الاثنين، 30 يوليو 2012

أردوغان ليس إخوانيًا ...

رجب طيب أردوغان هو رئيس وزراء تركيا منذ 14 مارس 2003، ورئيس حزب العدالة والتنمية الذي يملكُ غالبيةَ مقاعدِ البرلمان التركي. وقد خَدَمَ قبلها كعمدةٍ لمدينة أسطنبول في الفترة من 1994 إلى 1998 التي شهدت خلالها ازدهارًا سياحيًا واقتصاديًافي عام 1998 سُجِن لاتهامِه بالتحريض على الكراهية الدينية ومُنِع من العمل في وظائف حكومية ومنها الترشُح للانتخابات العامة.

أنشأ أردوغان عام 2001  حزب العدالة والتنمية وأكدَ أنه سيحافظُ على أسس النظام الجمهوري ولن يدخل في صراعات مع القوات المسلحة التركية، وقال "سنتَبِع سياسةً واضحةً ونشِطةً من أجل الوصول إلى الهدف الذي رسمَه أتاتورك لإقامةِ المجتمعِ المتحضرِ والمعاصرِ في إطار القيم الإسلامية التي يؤمن بها 99% من مواطني تركيا".  حاول  دومًا إمساك العصا من منتصفِها مقُدمًا شكلًا جديدًا من الوسطية التي كانت سبباً في فوزِ حزبِه بالأغلبيةِ في انتخاباتِ عام 2002، الأمرُ الذي جعلَه يُشكلُ الحكومةَ منفردًا برئاسة عبد الله غُل بدلًا منه حيث كان خاضعًا للمنع القانونيبعد شهورٍ تَمَ تعديل الدستور التركي للسماح بتولي زعيم الحزب مَنصب رئاسة الوزارة، وهو ما استفادَ منه أردوغان الذي استمرَ مؤكِدًا خلال ولايته نهجَه الوسطي، فكان يُصرحُ بأن حزبَه "ليس حزبا دينيًا بل حزبًا أوروبيًا محافظًا"، كما أنه دأبَ على انتقادِ ما قال إنه استغلالُ الدين وتوظيفُه في السياسة، وأكد أنه لا ينوي الدخول في مواجهة مع العلمانيين المتشددين أو حتى استفزازهم.

خارجيًا، حاول أردوغان طويلًا، ولا يزالُ، الانضمامَ إلى الاتحاد الأوروبي، لكنه لم ينجحْ بسبب عدم اتباعِ تركيا للعديد من المعايير القانونية والاجتماعية التي تتبناها دول الاتحاد الأوروبي. وتُعتبرُ تركيا من أهم حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية ومن الدولِ الأعضاء في حلفِ شمال الأطلنطي. ولدراية أردوغان  بالتركيبةِ النفسيةِ  للدولِ العربيةِ فقد انتهجَ لهجةً شديدةً تجاه اسرائيل على الرغم من علاقات تركيا القوية بها عسكريًا واقتصاديًا، وأخِذًا في الاعتبارِ أن علاقاتِ تركيا باسرائيل من أهم أسسِ وإلزاماتِ الدعمِ الأمريكي والأوروبي لتركيا. ومن مواقفِ أردوغان، التي أكسبَته أعجابًا في الشارعِ العربي،  مغادرته في 29 يناير 2009 منصةَ مؤتمر دافوس احتجاجًا على عدم إعطائه الوقت الكافي للرد على الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز بشأن الحرب على غزة. وتدهورت العلاقات بين تركيا واسرائيل عقب حادثة السفينة مرمرة التي منعتها اسرائيل بالقوة في 31 مايو 2010  من دخول غزة، وقُتِلَ خلال اقتحامِ السفينةِ اثنا عشر تركيًا

لم يتخلْ أردوغان عن النَعرة التركية العثمانية المُتعالية على العربِ، دائمًا يأتي واعظًا بلسانِه أو عن لسانِ غيرِه، لم ينسْ أبدًا الاحتلالَ التركي لمناطق من جنوب أوروبا وشمال أفريقيا وغرب المتوسط؛ مئاتِ السنين ذاقَت فيها الشعوبُ المُحتلةُ كلَ أنواعِ الذلِ والاستعبادِ والقهرِ والتمييزِ.  سقَطَت الدولةُ العثمانيةُ التي امتدت منذ عام 1301م حتى عام 1922م، وأعطَت نموذجًا لما لا يجبُ أن يكون عليه الحكمُ. حولَت الهزيمةُ الكاسحةُ تركيا من دولةٍ عثمانيةٍ دينيةٍ إلى دولةٍ علمانيةٍ تفصلُ الدين عن السياسةِ.  


أحَبَ الشارعُ العربي أردوغان، وسَمى البعضُ مواليدَهم باسمِه، لأنه فهمَهم، لكنهم لم يفهموا دهاءه، لا سياسيين ولا شارع.  أردوغان فهمَ السياسةَ وألاعيبَها، يتكلمُ أمام كلٍ بما يُرضيه، لكنه يعرفًُ حدودَه وزيادة، يَعي تمامًا أن العين لا تعلو حاجبَها، وأن روسيا الرهيبة جارتُه، وأن في الولايات المتحدة الأمريكية أمانهُ وقوتُه، وأن في أوروبا نموذجُه وقُدوتُه، وأن في زعلِ اسرائيل ما لا طاقةَ له به.

منَحَت السعودية أردوغان جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام لعام 2010 م - 1430 هـ، ومنِحَته جامعة أم القرى بمكة عام 2011م - 1431هـ  شهادة دكتوراة فخرية  في مجال خدمة الإسلام. كما تَسَلمَ  أردوغان يوم الإثنين 29 نوفمبر 2010 جائزة القذافي لحقوق الإنسان

 لم يَدَعْ أردوغان  أن حزبَ العدالة والتنمية هو كل الشعب التركي، لم ينضو تحت أي تنظيم دولي بمسمياتٍ دينيةٍ  ولم يتسامحَ مع جيرانِه على حسابِ بلدِه، لم يُكَوِن ميليشيات ولم يهدد القضاة والمعارضين، لم يُهاجم الصحفيين والإعلامَ والفنون،  لم يستحوزْ ولم يُكَوشْ؛ الديمقراطية التي به آتت قادرةٌ على إزاحتِه، العبرةُ برفاهيةِ الشعبِ كلِه، باحترامِ حريتِه الشخصيةِ والفكريةِ والعقائديةِ

اللعبةُ وقواعدُها واضحةٌ تمامًا في دماغ أردوغان، مُدتُه في السُلطةِ قاربَت على نهايتِها، كُلُه في النورِ،  لا سكر ولا زيت ولا ليمون، والأهم لا أميةَ ولا نِقمةَ على الحالِ والبشرِ،،


Twitter: @albahary

السبت، 21 يوليو 2012

الإذاعة في رمضان ... والإعلام أيضًا


اعتدت، منذ طفولتي، الإذاعة قبل إفطار رمضان وحتى ساعة بعده، وبالذات البرنامج العام، منها أتعرف على اتجاه الإعلام والجو العام في البلد، وأسرح مع أحلى كلام وأفكار، في مسلسلات وبرامج. وهذا العام بعد الإفطار مباشرة جاء حديث رئيس الجمهورية بديلًا عن أحاديث وحوارات فتحي سرور وصفوت الشريف، أما بعد المسلسل فقد غابت البرامج الخفيفة السريعة وحل محلها دش ووعظ لا ينطلي على طفل. هل تستخف الإذاعة بالمستمع؟ وما الفارق بين إذاعة البرنامج العام وإذاعة القرآن الكريم؟ وهل الإذاعة مع من يجلس على الكرسي أيًا كان أم مع المستمع؟

المسؤولون عن الإعلام، كبارُهم وصغارُهم،  دائمًا في صف عمهم، من يتزوج أمهم!! بناقصها إذاعة، الله يرحم ألف ليلة وليلة، وموهوب وسلامة، وغيرها من البرامج التي تجبر المستمع على الالتفاف حول الراديو. الإعلام طينة واحدة، مكتوب ومسموع ومرئي، بدأ يدخل القفص، بكيفه وبغيره، كلٌ يبحث عن كرسيه، على حساب الصراحة والموضوعية، الأمانة المهنية. المتلقي لن يتوه، الدنيا مفتوحة، هل تاهوا عن كيف ثار ٢٥ يناير ٢٠١١؟!


Twitter: @albahary

الأحد، 15 يوليو 2012

عندما صَلى الشعراوي ركعتي شكرٍ ...


في أعقابِ هزيمةِ ١٩٦٧ قالَ الشيخ الشعراوي أنه صلى ركعتين شكرًا لله على انكسار عبد الناصر. لكن، لم تكن الهزيمة لعبد الناصر وحده، فقد خسَرَت مصرُ أرضَها ومازالت تعاني، ضاعَت الجولان من سوريا، سُلِبَت الضفةُ الغربيةُ من الأردن، وفقد المسلمون المسجد الأقصى. ركعتا شكرٍ لهزيمة عبد الناصر، كم وماذا يُقابلهما لفقدِ كرامةِ المسلمين والعرب؟ ما ذَكرني بالركعتين ما وصلَ إليه حالُ البلدِ من تمزقٍ وتشتتٍ وتنافرٍ وتناحرٍ، الإخوانُ والآخرون يتنازعون بكلِ غيرِ الشريفِ ولا النزيه على حكمِ مصر، وكأنها أرضٌ جرداءٌ بلا شعبٍ، ولا تاريخٍ، ولا حضارةٍ.  الإخوان والسلفيون يشكلون أغلبيًة، مؤقتًة، لم يصبروا حتى تستقرُ الأحوالُ، بكلِ سرعةٍ يبغون تغييرَ وجهِ مصر وعقلِ شعبِها وكل مؤسساتِها من جيش وشرطة وتعليم وإعلام وثقافة واقتصاد، يريدونها بدايةً من الصفر وكأن ما فات لم ولن يوجدْ

انفجرَت المخاوفُ من انتهاك حقوقِ المواطنين، مُسلمين ومَسيحيين، رجالًا ونساءً، مفكرين وفنانين ومبدعين، رجالَ أعمالٍ، بسطاءً غَيرَ مُرتجين إلا الحياةَ الحرةَ. مخاوفٌ لم تطفئها  دعوةُ أعطوا الأخوان فرصةً ليجُربوا، مصير ُالوطنِ والناسِ ليس محلَ تجاربٍ ولا مخاطرةٍ، المقدِماتُ من تصريحاتٍ وأفعالٍ فيها تعدٍ مُتعمَدٍ جرئٍ على ثوابتِ المجتمعاتِ المتقدمةِ، لقد تعرضَ القضاءُ لتشويهٍ وتجاوزٍ لم يشهدْه في تاريخه، شهدَ مجلسُ الشعبِ آراءًا تعيدُ المجتمعَ خلفًا لمئات السنين، تحولَ ميدانُ التحرير من ميدانِ ثورةٍ إلى ميدان إخواني سلفي يهددُ ويتوعدُ ويلوي ذراعَ كل من هو لا إخواني ولا سلفيكيف تُعطى فرصًة وبدايتُهم تحملُ رفضًا وطمعًا وتجاهلًا؟  التجاربُ المجاورة في السودان مُحبطةٌ فاشلةٌ، ما دولُ الخليج ولا إيران بأفضلِ حالًا، ما تاريخ العثمانيين إلا تعصبٌ وانغلاقٌ ثم تفتيتٌ لآخر الزمنِ

أخطأ عبد الناصر، وهو من كِبار التاريخ،  لما انغلَقَ داخل نظامِه مُتجاهلًا عالمًا يتقدمُ بسرعةٍ فائقةٍ، لم يرْ تحالفاتٍ أقوى منه، غرَته شلتُه وصوتُها العالي، خدعته بصورٍ ملونٍة خادعةٍ، مالأ الغوغائية على حسابِ العملِ وحقوقِ ملاكٍ كدَحوا، استولى ممن يملكُ لمن لا يستحقُ؛ ابتعدَ عنه من لا غِنىً عن فكرِهم ورؤيتِهم، اِلتفَ حوله المنافقون والمتلونون والمتحولون، هاجرَ مصريون مُتحملين فراقَ الأهلِ والذكرياتِ، تمنى كثيرون زوالَه، صلى الشعراوي ركعتي شكرٍ لما انهزَمَ. والآن هل يتكررَ بؤسُ التاريخِ ومرارتُه؟ كم سيصلون شكرًا على فشلِ الإخوان ومناصريهم من السلفيين؟ لكن والأهم، بكم ستكونُ صلواتُ الشكرِ؟

الوطنُ في خطرٍ داهمٍ كاسحٍ، هل يتعظُ الإخوان؟ هل يفهمون؟ نريدُ صلواتِ لنجاةِ مصر، لمضيِها بسرعةٍ فائقةٍ للمستقبلٍ، كيانًا واحدًا، لا نريدُ صلواتِ شكرٍٍ تدفعُ مصر ثمنَها من تاريخِها ومن جغرافيتِها،،







Twitter: @albahary

الأحد، 8 يوليو 2012

تحية التوك توك ...

ألقى الرئيس المنتخب خطابًا يوم الإثنين الموافق ٢٥/٦/٢٠١٢، بعد أن أعلنت نتيجة انتخابات الرئاسة يوم الأحد الموافق ٢٤/٦/٢٠١٢،  وفي ليلة الأربعاء الموافق ٢٧/٦/٢٠١٢ (بعد ٤٨ ساعة) جاء ممثلو الانحطاط السلوكي والأخلاقي متمثلين في رجل وامرأة وطفلين ليعودوا للإقامة الكاملة في الحديقة المواجهة للعمارة رقم ١٥ شارع الطاقة بمدينة المبعوثين بجوار النادي الأهلي بمدينة نصر!! لقد سبق أن أجلاهم السيد مدير الأمن يوم  الثلاثاء الموافق ٣/٤/٢٠١٢ بعد أن نَشَرت بأهرام يوم الأحد الموافق ١/٤/٢٠١٢ التضرر والاشمئزاز والقرف من هذا التعدي غير الأخلاقي. ونشرت أيضًا بأهرام يوم الأربعاء الموافق ٢/٥/٢٠١٢ شكرًا فيه التوجس كله، وها قد تحقق ما كنت أتخوفه ممن يكمنون كالثعابين في انتظار لحظة الانقضاض.

هل هذه العودة غير الأخلاقية جاءت بعد تحية الرئيس المنتخب لأهل التوك توك؟! هل فُهمت تحيته  على أننا مُقبلون على عهدٍ من العشوائية والانفلاتِ السلوكي في مقابل الكرسي؟! هل تيقنوا أنها إشارةٌ خضراءٌ لتحدي القانون والسلوكيات؟ هل يستطيع مدير الأمن العودة مرة أخرى لإزالتهم؟ طبعًا حي مدينة نصر خارج التساؤلات فهو يوزع أرضها أكشاكًا على حساب سيولة المرور وعلى حساب السلوكيات والأخلاقيات، وكشك المثلجات الموجود بلا أصولٍ عند تقاطع شارع الطاقة مع شارع أبي داود الظاهري شاهدٌ على الخيبة كلها

الانفلات والانتهازية وسوء السلوك أصبحت عنوانًا لهذه المرحلة، هل تُحتل ميادين مصر بالخيام من سييء السمعة والأخلاق؟! هل ستختفي الشرطة والأحياء؟! هل كله سيهون في مقابل الاستمرار على الكرسي؟! هل ستعلو أولوياتٌ أخرى على القضاء على الفوضى والانتهازية والعشوائية؟


نُشِرَت بجريدة الأخبار يوم الخميس ٥ يوليو ٢٠١٢


Twitter: @albahary

العلمُ محايدٌ ...

حضرت يوم السبت الموافق ٢٠١٢/٧/٧ اجتماعَ السيد رئيس الجمهورية مع أعضاء المجلس الأعلى للجامعات ومجلس الجامعات الخاصة وممثلين عن أندية أعضاء هيئة التدريس. في هذه الاجتماعات يكون الاستماعُ فضيلةَ الفضائلِ، الوقتُ محدودٌ والكلامُ لن يكون متاحًا إلا إذا امتدت الجلسة للصباح. لذا سأكتب ما تمنيت أن أقوله، وما يقرأه الآلاف أوضح مما قد يسمعه مائة. أردت أن أذكر أن الجامعات مناراتٌ للعلم، من واجبها أن تكرسَه في طلابِها فتتشربه سلوكياتُهم ومنهم يسري في مجتمعِهم.


 العلمُ ليس مُنحازًا ولا مُنافقًا، لكنه مُحايدٌ، لا يعرفُ إلا الحقائقَ العلميةَ ومنها يصلُ إلى النتائجِ. العلمُ تراكميٌ، يجمعُ معطياتِه من مصادرٍ مُتعددةٍ ومن أزمنةٍ متتاليةٍ، لا ينسى ولا يُغفِل. حياديةُ العلمِ تعني أنه لا وجودَ لعلمٍ حزبي، أو ديني، أو طائفي، أو حسب الجنس أو اللغة. فعلى سبيل المثال، شبكات الحاسبات وأشهرها الإنترنت اتسعت وغيرت أنظمةً بلغاتٍ غير تلك التي قامت بها علومُها. وكذلك علم الروبوتات (الإنسان الآلي) لا يوجد منه الأمريكي أو الصيني، هو علمٌ وحيد لكن تتعدد تطبيقاتُه. كذلك علم الفضاء لا يوجد منه علمٌ مسيحي وعلم إسلامي، وعلم صناعة السيارات لا يوجد منه علم رجالي وعلم حريمي. 

إذا تذكرَت الجامعاتُ أن رسالتَها الأولى هي غرسُ العلمِ وسلوكياتِه، ما سادَ التعصبُ، ما حدَثت مأساةُ استاد بورسعيد. ترَدَت أحوالُ مصر لما غابَ التسامحُ وقبولُ الاختلافِ، لما تخيلَ كلُ فردٍ أو مجموعةٍ أن الحقيقةً ملكُهم وحدُهم، عندما غابَت الموضوعيةُ وغامَ بعدُ النظرِ، عندما سادَت الفهلوةُ. بوضوحٍ لو كان العلمُ محلَ احترامٍ لكان المجتمعُ محايدًا، يُحكِمُ عقلَه، لا اللسانَ، ولا الذراعَ، ولا المطواة،،

مش أنا ده هو ...



قَتَلَ ثلاثةُ ملتحين شابًا من السويس، بلد الكفاح، لقد ارتكبَ معصيةً بسيرِه مع خطيبتِه في الطريق العام. قبلها قَتَل ملتحون في الشرقية اثنين من العاملين في فرقة موسيقية، الموسيقى حرام. هكذا استفتَحت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عملها في مصر، وأكدت بياناتها على الإنترنت ما فعلوه، استخدموا الإنترنت الكافر لنقل رسائلهم وفتوحاتهم وكذلك موتوسيكلات الصين الملحد للهرب. 

كالعادة تبرأت جماعة الإخوان وحزبها، وكذلك حزب النور من تلك الجرائم، نَوَعوا من تُلصَقُ بهم تُهمُها، إما أمن الدولة،  أو الحزب الوطني المنحل،  أو مارقين لم يحددوهم!! نفس السيناريو بعد كل بلوى، الكل خطاؤن إلا هم!! إذا رجعنا بالذاكرة لكارثة استاد بورسعيد، ما نسينا التباري في سردِ التهمِ وتوزيعِها بنفس النمطِ، تَجَلى مرشحو الرئاسة وأعضاءُ مجلسِ الشعبِ المنحلِ في المطالبةِ بتفريق مساجين النظام السابق على السجون لأنهم دبروا تلك المصيبة؛ ثم جاءت تحقيقاتُ النيابةِ ولجنةُ تقصي الحقائق، لا الجناةَ من الحزب الوطني والنظامِ السابق، ولا هم أمن الدولة، لكن ما هو جرى نتيجةٌ  لسوءِ النظامِ في الاستاد وللحقدِ والتعصبِ الذي ملأ نفوسَ المجتمعِ المصري وفاضَ. استُغِلت كارثةُ استاد بورسعيد لتصفيةِ الحساباتِ والظهورِ، تعاموا جميعًا بكل العمدِ،  لما في نفوسِهم وتدبيرِهم، عن الحقيقةِ الواضحة. 

يتغاضى الإخوان والسلفيون عن المطالبةِ بمحاسبةِ من يرتكبون باسم الدين أبشعَ الجرائمِ، يباركونهم خفيةً، لم يُقبضْ على مجرمٍ، وكأن المباحثِ اسمٌ بلا مُسَمى، وكأن الشرطةَ على وشك الحَل لتحلُ محلَها جماعاتٌ وميليشياتٌ لتأديب الناس. حتى ما يتعرض له جنودُ مصر في سيناء غُضَ عنه البصرُ وتعامى عنه المتحدث الإعلامي باسم حزب جماعة الإخوان المسلمين. من الآن لن تخرجُ السناريوهات عن جماعاتٍٍ تدعي الدين وتحتكره، مُتبجةٍ بفجرٍ في ظل حمايةٍ من الأحزابِ الدينيةِ والدولةِ الرسميةِ الكسيحةِ، حمايةٌ بالصمت وبتوزيع التهم. أين الأمن الذي يسمع دبةَ النملةِ؟ هل عجَزَ عن تتبعِ الموقع الإلكتروني الذي تَصدرُ عنه بياناتُ التخويفِ والتهديدِ؟! هل ذابَ مرتكبو تلك الجرائم؟! هل هو ترخيصٌ بالقتلِ؟! هل يستطيعُ الإخوان تتبعُ تلك الجماعاتِ ومحاكمتِها فيخسرون تحالفَهم مع السلفيين؟   

مهمةُ الصحافةِ أصبحَت في غايةِ الصعوبةِ، مجلسُ الشورى يهدفُ إلى تحويلِها إلى معارضٍ لإنجازات الجماعات الدينية وستائرٍ على خطاياها ونواياها، يريدونها خرساءً عمياءً عما يكشفُهم أو حتى ينصحهم، ما هم بحاجةٍ للنصحِ، هم الحق وما دونهم باطلٌ وخطأٌ وضلالٌ. الصحفيون الشرفاءُ كان الله في عونِهم، آوان المرتزقةِ والمنافقين.

ماذا لو كان قتلى الشرقية والسويس أقباطًا؟ الإجابةُ بسيطةٌ جدًا، نارٌ وحرائقٌ، وحربٌ أهليةٌ، سيكون أول من يدخلُها الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل وحلف الأطلنطي. ألهذا أيدَت الولايات المتحدة الأمريكية وصولَ الإخوانِ للحكم؟ للأسف الصورةُ قاتمةٌ مظلمةٌ، لا أعرفُ كيف أتفاءل. على القوى المناديةِ بالحرية والديمقراطية أن تتجمعَ، غيرَت  النظامَ السابقَ ثم استُبعِدَت واستولى غيرُها على السلطةِ، لا مكان لنزاعاتٍ جانبيةٍ وتشتتٍ، ليتحدوا بأمانةٍ. 

في ظلِ الخوفِ الصحفي على الكراسي هل تخرجُ الآراءُ كلُها إلى العلنِ؟  ليتذكر الجميعُ، اللهُ في عونِ كلِ من يساعدُ نفسَه، غيرِ الخانعِ الراضي بالعصا والضرب على القفا وبالمطوة. يستحيلُ أن يصدقَ أحدٌ التهربَ من المسؤوليةِ بحكايةِ "مش أنا ده هو" ، هذا الزمنُ لا مكانَ فيه للتغفيلِ ولا للمغفلين.

Twitter: @albahary



الاثنين، 18 يونيو 2012

فَرمَطة مصر ...


ما هو شكل مصر في حال وجود مسؤول إخواني أو أكثر على رأس السلطة التنفيذية فيها؟ هل ستتغير أسماء الشوارع وشكلها ولافتات المحال؟ هل سيتغير السلام الجمهوري؟ هل سيتغير العلم؟ هل ستتغير أزياء الرجال والنساء على حدٍ سواء؟ ما هو مصير التعليم العام والخاص؟ كيف ستكون البنوك وشركات الصرافة؟ هل ستعود شركات توظيف الأموال؟ ما هو شكل الضرائب؟ وما هي حكاية فرض الزكاة؟ كيف ستكون السياسة؟ هل ستعود مفردات التكفير والفسطاط المؤمن والفسطاط الكافر؟ هل ستتغير أساليب الخطابة والكلام العام؟ هل سيعود الرقيب بشكلٍ إخواني على الفنون والآداب؟ كيف ستكون قوانين الأحوال الشخصية والعقوبات؟ وما مدى الحرية المسموح بها إعلاميًا؟ هل ستظهر عقوبات مثل الإساءة للذات الدينية؟ في أي اتجاه ستكون هيكلة الشرطة؟ 

أسئلةٌ كثيرة ٌوما تحتها أكثر، الشعبُ المصري يمرُ بحالٍ من التشتتِ والتربصِ، لم تَحِله انتخاباتُ الرئاسةِ غيرُ الحاسمة في نتيجتها، لا الفائز فاز ولا الخاسر خَسَرَ، يستحيلُ أن يدعى تيارٌ أنه يمثلُ الشعبَ كلَه، ومع ذلك هناك من يدعون ذلك، مصر ليست في جيب الإخوان ولا في أي جيب. من تسطيح الأمور تصورُ أنه من الممكن السيطرةُ على مصر بتربيطات داخلية وخارجية، خارجيًا مع الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها في مقابل غض الطرف عن تغيير مصر داخليًا. لا الولايات المتحدة تريدُ مصلحةَ مصر ولا هي تؤتمن، وما هي بغاضةٌ بصرَها عن أي تجاوزٍ في حقوق المخالفين دينيًا وعقائديًا أو في حقوقِ المرأة. من المقامرةِ،  والمقامرةُ حرامٌ، تخيل أنه يمكنُ إعادةُ رسمِ دولةٍ بحجمِ مصر وموقعِها، من السذاجةِ توهمُ أنه يمكن إعادةُ هيكلةِ فكرِ مصر وثقافتِها وهي على ما هى عليه من تعدديةٍ دينية وعرقية وثقافية؟ 

المسؤوليةُ على الإخوان كبيرة والشكوكُ فيهم كثيرةٌ لدرجةِ أن هناك من يقولون أنهم لن يعملوا على القضاءِ على الأميةِ وقد ساهمَت في الإتيانِ بهم، التجارب فيما بعد ٢٥ يناير ٢٠١١ لم تكن مُبشرةً ولا سعيدةً، لم تؤكدْ أنهم يتعلمون من الماضي ولا من تجاربِهم، ولا من نسبة ٥٠٪ التي يدورون حولها بالتيلة. ليس من حقِ الإخوان ولا غيرِهم التفريطُ في أمنِ مصر ووحدةِ أراضيها والمخاطرُ والأطماعُ حولها من كلِ جانبٍ، سيناء ليست لحماس لأنهم شركاءٌ للإخوانِ.

من المؤكدِ أن مصر ليست دولةً سهلةً ولا هي من البسكويت، ليست قابلةً للفَرمَطةِ، أي مسحُ دماغِها وإعادةُ كتابتِها،،



Twitter: @albahary