السبت، 4 ديسمبر 2010

لو كنت خواجة ...

أعلنَ وزيرُ السياحةِ عن إغلاقِ شركةِ السياحةِ التى تسبَبَت منذ أسبوعين فى مقتلِ سياحٍ أجانبٍ على طريقِ العين السخنةِ؛ قرارٌ ساخنٌ حمشٌ، لأن الضحايا أجانبٌ. المصريون تفترسُهم جميعُ الطرقِ، كورنيش الأسكندرية، الطريق الدائرى، طريق الصعيد، طريق البحر الأحمر، لم تُتخذْ آيةُ إجراءاتٍ بهذه الصرامةِ الباديةِ. ولقد راودنى تساؤلٌ، هل تأكدَ وزيرُ السياحةِ من أن قرارَه قابلٌ للتنفيذِ؟ ماذا عن فتحِ ذات الشركةِ باسمٍ آخرٍ؟ وماذا عن دمجِها فى شركةٍ أخرى؟

ولقد تعرضتُ منذ أسبوعين لموقفٍ أثارَ فى نفسى الرغبةَ لكتابةِ هذا المقالِ. فقد تعرضتُ وإبنتى لإسهالٍ حادٍ وقئ بعد تناولِ الطعامِ فى فندقٍ من ذوى النجوم الخمسةِ على طريق الغردقةِ سفاجا. اتصلتُ بالعيادةِ، فكان الردُ، نحن عيادةٌ خاصةٌ، ادفع نعالجك. إذن على الفندقِ توفيرُ الأكلِ والتسميمُ وعلى النزلاءِ، أقصدُ المصريين منهم، توفيرُ العلاجِ. هل لو اتصلَ نزيلٌ خواجة بالعيادةِ ستكونُ الإجابةُ إدفع ثمن الزيارةِ؟!

فى دولِ العالمِ، يكون المواطنُ أولاً، حتى فى موسمِ الحجِ، اقتصرَ القطارُ الحديثُ على الحجاج الخليجيين، قُبِلَ هذا المنطقُ أو رُفِضَ. احترامُ المواطنِ المصرى فى بلدِه والحرصُ عليه ثقافةٌ غابَت عن الدولةِ وعن المواطنين ذاتِهم، لذا شاعَ الغشُ فى التعاملاتِ كافةٍ مع تحابيشٍ من الكذبِ والاستهتارِ بالغيرِ والأنانيةِ. أُهمِلَت محاسبةُ من يتعدى على حقِ مصرى، فى معرضِ سياراتٍ أو عقاراتٍ، فى شركةٍ سياحيةٍ أو فندقٍٍ، فى شركةِ اتصالاتٍ حكوميةٍ أو خاصةٍ، فى سوبرماركت أو جمعيةٍ استهلاكيةٍ، لذا ضاعَ الإحساس بالانتماء، مع الأسف.

سكَتَ الكلامُ المباحُ، ترى ماذا سأكتبُ، لو كنتُ خواجة؟

الأربعاء، 24 نوفمبر 2010

عندما تنهارُ الثوابتُ ...




للتعليمِ أركانٌ من ثوابتٍ يستحيلُ بدونِها أن يقومَ؛ التعليمُ ليس كتاباً أو محاضرةً، لكنه تقاليدٌ وأعرافٌ تتكرسُ وتتعاضدُ. وإذا التمسنا الأسوةَ في الجامعات العريقةِِ مثل هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكيةِ وكمبردج في بريطانيا لوجدنا بوضوحٍ أن ثوابتَها لم تتغيرْ منذ عشرات السنين، ثوابتٌ إداريةٌ وتربويةٌ وتعليميةٌ، لذا استمرَت في آداءِ رسالتِها بتميزٍ رغم تغيرِ الحكامِ والسياسات.


أما جامعاتُنا فليعنها اللهُ علي محنِها، جنازيرٌ وسنجِ، مدرجاتٌ متهاويةٌ، طلابٌ لا مهتمون، أعضاءُ هيئاتِ تدريسٍ لا منتمون، قياداتٌ علي الكراسي نازلون؛ حالٌ يستحيلُ معه أن تقومَ للجامعةِ سيرةٌ حسنةٌ. سواءٌ بسواءٍ، جامعاتُ الحكومةِ والجامعاتُِ الخاصةُ لا هويةَ لها؛ لعجزِها، لم تقدمْ جامعاتُ الحكومةَ المثلَ، وبالجشعِ أهدرَت الجامعاتُ الخاصةُ قيمَ التربيةِ والتعليمِ.

لم تنآي جامعاتُ الحكومةِ في أي وقتٍ عن الاعتباراتِ السياسيةِ والمذهبيةِ، بدءاً من اختيارِ المسئولين عن التعليم العالي مروراً بتعيين رؤساءِ الجامعاتِ والعمداءِ، اختياراتٌ شابها في أحيانٍ عدةٍ خروجٌ عن ثوابتٍ لم يُرَدْ لها الصمودِ. وكان أشدُ ما ضربَ العملَ الجامعي من خروجٍ أن يُعين علي كراسي قياديةٍ من انفصلوا عن الحياةِ الجامعيةِ لفترةٍ طويلةٍ أو من يوفدون علي جامعاتٍ ليسوا منها ولا هي منهم، فانقطعَت بهم ورغماً عنهم تقاليدٌ وأعرافٌ يجبُ أن تستمرَ، حتي لو كانوا علي كفاءةٍ. فعلي سبيلِ المثالِ كان من المُستَقَرٍِ عليه عدمُ السماحِ بسفرِ المعيدين قبل الانتهاءِ من الماجستيرِ، بناءاً للمدرسةِ العلميةِ في الأقسامِ، وتكريساً لروحِ الانتماءِ في الكلياتِ، وحتي لا يزدادُ الهرمُ الأكاديمي انقلاباً فيزيدُ عددُ الأساتذةِ عن عددِ المدرسين والأساتذةِ المساعدين مجتمعين. للأسفِ مع كلِ آتٍ جديدٍ علي كرسي تتغيرُ القاعدةُ وتبدأُ حساباتُ جديدةٌ قد تغلبُها التربيطاتِ وردُِ المجاملاتِ، فيسافرُ من المعيدين من يسافرُ، ولا مؤاخذة في داهية الكليات والمساواة والقدوة. افتقدَت الجامعةُ الثوابتَ وأصبحَ كلُه متغيراً، في مهبِ الريحِ، بعد فترةٍ طالَت أو قَصُرَت.

وماذا عن أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ؟ التعليمُ أستاذٌ، هو الدليلُ والمثلُ، لكن لو خَلَت جيوبُه فبيتُه أولي، ما من سبيلٍ إلا البحثُ عن لقمةِ العيشِ في أي مكانٍ علي حسابِ التزامِه الوظيفي بالتواجدِ والعطاءِ. أعضاءُ هيئاتِ التدريسِ يعملون عيني عينك خارج جامعاتِهم في شركاتٍ تَدَعي نقلَ التكنولوجيا الحديثة، بها يؤدون بانتظامٍ وتواجدٍ وفي كلياتِهم بتناكةٍ وتفضلٍ وتعالٍ، واللي عَجبه. ومن الجامعاتِ الخاصةِ من تستجلبُهم دون ورقةِ موافقةٍ من كلياتِهم الحكوميةِ. وضعٌ كارثي كله علي بعضه، لكنه طبيعي.

حتي الإعاراتُ لم تعدْ قواعدُها ثابتةٌ، لفترةٍ طويلةٍ كانت مشروطةً بألا تتجاوزُ الستة أعوامٍ وأن تكون بموافقةِ الأقسامِ وفي حدودِ نسبةٍ ربع أعضاءِ هيئة التدريسِ بكلِ قسمٍ، الآن طالَت لعشرةِ أعوامٍ حتي لو رفضَت الأقسامُ، وعلي الراغبين في الإعارةِ من أعضاء هيئةِ التدريسِ الموجودين بالداخلِ عدُ السنين من واحد لعشرة حتي يأتي دورُهم أو أن يتحايلوا ويجمعوا بين وظيفتين، خارج الجامعة وداخلها بالحد الأدني من العملِ والولاءِ والانتماءِ.

ويسألونك عن الطلاب، في جامعاتِ الحكومةِ لا معاملَ تعلمُهم ولا مكتباتٌ ولا مدرجاتٌ، التياراتُ المذهبيةُ تشدُهم، هم أدواتُها ووقودُها، تملأُهم بما تريدُ وتزرعَ فيهم العصيانَ علي ما حولِهم بدءاً بكلياتٍٍ يفترضُ أن فيها تكوينهم السَوي، خلُقاً وتعليماً. أما في سوبرماركت الجامعات الخاصةِ فقد اشتري الطلابُ الجامعةَ بمن فيها، الكلمةُ كلمتُهم، لا تربيةَ ولا تعليمَ، شهاداتٌ مضروبةٌ، وخلاص. وقد لفت نظري حصولُ الجامعةِ الأمريكيةِ علي الاعتمادِ، قد أفترضُ أنها تستأهله، لكن هل كان من الممكنِ ألا تحصل عليه؟ هل يستطيعُ أحدٌ أن يقولَ لها لأ؟ هل يجرؤ علي رفعِ ولو ملحوظةٍ؟

أما البحثُ العلمي فمرآةُ التقدمِ في عالمِ اليوم، عندنا عليلٌ هو ومريضٌ، لم يعدْ الحصولُ علي الدكتوراة من دولٍ رائدةٍ هدفاً، الاستسهالُ والهروبُ إلي دكتوراة دولٍٍ خليجيةٍ بعينِها أصبحَ موضة، تحولَت بوصلةُ الهروبِ من أوروبا الشرقيةِ إليها، ولتبتلي مصر وجامعاتُها. أعضاءُ هيئاتِ التدريسِ، عن البحثِ العلمي في معظمِهم بعيدون، علي خصامٍ معه، أكل العيشِ أولي، البحثُ العلمي سياسةُ دولةٍ، من المفترضِ أن يكونَ. حتى الرأى فقدَت الجامعاتُ قدرتَها عليه، مجالسُ الكلياتُ والجامعاتُ بتركيبتِها وتشكيلِها لا تملكُ رأياً مستقلاً، أقرَبُ ما تكون هى لنقلِ وتبليغِ ما يُملى دون أن تناقشَ أو تُصَوِب.

يحدثونك عن الجودةِ قُل ورقيةٌ ورقيةٌ ورقيةٌ، مجردُ شعارٍ، أجلَسَت من أجلَسَت وبها صَعَدَ من صَعَدَ، أساسياتُها غيرُ موجودةٍ، ولنسترجعُ كلَ ما سبقَ.

الدوامُ لله وحدِه، لا ثوابتَ لجامعاتنا، كيف يكون إذن الأملَ في أي تقدمٍٍ؟ اللهم فضفضت اللهم فاشهد،،



الاثنين، 8 نوفمبر 2010

... وإنهم لمُتحَرِشون











خصصت قناة CNN نصف ساعةً من إرسالِها لتحقيقٍ عن التحرشٍ بالإناثِ في الشارع المصري، وتزامنت معه أكثرُ من رسالةٍ في بريدِ الجمعة بالأهرام عن مراودةِ رجال أعمالٍ ورؤساءِ عملٍ لمرؤوسيهم من النساءِ عن أنفسِهن مقابل استمرارهن في العملِ. لم تُفَرِق التجاوزاتُ الذكوريةُ في حق المرأةِ بين صغير وكبير، يافعٍ وناضجٍ، بزبيبة وذقن وبدونهما، كلهم في النظرةِ للمرأة متساوون.

المرأةُ في المجتمعِ الشرقي كيانٌ منقوصُ الفهمِ والإحساسِ، مُسَخرٌٌ لخدمةِ الرجلِ و"تظبيط" دماغه، لا تعاني أو تتألم إذا تعدي عليها بلفظٍ أو فعلٍ، ولا يجوز، شأنها شأنٍ القططِ في المنازل. الرجلُ الفحلُ من حقِه الأبيضُ الشفافُِ من الملبسِ، أما المرأةُ فليس لها إلا الأسودُ ولو في عز الحرِ والظلمةِ. المرأة في هذا المفهومِ، وفقاً للثقافةِ الصحراويةِ التي انتشرَت بفعلِ عقودِ العملِ الاستعباديةِ وفضائياتِ الرفضِ والإظلامِ، محددةٌ الغايةُ منها، الإبقاءُ علي النسلِ ودغدغة ونعنشة سي السيد وعياله، في مقابل ذلك هي الدرةُ المكنونةُ والجوهرةُ المصونةُ في مملكتِها، البيتُ، حتي لو كان عشةَ فراخٍ فارغةً من الأساسيات.

