الأحد، 27 يناير 2013

حَجبُ جوجل ويوتيوب ... مصر للوراء


دعاوى أمام المحاكمِ لحجب موقعي جوجل ويوتيوب بسبب نشر الفيلم المسئ للرسول، حركاتٌ ومناظرٌ لحقٍ وراءها باطلٌ. مسلسلُ المنعِ، علامةُ هذا الزمنِ، سواءُ لفضائياتٍ، أو أغانٍ، أو أفلامٍ، أو مسلسلاتٍ، أو كتبٍ. المنعُ هو المزايدةُ بعينِها، يتصورونه حلًا ناجعًا واضحاً سريعًا، بدلًا من الردِ بالمنطقِ والحُجةِ، بدلًا من التَعبِ وبذلِ الجَهدِ، بدلًا من الابتكارِ. جوجل ويوتيوب من أهمِ مفاتيحِ الإنترنت، لا يستطيعُ طالبُ معرفةٍ أو علمٍ الاستغناءَ عنهما، ومن يرفعون الدعاوى تلك يعلمون، لا يريدون نوافذًا، يبغونها زنازينًا، للعقولِ والألسنةِ. الإنترنت يكشفُ ويظهرُ، يفضحُ أيضًا، يطالبون بمنعِه ولكنه لهم حلالٌ، به ينشرون السبابَ على المواقعِ الإلكترونيةِ كلِها، ويُسفهون ويُهدِدون ويُبرِرون ويُحَللون ويُحَرِمون، حسبما يرون ويريدون، وحدُهم فقط. 

منذ فترةٍ قصيرةٍ، مظاهراتٌ مُخططةٌ لمنعِ المواقعِ المسماةِ إباحيةٍ وقرارٌ سريعٌ من النائب العام بذلك. لماذا؟ تحقيقاً للفضيلةِ وحمايةً للشبابِ، هكذا قالوا، أمرُ لا يجوز أن يمر مرور الكرام. أولاً، لن تُقبل المزايداتُ على أخلاقياتِ بشريةٍ في صورتِها السويةِ، ومن المؤكدِ أنه يستحيل أن يرضى مواطنٌ بسوء السلوكِ من تحرشٍ وبلطجةٍ وقطعٍ للطريقِ العامِ، مروراً بالدخولِ على المواقعِ الإباحيةِ. أما من الناحيةٍ الفنيةِ، فإنه من الممكنِ منعَ أي موقعٍ على الإنترنت، لكن لفترةٍ محدودةٍ، فمن اليسير جداً أن تُغيرَ المواقعُ الإلكترونيةُ عناوينها وأن يكونَ لها أكثرُ من موقعٍ بديلٍ، وهو ما يجعلُ عبءُ متابعتِها مُكلفاً، إضافةً إلى مهارةِ جيلٍ صنعَ ثورةً من علي الإنترنت في التغلُبِ على كلِ المعوقاتِ وكل محاولاتِ التحاذُقِ عليه.

وإذا كان المنعُ، وهو أسهلَ ما في الحدوتةِ ممكناً لوقتٍ قصيرٍ، فإن مبدأَ المنعِ في حد ذاتِه هو المصيبةُ، لأنه سيبدأ بالمواقعِ الإباحيةِ سُلماً وطريقاً ملفوفاً للتعدي على المواقعِ السياسيةِ والفكريةِ المخالفةِ، وأيضاًعلى الفنون والأدابِ وغيرها وغيرها. هل قام المصريون بثورةٍ على من افترضوا فيهم الخنوعَ والقصورَ والغباء ليظهرَ غيرُهم تحت عباءةٍ أخرى؟! الإنترنت شارعٌ طويلٌ ممتدٌ بلا نهايةٍ، دكاكينُه على الصفين، فيها الجيدُ والردئ، ولكلِ الاختيارُ، حسب تربيتِه وضميرِه. التربيةُ هي المهمة الأصعب والأولى بالاهتمامِ بدلاً من تسطيحِ الأمورِ واختزالِها في شعاراتٍ تغلُفها المزايدة وضيق الأفقُ.

الإنترنت فيه سمٌ قاتلٌ، لكن ماذا عن المخدرات والسجائر والكولة؟ هل نجحَ المنعُ في القضاءِ على المخدراتِ؟ هل قَلَلَت من التدخين الصورُ المقززةُ على علَبِ السجائرِ؟ أين البحثُ الحقيقي عن مشاكلِ الاقتصادِ والديون والأمنِ والإسكان والطعامِ والصناعةِ والزراعةِ والنقل؟! مصر لن تكون كوريا الشمالية ولا أفغانستان ولا إيران، ولا هي دولةً صحراوية الطباعِ والفكرِ.

ثم ماذا؟ يُطارَدُ الفنانون والمُبدعون في المحاكمِ، وتتناثرُ المقالاتُ الصحفيةُ وعبر الإنترنت عن مشروعات القوانين التي تُعَدُ للمنع والتقييد والتكبيلِ والتكميمِ، على الفنانين والصحفيين والُمعدين والمخرجين وغيرهم وغيرهم!! هل ستظهر قوانين تُمنعُ وتجرمُ الفضائيات وأجهزة الاستقبال والهوائيات؟!  وعلى من ستكون ملايين المنع المستحيل في الإنترنت؟ من جيب الشعب أم خصمًا من مُخصصات مشروعات أخرى؟ لقد أتت الأحزابُ المُصنفةُ إسلامية إلى الشارعِ ومجلس الشعب بفضل براعة شباب غَيرَ مصر في 25 يناير ولم يكن تحت يده سوى الانترنت، لقد زادَت اللحى والجلاليب والأرديةُ السوداءُ بفضل هؤلاء الشباب، هل يكون الآن الإنقلاب على الإنترنت؟

هل الأجدى أن تُمنعَ دراسةَ الحاسباتِ أصلاً وكذلك إدخالِ أجهزتِها بالَمرة حتى تعمُ الفضيلةُ،؟! أم في المنع عن دخولِ مواقعٍ إلكترونيةٍ بعينِها كفاية؟! هل تُمنعُ أيضًا دراسة الإعلام والفنون؟! هل فكر المنادون بالمنعِ  في كيف يكون دخول الجيل الرابعِ من خدمات الإنترنت إلى مصر؟  لقد عَلَمَ الإنترنت العالم الانفتاح، وغزَت الأقمار الصناعية والاتصالات كل الحُجُب، ألا يفهمون ما يتخطى ما لُقِنوا؟ هل تكون الانترنت والإعلام حلالاً، في بعض الأوقات، لما يُريدون  تمرير ما يرغبون؟!


في كل أنظمةِ التشغيلِ الحديثةِ يمكن منعُ المواقعِ المرفوضةِ في المنازلِ، لماذا إذن التهربُ المتعمدُ عن هذا النهجُ؟ هل التظاهرُ عالي الصوت هدفٌ في حد ذاتِه بدلاً من هدوء المنازل؟! هل المبدأ هو المنعُ الفوقي كبدايةٍ لكلِ منعٍ وتكبيلٍ وتكميمٍ وتقييدٍ؟! على كلِ عقلٍ الاختيارُ والتمييزُ بحريةٍ، بلا وصاية ولا مزايدة، لا مكانَ في عالمِ اليومِ لمن يمنعَ ويسمحَ حسب كيفه ومزاجه ومصلحته. العلم وٍالإنترنت والفكر والفن والإعلام على نفس الوجه من العملة، الحريةُ ليس لها إلا وجهٌ وحيدٌ، بلا تأويلٍ أو تلاعبٍٍ. 






العالمُ بالإنترنت يعلمُ، لا معرفةَ بدون إنترنت، ولا تواصلَ، حياةٌ جديدةٌ سريعةٌ، في مصر من يرفضونها لحساباتِهم، طظ في مصر، مش كده؟!


Twitter: @albahary

السبت، 26 يناير 2013

الجَودةُ الفسدانةُ ...

رفع شعار جودة التعليم في ظل افتكاسات القائمين على التعليم أيام النظام السابق، للإلهاء عوضًا عن الجودة الحقيقية، ومازال للأسف شعارًا بكل خطاياه. الجودة في التعليم مطلوبة بلا شك، لكن عندما تكون حقيقة لا إيهام، فهى معامل ومكتبات ومدرجات وحضور للطلاب وأعضاء هيئة التدريس، لكن مع كل الأسف ما نراه الآن لا يعدو كونه تبذيرٌ وتبديدٌ لوقتٍ ومالٍ شحيحٍ. وسأضرب مثالاً باستبياناتٍ يُطلب من الطلاب مَلؤها، بكل الإلحاح والإصرار وكأن الجودة لن تكون إلا إذا اشتكى الطالب !!

فهذه النوعية من الاستبيانات تفتقد للأسس العلمية والتربوية للأسباب التالية:
١. عدد الطلاب الذين يشتركون فيها قليلٌ ولا يتضح منها ما إذا كانوا قد حضروا المحاضرات. 
٢. نسبة حضور الطلاب للمحاضرات تتراوح بين ٣٠٪ و ٥٠٪ على أكثر تقدير وهو ما يجعل استيعاب المواد أمرًا مستحيلًا، هذا مع العلم أن كثيرًا منهم غيرُ متفرغين للدراسة. 
٣. تُجري الاستبيانات بعد الامتحان النهائي وهو ما يجعلها تصفية حساب أكثر منها استبياناتٍ علميةٍ حقيقيةٍ، كما أنها تكون بهذه الصورة وسيلة ضغط على عضو هيئة التدريس عند وضعه الامتحان. 
٤. المدرجات تفتقد للكثير، مما يجعلها غير صالحة لتوفير مناخٍ يساعد الأستاذ على التدريس والطلاب على الحضور، فالميكروفونات سيئة الآداء إن كانت تعمل، وأجهزة العرض لا تعمل جيدًا، إضافة إلي عدم التهوية والنظافة وسوء الإضاءة. 
٥. بالاستبيانات أسئلة غير منضبطة مثل "حسن معاملة الطلاب"، التي يجب تعريفها بدلًا من تركها  للتأويل، ومن غير المقبول أن يحصل الطلاب على أرقام الهاتف الخاصة لأعضاء هيئة التدريس دون الرجوع إليهم، وإلا فعلى إدارات الكليات توفير هاتف عمل لكل عضو هيئة تدريس.  كما أنه لا يُفترض أن يستذكرَ عضو هيئة للتدريس في كتب النكت حتى يكون حُلوًا مُسخسخًا، وأن يتركَ لزامًا بابَ المحاضرةَ مفتوحاً ولو بعد بدئها بأكثر من ربع الساعة. 
٦. فهم الطلاب للمواد مرتبط بالحضور المنتظم مع اقتناء مراجعها العالمية، وهو ما لا يحدث إلا قليلًا. 
٧. شكوى الطلاب من الامتحانات غير موضوعية، فعدم حضورهم وعدم واقتنائهم المراجع والاكتفاء بالمذكرات مجهولة المصدر التي يتداولونها والمجموعات الدراسية التي تنظمها إدارات الكليات، يجعل تحصيلهم هزليًا ومعلوماتهم سطحية، وهي مشكلة مجتمعية اعتادوها منذ الثانوية العامة، وأغفلتها الاستبيانات النمطية التي تفتقر الابتكار والموضوعية. 
٨. احترام عضو هيئة التدريس من احترام المؤسسة التعليمية والدولة ككل، والتفريط لا يؤدي إلا إلى زيادة تفاقم الأمور، وهو ما يجب أن تجتهد فيه إدارات الكليات المتقدمة للاعتماد ومن يتولون الجودة بطريقة آلية نمطية. 
٩. من الضروري أن تجتهد إدارات الكليات في وضع آليات لحث الطلاب على حضور المحاضرات بدلًا من تشجيعهم على التسجيل في المجموعات الدراسية التي ترعاها وتشجع عليها وكأنها البديل  للحضور المنتظم طوال الفصل الدراسي. 
١٠. من المؤكد أن استنساخ الاستبيانات التي تجرى في الجامعات الخاصة عليه الكثير من المآخذ، خاصة وأن الآداء في تلك الجامعات لم يصل إلى المستوى المطلوب، إضافة إلى الاختلاف التام بين تلك الجامعات وجامعات الحكومة. 

١١. لم تدخل آراء أعضاء هيئة التدريس في أي اعتبار اكتفاءًا بما يراه الطلاب، وهو خللٌ فادحٌ ما كان يجب أن تغفل عنه وتندرج إليه إدارات الكليات والعاملون بالجودة. 
١٢. العملية التعليمية تربوية في المقام الأول، فيها كدٌ وتعبٌ وهو ما يجب أن تكرسه إدارات الكليات في الطلاب قبل أن تحثَهم على تقديم الشكاوى كبديلٍ عن معاناة تحصيل العلم. الأجدى لأي وطنٍ من يعملون قبل أن يشكون لا من يتخاذلون بالشكوى حتى يأتيهم النجاح والتقديرالوهمي بالحد الأدنى من الجهد. 
١٣. لأعضاء هيئة التدريس بالكلية قيمةٌ وقدرٌ، ومن الواجب مراعاتهما إذا كان لإدارات الكليات رغبةٌ في التباهي بهم والتعاون معهم كأهم أسباب الاعتماد المأمول عن استحقاق ومنهج علمي وتربوي. 

في زمن الجفاف تنقلب الأمور، ويظهر من يتصورون أن الفسدان التلفان يحقق التقدم، وماله طالما أن الجودة ستكون سُلمًا ومكافآتٍ، كما كانت،،

Twitter: @albahary

عالم فيسبوك … الوهم


فيسبوك هو أكبر تجمع على الكرة الأرضية لا تحتويه مساحةٌ مكانيةٌ محددةٌ، فهو يمتدُ ليشمل كل القارات واللغات والمعتقدات والأجناس والأعمار، دون لقاءٍ حقيقى أو تيقنٍ من حقيقةِ المتصلِ، فهناك أكثر من 500 مليون مستخدم نشط لفيسبوك من إجمالي 835 مليون مشترك.

ولفيسبوك مزايا عديدة وهامة يستفيدُ منها مشتركوه، مثل البحثُ عن الرفاقِ القدامى وإعادةُ التواصلِ معهم، الاتصالُ بالأصدقاءِ فى أى وقتٍ مهما كان التباعدُ الجسدي، إبقاءُ الأسرةِ والمعارفِ على علمٍ دائمٍ بما يحدثُ ويجدُ، الدعايةُ الشخصيةُ والتجاريةُِ والسياسيةُ والاجتماعيةُ والفكريةُ والعقائديةُ، تكوينُ صداقاتٍ جديدةٍ ومتنوعةٍ من خلال الانضمامِ إلى مختلف المجموعات والتجمعاتِ، التشاركُ مع الآخرين في الموسيقى المفضلة ومقاطع الفيديو والصورِ.

إلا أن هناك من سلبياتِه الشئ الكثير مثل إتاحةُ البياناتِ والصورِ الخاصةِ على الملأ وتَعَرُضُها لإساءةِ الاستخدامِ، إقامةُ علاقاتٍ عن طريق الخطأ مع أشخاصٍ سيئى النوايا، تلقي النشراتٍ الإخباريةٍ غير المرغوبةِ عن أنشطةِ الأصدقاءِ على فيسبوك، نشرُ مستنداتٍ وظيفيةٍ تحظرُ قوانينُ العملِ نشرِها والتفريطِ فيها، إتاحةُ المعلوماتِ الشخصيةِ التي تطلبُها بعض التطبيقاتِ من مشتركيها. أيضًا، إدمانُ فيسبوك وقضاءُ ساعاتٍ طويلةٍ بداخلِه باعتبارِه المتنفسِ الوحيدِ للتعبيرِ عن الذاتِ خاصةً للأشخاصِ الإنطوائيين، وهو ما يزدادُ فى البلدانِ العربيةِ التي يصعبُ فيها التواصلُ الحقيقى والحر مع الآخرين. ومن الضارِ، عَدمُ شفافيةِ التعاملُ مع فيسبوك، ذلك أنه يستحيلُ التيقنِ من هُويةِ الأصدقاءِ ومكانِهم، مما يجعلُ الانجرافَ في تجمعاتٍ وتحركاتٍ أمراً فيه من المغامرةِ الشئ الكثيرِ، فقد تكون النداءاتُ والدعواتُ من جهاتٍ معاديةٍ وأجهزةِ استخباراتٍ.

لكن لماذا الكلامُ الآن عن فسبوك؟ إحصائياً وُجِدَ أن 47٪ من مستخدمي فيسبوك يقلُ عمرُهم عن خمسة وعشرين عاماً، وأن نسبةَ مستخدميه حتي ما دون الخمسةِ والثلاثين عاماً تبلغ 74٪. وهي أرقام شديدة الدلالة علي أن مستخدمي فيسبوك في معظمِهم من الشبابِ صغير السن الذي تغلبُه الإنطوائيةُ والذي يعجزُ عن التفاعلِ الحقيقي مع المجتمعِ المحيطِ. أما عندنا فالحالُ شديدُ الغرابةِ، فمستخدمو فيسبوك فيهم من تخطوا هذا السن بكثير وأصبحَ إدمانُه متنفسَهم الوحيدَ، وما خَرَجَ من هذا الفخِ أعضاءُ هيئاتِ تدريسٍ بالجامعاتِ ممن اعتبرَوه وسيطَ نقلِِ ما يتصورونه خلاصةَ أفكارِهم وإبداعاتٍهم وفلسفاتٍهم وتفرداتٍهم ومواقفٍهم التي يرونها ثوريةً. فيسبوك وسيلتُهم المجانيةُ للنشرِ وأيضاً لتأليبِ الطلابِ المتابعين لهم لو بحسنِ نيةٍ. من أعضاءُ هيئاتِ التدريسِ بالجامعاتِ من نحى البحثِ العلمي جانباً، وتفرَغَ لقعدةِ فيسبوك بالساعاتِ. 

لقد أحدَثَ فيسبوك تغييراتٍ جوهريةٍ في الدولِ العربيةِ ذات الأنظمةِ القمعيةِ بعد أن ضاقت سبلُ التعبيرِ الحقيقي أمام ملايين المثقفين والشباب، لكن هل كانت هذه التغييراتُ وليدةُ مجموعاتٍ وتجمعاتٍ مُتجانسةٍ مُتحدةٍ حقاً في الأفكار والمرامي؟ لم يغيرْ فيسبوك الحياةَ في الولاياتِ المتحدةِ حيث نشأَ ولا في أوروبا واليابان، لكنه استأسَدَ في مصر، هل هى مصادفةً؟ لا بدَ أن نتساءلَ ونتفَهَمَ ونحترسَ، فالمستخبي أكثرَ مما بانَ، وما هو آتٍ أخطرُ مما حَدَثَ. 

فيسبوك، في نسختِه المصرية، غِناءٌ في الحمام وحواراتٌ من وراء حُجُبٍ. مرتادوه يجدون في أنفسِهم فلسفةً وفكرًا وشجاعةً وفنًا ورقةً ومشاعرًا مُرهفةً، يديرون حواراتٍ ويفتحون مواضيعًًا يعجزون عنها إذا تواصلوا في الحقيقةِ والواقعِ. فيلمٌ يحاكي الواقعَ وما هو بواقعٍ، كلامٌ ودوشةٌ وسخونةٌ عن بُعدٍ، تُقابلُها برودةً إذا تلاقى فرقاء فيسبوك. وضعٌ عجيبٌ، نَجحَ فيسبوك في تحقيقِ تواصلٍ إخباري لكنه اجتماعيًا موهومٌ، غابَ عن مُرتاديه أن قدرةَ الإنسانِ على التلاقي تولدُ معه وتنمو بالممارسةِ الحقيقيةٍ، بالتفاعلِ مع بشرٍ، عن قُربٍ، يستحيلُ أن يقربَ فيسبوك من يفتقدون القدرةَ على الودِ وحسنِ المعاشرةِ.

المواقعُ الاجتماعيةُ، ومنها فيسبوك، فيها الخداعُ والكَذبُ، ضحاياها بغيرِ حَصرٍ، كثيرون يَظهرون فيها بغير حقيقتٍهم، عن بُعدٍ ومن وراء سُتُرٍ يكتبون بِرِقةٍ، بظرفٍ، بفبركة، بفزلكة، يُعطون من طَرفِ اللسانِ حلاوةً ويروغون عند الجَدِ كما يروغُ الثعلبُ. المنافقُ والكاذبُ والمرتَزقُ والوصولي، من ضمن كائنات المواقعِ الاجتماعيةِ، هي غايتُهم وملعبُهم، وسيلةُ دعايتِهم الشخصيةِ، مجانيةٌ وسَهلةٌ، كلمتين وحكايتين واستظرافتين. 

لا أجلس على مقهى فيسبوك، لكن أتابع مرتاديه، خاصةً من أعرفَهم، لما أقرأ تنهداتِهم وتأوهاتِهم وتأملاتِهم أتيقنُ من وهمِه. لست ضد فيسبوك، يستحيلُ، لكن الحَذرَ واجبٌ، جدًا جدًا، لا لفيسبوك السباب والشائعات والنميمة والارتزاق، لا لمقهى فيسبوك، وأهلًا بفيسبوك المعلوماتِ المفيدةِ والتعاملاتِ السَويةِ، لا مواعيدَ، لا بيعَ ولا شراءَ، لا زواجَ ولا طلاقَ، خفيف خفيف. 

كلام فيسبوك مدهون بذبدة، غالبًا،،

Twitter: @albahary

الأحد، 6 يناير 2013

إخواني ...


في المجتمعات المريضة يُعرفُ الشخص بانتمائه، الديني أو العرقي أو السياسي أو الاجتماعي، فهذا يهودي، وهذه إمرأة، وهذا صعيدي، وهذا فقير، وهذا أسود، ووفقاً لهذا التصنيف تكون المعاملةُ والنظرةُ، المُعدة سلفًا والمُعلبة، دون نظرٍ لكفاءةٍ شخصيةٍ. هذه المجتمعاتُ البدائيةُ في فهمِها لحقِ الإنسانِ في حريةِ العقيدةِ والفكرِ وفي الفرصِ المتساوية في المعيشةِ، أصبحت موجودةٌ وزاعقةٌ في أفغانستان والصومال والسودان، وهي أشباهُ دولٍ مزقتها الطائفيةُ والعنصريةُ، وللأسف فإن العراق على ذات الطريقِ الوعرِ ماضيةٌ، وكذلك مصر. 

في مصر الآن مصطلحاتٌ بعينِها تُشيرُ للشخصِ وتَحكُمُ النظرةَ إليه، قبل أن يتكلمَ أو يعملَ، وإخواني على أولِ قائمتِها. فالإخواني أصبحَ مرادفًا للفِ والدورانِ والملاوعةِ والانتهازية والعملِ في الخفاءِ، وغيرِها من صفاتٍ تجافي الصراحةَ وأمانةَ التعاملِ. لماذا؟ لأن عامين بعد ٢٥ يناير ٢٠١١ أظهرا بوضوحٍ مشهدًا لم يكن في صالحِ الإخوان ولو كسبوا انتخاباتٍ واستفتاءً، واتهاماتُ التزويرِ والرشاوى قائمةٌ شاهدةٌ رغم النفي والتكذيبِ. لم يتمكنْ الإخوانُ من بناءِ الثقةِ مع غيرِهم، بعدما أنكروهم ولاوَعوهم ورَوعَوهم وأبعَدوهم، الإخوانُ في واديهم ولو على حسابِ مصلحةِ وطنٍ يئنُ ويتمزقُ.  سياستُهم تقومُ على توزيع الاتهاماتِ وإلصاقِ الفشلِ بشماعاتٍ يعلقونها على غيرِهم، مخطَطُهم الاستيلاءُ على وطنٍ بمن فيه، بأي ثمنٍ، بأية تضحيةٍ من دماءِ وقوتِ أبنائه. 

عدمُ الاستقرارِ وتردى الأمنِ ووقوعُ الاقتصادِ ترجعُ إلى النظرةِ الإقصائيةِ، إلى التصنيفِ حسب الانتماءِ الفكري والديني، بدأه الإخوانُ ومن شايعوهم من سلفيين، وسقطوا فيه، أصبحَ الإخواني  محلَ نظرٍ بالريبةِ والشكِ. في فترةِ الستينات كانت كلمةُ يهودي تعني الخبثَ والبخلَ، ودَلَت  إقطاعي على من يستغلُ غيرَه ويعيش في رفاهية، كانت فترةٌ مريضةٌ بالإنغراقِ في الذاتِ، بإنكارِ ذكاءِ الآخرين وقدراتِهم، وانتَهت، نهايةً منطقيةً، بهزيمةٍ ساحقةٍ غيرَت وجه مصر والمنطقةِ إلى الأبدِ. 

ما عهدُ الإخوانِ بمختلفٍ، فيه غَضُ البصرِ عن العشوائياتِ، فيه انتشارُ الباعةِ الجائلين وعرباتُ الفول في كل مكان، لم تعدْ المناطقُ راقيةً، انظروا في شارع الطاقة على امتداده، بجوار نادي أهلي مدينة نصر. في عهدهم ظهرَ إعلامٌ ديني طويلُ اللسانِ مسكوتٌ عنه، في مقابلِ إعلامٌ آخرٌ مغضوبٌ عليه مُحاصرٌ ومسحوبٌ إلى النيابات والمحاكم، في عهدهم شَهدَ القضاءُ إهاناتٍ لم يُسكَتْ عنها طوال تاريخِه، في عهدِهم للقانونِ يقظةٌ وسُباتٌ،  في عهدِهم لا تستأهلُ المعارضةُ إلا السبابَ والتخوينَ والعمالةَ، في عهدِهم انقَسَم الشعبُ المصري بأكثر مما يستطيعه أعدى الأعداء. 

هل يُقالُ وزيرٌ إخواني من منصبِه؟ هل تُسحَبُ الثقةُ من وزارةٍ إخوانيةٍ؟ هل يعترفون بفشلٍ؟ هل يعملون لإزالة ما باحَت به صفة إخواني وشاعَت؟

نُشِرَت بجريدة الأهالي يوم الأربعاء ٩ يناير ٢٠١٣

Twitter: @albahary

الاثنين، 31 ديسمبر 2012

الأبحاث السيكو سيكو ...



البحثُ العلمي صراحةٌ وجديةٌ وأمانةٌ، في العالم المتقدم طبعًا. الصراحةُ هي عرضُ النتائجِ بتجرد، بما لها وما عليها، الجديةُ هي المعاناةُ حتى الوصول إلى نتائجٍ حقيقية، أما الأمانةُ فهى عدمُ سرقةِ أفكار الغير ثم إعادةُ عرضِها مع مجرد تغيير عنوانها. البحثُ العلمي المحترمُ يجدُ طريقَه إلى المجتمع العلمي من خلال مؤتمراتٍ علميةٍ ودورياتٍ علميةٍ محترمةٍ، وكلها معروفةٌ بالاسم والمكان، هذه المحافلُ العلميةُ تخضعُ للتحكيمِ الحقيقي بواسطةِ متخصصين على أعلى مستوى، ولا تنشر إلا ما يُتيقنُ من صحتِه وإخراجِه. 

لكن مع زمن الهَلس، يتسربُ الهَجسُ لكل شئ، فكما هناك الفنُ الهابطُ، والسلعُ التلفانةُ، والشخصياتُ الفارغةُ، هناك البحث العلمي السيكو سيكو، إنه البحث العلمي اسمًا لا فعلًا، الذي لا يتحلى بالصراحة ولا الجدية ولا الأمانة؛ إنه الفهلوة بعينها. هذه النوعيةُ من الأبحاث غير العلمية، تجدُ مؤتمراتٍ ودورياتٍ لنشرِها، إدفع ننشر، هكذا بمنتهى الوضوح، على بلاطة. مع زمن الإنترنت لا توجدُ أسرارُ، فكما يُعرف الجيد، فالردئ مكشوفٌ مفضوحٌ على الملأ، مهما تَصورََ أنصارُه من الفهلوية، فهناك مؤتمراتٌ ودورياتٌ في سيريلانكا وجزر القمر وحواري الهند، تَنشرُ كلَ ما يُقدمُ لها، لا موضوع ولا شكلَ، أسطرٌ مرصوصةٌ والسلام، خزعبلاتٌ ومُلوِثاتٌ. 

المؤتمراتُ والدورياتُ الفشنك لها روادُها، من الراغبين في الترقيةِ بسهولة، بأقلِ مجهودٍ، وللأسفِ فإن كثيرًا من زبائنِها مصريون، من الجامعات ومعاهد الأبحاث، يتقدمون للدرجاتِ الأكاديميةِ متصورين أن لجان الترقيات لن تفقسهم، ولما يفشلُ مسعاهم يبدأ التباكي على التعسف والظلم وعدمِ الفهمِ. هذه النوعية من المتقدمين ليست بالقليلةِ، ومع ظُلمةِ زمنِ تكبيرِ الدماغِ والزيفِ والمطاطاة يُمْكِنُ  مرورُهم، فتتعسُ بهم الدولةُ ككلٍ. ومع التقديرِ الكبيرِ لما يبذلُ في الجامعاتِ من دعمٍ مادي للنشرِ العلمي، فإنه من باب الرشدِ في الإنفاقِ ألا يُدعمُ إلا النشرُ الحقيقي، ليسَ النشرَ  السيكو سيكو في آخر الكرةِ الأرضيةِ. 

البحثُ العلمي مناخٌ متكاملٌ، مرآةٌ لمجتمعِه، يعلو ويزدِهرُ في المجتمعاتِ السويةِ، وينكمشُ في المجتمعاتِ المرضانة، مجتمعات السيكو سيكو،،

نُشِرَت بجريدة الأخبار يوم الثلاثاء ١١ ديسمبر ٢٠١٢

Twitter: @albahary


الخميس، 6 ديسمبر 2012

فَتحُ مصر

احتلَ من ينتهجون فكر القاعدة أراضٍ شاسعةٍ في مالي، وبدأوا فورًا في تطبيق ما يرونه شريعةً إسلاميةً، بدأ المجتمع الدولي يُعدُ لإسقاطِهم. قبلها اجتاحت القوات الأثيوبية الصومال، أسقطت دولة المحاكم، شهور قليلة أمضتها المحاكم فيما يشبه السلطة، كرَرت الخطابَ العتيقَ، المتشنجَ، المانعَ، الرافضَ، تجبرت رغم هشاشتها، ثم، اندحَرَت وفرت وهربت. الفضائيات لم تكذب، علي الملأ أذاعت مظاهر الفرحة بسقوطها، قهرت شعبها باسم الدين، هكذا كلُ جبارٍ متسلطٍ، تحت أي شعار، من أجل الشعب البطشُ وبه الاستغاثةُ عند الغرق٠


قبلها كان إقصاء طالبان بعد أن قدمت نموذجًا يستحيلُ أن يُحتذي. وبنفس الإخراج، أُبعد حزب الله عن جنوب لبنان، أُجلي عن أرضٍ كان يعتبرها حصنَه وملاذَه، يتغني بالنصر عن بُعد، بالمراسلة، يطالب بالثمن من استقرارِ لبنان ووحدتِه، يلعب بشارعٍ يسودُه التقلبُ والغوغائية. وبمحنة الجلوس علي كراسي السلطة اِبتليت أيضاً حماس، انتخبها الشعب أملاً في الخلاص، لم تستوعب العصر، اتشحت بنفس سلاح القهر، باحتكار الصواب، برفض الآخرين، بإنكار التاريخ، المعاهدات، الاتفاقيات. العالم الآن شديد الحساسية لهذا الخطاب، لا يصدقه، لا يثق به، يري فيه التنمر عند المقدرة، الخيانة المبررة٠

ثم كيف سقطت الدولة العثمانية؟ لقد ضربها الفساد والعنصرية الدينية والعرقية، حتى تحللت وسَهُل على الغربِ اسقاطِها تقسيمها ٠

في مصر تجربة مماثلة تبدأ، تتصورُ في نفسِها القوةَ، تستغلُ سلطةَ الدولةِ، بوضعِ اليدِ سيطرَت علي شوارعٍ وجامعاتٍ ونقاباتٍ، تغلغلَت باسمِ التجارةِ وفعلِ الخيرِ، أساءت لكل من فَكَرَ علي خلافها، سلاحُ الدين مُشهرٌ، به تمنحُ وتمنعُ، تبيحُ وتحللُ، تقودُ المطحونين لويلاتٍ أكبر منهم. ما أخطر سيطرتِِهم وحكمِِهم، المعاهداتُ التي ينكرونها ستهدُرُ أرضاً غاليةً، إنكارُُ المواطنةِِ سيمزقُ الوطنَ، لا يملكون إلا كلامًا براقًا متلونًا وتاريخًا محدودَ النماذجِ، بالهوى يروونه وبواقعٍ بائسٍ يائسٍ فقيرٍ معدمٍ يتصورون إعادتَه٠

بنك فيصل نموذجٌ سيكبرُ، نظامٌ قَبَليٌ يستبعدُ المخالفين في الديانة، يستغلُهم ولا يسمحُ بمشاركتِهم في اتخاذِ القرارِ، في الحكمِ، كلُه باسم الدين. الوضعُ خطيرٌ، مصر تُمَزَقُ، لا نملكُ ترفَ المجاملةِِ، إخفاءَ الحقيقة والمخاوفِ، الدفاعَ عن أنظمةٍ فيها عظاتُ كلِ عاقلٍ، الترويجَ لمن يرون أنهم الحل، ليسوا إلا الدمار علي عجل، الخروج من التاريخ والجغرافيا٠

 العالمُ يمتلكُ القوةَ والمقدرةَ، الشعبُ هو الضحيةُ، مصر الدولة. الحكمُ الديني يعني سقوطَ الدولةًِ، مصر تُفَتَتُ، سيتكاثرُ عليها كلُ من يعارضُ حكمًا دينيًا في عالمِ اليومِ٠

بعد الإعلان الدستوري والانتهاءِ ما بين طرفةِ وعينٍ وانتباهتِها من دستورٍ مشبوهٍ، أُعلِِن التباهي بأبهى عصور الإسلام، بفتحِ مصر، من جديد. هل تتفقُ مصلحةُ الإخوان ومشايعيهم دينيًا مع مصلحةِ مصر؟ يا قلب المخلصين عليك يا مصر ٠٠٠










Twitter: @albahary

الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012

إعلام السيكو سيكو


إسقاط ف-١٦ إسرائيلية فوق غزة، عنوانُ أهرام يوم السبت ٢٠١٢/١١/١٧، صواريخُ حماس تستهدف الكنيست، عنوانُ أخبار اليوم  في نفس اليوم. لا الطائرةُ سقطَت ولا الكنيست أُصيب بذبابة!! إذا كانت أكبرُ صحفِ الإخوان، الوطني سابقًا، على هذا القدِر من الخداع والتلفيق فكيف تكون باقي وسائلِ الإعلام من تليفزيون وفضائيات إخوانية، حكومية سابقًا؟! تدهورَ حالُ مصر والإعلامُ مرآتُه بعد أن تمَ تأميمُه بالأخونة، الغريبُ أن مسؤولَ تعيين رؤساء التحرير بمجلس الشورى يصرح بأن الأهرام والأخبار تحقق مكاسبًا بينما تخسرُ باقي الصحف!! لم أفهم كيف تتحققُ هذه المكاسبُ وقد قاطعَها مثقفو الشعب المصري !! هل يقبلُ شعبُ مصر بعد أن أفاقَ أن يستمرَ خداعُه؟! هل يستبدلُ الشعبُ المصري خداعًا بخداعٍ؟! هل يستمرُ مسلسلُ استغفالِه من عهدٍ إلى عهدٍ؟ أإلى هذا الحدِ تكونُ الجَرأةُ في انكارِ ذكائه؟!

قدرُ مصر أن يحكمَها من لا يفكرون إلا فيما ينفعُ مصلحتَهم، قدرُها أن تعاني وتئن، ممن يحكمونها، بنفسِ قدرِ معاناتِها من شعبِها، مع كلِ الآسى. مصرُ بلدٌ بلا صاحب، لم تعرفْ الاستقرارَ طويلًا، دائمًا ما تنتهي علاقةُ شعبِها بحكامِه نهايةً مأساويةً، فيها الهزيمة كما حدثَ عام ١٩٦٧، وفيها الاستيلاء عليها كما يحدثُ الآن. شعبُها يثورُ، بعد فواتِ الآوانِ، بعد أن يطفحَ الكيلُ وتخرجُ الأمورُ عن السيطرةِ، وقتها ينعدمُ العائدُ من فورانِه. تاريخُ مصر زاخرٌ بالاحتلالِ من كل نوعِ وبالمظالمِ، بشعبٍ مقهورٍ بطئٌ في ردِ فعلِه وفي التعبيرِ عن غضبِه، يفهمُ جيداً، لكن بعد أن تقعَ الفأسُ في الرأسِ، بعد أن تصبحَ ثورتُه وفورانُه بدايةً لاحتلالٍ جديدٍ، بعد أن يستحيلَ إصلاحُ خسائرِ عهدٍ ثارَ عليه. 

الإعلامُ دائماً آداةُ الخداعِ والتلوين، الأسودُ عنده فوشيا مُزهزهٌ، والرمادي الكالحُ أخضرٌ يانعٌ، هكذا يُصَورُ لمصر الآن، المستقبلُ المُعتمُ وكأنه الجنةُ الموعودةُ، يلعبون على عواطفِه يظهرون القهرَ والتكتيفَ والتكميمَ وكأنها الفضيلةُ المُرتجاة. في عام ١٩٦٧ دُمِرَ الجيشُ الإسرائيلي وطيرانُه، وصحى الشعبُ على الهزيمةِ والاحتلالِ والانسحابِ والذلِ والقهرِ. مصر الآن في فترةٍ من أخطرِ ما يُمْكِنُ على سلامةِ أراضيها ووحدةِ شعبِها، سيناءُ يفرطُ فيها لصالحِ أفكارٍ مذهبيةٍ لا تعترفُ بأوطانٍ وحدودٍ، الأرض المصرية بكاملِها يُخططُ لإعادةِ صياغتٍها، في ظلِ إعلامِ مسحوب، مقيدٍ، بلا عقلٍ ولا فكرٍ. 

هل من مصلحةِ مصر أن يكونَ دستورُها قصيرُ النظرِ، محدودُ الأفقِ؟ هل من مصلحتِها أن تُستباحَ سيناء؟ هل من مصلحتِها أن تعودَ للخلفِ قرونًا؟ هل من مصلحتِها أن يعلو الانتقامُ وتصفيةِ الحساباتِ؟ هل من مصلحتِها الطائفيةُ والعنصريةُ؟ 

كل ما هو في غيرِ مصلحتِها مؤكدٌ عندما يكون الإعلامُ سيكو سيكو،،

Twitter: @albahary