ، صوتُهم مُجلجلٌ ورزقُهم موصولٌ. دوافعُهم غيرُ عاصيةٍ علي الفهمِ، لكن العجبُ تصورُهم أنهم أمامَ من لا يفهمونهم، من نسوا مواقفَهم المتقلبةِ، من هم أدني من مستوي ذكائهم ومنطقِهم، منطقُ كوندوليزا العانس.
كوندوليزا العانس دخلَت التاريخَ كأحد أكفأ وزراءِ الخارجيةِ العالميين، بثقافتِها، بإجادتِها للغاتِ، بشخصيتِها القويةِ، بمهارتِها في العزفِ علي البيانو، من المؤكدِ بازدرائها لمناضلي كوندوليزا، دَعهم يهبهبون،،