كيف يحترمُ فتي في بداياتِ حياتِه الأنثي وهو يري والدَه يسيء معاملتَها، زوجةً كانت أو إبنة؟ كيف يتعاملُ مع الأنثي بهدوءٍ وهو يري أبطال الأفلام العربيةِ يلطعونها بالقلمِ علي وشها كي تتبدي بالقَوي رجولتُهم؟ كيف ينظرُ لها باحترامٍ وهي آداةُ الإعلانات الرئيسيةِ بدءاً من السيراميك وصولاً لمعجونِ الأسنانٍ؟ فضائياتُ التنفيرِ تصورُ الأنثي علي أنها مستودعُ إفسادِ الرجلِ، لا مخَ له ولا إرادةَ، لا بدَ من تغطيتِها وحبسِها. المناخُ العام لا يحضُ علي احترامِ الأنثي، لماذا إذن لا يستبيحُها ويتحرشِ بها بكل ما يمكنُه؟

في المجتمعاتِ الغربيةِ حيث الإباحيةِ والحريةِ علي مصراعيها يستحيلُ التحرشُ بالإناثُِ، تكادُ تنعدمُ جرائمُ الاغتصابِ، لماذا؟ لأن الحدودَ بين حرياتِ الأشخاصِ قاطعةٌ فاصلةٌ، التعدي عليها مستحيلٌ، عقابُه بتارٌ؛ المرأةُ كائنٌ مكتملُ الإحساسِ، حقاً، ليست كنظيراتِها من دُررِِ المجتمعاتِ الشرقيةِ اللائي يتعرضن لكل أنواعِ القهرِ لمجردِ الإنعامِ عليهن بالزواجِ. حكايةُ اللحمِ المكشوفِ التي اخترعَها مفتي أستراليا، وبسببِها عُزِل، أخفقت في تبريرِ انعدامِ التحرشِ في الغربِ ومعه لماذا في الشرق العربي السعيدِ يتبادلُ الأزواجُ والزوجاتُ المكسياتُ القتلَ؟ فَبركةُ كلامٍ، الحكايةُ إذن ليست في اللحمِ المكشوفِ إنما في الاقتناعِ الحقِ لا الإكراهَ.

ألم يقل أحد الصحفيين، المتخصصين في القضايا والبلاغات الجدليةِ، في حديثٍ له بإحدي الفضائيات أن الله عاقبَ كوندوليزا رايس، وزيرةُ الخارجيةِ الأمريكيةِ السابقةِ، بأن أبقاها بدون زواج!! دخل سيادتُه في عقلِها وفقاً للمفهوم القبلي الصحراوي السائد وفكرَ ومخمخَ، يستحيلُ أن يتخيلَ أنها اختارَت حياتَها وأولياتها. إذا كان نمطُ تفكيرِ المصنفين مثقفين علي هذا المنوالِ سائراً فكيف يكون مسلكُ من لا يقرأون ومن يُسلمون قيادَ ما في أدمغتِهم لمفتيي الفضائياتِ؟

الاعتداءاتُ الجنسيةُ في مدارس الذكورِ شائعةٌ في المجتمعاتُِ الصحراويةِ القائظةِِ، عرفَتها المدارسُ عندنا، سكتَت عنها فضائياتِ الفتاوي والوعظ في الفاضية والمليانةِ، لماذا؟ لا توجدُ أنثي يُلقون اللومُ عليها. لا يُعرَضُ باستفاضة ٍإلا ما يتعلقُ بمدارسِ البناتِ، الغرضُ، ليجلسن في بيوتهن، انتظاراً للفارسِ إياه حتي لو كان عرجان كحيان صدمان تعبان عدمان خَرفان.

العيدُ علي الأبوابِ، يُحيونه بقلةِ الأدبِ، موسمٌ للتحرشِ، جحافلٌ من الصبيةِ والشبابِ ستغزو المدن، القاهرة والأسكندرية، من أين يأتون عادةً؟ من العشوائياتِ؟ من الأريافِ المتاخمةِ؟ يحتمون في أعدادِهم، يجدون في كثرتِهم شجاعةً، يتحرشون بالإناثِ، ببجاحةٍٍ وفُجر، واستباحةٍ، المجتمعُ كرسَ هذا المفهومَ الَمرَضي فيهم، البيت أولاً، ثم الفضائياتِ التنفيريةِ، وفي الإعلامِ، فاضل إيه؟ المجتمعُ من ضبابيتِه اعتبرَ الإناثَ مسؤولاتٍ عن التحرشِِ بهن!! نفسُ منطقِ فضائياتِ الإظلامِ، الرجلُ كائنٌ لا يستطيعُ السيطرةَ علي نفسِه، أمام الأنثي هو عيلٌ، و ورقة كمان!!

التحرشُ جريمةٌ مصريةٌ، في الأفاقِ عُرِفَت، سيتكررُ ويتكررُ، في نفسِ الأماكنِ، في نفسِ المواعيدِ، لأننا في مجتمع بالفُصامِ مصابٌ، بعين واحدةٍ وبنصف دماغ يري مشاكلَه، يري المرأةَ سبباً لكلِ المشاكلِ، لا جزءاً منها. علي الأمن دورٌ مهمٌ، لكن يسبقُه المجتمعُ بالتربيةِ والقدوةِ، بلا شعاراتٍ هلاميةٍ متكررةٍ نمطيةٍ.

أهلاً بالعيدِ، وللتحرشِ الاحتقارُ، كلُ تحرشٍ،،

الاثنين، 1 نوفمبر 2010

الحرس الجامعي ... كارت أحمر؟!

أصدرَ القضاءُ الإداري حكمَه بعدم جوازِ تواجدِ الحرسِ التابع لوزارةِ الداخليةِ داخلِ الحرم الجامعي؛ أقامَ البعضُ الزيناتِ وأطلقوا الشماريخَ، وانتابَ القلقُ آخرين خوفاً من انفلاتٍ وفوضى لا منجاةَ منهما. حكمٌ قضائىٌ وضعَ الجميعَ في حيرةٍ وترقبٍ، كلٌ يدبرُ لما هو آتٍ، يتحسبُ لما يمكنُ أن تؤولَ إليه الأمورُ، كلٌ يريدُ أن يشغلَ فراغاً ويحتلَ ساحةً يراها توشِكُ أن تخلو. القضاءُ أصبحَ وسيلةً لتغييرِ أوضاعٍ استقرَت منذ سنواتٍ بعد أن غَلَبَ الظنُ أنها ستستمرُ بلا نهايةٍ. لكن هل كان الحرسُ الجامعى إلي هذا الحدِ سيئأً متجاوزاً متجنياً؟

منذ عُينت معيداً حتى توليتُ رئاسةَ القسمِ توالى علي الكليةِ العديدُ والعديدُ من رجالِ الأمنِ، لم أكن يوماً من ممارسى السياسةِ وما زلتُ، كنت أسهرُ فى الكليةِ وأباتُ الليلَ، لم يتعرضْ لى أحدٌ ولم يعطلنى عن عملى، كانت محاضراتى مسائية وكانوا ساهرين بعيداً عن بيوتِهم حفاظاً على الكليةِ، كنت أتركُ سيارتى بالكليةِ عندما أكونُ على سفرٍ لثقتى فيمن يقومون على أمنِها، مثلى كُثرٌ. رجالُ أمنٍ بعنايةٍ أُختيروا، على خلقٍ وعلى وعىٍ، لم يدخلوا فى مشاكلٍ مع أىٍ من أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ. طبيعةُ عملِهم تُحَتمُ عليهم التصدى لمن يحاولون السيطرةِ على الكلياتِ بأفكارِهم وأولوياتِهم، وميليشاتِهم، لهذا كان لهم أعداءٌ، يرونهم قاطعين عليهم خباياهم.

في الكليةِ رؤساءُ أقسامٍ بلحى وبدونها، لم يقفْ الأمنُ أمامَ تعيينِهم، كثيرٌ من المعيدين كذلك، ما أوقَفَ رجلُ أمنٍ طالباً يدرسُ، وما تعرضَ إلا لمن يحاولون السيطرةَ وفرضَ الفوضى. ما أكثرَ ما قيلَ من باطلٍ وتلفيقٍ، من يريدون خروجَ الحرسِ من الجامعة ينحصرُ نهجُهم فى القمعِ والترويعِ والكبتِ والحبسِ والتكميمِ، حلالٌ لهم وأقلُه حرامٌ على غيرِهم، لا ديمقراطيةَ عندهم ولا حريةَ رأىٍ، انقيادٌ فقط، يريدونها على الغاربِ.

الأمنُ الخاصُ موجودٌ فى الجامعاتِ الخاصةِ، لأنها خرجَت عن أجندةِ من يحاولون احتلالَ المجتمعِ، لأن أعدادَ الطلابِ بها قليلةٌ، لأن كلَ طالبٍ دفعَ من دمِ قلبِه ثمنَ تعليمِه، التناكةُ الموجودةُ فى البلوشى ترفٌ غيرُ واردٍ فى الجامعاتِ الخاصةِ، ولا فى أى جامعةٍ فى العالمِ. ما أكثرَ من خرجوا فى إعاراتٍ لدولِ الخليجِ، ساروا على العجين أمام الحرسِ الذى لا يرحمُ، لم يُفتحْ لهم فمٌ، لم تفارقْ شفتةٌ لهم أختَها، لم يُسمعْ لهم صوتٌ، عَوضوها هنا، الحرس الجامعى المصرى ضيَقَ عليهم حريتَهم، وعطلَ أبحاثَهم!!

لم يخرجْ حكمُ القضاءِ عن النصِ على عدمِ جوازِ وجودِ الحرسِ الجامعى التابعِ لوزارةِ الداخليةِ داخلَ الجامعةِ، فى صحفٍ وفضائياتٍ ومنتدياتٍ وتجمعاتٍ حَوَلوا نصَه بقدرةِ قادرٍ لطردٍ!! الطردُ يكونُ بنصٍ صريحٍ، لفظٌ غيرٌ لائقٍ، يكونُ لمُحتلٍ غاصبٍ بعد حربٍ، لكنهم صوروا أنفسَهم أبطالاً، طردوا العدو، الحرس الجامعى المصرى، لكن بدونِ حربٍ، فى الظلِ والطراوةِ!! الكارتُ الأحمرُ لمن يُفبركُ الأمورَ على هواه، لمن يصطنعُ البطولةَ، لمن يُظهِرُ ما لا يبطنُ، لمن يَعيثُ فُرقةً وانقساماً، لمن يُميزُ الناسَ بدينِهم وجنسِهم وفكرِهم وطبقتِهم.

لست مدافعاً عن وجودِ أو عدمِ وجودِ الحرسِ الجامعى، لكننى أُفضفِضُ بما آراه واجباً، الحرسُ الجامعى أدَى ولتُثبتُ الأيامُ العكسَ، لا نريدُها صومالاً فى الجامعاتِ ولا فى أى نقطةٍ على أرضِ مصر، وربنا يسترُ،،



الأحد، 17 أكتوبر 2010

دكتوراة من السعودية...


الدكتوراة أعلي مراتب البحث العلمي، تتطلبُ باحثاً ذا امكاناتٍ ذهنيةٍ وعلميةٍ متميزةٍ، إضافةً إلي إلمام عالٍ باللغة الإنجليزية في حال إجراء أبحاثٍ في المجالات الحديثة كالحاسبات والاتصالات. لا بدَ للبحث العلمي المحترم أن يعملَ الباحثُ في جامعةٍ تتيحُ له المناخ العلمي المتكامل من معامل ومكتبات وهيئة إشراف علي كفاءةِ، بحيث يخرج منها حاصلاً علي الدكتوراة، منفتحاً علي العالم، قادراً علي الإضافةِ وتقبل كل ما هو جديدِ.

مع هذه المقدمة لا بد من إعادة الإطلاع علي الترتيب العالمي لجامعات العالم والذي لم يتضمن أيةَ جامعةٍ عربيةٍ، باستثناءِ جامعةِ الأسكندرية في أحد التصنيفات التي رفعتها في بند وأنزلتها في كثير. من واقع هذه التصنيفات تبدو الجامعاتُ المصريةُ، علي تأخرِها، متقدمةٌ علي كافةِ الجامعاتِ العربيةِ، ولا زالت حتي يظهر ما يُثبت غيرَ ذلك. لم تشترْ الأموال مكانةً ولا ترتيباً علمياً ولن، طالما لم ولا يوجد ما يشي بإمكانِ توفرِ المناخِ الذي يضعُ العلمَ في المرتبةِ الأولي بما يفرضُه من انفتاحٍ، في المقام الأولِ.

مع هبوبِ نوباتِ الإنغلاقِ القائظةِ علي المجتمع المصري من ناحية، والاستسهالِ من ناحيةٍ أخري، ومع سُباتِ الأقسامِ العلميةُ والكليات في المقام الأول، جنح بعض المدرسين المساعدين بالجامعات، خاصة في المجالات العلمية المتقدمة، إلي الهروب للحصول علي الدكتوراة من المملكة العربية السعودية. كان الحصولُ علي الدكتوراة من أوروبا الشرقية نَدبةً تلحقُ بصاحبِها طوال حياته الأكاديمية. الآن استفحلَ بسرعةٍ النزوحُ إلي جامعاتٍ سعودية بعينها، يتوجه إليها انتهازيو الشهادات بلا اختبارات لغة ولا غيره، يُشرف عليهم حاصلون علي دكتوراة من جامعات غربية قبل أن ينضج عودُهم العلمي ودون أن يشغلوا مكانةً علميةً في بلادِهم، جاءوا إلي الخليج من أجلِ حفنةِ أموالٍ، ارتزاقٌ في ثوبٍ من أثوابِه.

مستقبل جامعات مصر يزدادُ إظلاماً، لا حياءَ ولا مجاملةَ ولا سياسةَ في العلم، لا دكتوراة بدون مناخ علمي في مجتمع يحترم العلم ويعترف به. هل هانت جامعاتنا إلي حد حصول من يُعَدون ليكونوا أعضاءَِ هيئاتِ تدريسِ بها علي دكتوراة منقوصة؟! أين المجلس الأعلي للجامعات الذي يتدخل في كل صغيرة وكبيرة؟! الكليات فقدت الكثير، ألهتها اختيارات القيادات الجامعية ولقمة العيش عن الأساسيات، الفرصة علي البحري لمن يلعبون في الظلام، وهاهي الدكتوراة آتية من السعودية ومعها الجلباب القصير والشبشب، والتدريس الانتقائي، أي لمن يستوفي شروطاً بعينها، تماماً كما شاهد هناك وعاش.

جزء ٌ كبيرٌ من المعاناة العامةِ التي نعيشُها يكمن في معرفة أسبابها، ثم التخاذلِ والتكاسلِ في مواجهتها إلي أن تخرج عن السيطرةِ وتفرضُ نفسَها كأمرٍ واقعٍ. لم تخجلْ دولُ الخليجِ من رفضِ الاعترافِ بخريجي كلياتٍ ومعاهدٍ مصريةٍ، مصلحتُها أولي من أية اعتبارات هلامية، الدورُ علينا، ومن حقِنا بعين واسعة.

أركانُ الجامعاتِ المصريةِ تنهارُ ركناً ركناً، بدءاً من كيفيةِ اختيار القياداتِ الجامعيةِ، مروراً بالجودةِ الورقيةِ الارتزاقيةِ وانهيارِ السلوكياتِ الجامعيةِ الواجبةِ علي مستوي أعضاءِ هيئات التدريسِ والطلبةِ، وصولاً إلي تسللِ الدكتوراة السعودية في العلوم المتقدمةِ، لا الفقهَ،،

السكك الحديدية ... التذكرة لا تزال في جيبي


توجهت يوم الخميس ١٤/١٠/٢٠١٠ من القاهرة إلي الأسكندرية في قطار رقم ٩١٣ وكان الحجز في عربة ٤ مقعد ٣٤. بدأت السفرية والتكييف مخنوقاً وعند طنطا سلم النفس!! جاء شخص من أمن القطار، طبنجته في وسطه، صوته عالي، نيابة عن رئيس القطار، أعلن بشخط عن أماكن متاحة في عربات الدرجة الثانية ٨ و ٩!! نعمل لكم إيه؟ التكييف تعطل في الطريق مع أننا قمنا به سليم، إذا "شَرَكناه" رسمي يمكن فتح شبابيك الطوارئ!! هكذا تفتق ذهن الحذاقة والنصاحة!! ياحلاوتك!!


لقد حجزنا درجة أولي والدرجة الثانية قد تعوضنا مؤقتاً، لكن ماذا عما دفعناه وعن قيام قطار تذكرته بخمسين جنيه بدون تكييف؟! سيادة الوزير، صورك لعلعت في الصحف مع خبر إعادة نصف ثمن التذكرة في حالة تأخر القطار عن ميعاده؛ ماذا عن عطل التكييف وعن خروج قطار بدونه من الورشة!! علي فكرة تكررت حدوتة التكييف مع قطار آخر لكن الواحد كبر دماغه!!


باقي الحكاية ليس في التكييف وحده، فقد وصل القطار إلي محطة سيدي جابر و"بَلَط" أي "بَرَك"!! رفض التحرك وحوصر الركاب علي الرصيف، في قيظ موجة حارة!! الإنشاءات التي طال أمدُها العامين حالت دون خروجهم إلي شارع طريق الحرية والترام!! ما بإمكانهم إلا الخروج من الباب الخلفي والدوران حول الكرة الأرضية للوصول مرة أخري لطريق الحرية!!


الوزير الهمام، لا ثأر بيننا وبينك أو بيننا وبين ناسك، لكن المشكلة في السلوكيات وأمانة العمل وأيضاً تواضع الامكانات والتبديد في السكك الحديدية التي وُضِعت علي مسؤليتها. حجزنا في قطار مُكَيَف لا ساونا ولسنا في منجم شيلي مع العمال المحتجزين تحت الأرض!! عيب، مش كده والا إيه؟!! عندك حل بقي، ومن غير الصورة لو سمحت؟!

الخميس، 14 أكتوبر 2010

مش فاهمين...


أحياناً نضطر للكتابة بعد أن تضيق السبل ويعجز المنطق عن الاستيعاب. فقد فوجئنا بعد ثلاثة أسابيع من بدء الدراسة في الجامعات بقرار أضاف يوم السبت كأجازة أسبوعية، لم نفهم! هل تذكر فجأةً من أصدر القرار أن جمع شمل الأسرة المصرية أولي؟ وهل طُبِقَ هذا القرار الفوقي، أي جاي من فوق، علي كل الكليات والجامعات؟ وأين رأي الأقسام العلمية في قراراتٍ تؤثر سلباً علي العملية التعليمية ككل وعلي الدراسات العليا، خاصة بعد إعلان الجداول؟ لماذا لم يراعْ ضيق الأماكن المتاحة للمحاضرات والفصول والمعامل؟ أين الخوف علي الطلاب والطالبات المضطرين للعودة إلي منازلهم في ساعات متأخرة؟ وكيف سيتمكن طلاب الدراسات العليا من المواظبة في غير يوم السبت أو بعد انتهاء عملهم؟ أنا مبسوط بأجازة السبت ومفيش مانع الأحد، وماله، لكن كيف ستقف علي حيلها عملية تعليمية ودراسات عليا متعثرة أصلاً؟!

وبمناسبة وجوب الرجوع للأقسام العلمية فيما يخص العملية التعليمية بها، حسبما ينص القانون الغلبان المسمي قانون تنظيم الجامعات، فمن الضروري أن نفهم لماذا تُمَدُ الإعارات لما يزيد عن الستة أعوام رغم رفض الأقسام؟! وهل احتياجات أعضاء هيئات التدريس ذاتهم للإعارة خارج الاعتبار؟! لماذا يُفرضُ عليهم الانتظار عشرة أعوام بطولِها حتي يعود المعارون؟! لماذا نجعل المنتظرين "ينقون" علي المعارين ويلعنون الزمن؟! وماذا عن الانتداب الكامل بقرارات وزارية تسحب عضو هيئة التدريس، من كليته ورغماً عن قسمِه، إلي مكانٍ آخر مع صرف مرتبه ومكافآتِه من الجامعةِ؟!

هل تصدر القرارات ولا تلغي إلا بعد نكبة بها؟! ما أكثر علامات الاستفهام، ما أكثر ما يستعصي علي فهمنا، ما يثير القيل والقال، كان الله في عونِنا، وفي عون من يقرأ لنا،،