الاثنين، 28 ديسمبر 2015

لا هلس في العلم .. أما عندنا ؟!!


العلم دقة وأمانة، بحث ومقارنة، استبعاد الغث والتدقيق في الثمين، كد وتعب وسهر وتوتر. في العالم الذي يعرف معنى العلم ويقدره لا مكان لأهل الأونطة والدجل والتسلق باسم العلم، العلماء متواضعون، لا وقت لديهم لما يقلل من شأنهم واحترامهم لقدرهمأما عندنا، فالحال غريب وعجيب، وكلُه باسم العلم.  

الشللية تسيطر على المؤسسات التعليمية، بدءًا بالجامعات، مرورًا بالمجلسِ الأعلى للجامعات ولجانه جميًعا، ثم وزارة التعليم العالي. من يدير من؟ الجامعات مستقلة؟ في ماذا؟ لجان القطاع بالمجلس الأعلى للجامعات تضع قواعدًا عامة أم تتسلط وتفرض رؤاها بالعافية؟ ألا تُطوّر الأقسام الجامعية لوائحها ثم تحفظها لجان القطاع في أدراجها لأنها على غير ما ترى وتريد؟! ألا تسيطر نفس الوجوه منذ عقود على التعليم العالي في مصر؟! نفس الدوائر، إذا خرج فلان بعد عمر طويل مديد فسيخلفه علان من نفس الدائرة!! الوزراء السابقون خرجوا على الورق وما زالوا في اللجان ومجالس الأمناء، ومطابخ صنع القرار، بأية أمارة؟!! منتهى الركود في عالم شديد الانفتاح والتغير.  

العلم هو التجرد والأمانة، عنوانه النشر العلمي في دوريات ومؤتمرات محترمة علميًا، وهي معروفة بالإسم. ظهر عندنا من تفنن في البحث عن الدورياتِ التجارية التي تنشر بمقابل وبدون تحكيم أو تدقيق، وكذلك في المؤتمرات السياحية في المنتجعات التي تلم ثمن النشر في مقابل تفويت كلام فارغالدوريات المحلية تشتري مواقعها في دور النشر العالمية ويدعي المشرفون عليها أنها عالمية، بكل الجرأة، وكأن الدنيا لا تفهم معنى شراء مواقع الاستضافة على الإنترنت!! 

من يدعون أنهم باحثون مصريون يتقدمون للترقية في دوريات ومؤتمرات تحت السلم؛ الدوريات المحلية تُحكم حسب الأسماء المنشورة على المقالات، المفترضة علمية، فلان لا يُحَكم له لأنه جامد، وعلان الغلبان يخضع للتحكيم طويل الأجلهناك من المقالات ما يُنشر بعد ثلاثة أسابيع من تقديمه وهناك ما يستغرق شهورًا حتى يحوز النشر!! هناك من المقالات ما يوضع عليها عشرة أسماء، مجرد شؤون اجتماعية، شَيِلني واشيلك، ضع إسمي على بحث وسأفعل نفس الشئ!! عشرة أسماء على مقال علمي ليس عملًا جماعيًا ولا فريقًا بحثيًا إنما مع الأسف تحايل وتنطُع على العلم وأخلاقياته وعلى قواعد الترقيات.  

اللجان العلمية للترقيات فيها من يعتبرها نقابات مهنية لتفويت متقدمي جامعاتِهم ولو تدنى مستواهم!! عليها الكثير والكثير مع كل الأسف، والعيب في أعضائها قبل القواعد ... أما الجوائز العلمية على مستوى الدولة والجامعات فلا تخرج عن نفس النمط، نفس الدائرة، وكأنها عطايا للبعض بعينهم، لكن من جيب الدولة!! لا شفافية في القواعد ولا وضوح. أما آلت إلى كن طيبًا طيعًا مُهادنًا تحصل على جائزة ونص وثلاثة أرباع؟!

التسجيل للرسائل العلمية يكون طوابيرًا على المشرف السلس السهل، الكول، الذي يمنح الرسالة بسرعة!! وكذلك التكالب في المواد الدراسية على من يعطي أعلى الدرجات بغض النظر عن التدريس!! وسلم لي على الجودة التي قننت السطحية والمنظرة

ومع الأسف يزدادُ الأمر سوءًا بفعل صفحات التعليم والبحث العلمي في الصحف الحكومية والخاصة وتفرغها لقضايا وحسابات شخصية باسم العلم وأخلاقياته.  


العلم منتهى الجدية، أما عندنا...؟!!


Twitter: @albahary

ليست هناك تعليقات: