السبت، 8 سبتمبر 2012

منحُ اللجوءِ السياسي للأقباطِ ... لَطشةٌ مسكوتٌ عنها

صورة ١: المصري اليوم


صورة ٢: موقع أخبار مصر
صورة ٣: جريدة وول سترست جورنال
منحَت الحكومةُ الهولندية أقباطَ مصر حقَ اللجوء السياسي لما بُرِرَ أنه اضطهادٌ وتمييزٌ ديني تَبَدى في إهاناتٍ واعتداءاتٍ على نفوسِهم وممتكاتُهم. لم يظهرْ هذا النبأ في الصحفِ المسماةِ قوميةٍ، وهو أمرٌ طبيعي يجدُ تفسيرَه في أخونتِها، ولم تتنبه له العديدُ من الصحفِ الحزبيةِ والمستقلةِ لانشغالِها بمعاركٍ أخرى تتعلقُ بوجودِها ومستقبلِها. القرارُ الهولندي لكمةٌ في الفكِ لنظامِ الحكمِ الإخواني لا بدَ وأن تتسببَ في إصابةٍ تستلزمُ علاجًا صحيحًا وحقيقيًا. برَرَ بعض السياسيين ما أقدَمت عليه الحكومةُ الهولنديةُ بأنه نتيجةٌ لوجودِ عناصرٍ متطرفةٍ في البرلمان الهولندي قادَتها لاتخاذِه، وهو ما يفتقدُ لدقةِ التحليلِ. وإذا نظرنا إلى التعليقاتِ الإلكترونيةِ على القرارِ الهولندي لما اندهشنا لرغبةٍ كبيرةٍ من مسلمين يريدون أيضًا أن يشمَلُهم هذ القرارُ. الأمرُ إذن أكبر من التطرفِ في البرلمان الهولندي. 

الصورةُ جليةٌ في مصر. مناخٌ دينيٌ رافضٌ للمخالفين فكرًا وعقيدًة، زاعقُ الصوتِ، طويلُ اللسانِ واليدِ، يستحلُ لنفسِه ما يُحرمُ على غيرِه، يحتكرُ الصوابَ والحقيقةَ، وجدَ طريقَه في الفضائياتِ والمساجدِ والصحفِ، لم تقفْ له دولةُ الإخوان كما وقفًَت لمعارضيها ومُنتقديها. النتيجةُ الطبيعيةُ شيوعُ جوٍ من التوترِ والتوجسِ والتربصِ الاجتماعي والسياسي، كلٌ يجهزُ نفسَه لمواجهةٍ تبدو حتميةً، يا روح ما بعدك روح في معاركِ البقاءِ والهويةِ، إلى هذا الحدِ وصلَت مصر الآن. يستحيلُ نسيانُ تهجيرِ الأقباطِ جماعيًا، وأيضًا التعدي على أصحاب الفكرِ والفنانين، كلُ من هم خارج فسطاطِ الإخوان والسلفيين في نفسِ المركبِ، مُحاصرين، مُحَجَمين، مُتهمين، مَذمومين. 

أوروبا مفتوحةٌ على بعضِها، ما يحدثُ في دولةٍ يجدُ صداه في غيرِها، من المؤكدِ أن يُمنحَ الأقباطُ لجوءً سياسيًا في دولٍ أوروبيةٍ أخرى أو في الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ وكندا، وليس ببعيدٍ أو مُستغربٍ بعض المسلمين. من قالوا من لا يريدُ حكمَنا بابُ الخروجِ مفتوحٌ له يدمرون مصر، بالتعصبِ وضيقِ الأفقِ وعدم فهمِ التاريخِ والسياسةِ. لكن هل تنتهي الأمور عند اللجوءِ السياسي؟ قطعًا لا، فهناك عقوباتٌ ظاهرةٌ مثل المقاطعةِ والتحجيم السياسي والاقتصادي، لكن الأخطرُ في العقوباتِ الخفيةِ من تحريضٍ على التقسيمِ والعملِ على تنفيذِه، هنا سينتهي الحكمُ الديني من مصر، لكن بمصيبةٍ تُذكرُ بكيف سقَطت وتفكَكَت دولة العثمانيين. 

الحقيقةُ مُرةٌ، لا يراها من وُضَعَت على عقولِهم غِماماتٍ سوداءٍ، الغدُ مُفزعٌ، تصريحاتُ الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ بدعمِ مصر فيها ما يخيفُ، لقد سبقَ وساندَت صدام والقذافي ومبارك، زيارةُ الصين وغيرها ليست مفاتيحَ الخلاصِ.  مصرُ في ورطةٍ، ما من بارقةِ خروجٍ منها بدون خسائرٍ، المناخُ الحالي يزيدُها، ملايينٌ المصريين مُتوتِرين مُتوجِسين. 

القرارُ الهولندي ضربةٌ في المليان، لم يشعرْ بها مُخدَرون مُنَوَمون بالمكابرةِ والغرورِ وتسطيحِ الأمورِ،،

صورة ١: المصري اليوم
صورة ٢: موقع أخبار مصر
صورة ٣: وول ستيت جورنال تظهر احصائية معدلات طلب اللجوء السياسي للولايات المتحدة من  المصريين المقيمين بها

الجمعة، 7 سبتمبر 2012

شركات الإنترنت .. والماء والكهرباء


تقوم الدنيا بحق عندما تقطع المياه والكهرباء، ولا تنقطع الإعتصامات والمظاهرات والانتقادات بسبب تردي حالة مرفقي المياه والكهرباء. لكن إذا عدنا بالذاكرة لأسبوع قبل ٢٥ يناير ٢٠١١ وأسبوع بعده، لما نسينا القطع المتعمد لخدمة الإنترنت.  يبدو أن هذه الأيام قد عادت بسبب جشع شركات الإنترنت، في الأغلب. 

اختبار أول: Download 110 Kbps - Upload 20 Kbps
نتيجة وزمن اختبارين أجريتهما على سرعة الشبكة
الخط الأزرق في الأسفل: سرعة الشبكة عندي - الخط الأخضر العلوي: متوسط السرعة العالمية !!
فأنا مشترك في شركة تي داتا TeData التي تعلن أنها أكبر شركة إنترنت في مصر، والأسرع، مسميات على نمط شجيع السيما ونجم الشباك. الخدمة بالغة السوء، من بطء وانقطاع، أما الدعم الفني فيتصور أن الزبون أهطل وعبيط ومتخلف، إذا اتصلت بهم يكون العذر، آخ يوجد تحديث في قواعد البيانات، كَلِمنا بعد ساعة، وتأتي الساعة بعد الساعة، واليوم بعد اليوم والعذر هو هو؛ طبعا الحكاية ليست تحديث في قاعدة البيانات. لكن أليست هي في التخلف والعجز عن استيعاب التكنولوجيا وفي الجشع الذي يحمل الشبكة بأكثر من طاقتها؟ أرجو التصحيح لو كنت مخطئًا. أهم شئ عند الشركة، رسالة أول كل شهر على المحمول، نذكركم بميعاد السداد!!

الصور توضح الاختبارات التي تظهر التواضع الشديد في مستوى الخدمة التي يُفترض أنها 512 Kbps، ونعلم جيدًا أنها لأسباب فنية تكون في حدود 405 Kbps لا 110 Kbps.

من يحاسب تلك الشركات على ما قد يُكَيَفُ نَصباً وخداعًا واحتيالًا؟ يبدو لا أحد، لماذا؟ لن تكون هناك مظاهرات ولا اعتصامات لانقطاع الإنترنت،،

Twitter: @albahary

العشوائيات في السكك الحديدية


عدت من الإسكندرية يوم ٢٥ أغسطس في قطار ٩١٨ وهو نفس اليوم الذي ذهب فيه رئيس الوزراء إلى الإسكندرية. أحال رئيس الوزراء المسؤولين عن صيانة قطاره للتحقيق لتعطل تكييف الهواء به، لكن من أدراه أن هذا القطار هو الوحيد الذي يعمل بتكييف كده وكده؟ وهل فعلًا أخطأ مسؤولو الصيانة أم أن القطارات أصبحت خردة؟ فالقطار ٩١٨ الذي كنت في عربته رقم ٢ كان يعمل بتكييف صوري، أي اسم بلا مسمى، وهي عادة معظم أجهزة التكييف في السكة الحديد إن لم تتوقف تماماً. 

الأعجب أن قطار ٩١٨ مباشر، أي طوالي، أي لا يقف بمحطات، ومع ذلك صعد بائع المشبك والسوداني والحمص من محطة طنطا واستمر بالقطار حتى القاهرة، ظل طوال طريق طنطا القاهرة دائرًا صائحًا بطشت الحلويات!! كيف صعد؟ ومع من ضبط أموره؟ وهو ما فكرني بمسرحية فؤاد المهندس لما نشلَت فانلته مع أن فوقها قميص بزراير وجاكت مقفولة!!  اعتادنا ركوب باعة المشبك من طنطا في كافة القطارات التي تقف بها، لكن الإبداع طال قطارات الطوالي المباشرة. 

المهم، أن حكاية المسؤولين المحتكين بالجماهير أمام الكاميرات باخت وسَخَفَت، فرئيس الوزراء الجديد زار أحد الأقسام وأبلغ الصحف، تم تصويره في قطار الإسكندرية، أيضاً وزير الاتصالات يوزع عشرة جنيهات عيدية أمام الكاميرا، وقبله أكل رئيس الوزراء عصام شرف فول مع أسرته في المهندسين!!

إيه الحكاية؟ هل يتصورون أن المصريين متخلفون وأغبياء إلى هذا الحد؟!



Twitter: @albahary



بذاءةٌ وتلفيقٌ …


يتعرضُ الكُتابُ في هذه الفترةِ لسبٍ وتجريحٍ وتلفيقٍ بعد أن خاضوا فيما اِعتُبِرَه البعضُِ مما لا يجوزُ فيه الاِجتهادُ أو الفكرُ.  ولما كانت الصحافةُ الإلكترونيةُ تتميزُ كعصرِها بالسرعةِ في النشرِ والجَرأةِ في العرضِ والتواصلِ المباشرِ مع القارئ فقد وجدتَه ضرورياً أن أتناولَ  ما يرِدُ من تعليقاتٍ في المواقعِ الإلكترونيةِ.

التعليقاتُ هي ردُ فعلِ القارئ علي المقالِ الإلكتروني، بقدرِ ما يكون فيها من هدوءٍ يكون فيها التعقلُ والفهمُ والاستيعابُ، كلما زادت فيها الحدةُ والانفعالُ يكون بعدُها عن الموضوعيةِ والحقيقةِ. من المفترضِ، أن المقالَ في الصحيفةِ الإلكترونيةِ حلقةُ نقاشِ، حوارٌ مفتوحٌ بين الكاتبِ والجمهورِ، عندما يعلو الصخبُ وتتطايرُ البذاءاتُ والتلفيقُ فالظاهرةُ أكبرُ من التجاهلِ، إنهانمطٌ غيرُ سويٍ في التعاملِ، في الإنغلاقِ، في غيابِ التسامحِ مع الآخرين وتقبلهم. مطالعةُ التعليقاتِ بما فيها من تجاوزاتِ تُبعدُ القارئ الحقيقي عن المقالِ الأصلي أو تزهدُه تماماً في قراءةِ أية تعليقاتِ، فالأمرُ أصبحَ سباباً علنياً دون محاولةٍ صادقةٍ للفهمٍ، في أحيانٍ كثيرةٍ، هو سبابٌ من أول كلمةِ في المقالِ، أو لمجردِ اِسم الكاتبِ ولو أبدعَ. العديدُ من التعليقاتِ تأتي من أشخاصِ بأسماءٍ مُفبركةٍ، وبعباراتٍ ركيكةٍ محفوظةٍ مثل لست منهم لكني أقولُ الحقَ، أو زمن الرويبضة، مدفوعون هم لإرهابِ الكُتابِ والإيحاءِ بغلبةِ فكرِ بعينِه، وقد يتطوعون من تلقاءِ أنفسِهم بما يتخيلونَه غيرةً وحميةً للحفاظِ علي معتقداتٍ يعلمُ اللهُ كيف خُزِنت في رطوبةِ جماجِمِهم.

كثيرٌ من الكتابِ ينأون بأنفسِهِم عن المشاركةِ في هذه الأجواءِ العَطِنةِ، مُفضِلين الاِحتفاظِ بفكرِهم لمن يقدِرُه، قد لا يخرجونَه أبداً لنورِ النشرِ الإلكتروني، أو ينشرونَه في الصحافةِ التقليديةِ الورقيةِ ضيقةِ الانتشارِ ولو فيها  قيودٌ علي حريةِ الرأي والتعبيرِ، دأبٌ متأصلٌ في عالمِنا العربي ولو كانت صحفُه صادرةً في غيرِ بلادِ العربِ. اِنسحابُ الكُتابِ من الصحفِ والفضائياتِ يحققُ منفعةَ عُظمي، مُبتغاة، لأنصارِ الحجرِ علي الفكرِ والرأي،  وها قد رأينا كيف تردَت الإذاعة في رمضان بعد أن كانت سلطانةَ ما بعد الإفطارِ.
 
الإحصاءاتُ تؤكدُ أن 16% من سكانِ العالمِ العربي يتعاملون مع الإنترنت، من المؤكدِ أن منهم كُثرً من الشتامين المُلفِقين المَسحوبين. أجواءٌ فيها اِفتعالُ الانفعالِ والغيرةِ، فيها الدونيةُ والسوقيةُ، القراءُ الحقيقيون متباعدون، الساحةُ كالعادةِ يحتلُها ذوو الصوتِ العالي واللسانِ البذيء والدماغِ المُخَوخَة، حقيقةُ واقعنا، أكدتها الصحافةُ الإلكترونيةُ، شكراً لها.

في العالم المحترم، الإنترنت وسيلةُ علمٍ وثقافةٍ، أما عندنا فوسيلةُ بذاءةٍ وسوءِ سلوكٍ وتلفيقٍ، لم نسمعْ عن عقابٍ ولا ملاحقةٍ لمرتكبيها، هل سبُ رئيسِ الجمهوريةِ أولى بالمعاقبةِ من التطاولِ والتشهيرِ بأي مواطنٍ؟  

Twitter: @albahary

الأحد، 12 أغسطس 2012

مَصلحةُ الإخوانِ تَتَعارضُ مع مَصلحةِ مصر


أعطى الإخوانُ رسالةً سريعةً، لا لبسَ فيها، مصلحتُهم في خطٍ يتعارضُ مع مصلحة الدولةِ المصريةِ. بدايةًً، الإفراجُ عن غُلاةِ التطرفِ والعنفِ وكأنهم لم يُحاكموا ويُدانوا؛ رسالةٌ مزدوجةٌ، لا احترامَ لحكمِ القضاءِ عندما يتعارضُ مع مرادِ الإخوانِ، أيضًا زمنُ التطرفِ والعنفِ باسم الدين آتٍ لا محالةَ. ثم، فتحَ المعابرَ مع غزة وتركَ الأنفاقَ على الواسعِ، ليمرُ منها من قتلوا مصريين ساهرين على الحدودِ، وليَنفُذُ منها من لم يُعرَفوا بعد. خطوتان في المقدمةِ، لكن ما سبقَهما كثيرٌ وكثيرٌ جدًا. 

التكويشُ على الإعلامِ المقروءِ والمرئي بدا قبيحًا فجًا، لجانٌ تُشكلُ لتعيين رؤساءِ تحرير تفصيلِِ، وزيرُ إعلامٍ أتوا به لفرضِ صِبغتِهم على التليفزيون والفضائياتِ، وزيرُ استثمارٍ سُحِبَ من بطنِ الغيبِ، استهلَ قعدتَه على الكرسي بتهديدِ الفضائياتِ الخاصةِ بدلًا من بحثِ ما مصر فيه من مصائبٍ، تَعامى عن فضائياتِ التطرفِ والكراهيةِ الحلالِ. طبعًا السيطرةُ على مستوى مجلسي الشعب والشورى فاقَت ما وردَ في كتبِ الأساطيرِ،  أما الوزراءٌ فجلَبوهم لتنفيذِ ما يؤمَروا به بدونِ هَشٍ ولا بَمٍ ولا تَمٍ. 

ما يلفتُ النظرَ بطريقةٍ مُنفرةٍ، المتحدثُ الإعلامي لرئاسةِ الجمهوريةِ الذي لا يجيدُ إلا التبريراتِ الهَزليةَ السطحيةَ الفارغةَ، وأخرُها أن الرئيس تغيبَ عن جنازةِ شهداءِ رفح حتى يترك الجماهيرَ تُعبرُ عن حزنِها  بحُريةٍ!! أيضًا المتحدثون باسم الإخوان وصبيانُهم على الإنترنت الذين أصبحَ همُهم الأوحدُ سَبَ من يُعارضُهم والدفاعَ عن كل خطايا الإخوانِ، وكأنهم مُنَزهون مَعصومون، وكأن الباطلَ لا يعرفُ لهم طريقًا!! وعلى نفسِ الخطِ إبن الرئيس الذي طلعَ في المقدرِ بسرعة جدًا وبدري جدًا جدًا!!

لكن، أليس من حقِنا التساؤل، كيف يؤتمنُ الإخوانُ على أمنِ مصر القومي وأجندتُهم ومذهبُهم لا تعترفُ بحدودٍ ولا وطنٍ؟ ألم يبدأوا بفتحِها مع غزة؟ ألم يرسلوا غاز مصر وكهربائها إليها على حسابِ شعب مصر؟ كيف تعملُ أجهزةُ المخابراتِ وأمنِ الدولةِ ضد الإرهابِ والتطرفِ ولمن تُسلمُ تقاريرَها؟ وعندما يضعُ الأخوانُ عليها يدَهم لمن يسلمونها؟ لتنظيمهم الدولي؟ كان الله في عونِ أجهزةِ الداخليةِ وقد حوربت عمدًا حتى تحلُ محلَها مليشياتٌ وهيئاتٌ لإجرامٍ بمسمياتِ نهي عن المنكرِ. 

البوصلةُ اهتزَت في يدِ القواتِ المسلحة، تطاولَ السُفهاءُ ومرضى النفوسِ عليها، جَرَحوها، بتشجيعٍ من الإخوانِ، بالقطعةِ، حسب مصلحتِهم؛ جيشُ مصر يُعاني الغَدرَ، داخليًا قبل خارجيًا، ممن يأخذُ أوامرَه؟ وماذا إذا تعارضَت مع الإخوانِ كُلِهم ومذاهبِهم؟ مصرُ لم تَثُرْ، لم تتغيرْ، إنها تَئنُ، تتألمُ؛  الإذاعة المصريةُ وكذلك التليفزيون بقنواتِه تحولوا إلى علاماتٍ مؤكدةٍ لنفاقِ الحاكمِ، أيًا كان لونُه، دلالاتٌ واضحةٌ على محنةِ مصر وحالِها، تمامًا مثل غيابِ الأمنِ والبلطجةِ في المصانعِ والشوارعِ. مُحافِظا شمال وجنوب سيناء النموذجُ النمطي لكل مسؤولي مصر، نَفيا أي إرهابٍ في سيناء، أنكرا الحقائقَ، كذب في كذب، لماذا؟ الكرسي المُقدس. 


متى تبدأ مائةُ يومِ برنامج الإخوانِ الموعودِ؟ ما تبدأُ إلا الفَلفَصةُ والحَمرآةُ والتمَلُصُ والتحللُ وإلقاءُ التهمِ كلما تَسربَت أيامُها، طبعًا مصرُ فيها مُغَفَلون، أهكذا يراها الإخوانُ؟ مصر تريدُ حياتَها وحريتَها والإخوانُ ما رأوا وأرادوا إلا بقاءهم، ولو على الأنقاضِ،، 

Twitter: @albahary

الأحد، 5 أغسطس 2012

مرسي زارَ الأقصر ...


تصدرَت الصحفَ زيارةُ الرئيس مرسي للأقصر، نفسُ المدرسةِ، نفسُ الأسلوبِ، لم تتغيرْ  سوى الأسماء، وكأن الإعلامَ مُسخرٌ لخدمةِ الرؤساءِ. ما يُهمُ مصر ليسَ  زيارةُ أيًا كانت، إنما ناتجُها، هل ستحلُ أزمةَ شعبٍ؟ هل ستُزيدَ رزقَه؟ هل ستُشعرُه بالآمانِ والاستقرارِ؟ تكلَمَ الرئيسُ مع السائحين، دَردَشَ معهم، وطالبَهم بالاستمرارِ في زيارةِ مصر، سمِعناها من قبل وأيضًا شاهدناها. 

قيلَ أن هذه الزيارةَ الرئاسيةَ لتشجيعِ السياحةِ، السياحةُ إذن مُهِمة، فيها دعمُ اقتصادٍ متدهوِرٍ، لكن من الضروري أن نسأل، لماذا الأقصر تحديدًا؟ هل لأنها تقدمُ سياحةً ثقافيةً؟ ولماذا لم تكن للغردقة أو لشرم الشيخ؟ خاصةً وأن زيارة شرم الشيخ تحديدًا تُعطي رسالةَ إضافيةَ، تأكيدٌ على أنها لا تزالُ تحت السيادةِ المصريةِ فعلًا، لا مكانَ فيها لإرهابٍ ولا تَطرفٍ، داخلي وخارجي. 

من اللازمِ أن نفهمَ، من الضروري أن يكونَ الوضوحُ واجبًا، خاصةً وأن جماعةَ الإخوانِ وحزبَها الحرية والعدالة لم يُحددا ما بينهما من خطوطٍ فاصلةٍ، أيضًا من المستحيلِ فَصلُ الرئيسِ عن الجماعةِ وحزبِها. من يتخذُ القراراتِ إذن؟ الرئيسُ أم الحزبُ أم الجماعةُ؟ وما هي التفاهماتُ مع السلفيين؟ ما يظهرُ ليس ما هو مَخفي. 

زيارةُ الأقصر، ترويجٌ لسياحةٍ بعينِها؟ هل سنسمعُ عن السياحاتِ العلاجيةِ والشرائيةِ؟ لكن بأية أمارة؟ المستشفيات مرضانة، والاقتصادُ لا يقدمُ أسواقًا مثل دبي!! أفكارُ من تلك؟ تمَت زيارةُ الأقصر وسط زَفةٍ من إعلامٍ بعينِه، ومن ناسٍ هذه اشتغالاتُهم. لكن، مازالت التساؤلات أين الغردقة وشرم الشيخ؟! زيارة الأقصر لم تطمئن ولن تحلُ أزمةً، الاقتصادُ لا يعرفُ لَوَعًا ولا لف ودوران، والجوعُ كافرٌ وكذلك الفقر،،



Twitter: @albahary

الاثنين، 30 يوليو 2012

أردوغان ليس إخوانيًا ...

رجب طيب أردوغان هو رئيس وزراء تركيا منذ 14 مارس 2003، ورئيس حزب العدالة والتنمية الذي يملكُ غالبيةَ مقاعدِ البرلمان التركي. وقد خَدَمَ قبلها كعمدةٍ لمدينة أسطنبول في الفترة من 1994 إلى 1998 التي شهدت خلالها ازدهارًا سياحيًا واقتصاديًافي عام 1998 سُجِن لاتهامِه بالتحريض على الكراهية الدينية ومُنِع من العمل في وظائف حكومية ومنها الترشُح للانتخابات العامة.

أنشأ أردوغان عام 2001  حزب العدالة والتنمية وأكدَ أنه سيحافظُ على أسس النظام الجمهوري ولن يدخل في صراعات مع القوات المسلحة التركية، وقال "سنتَبِع سياسةً واضحةً ونشِطةً من أجل الوصول إلى الهدف الذي رسمَه أتاتورك لإقامةِ المجتمعِ المتحضرِ والمعاصرِ في إطار القيم الإسلامية التي يؤمن بها 99% من مواطني تركيا".  حاول  دومًا إمساك العصا من منتصفِها مقُدمًا شكلًا جديدًا من الوسطية التي كانت سبباً في فوزِ حزبِه بالأغلبيةِ في انتخاباتِ عام 2002، الأمرُ الذي جعلَه يُشكلُ الحكومةَ منفردًا برئاسة عبد الله غُل بدلًا منه حيث كان خاضعًا للمنع القانونيبعد شهورٍ تَمَ تعديل الدستور التركي للسماح بتولي زعيم الحزب مَنصب رئاسة الوزارة، وهو ما استفادَ منه أردوغان الذي استمرَ مؤكِدًا خلال ولايته نهجَه الوسطي، فكان يُصرحُ بأن حزبَه "ليس حزبا دينيًا بل حزبًا أوروبيًا محافظًا"، كما أنه دأبَ على انتقادِ ما قال إنه استغلالُ الدين وتوظيفُه في السياسة، وأكد أنه لا ينوي الدخول في مواجهة مع العلمانيين المتشددين أو حتى استفزازهم.

خارجيًا، حاول أردوغان طويلًا، ولا يزالُ، الانضمامَ إلى الاتحاد الأوروبي، لكنه لم ينجحْ بسبب عدم اتباعِ تركيا للعديد من المعايير القانونية والاجتماعية التي تتبناها دول الاتحاد الأوروبي. وتُعتبرُ تركيا من أهم حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية ومن الدولِ الأعضاء في حلفِ شمال الأطلنطي. ولدراية أردوغان  بالتركيبةِ النفسيةِ  للدولِ العربيةِ فقد انتهجَ لهجةً شديدةً تجاه اسرائيل على الرغم من علاقات تركيا القوية بها عسكريًا واقتصاديًا، وأخِذًا في الاعتبارِ أن علاقاتِ تركيا باسرائيل من أهم أسسِ وإلزاماتِ الدعمِ الأمريكي والأوروبي لتركيا. ومن مواقفِ أردوغان، التي أكسبَته أعجابًا في الشارعِ العربي،  مغادرته في 29 يناير 2009 منصةَ مؤتمر دافوس احتجاجًا على عدم إعطائه الوقت الكافي للرد على الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز بشأن الحرب على غزة. وتدهورت العلاقات بين تركيا واسرائيل عقب حادثة السفينة مرمرة التي منعتها اسرائيل بالقوة في 31 مايو 2010  من دخول غزة، وقُتِلَ خلال اقتحامِ السفينةِ اثنا عشر تركيًا

لم يتخلْ أردوغان عن النَعرة التركية العثمانية المُتعالية على العربِ، دائمًا يأتي واعظًا بلسانِه أو عن لسانِ غيرِه، لم ينسْ أبدًا الاحتلالَ التركي لمناطق من جنوب أوروبا وشمال أفريقيا وغرب المتوسط؛ مئاتِ السنين ذاقَت فيها الشعوبُ المُحتلةُ كلَ أنواعِ الذلِ والاستعبادِ والقهرِ والتمييزِ.  سقَطَت الدولةُ العثمانيةُ التي امتدت منذ عام 1301م حتى عام 1922م، وأعطَت نموذجًا لما لا يجبُ أن يكون عليه الحكمُ. حولَت الهزيمةُ الكاسحةُ تركيا من دولةٍ عثمانيةٍ دينيةٍ إلى دولةٍ علمانيةٍ تفصلُ الدين عن السياسةِ.  


أحَبَ الشارعُ العربي أردوغان، وسَمى البعضُ مواليدَهم باسمِه، لأنه فهمَهم، لكنهم لم يفهموا دهاءه، لا سياسيين ولا شارع.  أردوغان فهمَ السياسةَ وألاعيبَها، يتكلمُ أمام كلٍ بما يُرضيه، لكنه يعرفًُ حدودَه وزيادة، يَعي تمامًا أن العين لا تعلو حاجبَها، وأن روسيا الرهيبة جارتُه، وأن في الولايات المتحدة الأمريكية أمانهُ وقوتُه، وأن في أوروبا نموذجُه وقُدوتُه، وأن في زعلِ اسرائيل ما لا طاقةَ له به.

منَحَت السعودية أردوغان جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام لعام 2010 م - 1430 هـ، ومنِحَته جامعة أم القرى بمكة عام 2011م - 1431هـ  شهادة دكتوراة فخرية  في مجال خدمة الإسلام. كما تَسَلمَ  أردوغان يوم الإثنين 29 نوفمبر 2010 جائزة القذافي لحقوق الإنسان

 لم يَدَعْ أردوغان  أن حزبَ العدالة والتنمية هو كل الشعب التركي، لم ينضو تحت أي تنظيم دولي بمسمياتٍ دينيةٍ  ولم يتسامحَ مع جيرانِه على حسابِ بلدِه، لم يُكَوِن ميليشيات ولم يهدد القضاة والمعارضين، لم يُهاجم الصحفيين والإعلامَ والفنون،  لم يستحوزْ ولم يُكَوشْ؛ الديمقراطية التي به آتت قادرةٌ على إزاحتِه، العبرةُ برفاهيةِ الشعبِ كلِه، باحترامِ حريتِه الشخصيةِ والفكريةِ والعقائديةِ

اللعبةُ وقواعدُها واضحةٌ تمامًا في دماغ أردوغان، مُدتُه في السُلطةِ قاربَت على نهايتِها، كُلُه في النورِ،  لا سكر ولا زيت ولا ليمون، والأهم لا أميةَ ولا نِقمةَ على الحالِ والبشرِ،،


Twitter: @albahary