السبت، 11 ديسمبر 2010

عودةُ القرشِ الندلِ ...

هاجمَ سمكُ قرشٍ سواحاً بشرم الشيخ، بعد أولِ هجومٍ صوروا قرشاً أسيراً على أنه الجانى، وحنطوه وأقاموا أفراحَ النصرِ؛ بعد الهجوم الثانى بدأ التخريفُ والتضاربُ والهذيانُ. قالوا أن القرشَ جاعَ بسبب الصيدِ الجائرِ والجوعُ كما تعلمون كافرٌ، فتغيرَ سلوكُه إلى مهاجمةِ الإنسان مع أن طعمَه وحش. وقالوا أن سفينة أردنية ألقَت خرافاً بالقرب من شرم الشيخ فتجمع عندها القرش وتوحش بعد أن كان أليفاً. وقالوا أيضاً أن نسبة ملوحة البحر الأحمر قاربت نسبتها فى البحر الأبيض مما أعجبَ القرش فجاء للاستمتاع فى شرم الشيخ. ثم تفتقَ مخزون التبريرات أن الموساد الإسرائيلى أرسلَ عملاءً من أسماك القرش المهجنة لضرب السياحة فى مصر. طبعاً مفيش مانع من كلمتين عن انتقام ربنا بالقرش من السياحة الحرام.

الله أكبر علينا وعلى حوالينا، كشفَ حالنا سمك القرش، وفضحنا أمام الخلقِ، سمك القرش أصله حاصل على أعلى الدرجات العلمية من جامعات ما تحت الماء، يتلاعبُ بنا كما يشاءَ وقتما يشاء. بوغتنا بذكاء القرش وألمعيتِه وكأنه كائنٌ غريبٌ لم نسمعْ عنه من قبل، وكأن العلمَ البشرى لم يدرسْه ولم يفهْمه. بعد أن أنهى وزير السياحة ومحافظ جنوب سيناء ما عندهما من مخزون التبريرات بدأوا فى استقدامِ الخبراء الأجانب، واضح أن المصريين لا يفهمون فى القرش، وأكيد فى غيره. ولتكتمل صورة المواجهة، لم يفت أحدُ كبار المسئولين الغطس فى المياه حتى يطمئن السواحُ الأجانب، وكله فى حب مصر، لكن الحقيقة لم أفهم لماذا غفَلَ عنه القرشُ، يبدو والله أعلم إنه مش غاوى رمرمة.

ومع هجوم الأعداءِ من القرش أكدَ بعضُ الخبراءِ المصريين بأن نقطةَ ضعفِ القرشِ فى عينيه وخياشيمه، فإذا هاجمك قرشٌ إديله بالجامد فيهم فيفرُ خائفاً مذعوراً مدحوراً!! ماشى، لكن لمن هذا النصحُ؟ للمصريين، محلى يعنى، أم للخواجات أيضاً ومن الضرورى ترجمته وإعلانه لهم وربنا يستر؟! النشرات ُالإعلانيةُ المشروخةُ، أقصد، المعتادةُ فى مثل هذه الظروفِ تحتلُ وسائلَ الإعلامِ بتنويعاتها، السواح باقون باقون، شرم الشيخ فى قلوبِهم وعيونِهم، وليسقطُ القرش. وما أمتعُ أحاديثِ أولى أمرِ السياحةِ عن تعويضِ كلِ سائحٍ مضارٍ بخمسين ألف دولار، ويا خسارتك يا مصرى.

حياتُنا عبثيةٌ، لا علمَ فيها ولا تعليم ولا صراحة، أمورُنا لا تعالجُ إلا بالتبريراتِ والتسطيحاتِ والعشوائية والفهلوة والحذاقة، الله يجازى صفر المونديال وسمك القرش المجرم المفتري، وربنا على الظالم يُرينا فيه يوماً ويصطاده لنا أو يسلطُ عليه من يأكلُه ويلتهمُه إرباً إرباً، قادر يا كريم، واللى يفترى على الغلابة عمره ما يكسب، وكلهم علينا ليه؟!

الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010

إن لم تستح فاصنع ما شئت ...


انتهت حدوتة الانتخابات النيابية فى مصر، الحزب الوطنى الديمقراطى هو اختيارُ الشعبِ، باكتساحٍ وجدارةٍ، بأية أمارة، الله أعلمَ. أقطابُ الحزبِ يتحدثون بمنتهى الجديةِ عن فتوحاتِ الحزبِ وعن تمسكِ الشعبِ به، يتصورونه شعباً غاوى فقر. شيئٌ مثيرٌ للعجبِ أن يجمعَ هذا الحزبُ بشراً بمثلِ هذه القدرةِ على التبرير والتفسيرِ والآداءِ، وكأن ما يقولونه جد وبصحيح وكأن الشعبَ من المعتوهين وكأن العالمَ الخارجى أعمى أبله. أبوابُ تعليقاتِ القراءِ المفتوحةُ فى كافةِ المواقعِ الإلكترونيةِ للصحفِ يستحيلُ أن تكذبَ، هى الاستفتاءُ العلنى، كلُها بدون استثناءٍ جعلَت من فتوحات الحزب الوطنى مادةٌ للتندرِ، وكذلك الجلساتُ الخاصةُ والعامةُ. طبعاً الحزبُ الوطنى على صوابِ، كلُهم على خطأ وأغبياءٌ، هو الوحيدُ الصَح.

لقد أثارَ إصرارُ الحزبِ الوطنى على نفسِ الأساليبِ فى فبركةِ الانتخاباتِ شهيةَ الناسِ للسخريةِ، فمنهم من وجدَ فى زيادةِ كوتةِ المرأةِ فى اسمه إيه، مجلسِ الشعبِ، فرصةً لتشكيلِ مجلسٍ أكثر طراوة، وأنه أصبحَ من الأنسَب الزغردة، وررررر، بدلاً من التصويت. منهم من انتهى إلى أن جلسات المجلس ستكون لتناول الكباب والكفتة وشرب الشاى والقهوة وتدخين الشيشة ومفيش مانع الفرجة على الديش. كلامٌ ثقيلٌ، لكنه شاعَ، أشاعَ سخريةً غابَت منذ فترةٍ. منطقُ علمِ النفسِ قبل السياسةِ ينصُ على أن الإنسانَ ملولٌ بطبعِه، وهو ما يتسببُ فى الفتورِ بين الزوجين، وأيضاً الرغبةِ فى تغيير الملابسِ والأكلِ والسيارةِ والمسكنِ والوجوه، إن أمكن؛ لكن عند الوصولِ إلى الحزب الوطنى تتوقفُ النظرياتُ، هو الاختيارُ الوحيدُ الذى لا يُمَلُ ولو طالَ بقاؤه ومعه الفشلُ والإحباطُ.

ما أكتبُ ليس لصالحِ معارضةٍ بعينِها فحالُها بائسٌ وفيها وما فيها، وما هو بالجديدِ فقد نُشِرَ مثلُه فى كلِ وسائلِ الإعلامِ، ورقية وفضائية وعلى الإنترنت، وفى الشوارعِ والنوادى وعلى القهاوى، لكن ما يُثيرُ القلقَ على المستقبلِ هو تقنينُ سلوكياتِ البلطجةِ والملاوعة والتحاذقِ والاستغفالِ ودهان الهوا دوكو والفهلوة والفتاكة. فإذا كان ربُ البيتِ بالدفِ ضارباً فشيمةُ أهلِ البيتِ الرقصُ، وطبعاً، إن لم تستحُ فاصنع ما شئت. مش كده يا أيها الحزب الوطنى الديمقراطى، أضحَكت العالمَ فى زمنٍ عزَ فيه الضحكُ وأثَرتَ الرعبَ مما ينتظرُهذا البلدِ،،

الأحد، 5 ديسمبر 2010

شاهدت في السينما



دراما حول إمرأة مشتتة ذهنيآ وعاطفيآ تقوم – حتى تجد الإتزان اللازم – برحلة حول العالم تشمل ثلاث محطات رئيسية هى إيطاليا والهند وإندونيسيا على التوالى ويرمز لها عنوان الفيلم بنفس الترتيب.
الفيلم مأخوذ من كتاب حقق أعلى الإيرادات وتعاقدت عليه المؤلفة قبل كتابته ثم قامت برحلتها لتعايش التجربة وتسجلها.
النجمة جوليا روبرتس جميلة ومناسبة لدور المؤلفة لكن أداؤها جاء أقل مما يتطلبه الفيلم.
الفيلم رحلة جميلة فى النفس البشرية ويعرض نماذج مختلفة منها بشكل بسيط ومؤثر.
فيلم ممتع يدعو للإستمتاع بالحياة.


درجة الفيلم : 7 من عشرة



فيلم فانتازيا من إنتاج ديزنى حول ساحر يبحث على مر العصور عمن يحل مكان الساحر القديم مرلين ويتمتع بنفس قدراته للقضاء على الساحرة الشريرة مورجانا.
الفيلم من نفس مجموعة العمل التى قدمت من قبل جزئى "National Treasure" وبه الكثير من الخدع والمؤثرات البصرية الجيدة إلى جانب روح الفكاهة من خلال الممثل الشاب المرح بطل الفيلم ولكن الموضوع مكرر وغير مقنع.
كعادة أفلام ديزنى فى تقديم وجوه شابة جديدة نجد هنا تمارا بالمر أسترالية الأصل وواعدة الأداء.


درجة الفيلم : 6 من عشرة




فيلم فانتازبا مقتبس من لعبة فيديو ومسلسل رسوم متحركة حول إنقسام العالم لأربعة ممالك ( الهواء-الماء-الأرض-النار)
والصراع الدائر بينها وظهور "الأفاتار" القادر على تنظيم العلاقة بينها بعد غيابه قرن من الزمان.
يخوض المخرج م. نايت شيامالان الهندى الأصل تجربة جديدة بتقديم نوعية مختلفة ليست من تأليفه وينجح فيها بإقتدار. المؤثرات البصرية متميزة, إختيار مواقع التصوير موفق ( فى جرينلاند ) والممثل الصغير نواه رينجر الذى يقوم بدور الأفاتار فى أول ظهور له رائع. الفيلم جزء أول من ثلاثية مزمع إنتاجها.


درجة الفيلم : 6,5 من عشرة



فيلم بوليسى/رومانسى حول عصابة تقوم بالسطو على البنوك والعربات الحاملة للأموال فى مدينة بوسطن ( المشهورة بتلك السرقات ) ومصير أفرادها.
يقدم لنا النجم بن أفليك فى ثانى تجربة إخراجية بعد "Gone Baby Gone" فيلمآ مثيرآ يتميز بمشاهد الأكشن خلال عمليات السطو وما تليها من مطاردات وإشتباكات بفضل إجادة التصوير والمونتاج.
الممثل جيريمى رينر الذى تم ترشيحه للإوسكار العام الماضى والذى يقوم بدور صديق البطل فى العصابة والممثلة ربيكا هول التى تقوم بدور إحدى الضحايا ويقع فى غرامها البطل يلفتا النظر بأدائهما المتميز.
من السابق لأوانه الحكم على بن أفليك مخرجآ وإن كان مبشرآ.


درجة الفيلم : 7 من عشرة




الجزء الرابع من سلسلة أقلام مملكة الشر المأخوذة من لعبة فيديو إنجليزية والتى تدور حول الشابة أليس التى خضعت لتجربة علمية فى مؤسسة "المظلة" (Umbrella Corp) ونجح جسمها فى السيطرة على الفيروس القاتل وإزدادت قدراتها نتيجة لذلك.
فى هذا الجزء كما فى الأجزاء السابقة تحاول أليس ( تقوم بدورها ميا جوفوفيتش الروسية الأصل ) إنقاذ الأحياء من خطر الذين تعرضوا للفيروس وأصبحوا موتى أحياء (Zombies). الفيلم أخرجه مؤلف الأجزاء الأربعة وكان قد أخرج الجزء الأول أيضآ وهو متخصص فى هذه النوعية إلا أن الفيلم جاء مثل حلقة فى مسلسل تلفزيونى من حيث تكرار المواقف والمؤثرات البصرية فقل بالتالى الإبهار خاصة لمن شاهدوا أجزاء سابقة.


درجة الفيلم : 5,5 من عشرة




فيلم رعب حول مجموعة أسماك بيرانا آكلة لحوم تثير الرعب فى بحيرة يرتادها المصطافون بعد أن حررها زلزال من محبسها أسفل تلك البحيرة.
الفيلم دموى إلى حد كبير وملئ بالجثث المشوهة والأشلاء المتناثرة التى حرص السيناريو أن يظهرها بكثافة وأجاد مخرج الفيلم الفرنسى ألكسندر أجا (The Hills Have Eyes) والمتخصص فى هذه النوعية فى تحقيق الغرض المرجو.
القصة تم إنتاجها من قبل فى عام 78 وأحد أبطال الفيلم حفيد ستيف ماكوين.
إذا أخذنا فى الإعتبار زيادة العنف فى عالمنا خلال السنوات الماضية فمن الممكن إعتبار "بيرانا" التطور الطبيعى ل"الفك المفترس" بدليل الإستعانة ببطل الفيلم القديم ريتشارد درايفوس فى مشهد البداية فى الفيلم الجديد!


درجة الفيلم : 6 من عشرة

مهندس / دانيال تانيليان - سكندرى عاشق للسينما ومحب للفنون

السبت، 4 ديسمبر 2010

لو كنت خواجة ...

أعلنَ وزيرُ السياحةِ عن إغلاقِ شركةِ السياحةِ التى تسبَبَت منذ أسبوعين فى مقتلِ سياحٍ أجانبٍ على طريقِ العين السخنةِ؛ قرارٌ ساخنٌ حمشٌ، لأن الضحايا أجانبٌ. المصريون تفترسُهم جميعُ الطرقِ، كورنيش الأسكندرية، الطريق الدائرى، طريق الصعيد، طريق البحر الأحمر، لم تُتخذْ آيةُ إجراءاتٍ بهذه الصرامةِ الباديةِ. ولقد راودنى تساؤلٌ، هل تأكدَ وزيرُ السياحةِ من أن قرارَه قابلٌ للتنفيذِ؟ ماذا عن فتحِ ذات الشركةِ باسمٍ آخرٍ؟ وماذا عن دمجِها فى شركةٍ أخرى؟

ولقد تعرضتُ منذ أسبوعين لموقفٍ أثارَ فى نفسى الرغبةَ لكتابةِ هذا المقالِ. فقد تعرضتُ وإبنتى لإسهالٍ حادٍ وقئ بعد تناولِ الطعامِ فى فندقٍ من ذوى النجوم الخمسةِ على طريق الغردقةِ سفاجا. اتصلتُ بالعيادةِ، فكان الردُ، نحن عيادةٌ خاصةٌ، ادفع نعالجك. إذن على الفندقِ توفيرُ الأكلِ والتسميمُ وعلى النزلاءِ، أقصدُ المصريين منهم، توفيرُ العلاجِ. هل لو اتصلَ نزيلٌ خواجة بالعيادةِ ستكونُ الإجابةُ إدفع ثمن الزيارةِ؟!

فى دولِ العالمِ، يكون المواطنُ أولاً، حتى فى موسمِ الحجِ، اقتصرَ القطارُ الحديثُ على الحجاج الخليجيين، قُبِلَ هذا المنطقُ أو رُفِضَ. احترامُ المواطنِ المصرى فى بلدِه والحرصُ عليه ثقافةٌ غابَت عن الدولةِ وعن المواطنين ذاتِهم، لذا شاعَ الغشُ فى التعاملاتِ كافةٍ مع تحابيشٍ من الكذبِ والاستهتارِ بالغيرِ والأنانيةِ. أُهمِلَت محاسبةُ من يتعدى على حقِ مصرى، فى معرضِ سياراتٍ أو عقاراتٍ، فى شركةٍ سياحيةٍ أو فندقٍٍ، فى شركةِ اتصالاتٍ حكوميةٍ أو خاصةٍ، فى سوبرماركت أو جمعيةٍ استهلاكيةٍ، لذا ضاعَ الإحساس بالانتماء، مع الأسف.

سكَتَ الكلامُ المباحُ، ترى ماذا سأكتبُ، لو كنتُ خواجة؟

الأربعاء، 24 نوفمبر 2010

عندما تنهارُ الثوابتُ ...




للتعليمِ أركانٌ من ثوابتٍ يستحيلُ بدونِها أن يقومَ؛ التعليمُ ليس كتاباً أو محاضرةً، لكنه تقاليدٌ وأعرافٌ تتكرسُ وتتعاضدُ. وإذا التمسنا الأسوةَ في الجامعات العريقةِِ مثل هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكيةِ وكمبردج في بريطانيا لوجدنا بوضوحٍ أن ثوابتَها لم تتغيرْ منذ عشرات السنين، ثوابتٌ إداريةٌ وتربويةٌ وتعليميةٌ، لذا استمرَت في آداءِ رسالتِها بتميزٍ رغم تغيرِ الحكامِ والسياسات.


أما جامعاتُنا فليعنها اللهُ علي محنِها، جنازيرٌ وسنجِ، مدرجاتٌ متهاويةٌ، طلابٌ لا مهتمون، أعضاءُ هيئاتِ تدريسٍ لا منتمون، قياداتٌ علي الكراسي نازلون؛ حالٌ يستحيلُ معه أن تقومَ للجامعةِ سيرةٌ حسنةٌ. سواءٌ بسواءٍ، جامعاتُ الحكومةِ والجامعاتُِ الخاصةُ لا هويةَ لها؛ لعجزِها، لم تقدمْ جامعاتُ الحكومةَ المثلَ، وبالجشعِ أهدرَت الجامعاتُ الخاصةُ قيمَ التربيةِ والتعليمِ.

لم تنآي جامعاتُ الحكومةِ في أي وقتٍ عن الاعتباراتِ السياسيةِ والمذهبيةِ، بدءاً من اختيارِ المسئولين عن التعليم العالي مروراً بتعيين رؤساءِ الجامعاتِ والعمداءِ، اختياراتٌ شابها في أحيانٍ عدةٍ خروجٌ عن ثوابتٍ لم يُرَدْ لها الصمودِ. وكان أشدُ ما ضربَ العملَ الجامعي من خروجٍ أن يُعين علي كراسي قياديةٍ من انفصلوا عن الحياةِ الجامعيةِ لفترةٍ طويلةٍ أو من يوفدون علي جامعاتٍ ليسوا منها ولا هي منهم، فانقطعَت بهم ورغماً عنهم تقاليدٌ وأعرافٌ يجبُ أن تستمرَ، حتي لو كانوا علي كفاءةٍ. فعلي سبيلِ المثالِ كان من المُستَقَرٍِ عليه عدمُ السماحِ بسفرِ المعيدين قبل الانتهاءِ من الماجستيرِ، بناءاً للمدرسةِ العلميةِ في الأقسامِ، وتكريساً لروحِ الانتماءِ في الكلياتِ، وحتي لا يزدادُ الهرمُ الأكاديمي انقلاباً فيزيدُ عددُ الأساتذةِ عن عددِ المدرسين والأساتذةِ المساعدين مجتمعين. للأسفِ مع كلِ آتٍ جديدٍ علي كرسي تتغيرُ القاعدةُ وتبدأُ حساباتُ جديدةٌ قد تغلبُها التربيطاتِ وردُِ المجاملاتِ، فيسافرُ من المعيدين من يسافرُ، ولا مؤاخذة في داهية الكليات والمساواة والقدوة. افتقدَت الجامعةُ الثوابتَ وأصبحَ كلُه متغيراً، في مهبِ الريحِ، بعد فترةٍ طالَت أو قَصُرَت.

وماذا عن أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ؟ التعليمُ أستاذٌ، هو الدليلُ والمثلُ، لكن لو خَلَت جيوبُه فبيتُه أولي، ما من سبيلٍ إلا البحثُ عن لقمةِ العيشِ في أي مكانٍ علي حسابِ التزامِه الوظيفي بالتواجدِ والعطاءِ. أعضاءُ هيئاتِ التدريسِ يعملون عيني عينك خارج جامعاتِهم في شركاتٍ تَدَعي نقلَ التكنولوجيا الحديثة، بها يؤدون بانتظامٍ وتواجدٍ وفي كلياتِهم بتناكةٍ وتفضلٍ وتعالٍ، واللي عَجبه. ومن الجامعاتِ الخاصةِ من تستجلبُهم دون ورقةِ موافقةٍ من كلياتِهم الحكوميةِ. وضعٌ كارثي كله علي بعضه، لكنه طبيعي.

حتي الإعاراتُ لم تعدْ قواعدُها ثابتةٌ، لفترةٍ طويلةٍ كانت مشروطةً بألا تتجاوزُ الستة أعوامٍ وأن تكون بموافقةِ الأقسامِ وفي حدودِ نسبةٍ ربع أعضاءِ هيئة التدريسِ بكلِ قسمٍ، الآن طالَت لعشرةِ أعوامٍ حتي لو رفضَت الأقسامُ، وعلي الراغبين في الإعارةِ من أعضاء هيئةِ التدريسِ الموجودين بالداخلِ عدُ السنين من واحد لعشرة حتي يأتي دورُهم أو أن يتحايلوا ويجمعوا بين وظيفتين، خارج الجامعة وداخلها بالحد الأدني من العملِ والولاءِ والانتماءِ.

ويسألونك عن الطلاب، في جامعاتِ الحكومةِ لا معاملَ تعلمُهم ولا مكتباتٌ ولا مدرجاتٌ، التياراتُ المذهبيةُ تشدُهم، هم أدواتُها ووقودُها، تملأُهم بما تريدُ وتزرعَ فيهم العصيانَ علي ما حولِهم بدءاً بكلياتٍٍ يفترضُ أن فيها تكوينهم السَوي، خلُقاً وتعليماً. أما في سوبرماركت الجامعات الخاصةِ فقد اشتري الطلابُ الجامعةَ بمن فيها، الكلمةُ كلمتُهم، لا تربيةَ ولا تعليمَ، شهاداتٌ مضروبةٌ، وخلاص. وقد لفت نظري حصولُ الجامعةِ الأمريكيةِ علي الاعتمادِ، قد أفترضُ أنها تستأهله، لكن هل كان من الممكنِ ألا تحصل عليه؟ هل يستطيعُ أحدٌ أن يقولَ لها لأ؟ هل يجرؤ علي رفعِ ولو ملحوظةٍ؟

أما البحثُ العلمي فمرآةُ التقدمِ في عالمِ اليوم، عندنا عليلٌ هو ومريضٌ، لم يعدْ الحصولُ علي الدكتوراة من دولٍ رائدةٍ هدفاً، الاستسهالُ والهروبُ إلي دكتوراة دولٍٍ خليجيةٍ بعينِها أصبحَ موضة، تحولَت بوصلةُ الهروبِ من أوروبا الشرقيةِ إليها، ولتبتلي مصر وجامعاتُها. أعضاءُ هيئاتِ التدريسِ، عن البحثِ العلمي في معظمِهم بعيدون، علي خصامٍ معه، أكل العيشِ أولي، البحثُ العلمي سياسةُ دولةٍ، من المفترضِ أن يكونَ. حتى الرأى فقدَت الجامعاتُ قدرتَها عليه، مجالسُ الكلياتُ والجامعاتُ بتركيبتِها وتشكيلِها لا تملكُ رأياً مستقلاً، أقرَبُ ما تكون هى لنقلِ وتبليغِ ما يُملى دون أن تناقشَ أو تُصَوِب.

يحدثونك عن الجودةِ قُل ورقيةٌ ورقيةٌ ورقيةٌ، مجردُ شعارٍ، أجلَسَت من أجلَسَت وبها صَعَدَ من صَعَدَ، أساسياتُها غيرُ موجودةٍ، ولنسترجعُ كلَ ما سبقَ.

الدوامُ لله وحدِه، لا ثوابتَ لجامعاتنا، كيف يكون إذن الأملَ في أي تقدمٍٍ؟ اللهم فضفضت اللهم فاشهد،،



الاثنين، 8 نوفمبر 2010

... وإنهم لمُتحَرِشون











خصصت قناة CNN نصف ساعةً من إرسالِها لتحقيقٍ عن التحرشٍ بالإناثِ في الشارع المصري، وتزامنت معه أكثرُ من رسالةٍ في بريدِ الجمعة بالأهرام عن مراودةِ رجال أعمالٍ ورؤساءِ عملٍ لمرؤوسيهم من النساءِ عن أنفسِهن مقابل استمرارهن في العملِ. لم تُفَرِق التجاوزاتُ الذكوريةُ في حق المرأةِ بين صغير وكبير، يافعٍ وناضجٍ، بزبيبة وذقن وبدونهما، كلهم في النظرةِ للمرأة متساوون.

المرأةُ في المجتمعِ الشرقي كيانٌ منقوصُ الفهمِ والإحساسِ، مُسَخرٌٌ لخدمةِ الرجلِ و"تظبيط" دماغه، لا تعاني أو تتألم إذا تعدي عليها بلفظٍ أو فعلٍ، ولا يجوز، شأنها شأنٍ القططِ في المنازل. الرجلُ الفحلُ من حقِه الأبيضُ الشفافُِ من الملبسِ، أما المرأةُ فليس لها إلا الأسودُ ولو في عز الحرِ والظلمةِ. المرأة في هذا المفهومِ، وفقاً للثقافةِ الصحراويةِ التي انتشرَت بفعلِ عقودِ العملِ الاستعباديةِ وفضائياتِ الرفضِ والإظلامِ، محددةٌ الغايةُ منها، الإبقاءُ علي النسلِ ودغدغة ونعنشة سي السيد وعياله، في مقابل ذلك هي الدرةُ المكنونةُ والجوهرةُ المصونةُ في مملكتِها، البيتُ، حتي لو كان عشةَ فراخٍ فارغةً من الأساسيات.

كيف يحترمُ فتي في بداياتِ حياتِه الأنثي وهو يري والدَه يسيء معاملتَها، زوجةً كانت أو إبنة؟ كيف يتعاملُ مع الأنثي بهدوءٍ وهو يري أبطال الأفلام العربيةِ يلطعونها بالقلمِ علي وشها كي تتبدي بالقَوي رجولتُهم؟ كيف ينظرُ لها باحترامٍ وهي آداةُ الإعلانات الرئيسيةِ بدءاً من السيراميك وصولاً لمعجونِ الأسنانٍ؟ فضائياتُ التنفيرِ تصورُ الأنثي علي أنها مستودعُ إفسادِ الرجلِ، لا مخَ له ولا إرادةَ، لا بدَ من تغطيتِها وحبسِها. المناخُ العام لا يحضُ علي احترامِ الأنثي، لماذا إذن لا يستبيحُها ويتحرشِ بها بكل ما يمكنُه؟

في المجتمعاتِ الغربيةِ حيث الإباحيةِ والحريةِ علي مصراعيها يستحيلُ التحرشُ بالإناثُِ، تكادُ تنعدمُ جرائمُ الاغتصابِ، لماذا؟ لأن الحدودَ بين حرياتِ الأشخاصِ قاطعةٌ فاصلةٌ، التعدي عليها مستحيلٌ، عقابُه بتارٌ؛ المرأةُ كائنٌ مكتملُ الإحساسِ، حقاً، ليست كنظيراتِها من دُررِِ المجتمعاتِ الشرقيةِ اللائي يتعرضن لكل أنواعِ القهرِ لمجردِ الإنعامِ عليهن بالزواجِ. حكايةُ اللحمِ المكشوفِ التي اخترعَها مفتي أستراليا، وبسببِها عُزِل، أخفقت في تبريرِ انعدامِ التحرشِ في الغربِ ومعه لماذا في الشرق العربي السعيدِ يتبادلُ الأزواجُ والزوجاتُ المكسياتُ القتلَ؟ فَبركةُ كلامٍ، الحكايةُ إذن ليست في اللحمِ المكشوفِ إنما في الاقتناعِ الحقِ لا الإكراهَ.

ألم يقل أحد الصحفيين، المتخصصين في القضايا والبلاغات الجدليةِ، في حديثٍ له بإحدي الفضائيات أن الله عاقبَ كوندوليزا رايس، وزيرةُ الخارجيةِ الأمريكيةِ السابقةِ، بأن أبقاها بدون زواج!! دخل سيادتُه في عقلِها وفقاً للمفهوم القبلي الصحراوي السائد وفكرَ ومخمخَ، يستحيلُ أن يتخيلَ أنها اختارَت حياتَها وأولياتها. إذا كان نمطُ تفكيرِ المصنفين مثقفين علي هذا المنوالِ سائراً فكيف يكون مسلكُ من لا يقرأون ومن يُسلمون قيادَ ما في أدمغتِهم لمفتيي الفضائياتِ؟

الاعتداءاتُ الجنسيةُ في مدارس الذكورِ شائعةٌ في المجتمعاتُِ الصحراويةِ القائظةِِ، عرفَتها المدارسُ عندنا، سكتَت عنها فضائياتِ الفتاوي والوعظ في الفاضية والمليانةِ، لماذا؟ لا توجدُ أنثي يُلقون اللومُ عليها. لا يُعرَضُ باستفاضة ٍإلا ما يتعلقُ بمدارسِ البناتِ، الغرضُ، ليجلسن في بيوتهن، انتظاراً للفارسِ إياه حتي لو كان عرجان كحيان صدمان تعبان عدمان خَرفان.

العيدُ علي الأبوابِ، يُحيونه بقلةِ الأدبِ، موسمٌ للتحرشِ، جحافلٌ من الصبيةِ والشبابِ ستغزو المدن، القاهرة والأسكندرية، من أين يأتون عادةً؟ من العشوائياتِ؟ من الأريافِ المتاخمةِ؟ يحتمون في أعدادِهم، يجدون في كثرتِهم شجاعةً، يتحرشون بالإناثِ، ببجاحةٍٍ وفُجر، واستباحةٍ، المجتمعُ كرسَ هذا المفهومَ الَمرَضي فيهم، البيت أولاً، ثم الفضائياتِ التنفيريةِ، وفي الإعلامِ، فاضل إيه؟ المجتمعُ من ضبابيتِه اعتبرَ الإناثَ مسؤولاتٍ عن التحرشِِ بهن!! نفسُ منطقِ فضائياتِ الإظلامِ، الرجلُ كائنٌ لا يستطيعُ السيطرةَ علي نفسِه، أمام الأنثي هو عيلٌ، و ورقة كمان!!

التحرشُ جريمةٌ مصريةٌ، في الأفاقِ عُرِفَت، سيتكررُ ويتكررُ، في نفسِ الأماكنِ، في نفسِ المواعيدِ، لأننا في مجتمع بالفُصامِ مصابٌ، بعين واحدةٍ وبنصف دماغ يري مشاكلَه، يري المرأةَ سبباً لكلِ المشاكلِ، لا جزءاً منها. علي الأمن دورٌ مهمٌ، لكن يسبقُه المجتمعُ بالتربيةِ والقدوةِ، بلا شعاراتٍ هلاميةٍ متكررةٍ نمطيةٍ.

أهلاً بالعيدِ، وللتحرشِ الاحتقارُ، كلُ تحرشٍ،،

الاثنين، 1 نوفمبر 2010

الحرس الجامعي ... كارت أحمر؟!

أصدرَ القضاءُ الإداري حكمَه بعدم جوازِ تواجدِ الحرسِ التابع لوزارةِ الداخليةِ داخلِ الحرم الجامعي؛ أقامَ البعضُ الزيناتِ وأطلقوا الشماريخَ، وانتابَ القلقُ آخرين خوفاً من انفلاتٍ وفوضى لا منجاةَ منهما. حكمٌ قضائىٌ وضعَ الجميعَ في حيرةٍ وترقبٍ، كلٌ يدبرُ لما هو آتٍ، يتحسبُ لما يمكنُ أن تؤولَ إليه الأمورُ، كلٌ يريدُ أن يشغلَ فراغاً ويحتلَ ساحةً يراها توشِكُ أن تخلو. القضاءُ أصبحَ وسيلةً لتغييرِ أوضاعٍ استقرَت منذ سنواتٍ بعد أن غَلَبَ الظنُ أنها ستستمرُ بلا نهايةٍ. لكن هل كان الحرسُ الجامعى إلي هذا الحدِ سيئأً متجاوزاً متجنياً؟

منذ عُينت معيداً حتى توليتُ رئاسةَ القسمِ توالى علي الكليةِ العديدُ والعديدُ من رجالِ الأمنِ، لم أكن يوماً من ممارسى السياسةِ وما زلتُ، كنت أسهرُ فى الكليةِ وأباتُ الليلَ، لم يتعرضْ لى أحدٌ ولم يعطلنى عن عملى، كانت محاضراتى مسائية وكانوا ساهرين بعيداً عن بيوتِهم حفاظاً على الكليةِ، كنت أتركُ سيارتى بالكليةِ عندما أكونُ على سفرٍ لثقتى فيمن يقومون على أمنِها، مثلى كُثرٌ. رجالُ أمنٍ بعنايةٍ أُختيروا، على خلقٍ وعلى وعىٍ، لم يدخلوا فى مشاكلٍ مع أىٍ من أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ. طبيعةُ عملِهم تُحَتمُ عليهم التصدى لمن يحاولون السيطرةِ على الكلياتِ بأفكارِهم وأولوياتِهم، وميليشاتِهم، لهذا كان لهم أعداءٌ، يرونهم قاطعين عليهم خباياهم.

في الكليةِ رؤساءُ أقسامٍ بلحى وبدونها، لم يقفْ الأمنُ أمامَ تعيينِهم، كثيرٌ من المعيدين كذلك، ما أوقَفَ رجلُ أمنٍ طالباً يدرسُ، وما تعرضَ إلا لمن يحاولون السيطرةَ وفرضَ الفوضى. ما أكثرَ ما قيلَ من باطلٍ وتلفيقٍ، من يريدون خروجَ الحرسِ من الجامعة ينحصرُ نهجُهم فى القمعِ والترويعِ والكبتِ والحبسِ والتكميمِ، حلالٌ لهم وأقلُه حرامٌ على غيرِهم، لا ديمقراطيةَ عندهم ولا حريةَ رأىٍ، انقيادٌ فقط، يريدونها على الغاربِ.

الأمنُ الخاصُ موجودٌ فى الجامعاتِ الخاصةِ، لأنها خرجَت عن أجندةِ من يحاولون احتلالَ المجتمعِ، لأن أعدادَ الطلابِ بها قليلةٌ، لأن كلَ طالبٍ دفعَ من دمِ قلبِه ثمنَ تعليمِه، التناكةُ الموجودةُ فى البلوشى ترفٌ غيرُ واردٍ فى الجامعاتِ الخاصةِ، ولا فى أى جامعةٍ فى العالمِ. ما أكثرَ من خرجوا فى إعاراتٍ لدولِ الخليجِ، ساروا على العجين أمام الحرسِ الذى لا يرحمُ، لم يُفتحْ لهم فمٌ، لم تفارقْ شفتةٌ لهم أختَها، لم يُسمعْ لهم صوتٌ، عَوضوها هنا، الحرس الجامعى المصرى ضيَقَ عليهم حريتَهم، وعطلَ أبحاثَهم!!

لم يخرجْ حكمُ القضاءِ عن النصِ على عدمِ جوازِ وجودِ الحرسِ الجامعى التابعِ لوزارةِ الداخليةِ داخلَ الجامعةِ، فى صحفٍ وفضائياتٍ ومنتدياتٍ وتجمعاتٍ حَوَلوا نصَه بقدرةِ قادرٍ لطردٍ!! الطردُ يكونُ بنصٍ صريحٍ، لفظٌ غيرٌ لائقٍ، يكونُ لمُحتلٍ غاصبٍ بعد حربٍ، لكنهم صوروا أنفسَهم أبطالاً، طردوا العدو، الحرس الجامعى المصرى، لكن بدونِ حربٍ، فى الظلِ والطراوةِ!! الكارتُ الأحمرُ لمن يُفبركُ الأمورَ على هواه، لمن يصطنعُ البطولةَ، لمن يُظهِرُ ما لا يبطنُ، لمن يَعيثُ فُرقةً وانقساماً، لمن يُميزُ الناسَ بدينِهم وجنسِهم وفكرِهم وطبقتِهم.

لست مدافعاً عن وجودِ أو عدمِ وجودِ الحرسِ الجامعى، لكننى أُفضفِضُ بما آراه واجباً، الحرسُ الجامعى أدَى ولتُثبتُ الأيامُ العكسَ، لا نريدُها صومالاً فى الجامعاتِ ولا فى أى نقطةٍ على أرضِ مصر، وربنا يسترُ،،