الأربعاء، 8 سبتمبر 2010

في بنك الدولة؟!


ذهبت يوم الإثنين، 06 سبتمبر، 2010، إلي البنك الأهلي فرع الجولف بمصر الجديدة، لقضاء مصلحة لا باعتباري من ذوي الملايين. قبل العيد، الزحامُ شديدٌ، أنجزتُ ما أريد بعد ساعة انتظار. عند خروجي لَفت نظري وضعُ خمسةَ مصاحفٍ علي منضدةٍ رئيسيةٍ بالقاعةِ تعلوها لافتةُ "أعِد المصحفَ لمكانِه بعد قراءتِه". دارت الأفكار في دماغي، قراءةُ المصحفِ شئٌٌ مستحب، لكن هل البنك مكانه؟ وهل كل عملاء البنك من المسلمين؟ وهل كل الإدارة من المسلمين؟ ألا يوجد أقباط في هذا البنك يحقُ لهم أيضاً تهوين الانتظار بالقراءةِ في الإنجيل؟ من وضعَ هذه المصاحفَ؟ إذا كانت الإدارةُ فقد جانبَها الصوابُ، وإذا كان عميلٌ فالإدارةُ علي غيرِ صوابٍ أيضاً. هل تُدار الدولة من خلال أجهزتها أم من خلال أيادي تستقوي بالدين رغماً عن الدولة؟! هل بهذه البساطة وبهذا القدر من تسطيحِ الأمور تُزرعُ الفتنةُ والكراهيةُ والتعصبُ؟! ماشي، لو كنا في شركةِ توظيفِ أموالٍ من إياها، لكن مش ماشي في البنك الأهلي، أحد أقدم بنوكِ الدولةِ المصريةِ!! لا عيب في احترامِ الأصول مهما كانت التشنجاتُ والبذاءاتُ التي امتهنها الجُهال المُنقادون،،

كِده وكِده...




سُرِقت لوحة زهرة الخشخاش للرسام العالمي فان جوخ من متحف محمود خليل بالزمالك، اتضح من التحقيقات الإهمال الجسيم وانعدام الإجراءات الأمنية. توجد كاميرات مراقبة، لكنها عطلانة، ورُصَ ورجال أمن، لكن منظر!! شئ محزن، فضيحة عالمية، الأهم الدلالة. متحف محمود خليل جزء من مصر، صورة لها. مصر الدولة، كل ما فيها يوحي أن هناك دولة متكاملة الأركان، نظام حكم، مجالس نيابية، جامعات، مدارس، مؤسسات، إعلام، ناس رايحة وناس جاية، لكن مع الأسف الصورة غير الواقع، الكل يؤدي دون أن يؤدي.
مسرحٌ كبيرٌ، فيلمٌ من أفلام الخيال، فيه من يتكلم عن الانتخابات بحرقة دون أن تكون موجودة حقاً، فيه من يتكلم عن مجانية التعليم وقد لهفت الجامعات الخاصة والدروس الخصوصية فلوس الناس، فيه من يتكلم عن جودة التعليم وفصل الجامعات عن السياسة بينما هي تدار من خلال لجنة السياسات، ناس إلي الشغل ذاهبة ومنه آتية دون أن تعمل، إعلام فضائي وأرضي لا ينقل إلا ما يريد لا ما يجب أن يكون. الناس حوصرت بالغم والهم والملل، كل واحد روحه وصلت لمناخيره. في هذا الزمن تتأكد مقومات الدول بتوافر الأساسيات من مياه وكهرباء، زراعة للقوت، صناعة تقي غدر السياسة والزمن، تعليم يزرع الأمل وصحة توصل إليه، سكك حديد حديثة وطرق آمنة. أين كل ذلك خارج تصريحات الريادة والزهزهة؟ ما يُري سوي هشاشة وهلامية، كيانٌ ضخمٌ رأسه صغير، رجلاه عودان من بوص، ويداه من كرتون، لكن صوته عال!! عليل وقليل الحيلة، طبيعي ألا يؤخذ علي محملِ الجدِ. كلام ثقيل، لكن التزويق والترويق غشٌ وتأكيدٌ علي استمرارِ ما وصلَ إليه الحال. لا نتمني أن تستيقظَ علي كارثةِ تصيبُ مصر، كما سُرِقت لوحة زهرة الخشخاش، لأن كله كِده وكِدة،،

شاهدت في السينما




فيلم حركة وتشويق حول عميلة مخابرات أمريكية تحاول إثبات براءتها من تهمة كونها جاسوسة مدسوسة لحساب الروس. الفيلم ملئ بالمطاردات والحركات الخطيرة, المنازلات وجثث القتلى, وإختيار أنجلينا جولى فى دور العميلة محور الأحداث يزيد من جاذبيته إلى جانب أنه يتزامن مع كشف السلطات الأمريكية عن شبكة تجسس لصالح روسيا من ضمنها سيدة إلا أن مؤلف الفيلم كيرت ويمر يكرر أخطاء فيلمه السابق (Law Abiding Citizen) من حيث المبالغات والنهاية المتوقعة التى توحى بجزء ثانى.
يا ترى هل كان الوضع سيكون أفضل لو كان إسم الشخصية بيبر Pepper ؟
درجة الفيلم : 6 من عشرة



فيلم مثير عن عميل سرى مطارد من أكثر من جهة لحيازته بطارية ذات طاقة متجددة قام بإختراعها شاب كان هذا العميل مكلفآ بحراسته وعن فتاة يتصادف وجودها فى نفس المكان والزمان والعلاقة التى تنمو بينهما.
السيناريو لا غبار عليه, الحوار ممتع, المونتاج متميز, الإخراج مناسب والأداء رائع من البطلين خاصة كامرون دياز التى رغم قيامها بدور فتاة ساذجة إلا أن الفيلم يعطيها مساحة مساوية لدور توم كروز وعنوان الفيلم بالإنجليزية يؤكد ذلك. إذا لم نتأخر كثيرآ أمام القصة وتغاضينا عن ضعف بعض الخدع البصرية سوف نجد فيلمآ ممتعآ ومسليآ إلى حد كبير.
درجة الفيلم : 7 من عشرة



فيلم تاريخى حول الشخصية الأسطورية روبن هوود. تتزامن الأحداث مع عودة الملك ريتشارد قلب الأسد من الأراضى المقدسة وفى صحبته روبن لونجسترايد (لم يكن معروفآ بروبن هوود بعد) الذى يقوم بدور هام فى مقاومة غزو قوات الملك فيليب الفرنسى لإنجلترا.
لم يركز السيناريو على شخصية روبن أو بطولاته مما أتاح فرصة التألق لمعظم الممثلين فى أداء أدوارهم المرسومة جيدآ ولكنه فى نفس الوقت لم يساهم فى جماهيرية الفيلم.
نهاية الفيلم تعلن عن بداية أسطورة روبن هوود وربما عن جزء ثانى يتناول مغامراته.
درجة الفيلم : 7 من عشرة


مهندس / دانيال تانيليان - سكندرى عاشق للسينما ومحب للفنون

معارض مكتبة الإسكندرية – يوليو 2010


فى صيف هذا العام وللعام الخامس على التوالى أقامت مكتبة الإسكندرية معارضها الفنية الثلاثة التى أصبحت علامة مميزة للحركة الفنية فى المدينة.
1- سمبوزيوم الإسكندرية الدولى للنحت فى الخامات الطبيعية.
فى هذه الدورة تم إختيار الزجاج ثلاثى الأبعاد (3D Glass) وشارك فيها فنانون من مصر وقبرص وإيطاليا واليونان وجمهورية التشيك. الأعمال التى تم عرضها كالعادة فى ساحة البلازا بالمكتبة كانت معظمها مبتكرة وملفتة للنظر. فى مقدمتها وفى إطار مفهوم ثلاثى الأبعاد ياتى "الهرم الطائر" للفنانة القبرصية مالفينا ميدلتون والعمل المركب للفنان عبد السلام عيد. ومن الأعمال التى لفتت نظرى "إعصار" للفنانة ياسمينا حيدر و"حوار" للفنان وليد أنسى. للأسف لم تساهم الإضاءة فى إبراز جماليات الأعمال بشكل جيد.
2- معرض الفنان المقيم.
شارك فيه ستة من كبار الفنانين السكندريين بالإضافة لفنان سويدى بأعمال متنوعة ما بين تصوير ونحت وجرافيك وموزاييك وخزف وأعمال مركبة. يأتى فى المقدمة الفنان الكبير أحمد عبد الوهاب الذى شارك بأعمال متميزة ومتنوعة من نحت وباستيل وخزف وعمل مركب.
3-معرض أول مرة.
شارك فى هذا المعرض حوالى عشرون فنان وفنانة من الشباب بأعمال يفوق عددها المائة ما بين التقليدى والحديث. لا شك أن المستوى العام يتحسن من دورة إلى أخرى خاصة فى الأعمال التى تستخدم التقنيات الحديثة.
وبمناسبة مرور خمس سنوات على الملتقى تم تنظيم جناح خاص لعرض بعض المختارات المتميزة والمتنوعة من أعمال فنانى معرض "أول مرة" من الأعوام السابقة.


مهندس / دانيال تانيليان - سكندرى عاشق للسينما ومحب للفنون

الأحد، 22 أغسطس 2010

بالقلم علي وشها...















حوارًًٌ ساخنٌ بين رجلٍ وامرأةٍ، لا يهمُ من المخطئ، ينتهي بقلمٍ صوتُه عالٍ، علي وجهِها، تَرِفُ المسكينة وتبكي، من هي؟ زوجته، إبنته، أخته، الجو. ما هو مستوي تعليمِها؟ مش مهم! ما هي وظيفتها إذن؟ أيضاً مش مهم!! سيناريو يتكرر في الأفلام والمسلسلات العربية، القديمة والجديدة، ثقافة، تراث، يندر في الأفلام والمسلسلات الأجنبية التي نقلدها، رمزٌ فشنك للرجولة والفتونة وقوة الشخصية، حتي لو كان القفا بعرض طريق صلاح سالم في الاتجاهين.
لما تنبه المجتمع لخطر التدخين انطلقت المطالبات لمنعُ مشاهدِ البطلِ المدخنِ في الأفلام والمسلسلات وتم بالفعل الاستغناء عنها ومعها قعدات الغُرَز، ولم يختل العمل أو يتأثر. لماذا لا تكون الدعوة بالمثل؟ لماذا لا تُمنع مشاهد ضرب المرأة علي وجهها والتعدي عليها؟ لماذا لا تُبتكر مشاهدٌ أُخري لإثبات الرجولة الشرقية، ذات الدم الحامي كما يتخيلون؟
في أفغانستان تُعاقب طالبان المرأة بقدرِ ما يتصورونه خطأً، ومن العقوبات قطع الأنف!! منتهي العظمة!! المرأة أصبحت مشكلة كثير من المجتمعات الشرقية وحائطها المائل. يلبس الرجل القصير والطويل، الشفاف والسميك، يفرفش وينعنش ويدلع نفسه، المهم أن يكون علي مزاجه، أما المرأة فلا يحقُ لها الخروج عن قوالبٍ قاتمةٍ، الحر والبرد سواء، فهي كائن منقوص الإحساس، والعقل، معاناتها وتألمها في غير بالٍٍ.
تقبلت المرأة نظرة المجتمع لها، دخلَت سجناً فُرِضَ عليها، تنازلت عن إرادتها، يَسَرت تَجَبُر َسي السيد عليها، حتي بدون وجه حق، بدون أمارة. لنجد نموذجاً في مسلسل "عايزة أتجوز"، خفيف وطريف لكنه ينتسب إلي طائفة وضع المرأة تحت بند الهطل من أجل عيون الحاج سي السيد، ولو كان معطوباً، علماً أو مكانةً أو شكلاً.
سي السيد يري أنه محور عالم المرأة، طبعاً القِوامةُ له حتي لو كانت الدواب أكثرَ منه فهماً ومقدرةً، أقعدي في البيت، أمرك يا سيدي، إلبسي كذا، أمرك يا سيدي، كفاية دراسة، أمرك يا سيدي، عالمك البيت والعيال، أمرك يا سيدي. ماذا لو عَطَبَ الحاج سي السيد في صحته أو ماله أو عمله؟ أين تذهب تلك المرأة بعيالها؟ لماذا التناكة الفارغة؟ أسئلة غير واردة، غير مطروحة طالما أمر سي السيد ورأي وشاء!!
منذ بضعة أشهر، في ترام الأسكندرية، فوجئ الجميع برجل في خمسينات العمر يضرب طفلة لا يتجاوز عمرُها الإثني عشرة عاماً، أشعبها تلطيشاً، لم يرِقْ أو يلين لبكائها وصراخِها، ولاستهجان الركاب، حكايتك إيه يا عم؟ محدش له دخل، إبنتي وأنا حر فيها!! منطقٌ مريضٌ، وكأن القانون يعاقبُ علي ضرب الغريب ويتسامحُ في ضرب القريب!!شيوع منطقِ سي السيد هذا يعكسُ مرضاً اجتماعياً نامَت عنه الآلة الإعلاميةُ، علي مستوي الدولة، وتغافلَت عنه عمداً فضائياتُ التكفيرِ التي تحصرُ نفسَها في أجندة محددةٍ، لا تحضُ علي علمٍ واحترامِ مجتمعٍ، إنما تَلِحُ علي قضايا معينةٍ يقعُ في أولِها تحجيمِ المرأةِ، مش عيلة انضربت!!
كثيرٌ من العرب يسافرون للغرب بحثاً عن العلم والعمل، يحملون في داخلهم ميراثٍاً اجتماعياً ثقيلاً يعزلهم عن المجتمعات التي سعوا إليها، يجدون الشرطة علي بابهم مع أول قلم علي وش حريمهم، أقصد ستاتهم، الحكاية مش سايبة، وسي السيد الحامي مكانه الوحيد السجن ثم أول طائرة لبلاده المحروسة.
سي السيد الشرقي الحامي الساخن قليل الانجازات، ساعات عمله قليلة، أعذاره كثيرة، لا يفكر جدياً في كيفية تقدم بلده ومجتمعه، في كيفية احتلال مكانة محترمة في عالم لا يرحم، سَلَمَ مُجَهلاً قيادَه لمفتيي القضائيات، همُه الرئيسي، أرقه الموجع، انحَصَرَ في تكتيف المرأة وتحجيمها، حفاظاً علي جنسه من الفساد والخطيئة. سي السيد ضعيف الإرادة، لا مؤاخذة، وعقله علي قده، والمرأة ستغويه وستعطله عن الإبداع، لذا لا بد من وضعها في كل القوالب، هو كده وإلا لا وألف لا!!
الدولة لأغراضِها وضعت المرأة في مناصب، رئيسة جامعة، عميدة، قاضية، ماشاء الله، لكنها لو خرجت للسوق وتحدثت مع البائع فهي الحاجة، لو دخلت في حوار كده أو كده سيكون الرد اتلمي يا ولية، أما في الأحياء الشعبية والأرياف والصعيد فالحكاية لا تحتاج سوق أو خناقة، هي حاجة وولية، وبس!!
لقد أصبحنا في مجتمعٍ يجنحُ إلي القتامةِ والغلظةِ الصحراويةِ، فقدَ أهم ما كان يميزُه، التسامحَ، التعدديةَ، قبولَ الأخرِ، تَفَهُمَ الاختلافِِ. كأبٍ، أجدني في قلق ٍ علي بناتي، وهن علي أول عتبات الحياة العملية، لست وحدي، إنما كل الأباء الذين يرجون لبناتهم الأمن والاستقرار والكرامة،،

السبت، 21 أغسطس 2010

اختيار القيادات الجامعية...بين الكياسة والسياسة



لم يجمعْ موضوعٌ كماً من القيل والقال في كل جلسة أو قعدة أو حتي وقفة مثلما نالَ تعيين أو إجلاس القيادات الجامعية، والقيادات الجامعية المقصودة هي رؤساءُ الجامعاتِ ونوابُهم وعمداءُ الكلياتِ ووكلاؤها. وتُصَنَفُ المناصبُ الجامعيةُ إلي إداريةٍ وأكاديميةٍ، فرئيسُ الجامعةِ ونوابُه وكذلك عمداءُ الكليات ووكلاؤها يمارسون مهاماً إداريةً بحتة، بينما يقوم رؤساءُ الأقسامِ بمهامٍ أكاديمية وإدارية علي مستوي أقسامِهم. ويختص رؤساءُ الجامعاتِ ونوابُِهم بأن آداءَهم لالتزاماتهم الوظيفية يكون عادةً بمنآي عن أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ، وهو ما يختلفُ تماماً عن المناخِ الذي يعملُ فيه عمداءُ الكلياتِ ووكلاؤها وكذلك رؤساءُ الأقسامِ، والذي يقومُ علي الاتصالِ المباشرِ بأعضاءِ هيئاتِ التدريسِ والتفاعلِ معهم، ومن هنا كان من الطبيعي أن تختلف قاعدة اختيار شاغلي تلك المناصب وأشخاصها.

لذا فإنه من غير المثيرِ للكثيرِ من السَخطِ واللغَطِ أن يُختار رئيسُ الجامعةِ أو نوابُه من خارج الجامعةِ ومن الممكن آلا يكون أي منهم متولياً لمنصبٍ بها. وإن كان من الأفضلِ لصالح العملِ أن يكونَ شاغلاً أي من هذه المناصبِ قريباً منها داخلاً في أجوائها تفادياً لخسارةِ فترةٍ يتعرفُ فيها علي العملِ وأشخاصه وطباعِهم وعقولِهم، سواء في مجلس الجامعةِ أو في وحداتِها المتصلةِ بطبيعتِها مع رئيس الجامعةِ أو نوابِه. علي أي حالٍ فهذه المناصبُ تخضعُ في اختيارِ أشخاصِها لاعتباراتٍ سياسيةٍ من حيث ضرورةِ اختيارِ أشخاصٍ بعينِهم، ذكوراً كانوا أو إناثاً.

لكن علي مستوي الكليات فالأمرُ واضحُ الاختلافِ، فوجوبُ اتصالِ عمداءِ الكلياتِ ووكلائها ورؤساءِ الأقسامِ بأعضاءِ هيئاتِ التدريسِِ يُضَيِقُ من قاعدةِ الاختيارِ، أو هكذا يجبُ أن تكون. وقد تكفلَ قانونُ الجامعاتِ بتحديدِ كيف يُختارُ رؤساءُ الأقسامِ وتكفلَ القضاءُ بإعادةِ الحقِ لأصحابِه في حالةِ التعدي علي ما أوجبَه القانونُ، ومن هنا كان مع الأسف الالتفافُ لتغييرِ القانونِ حتي يدخلُ رؤساء الأقسامِ في حظيرةِ الاختياراتِ غير المنضبطةِ. ومن تلك النقطةِ يبدأُ القصدُ، هل يَصِحُ أن يُختارَ العمداءُ أو وكلاءُ الكلياتِ من خارجِها، سواء لوجودِهم في إعارةٍ أو انتدابٍ؟ لسنواتٍ لم يكن هذا الطرحُ مقبولاً ولا مستساغاً، لكن مع سقوطِ كثيرٍ من الثوابتِ علي مستوي العملِ الجامعي أصبحَ المكروهُ أو المستهجنُ مفروضاً في أحيانٍ. وضعٌ شائك أن يُولي عميدٌ أو وكيلٌ فيتفاجأ به زملاؤه قدرَ تفاجؤه بهم، لا يعرفهم ولا يعرفونة، نساهم ونسوه، وضعٌ فيه ظلمٌ لكافةِ الأطرافِ، لمن عُين وهو غائبٌ عن رضا زملائه وتقديرِهم، للزملاءِ الذين سيستنكفون الدخولَ إليه وودَه، للعملِ الذي سيفتقدُ من يديرُه عن خبرةٍ ومقدرةٍ، وسيخسرُ مجهودَ الفريقِ والانتماءّ للمكانِ، بلداً كان، أو جامعةً، أو كليةً.

ليس من الصالح إخضاعُ إجلاسِ العمداء ووكلاءِ الكلياتِ لقواعدِ واعتباراتِ السياسةِ التي خضعَ لها رؤساءُ الجامعاتِ ونوابُهم، فعمداءُ الكلياتِ ووكلاؤها لا يملكون اختيارَ العملِ دون أن يدخلَ أحدٌ مكتبَهم، لن يساعدُهم أن تشيعَ أقاويلٌ غيرُ علميةٍ عن سبب اختيارِهم وأن يتشككَ الجميعُ في استقلاليتِهم وأحقيتِهم. كم من أحكامٍ قضائيةٍ ألغَت قراراتٍ لتعيين عمداءٍ بعد أن انحرفت في استعمالِ السلطةِ وحادَت عن كياسةٍ لازمةٍ.

الكياسةُ والفطنةُ تُنجيان من المهالكِ والمزالقِ، القراراتُ المتجاوزةُ تضرُ أيضاً بمن أصدرَها، شخصاً كان، أو نظاماً،،

التعليقاتُ الإلكترونيةُ ...



المقالاتُ، خلاصة فكر، رأي من الضروري أن نفهمه، من الممكن أن نقبله، من الجائز أن نرفضه، طالما بحثنا فيه وفندناه. مع تطور تكنولوجيا المعلومات أصبحت شبكة الإنترنت أكبر موزع للصحفِ، وفتحت بابَ المتابعةِ لشريحةٍ تتعلقُ بالحاسب دون أن تشتري جريدةً أو كتاباً. غّدّت التعليقاتُ الملحقةُ بالمقال ركناً أساسياً فيه، انعكاسٌ لرد فعل القارئ، مقياسٌ لرأيٍ، من الشارعِ، لمدي استثارته، مقالٌ متميزٌ بلا ردود أفعال ينقصه الكثير. متابعةُ التعليقاتِ لا غني عنها، هي دراسةٌ في حد ذاتها لمدي ثقافة المجتمع وسعة أفقه، لتقبله لكل الآراء، المخالفة منها أولاً.

من منطقِ الاهتمام بالتعليقات علي أي مقال أجدني في أحيان ليست بالقليلة مدفوعاً لقراءة المقال بقدرِ ما عليه من تعليقات، منطقٌ غيرُ مكتملِ، لكنه أصبح مقياساً لنجاحِ أعمالِ وأفلامِ بعينها، جافاها النقاد وتقبلها جمهور كاسح، رأوه من فرط سطحيتها مغيباً. لكن هل مقالات الرأي تخضع لاعتبارات السوق، الربح والخسارة؟ لا يجوز، ليست للترفيه إنما لتنشيط العقل، تليينه إن كان مركوناً. لماذا إذن تَعِجُ ببعض المقالات تعليقات غزيرة وتَشِحُ علي مقالات أخرى أكثر قيمة؟ القارئ، مع الأسف، يقرأ المقالَ من عنوانه، وكثيراً ما يحكم عليه قبل أن يقرأه، أو بعد أن يقرأ سطر ويترك اِثنين، خاصة إذا اِشتم أنه متصل بما يتصوره من الدين. هذه النوعية من المقالات توقظ لدي أكثرية من القراء نعرةً في معظمِها جاهلية، يهاجمون الكاتب، يسبونه، لمجرد الظن دون الفهم، دون التعمق. الكاتب يُعملُ العقلَ، وكثيرٌ من المعلقين غير القارئين، يعملون السِباب، التهديد، الوعيد، الدعاء بسوء العاقبة، مما ينضح بحالهم وبما في داخلهم أحياناً، أو مدفوعين في أحيانٍ أخري من محترفي تهييج يريدون الإيحاء بغلبة فكرهم، بجريمة التفكير، بفساد الكاتب ونشوزه، أسلوبٌ غوغائيٌ، يُقلق علي حاضر فَر ومستقبل يجافيه الأملُ.

بنفس منطق السوق، فكما برع البعض في جذب الجمهور للشباك فقد تخصصَ بعض الكتاب في تهييج المعلقين من غير القارئين، في جرهم لفخ الوقوف في طوابير التعليق، كتابٌ لا يجدون ذاتَهم إلا إذا كَثُرَ معلقوهم، ولو بالسباب. الغَثُ يجلبُ الغثَ، من اصطادَ من؟ الكاتبُ أم المعلقُ غير القارئ؟ إنهم جميعاً ضحايا، لبيئةِ سادَها ضيقُ الأفقِ والسطحيةِ.

وهناك من التعليقاتِ ما يلحقُ بالمقالِ مصادفةٍ، فالمقالُ مجردُ سببٍ لإطلاقِها، هي انفعالاتٌ مكتومة تنتظرُ المناسبةَ للاشتعال، تبدأُ بمناوشاتٍ بين المُعلِقين وتنتهي بخناقةٍ إلكترونيةٍ مستعرةٌ، سِبابٌ ومعايراتٌ وتاريخٌ يُفبركُه كلٌ علي هواه، فتنةٌ متكاملةُ الأركان، لكن عبر الفضاءِ الإلكتروني، لا دخلَ لها بالمقالِ الأصلي، هو مجردُ تلكيكةٍ، شرارة.

وإذا كان أسلوبُ كثرةٍ من المعلقين من غير القارئين جاهلياً فإن العديد من الصحف العربية ولو كانت صادرة في غير بلاد العرب تَجنَحُ إلي ما يجافي حرية الرأي وبناء الثقة والتواصل مع القراء، إنها، وللغرابة، تصدر في الخارج بمنطق الداخل، إنه اللامنطق، تمنع مقالات إن هي خالفت توجهاتها، تحذف فقرات إن لم ترقها، وكأن الكاتب أداة تروج لدعاواها، لم تعد منبراً للرأي الحر، إنما مجرد بغبغة لا تتوقف لغثِ الكلامِ.

الصحفُ مدارسُ للرأي والفكر، لن يتعلم مجتمعٌ القراءةَ واستساغةَ الفكرِ في إسارِ صحافةٍ أُحادية النظرة، كدوابِ مُحددة بغَماماتِ عيونُها. هل تتسع الصحف العربية لكل رأي، لكل فكرة، لكل كلمة؟ متي تُعلِمُ المعلقين الشتامين كيف يصبحوا قراءً ؟ وقتها لن يَسُبُ معلقٌ كاتباً كدَ، فقد قرأ ووعي، أعمل عقله، لم يدفعه أحدٌ لبذاءة.

هل نجحت فكرة التعليقات الإلكترونية؟ ما أشقَ إخراج الأفكار للوجود، ما أيسر البذاءة، النفاق، السير في قطيع، إلي الجُبِ،،