الثلاثاء، 3 يونيو 2008

رهانُ الإخوانِ



الرهانُ هو وضعُ أوراقِ اللعبةِ في اتجاهٍ ما وانتظارُ النتيجةِ، إما تُصيب أو تخيب، مقامرةٌ، لغةُ السياسةِ، لكنها أيضاً لغةُ كلِ من يلقي حمولَه علي كتفٍ ما، انتظاراً للحظةِ غنمٍ قد لا تجئُ أصلاً. في مجالِ العملِ، لغةُ الوصوليين والانتهازيين دوماً هي الارتكانُ علي شخصٍ بعينِه، نفاقُه والسيرُ وراءه، قد يكونُ رئيسَ وزراءٍ، وزيراً، مديراً، المهم أن يمتلكَ مفاتيحَ الترقي. لطالما نجحََت هذه الخطةُ، ولطالما أوصلَت إلي كرسي السلطةِ من لا يجوزُ أن يقربوها، إلا في عصورِ التردي.
هكذا يلعبُ الإخوانُ، يرتكنون علي قويٍ جبارٍ، لا يقفُ أبداً، الزمنُ. الزمنُ هو ما يراهنون عليه، يتصورون أنه في صفِهم، ما عليهم غيرُ إعدادِ عُدتِهم وانتظارِ وصولِه، الآن، غداً، بعد غدٍ، إنه قادمٌ لا محالةَ. إنهم يرون أن هِرمَ النظامِ يصبُ في صالحِهم، أنه لن يستمرُ، الضنكُ الاقتصادي بما يسببه من غضبٍ شعبي يمهدُ لهم، الساحةُ العالميةُ المُتخمةُ بالغضبِ من السياسةِ الأمريكيةِ تقويهم ضد سياساتِ النظامِ القائمةِ علي التحالفِ المصري الأمريكي، الفسادُ المستشري من أعلي السلطةِ لأقلِ موظفٍ عامٍ يروجُ لشعاراتِ الطهارةِ التي يرددونها ليلَ نهارَ، استعدادٌ شعبي لتقبلِ الخزعبلاتِ والخرافاتِ وحكاويٍ بلا سندِ يتفقُ مع نهجِهم. الجو العامُ إذن يعبدُ طريقَهم، علي الأقلِ في تخيلِهم.
استعداداتُهم لا تهدأُ، ينخرون في قواعدِ المجتمعِ، بخطباءِ مساجدٍ متشنجين صارخين زاعقين، بأنشطةٍ تبدو في ظاهرِها خيريةً وفي واقعِها هي شراءٌ للمواطنِ البسيطِ المطحونِ، محطاتُ ترامِ الاسكندرية تشهدُ كيف استولوا عليها بباعةٍ غلابة يروجون شرائطَ كاسيت وكتباً بخطبِهم وأفكارِهم، الجامعاتُ يُفتتون فيها بطلابٍ مطحونين وأعضاءِ هيئةِ تدريسٍ ناقمين. صحفُهم وإعلامُهم ومندوبوهم في مجلسِ الشعبِ في صراعٍ لا ينتهي مع ثوابت المجتمعِ، يرفضون أية قوانينٍ من شانِها إزاحةِ ما وقرَ من صدأٍ في الوجدانِ العامِ، حججُهم أضعفُ من أن تؤيدَ اصرارَهم علي الرجوعِ إلي الخلفِ، لا بدَ من الصوتِ العالي، فيه يَبرعون، به يُخيفون.
إنهم يُفتتون في أساساتِ المجتمعِ، بأناةٍ وتخطيطٍ، لا يهدأون، لا يكلون، انتظاراً للحظةٍ يسقطُ فيها النظامُ، ولو من تلقاءِ نفسِه، بفعلِ الزمنِ، وقتها سينقضون، من أسفلِ لأعلي، في مجتمعٍ تمَ تمهيدُه لاستقبالِهم. يتناسون أن عالمَ اليومِ لن يقبلُ دعاواهم، أنه في وجودِهم علي السلطةِ نهايةٌ لدولةٍ قامَت منذ آلافِ السنين، ستتمزقُ، ستُحتلُ، ستغرقُ، لا يهمُهم، المهمُ رفعُ شعاراتِهم، ارتداءُ أزيائهم، حملُ سيوفِهم، الموتُ جوعاً من أجلِ أن تعلو أعلامُهم المحترقةُ.
الغايةُ تبررُ الوسيلةَ، ولو كانت رهاناً ومقامرةً،،

ليست هناك تعليقات: