السبت، 26 أغسطس 2017

تعديلُ الدستورِ .. بثمنِه

حدوتةُ المدِ لرئيس الجمهورية ليست بالجديدة، إنها ترجِعُ لعهودِ كل الرؤساء السابقين، ويبدو أنها متوارثةٌ ولها مُتخصِصوها في دوائر السلطة والإعلام. لكن تعديلَ الدستورِ هذه المرة وفِي هذه الظروفِ أمرٌ شديدُ التكلفةِ، ولنتذكر ما تتعرضُ له تركيا الدولة الديمقراطية الغنية القوية بعدما عُدِل الدستور حتى يستحوز أردوغان على قدرٍ أكبر من السلطات، وكذلك فنزويلا التي توشك على السقوط

تكلفةُ التعديلِ باهظةً داخليًّا وخارجيًا، وهو ما يستحيلُ تجاهلُه والاستهتارُ به. فداخليًا لقد تمَت الانتخابات رئاسيةً وبرلمانيةً وفقًا للدستور الحالي، واختارَ الشعبُ وفقًا له. فكيف يَتقبلُ الشعبُ فكرة "هييييه مش لاعب"؟! الشعبُ واعٍ ولابد من احترامِه والاتعاظِ مما سبقَ من تجاربٍ أوردَت خسائرًا فادحةً من عدم استقرارٍ سياسي وأمني وضحايا كُثرُ

أما خارجيًا، فمصرُ لم تستردْ عافيتَها بعد، ولا تزالُ الدولُ المهمةُ في العالم تتعاملُ مع الإدارة المصرية بتحفظٍ واضحٍ؛ وها هي الإدارةُ الأمريكيةُ تُجمد جزءًا كبيرًا من المساعدات بسبب عدم الرضا عن أحوال الديمقراطية وحقوق الإنسان. تعديلُ الدستور سيُعطي هذه الدول ذريعةً من ذهب ٍلمحاصرة مصر، وهو ما يمثل خطرًا شديدًا في ظل الأوضاع الأمنية والاقتصادية الحالية

للرئيس مدتان في الدستور الحالي، كل منهما أربع سنوات، لابدَ من احترام إرادة الشعب ووعيهوسواء اِنتُخب الرئيس السيسي أو لم يُنتخب فهو الكسبان الأول، ذلك أنه سيُرسي مبدأ احترامِ إرادةِ الشعب وعدم الالتفافِ حولَها، وسيُلجم بذلك أي دعاوٍ باطلةٍ تُثار حول توليه السلطة أو تلتفُ حولَه أو حولَ من يأتي بعده للتحايل على إرادة الشعب

اللهم لوجهك نكتبُ. نظريةُ المؤامرةِ ليست سببَ كُلِّ مشاكلِ مصر، إنها التبريرُ الأيسرُ الجاهزُ لأي إخفاقٍ، لكن قبلَها والأشدُ خطرًا أخطاءُ إدارةِ الداخلِ. مصرُ في محنةٍ، والثقةُ في اختيار الشعب مفتاحُ تخطيهايستحيلُ الحكمُ رغمًا عن الشعبِ، أما التحايلُ عليه والاستخفافُ به فما وارءهما إلا أوخَم العواقبِ، ولو بعد حين.


الفَطِنُة في الإتعاظ أولًا من تجاربِ من سبقوا، من التاريخ،،


Twitter: @albahary

ليست هناك تعليقات: