الأربعاء، 23 يوليو 2008

دماءٌ مهدرةٌ


كالمعتادِ، حادثٌ مروري ذهبَ بحياةِ العشراتِ، هاجَ الإعلامُ، بحثاً عن التوزيعِ والمنظرةِ قبلَ الحزنِ علي الضحايا، علَت أصواتٌ مطالِبةٌ بالعقابِ وتشديدِ القوانين وكأنها غيرُ موجودةٍ. مأساةٌ ليست في حادثٍ من فرطِ تكرارِه تبلدَت العقولُ والمشاعرُ، لكنها في الاستهتارِ بالقوانينِ والنظامِ العامِ، في التواكلِ وإنكارِ الأخذِ بالأسبابِ، في تصورِ أن الغيبَ لا يخفي المهالكَ، في إغفالِ الحياةِ ذاتِها. القيادةُ في مصر مجردُ ضغطٍ علي بدالِ البنزينِ ثم اتركها لله.
القيادةُ مرآةُ المجتمعِ، حكاماً ومحكومين، نظامٌ حاكمٌ ترَكَ الحبلَ علي الغاربِ لعجزِه عن توفيرِ أساسياتِ الحياةِ من مشربٍ ومأكلٍ ومسكنٍ، من حقوقٍ في التعبيرِ عن الرأي وحريةِ الاعتقادِ وتدولِ السلطةِ. المحكومين غلبَهم اليأسُ وانعدمَت لديهم إرادةُ التغييرِ، يبخون إحباطاتِهم فيما بينهم، يتقاتلون ويتصارعون لأوهي الأسبابِ.
القيادةُ كشَفت عن مجتمعٍ لا قانونَ فيه ولا سلوكيات، لا تخطيطَ فيه ولا تحوطَ لغيبٍ مظلمٍ كاسحٍ. الحياةُ فقدَت معناها، ما أيسرُ التفكيرِ في وأدِها، لا ترتجفُ الجفونُ للقتلِ، لا يتوقفُ العقلُ لمراجعةِ الذاتِ، ثقافةٌ عدميةٌ سادَت وراجَت.
لماذا ينوحُ الإعلامُ بكل تنويعاتِه عندما يُقتلُ من يقتلُ في عدوان إسرائيلي وأمريكي؟! إذا كانت الدماءُ رخيصةً في موطنِها لماذا يُطلبُ من الأجنبي أن يُحافظَ عليها؟! المزايدةُ بالدماءِ تجارةٌ فقدَت مصداقيتَها، تؤكدُ علي ثقافةِ الاستهتارِ بالحياة لأغراضٍ شتي.
إهدارُ الدماءِ مصطلحٌ شاعَ في مفرداتِ كل من يتصورُ في نفسِه داعيةً، شاعَ أيضاً في المفهومِ العامِ لأنظمةٍ تُبعثرُ دماءَ مواطنيها ولشعوبٍ استهترَت بدمائها،،

ليست هناك تعليقات: