السبت، 9 أغسطس 2008

الآن .. الحكم الديني يعني سقوط الدولة


اجتاحت القوات الأثيوبية الصومال، أسقطت المحاكم، بنفس سلاحها، المقاتلون الأجانب. شهور قليلة أمضتها المحاكم فيما يشبه السلطة، كررت الخطاب العتيق، المتشنج، المانع، الرافض، تجبرت رغم هشاشتها، طالبت الشعب بالصمود، فرت وهربت. الفضائيات لم تكذب، علي الملأ أذاعت مظاهر الفرحة بسقوطها، قهرت شعبها باسم الدين، استنجدت به بعد أن اِكتُسِحَت، هكذا كل جبار متسلط، تحت أي شعار، من أجل الشعب البطش وبه الاستغاثة عند الغرق.
قبلها كان إقصاء طالبان بعد أن قدمت نموذج يستحيل أن يُحتذي. بنفس الإخراج، أُبعد حزب الله عن جنوب لبنان، أُجلي عن أرضٍ كان يعتبرها حصنه وملاذه، يتغني بالنصر عن بُعد، بالمراسلة، يطالب بالثمن من استقرار لبنان ووحدته، يلعب بشارعٍ يسوده التقلب والغوغائية. وبمحنة الجلوس علي كراسي السلطة اِبتليت أيضاً حماس، انتخبها الشعب أملاً في الخلاص، لم تستوعب العصر، اتشحت بنفس سلاح القهر، باحتكار الصواب، برفض الآخرين، بإنكار التاريخ، المعاهدات، الاتفاقيات. العالم الآن شديد الحساسية لهذا الخطاب، لا يصدقه، لا يثق به، يري فيه التنمر عند المقدرة، الخيانة المبررة.
في مصر بوادر تجربة مماثلة، تتصور في نفسها القوة، تتحدي سلطة الدولة، الفساد المستشري أغراها برفع شعارات استمالة الناقمين، هِرَم النظام جرأها. بوضع اليد سيطرت علي شوارع وجامعات ونقابات، تغلغلت باسم التجارة وفعل الخير، أساءت لكل من فكر علي خلافها، سلاح الدين مُشهر، به تمنح وتمنع، تبيح وتحلل، تقود المطحونين لويلات أكبر منهم. ما أخطر سيطرتهم أو حكمهم، المعاهدات التي ينكرونها ستهدر أرضاً غالية، إنكار المواطنة سيمزق الوطن، لا يملكون إلا كلام براق خادع وتاريخ محدود النماذج بالهوى يروونه وواقع بائس يائس فقير معدم، العالم يمتلك القوة والمقدرة، الشعب هو الضحية، مصر الدولة. ليعطوا الفرصة ليجربوا، كيف وهم لا يقدمون إلا هلاميات تثير الفزع، صراخ، تتطاول، تهديد، وعيد، لا مجال للتجربة، سوف تكون الأخيرة وبعدها الانهيار والتفتت.
بنك فيصل قدم النموذج، نظام قَبَلي يستبعد المخالفين في الديانة، يستغلهم ولا يسمح بمشاركتهم في اتخاذ القرار، في الحكم، كله باسم الدين. الوضع خطير، لا نملك ترف المجاملة، إخفاء الحقيقة والمخاوف، الدفاع عن أنظمة فيها عظات كل عاقل، الترويج لمن يرون أنهم الحل، ليسوا إلا الدمار علي عجل، الخروج من التاريخ والجغرافيا،،

الدائرةُ الضيقةُ


نظامُ حكمٍ تعبيرٌ يصفُ كيف تُدارُ شئونُ الدولِ، كيف تنتقلُ السلطةُ من مسئولٍ إلي من يليه. حكمٌ، مصطلحٌ لا تعرفُه الشعوبُ التي تنتمي إلي تصنيفِ المتخلفين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. الدولُ الراقيةُ ديمقراطياً تُدارُ من خلال نظامٍ سياسي يقومُ علي توزيعِ المسئولياتِ بين أشخاصِه، لا توجدُ سلطاتٌ مطلقةٌ، لكلٍ حدودُه، يُحاسبُ إذا تخطاها. المحاسبةُ ركنٌ أساسيٌ في تلك الأنظمةِ، من خلالِ المجالسِ النيابيةِ والصحفِ المعبرةِ بأمانةٍ عن رأي عامٍ حرٍ، واعٍ، يقظٍ. في الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ مصطلحُ "إدارة" يدلُ علي أن تسييرَ أمورِ الدولةِ جزءٌ من منظومةٍ إداريةٍ متكاملةٍ، القائمون علي شئونِ الدولةِ في أعلي مستوياتِها موظفون، ليسو أصحابَ حظوةٍ أو طغاةٍ، تعيينُهم باستيفائهم شروطٍ وظيفيةٍ، ليست شخصية أو لقرابة. في فرنسا وفي بريطانيا وفي ألمانيا وفي غيرها من الدولِ المحترمةِ لرقيِها ديمقراطياً يشيعُ استخدامُ مصطلحِ "حكومة" للدلالةِ علي المسئولين عن تسييرِ أمورِ الدولةِ، بدءاً من أعلي سلطةٍ، رئيسُ جمهوريةٍ كان أو رئيسُ وزراءٍ.
في الدولِ التي تنتمي إلي تصنيفاتِ ما قبل تاريخِ الحضارةِ السياسيةِ لا تزالُ كلمةُ "حاكم" مستخدمةً، فيها الكفايةُ للدلالةِ علي كيفيةِ إدارةِ شئونِ تجمعاتٍ يُطلقُ عليها مجازاً دولٌ. إنها إشارةٌ واضحةٌ إلي الحكمِ الفردي المطلقِ، ولو كانت هناك حكومةٌ، ليست إلا لاستيفاءِ شكلٍ سياسيٍ لا بدَ منه في عالمٍ يجبُ التواجدُ فيه ولو علي سبيلِ المنظرةِ. تلك التجمعاتِ البشريةِ تُدارُ من خلالِ دائرةٍ شديدةِ الصغرِ، لا تستوعبُ إلا "الحاكمَ" وأسرتَه ونفراً نذيراً من المقربين. الباقون مهما علت مراتبُهم مجردُ أدواتٍ لخدمةِ من بالدائرةِ، كباشُ فداءٍ لأهلِ الدائرةِ، من السهلِ التخلصُ منهم بالإقالةِ أو بالتهمِ المُعدةِ سلفاً، لا يحق لهم توهمُ الانتماءِ للدائرةِ ولا حتي الاقترابِ منها.
حقوقُ الإنسانِ تعبيرٌ لا وجودَ له في واقعِ تلك التجمعاتِ البشريةِ، الكلُ يعيشُ علي الهامشِ، كرامتُه مستباحةٌ، ولو تصورَ بعضُهم أنهم كبارٌ، لا يحقُ لأحدٍ النظرُ إلي أهلِ الدائرةِ الضيقةِ أو الاقترابُ منهم، الويلُ كلُ الويلِ لمن يتجرأ عليهم، مكانُه في الشمسِ محجوزٌ. المواردُ كلُها لأهلِ الدائرةِ، كلُ الخيرِ ولو شحَ، كلُ النعيمِ ولو ندُرَ، كلُ الولاءِ والطاعةِ، الإعلامُ لهم، مكتوبٌ، مرئيٌ، مسموعٌ، ما من هدفٍ إلا مزاجَهم ورضاهم، له تُدبجُ الدساتيرُ والقوانينُ وتُزلُ أعناقُ أشباه الرجالِ. الحياةُ داخلَ الدائرةِ إدمانٌ، جنونٌ، ولهٌ بالشهرةِ والأضواءِ والسلطةِ.
الحكمُ بالدائرةِ الضيقةِ محدودُ النظرِ بمحدوديةِ الدائرةِ، وبعجزِ دوائرِ المنافقين والمرتزقةِ التي تدورُ في فلكِها وتأكلُ من فتاتِها؛ حكمٌ أخطاؤه فادحةٌ، يسقطُ ولو تصورَ المنعةِ والحصانةِ، التاريخُ لم يكذب ولا الحاضرُ، المنطقةُ العربيةُ شهدَت وستشهدُ،،

مرضُ انعدامِ المناعةِ من الفتنِ


المناعةُ، التغلبُ علي المرضِ قبل وقوعِه أو أثنائه، تُكتسَبُ لقدراتٍ طبيعيةٍ في الجسمِ وبإتباعِ أساليبٍ صحيحةٍ قائمةٍ علي خبراتِ وعلومِ العقلِ البشري. مقاومةُ الأمراضِ تطورَت وطالَ معها عمرُ الإنسانِ فطاولَ المائة عامٍ بعد أن كان لا يتجاوزَ الأربعين. الأمراضُ لا تُصيبُ الأجسامَ فقط، لكنها تجتاحُ أيضاً النفوسَ والعقولَ، عندما تمرضُ العقولُ تموتُ الأجسامُ.التباغضُ، التناحرُ، الاقتتالُ، تقضي علي الحياةِ، تجعلُ من العدمِ قاعدةً، من الجوعِ واقعاً، من الفقرِ أساساً، عالمُ اليومِ فطنَ إلي ويلاتِها، تنبَه إلي ما تجلبُه من تخريبٍ، لجأ إلي التفاهمِ، التعايشِ، التفاوضِ. هناك دولٌ ومجتمعاتٌ لم تفهم بعد لغةَ التفاهمِ، الصراعاتُ تطحنُها، تنزلُ بها إلي مهاوٍ سحيقةٍ مظلمةٍ. هذه التجمعاتُ البشريةُ، أياً كانت مسمياتُها، تقعُ جغرافياً في المنطقةِ العربيةِ والإسلاميةِ، أفغانستان، العراق، فلسطين، لبنان، السودان، الجزائر، الصومال، اليمن. اقتتالٌ بكلِ الوسائلِ المتاحةِ، بكلِ الشراسةِ، بكلِ الإيمانِ، بكل الاقتناعِ، عداوةٌ أزليةٌ، مع أنفسِهم، مع الواقعِ، مع الحياةِ، عصرَتهم، أخرجَتهم من الماضي والحاضرِ والمستقبلِ. تجمعاتٌ لا تعترفُ بما فيها من سلبياتٍ، الصوابُ كلُه عندَها، تتصورُ أنها عصيةٌ علي الفهمِ، أنها منزهةٌ، لذا فالكلِ يكرهونَها، يتآمرون عليها، لا بد من محاربتِهم.
تعليقاتُ القراءِ في الصحفِ الإلكترونيةِ ساحةٌ حديثةٌ للصراعاتِ، تعرضُ واقعَ المجتمعاتِ العربيةِ والإسلاميةِ، بكلِ ما في الصراحةِ والوضوحِ من مرارةٍ ويأسٍ. سبٌ من أولِ حرفٍ، لمجردِ اِسم الكاتبِ أو عنوانِ المقالِ، خارجُ الموضوعِ، تشاتمٌ وسبابٌ وبذاءاتٌ، الأسبابُ ليست في المقالِ، إنها في النفوسِ، اختلاقُ وقائعٍ، ترديدُها كأنها الحقيقةُ الوحيدةُ، كلامٌ ضخمٌ، بلا مضمونٍ، فتنٌ علي الإنترنتِ. طالبَ بعضُ الكتابِ بحجبِ التعليقاتِ البذيئةِ، لا أوافقُهم، لماذا نحطمُ مرآةَ واقعِنا الأليمِ؟ لماذا نخادعُ أنفسَنا؟ إنها فرصةُ الدراسةِ الأمينةِ لكيف يكونُ التخلفُ؟ لكيف يُصبحُ الانقراضُ مآلاً محتوماً.
الإصابةُ بانعدامِ المناعةِ من الفتنِ تُشعلُ ناراً مدمرةً من كلمةٍ طائرةٍ، لفتةٍ، همسةٍ، مرضٌ لا يُصيبُ إلا التجمعاتِ التي تفقدُ القدرةَ علي التفكيرِ والتدبيرِ، تنساقُ مخدرةً وراءَ شعاراتٍ تبتلُعها، تهواها وتعشقُها، ولو فرغَت من المضمونِ، ولو كان فيها هلاكُها،،
من اليمين إلى اليسار

الخميس، 7 أغسطس 2008

في الجامعات..التحايل بالدستور وعلي القوانين


العمل الجامعي لا يقوم إلا علي العطاء والأمانة، وهو ما يستحيل إلا إذا كُفلت الحياة الكريمة اللائقة لأعضاء هيئات التدريس بالجامعات. لكن في مصر جاءت مع رياح زمن لا يعترف إلا بالعلم رياح معاكسة لا يشتهيها مخلص مؤمن بحق هذا البلد في التقدم، تدهورت لدرجة مذرية أحوال أعضاء هيئات التدريس بالجامعات، ما بين تدني مذهل في مرتباتهم وما بين تخلص متعمد من كبارهم. سقطت شعارات احترام العلم تحت أقدام من رفعوها، انكشفت أمام ملأ لا يرحم سوءات من يدعون ما لا يفعلون.
لم يجد أعضاء هيئات التدريس لهم نصيراً، لن يؤمن مستقبلهم إلا جهدهم، لن يحميهم في كبرهم إلا ما ادخروه لزمن لا رحمة فيه ولا احترام، من الجالسين علي أعلي الكراسي قبل غيرهم. ما العمل؟ أين الملاذ؟ انتدابات في كل مكان، تستنفذ الطاقة، لا تبقي لجامعاتهم إلا أقل القليل مما تبقي منها، لم يعد القانون الذي يحدد ساعات الانتدابات محل اعتبار، تناساه الجميع، إنه قانون تنظيم الجامعات!!أما الإعارات فمنها الداخلي والخارجي، الإعارات الداخلية تنتهي علي الورق، يتسلم عضو هيئة التدريس عمله في كليته محتفظاً بوظيفته في الإعارة، جامعاً بين وظيفتين في تحدي لكل القوانين!! الشركات التي تستقطبهم وتشجعهم علي مخالفة قوانين الدولة تتباهي في الصحف بالمشروعات التي تقيمها لنقل التكنولوجيا لمصر!! هناك من يعملون في مكاتبهم ومشروعاتهم الخاصة وبخطابات يحصلون عليها من وزراء بأنهم مناضلون في مهام قومية تمتد إعاراتهم لعشرات السنين!! وزير التعليم العالي يعلن حزنه من تغيب أعضاء هيئات التدريس عن جامعاتهم وفي نفس الوقت يصدر قرارات بتجاوز بعضهم لسنوات الإعارة الست المنصوص عليها قانوناً!! الكل عاجز عن المساءلة، إدارات الجامعات غير قادرة علي حماية أعضاء هيئات التدريس ورفع شأنهم، ما أمامها إلا غض الطرف، عين الخجل منكسرة، من فرط قلة الحيلة.
أما الإعارات الخارجية فامتدت لسنوات من الممكن أن تطول وتطول رغم أنف القوانين، ولو انتهت تبدأ حيل الأجازات الخاصة لمرافقة الزوج أو الزوجة، عقود عمل وهمية، مرتباتها هزيلة، ساعات عملها متلاشية، قد تكون ساعة في الأسبوع، للتدريس في مسجد!! هناك من يتحركون بوثائق سفر غير مصرية، دلالة علي حصولهم علي جنسية أخري، ومع ذلك يطالبون بأجازة خاصة لمرافقة الزوج أو الزوجة!! هناك معيدات لم يمض علي تعيينهن أيام يتحايلن باسم أجازة رعاية الطفل للسفر للخارج بجواز سفر غير مصري يحملنه بسبب جنسيتهن المزدوجة!! الدستور المصري ينص علي حماية الأسرة ولم شملها، لم يرد فيه ما يحمي حقوق جهة العمل!!
الأحوال وصلت لدرجة من التدني فاقت الخيال، فإذا افترضنا أن من حق أعضاء هيئات التدريس بالجامعات تأمين مستقبلهم بعد أن جار عليهم أهل السلطة، كيف يمكن تقبل التلاعب والتحايل الذي يقترفه بعضهم عمداً ومع سبق الإصرار؟! وما ذنب أعضاء هيئات التدريس بالأقسام الذين توصد دونهم الإعارات بسبب تحديد حد أعلي للمعارين قسم؟ ألا يتناقض إطلاق الإعارات وفتح الباب واسعاً أمام ملاعيب السفر لمرافقة الزوج أو الزوجة مع تحديد نسبة المعارين بكل قسم؟! هناك من لا ينوون العودة ويشغلون نسبتهم في المعارين جائرين إلي ما لا نهاية علي حق من يُفترض أنهم زملاء لهم!!
إدارات الجامعات في وضع لا تحسد عليه، أحياناً تحدد قواعد الإعارات والأجازات الخاصة مطالبة الكليات بتطبيقها، عندما تنفذ الكليات يتبرم أعضاء هيئات التدريس أصحاب المصالح ويشكون، تتراجع إدارات الجامعات وكأن إدارات الكليات هي الظالمة الجانية!! إذا كانت إدارات الجامعات أضعف من مساندة قواعد وضعتها فلتنساها.
اضمحلت القوانين بفعل الإهمال، هُجِرت، خفتت الأخلاق في الجامعات، عم الجشع والأنانية، مع غياب تقدير الدولة المخلص لأعضاء هيئات التدريس. شعارات، شعارات، شعارات، واقع مرير، مرير، مرير؛ عضو هيئة التدريس يعمل في كل مكان إلا في جامعته، أهل الكراسي يتكلمون، يَدَعون، الضحية بلد اِعتُبِر فيها أعضاء هيئات التدريس من الأعداء، هنيئاً لإسرائيل، , وحسرتاه،،

السبت، 2 أغسطس 2008

بدءُ الدراسةِ.. تربوياً


حسبما ينصُ قانونُ تنظيمِ الجامعاتِ، تبدأُ الدراسةُ في السبت الثالث من شهرِ سبتمبر وهو ما سيوافقُ العشرين منه هذا علماً بأن العديد من دور العلم تبدأ قبل هذا التاريخ. ثارَت الآراءُ المناهضةُ لبدءِ الدارسةِ في هذا الميعادِ تحتَ حجةِ وقوعِه في العشرِ الأواخرِ من شهر رمضان وهو ما سيثقلُ علي الأسرِ المصريةِ التي ستكونُ في أوجِِ استعدادِها للعيدِ كما أنه من ناحيةٍ أخري سيعطلُ الطلابَ وأسرَهم عن العبادةِ.
الموضوعُ في ظاهرِه التخفيفُ عن الأسرِ المصريةِ، لكنه واقعاً تكريسٌ لمبدأِ استغلالِ المشاعرِ الدينيةِ لأغراضٍ غيرِ دينيةٍ، إنه لي الأذرعِ باسمِ الدينِ، فرضُ الرأي تحتَ عباءتِه واثباتُ القوةِ في مواجهةِ أيةِ اعتباراتٍ تتعلقُ بتنظيمِ الحياةِ سياسياً وإدارياً علي نحوٍ مُخالفٍ لما يُري أنه من الدينِ. لست في موقعِ دفاعٍ عن أيٍ من وزيري التعليمِ، فجزءٌ من المشكلةِ يلبدُ في الرفضِ العامِ لما يصدرُ عنهما، القبولُ العامُ يُجافيهما ومعهما وصلَ إلي مرحلةِ اللاعودةِ.
الواقعُ أن هناك فترةً في حدودِ العشرةِ أيامٍ بين بدءِ الدراسةِ وبدءِ العيدِ، وهي فترةٌ ليست بالقليلةِ، إذ يجبُ علي الكلياتِ والمدارسِ، خلالَها، إعدادُ الجداولِ الدراسيةِ وإعلانُها وإزالةُ أيةَ تعارضاتٍ فيها، وهي الفترةُ التي يتأقلمُ فيها الطالبُ علي بدءِ الدراسةِ ويتأهلُ نفسياً للدخولِ في أجوائها ولو لم تبدأُ الحصصُ فعلياً أو تنطلقُ بكامل فعاليتِها بفعلِ تعمدِ بعضِ أعضاءِ هيئةِ التدريسِ التلكؤ العمدي عن العملِ في شهر رمضان. انتقاصُ هذه الفترةِ من بدءِ الدراسةِ لا يُستهانُ به ويتعذرُ تعويضُه في فصلٍ دراسيٍ معتلٍ أصلاً بفعلِ التكاسلِ في الأداءِ تحت تأثيرِ سوءِ الأحوالِ الماديةِ للعاملين في حقلِ التعليمِ بكافةِ فئاتِهم ولتشبُعِ الطلابِ بفكرِ الفهلوةِ والتواكلِ السائدين في المجتمعِ. تربوياً لا بدَ أن يترسخَ في وجدانِ المجتمعِ أن العملَ والدراسةَ عبادةٌ، فيهما تقدمُ المجتمعِ بدلاً من احتلالِه عن جدارةٍ قاعَ جداولِ الاعتبارِ في كافةِ المجالاتِ.
دولُ الخليجِ ستؤَجلُ بها الدراسةُ لما بعد رمضان، ليس لنا فيها الأسوةَ ولا القدوةَ، فهي دوماً لا تعملُ في رمضان وفي مواسمِ الأعيادِ ولو جاءت في منتصفِ العامِ الدراسي، وإذا كنا نتأسي بها في التهربِ من العملِ باسمِ الدين فلنتذكرُ أن مخزونَها من المالِ الزائلِ يكفيها لأعوامٍ، أما نحن فجالسون علي حديدةٍ صدأةٍِ. هل سيرفضُ المصريون الذين يقضون أجازاتِهم في مصر العودةَ خلالَ العيدِ لحاقاً ببدءِ أعمالِهم هناك؟ هل سيتحججون بأن الأعيادَ سنةٌ؟ قطعاً لا، فأموالُ الخليجِ فيها قوةُ الفتاوي والتأسي، والإجبارِ أيضاً، بعكسِ مصر الغلبانةِ الفقرانةِ.
إذا رضخَ القائمون علي التعليمِ كممثلين للدولةِ أمامَ دعاوي لا صوتَ يعلو فوقَ صوتِ الاعتكافِ، سيسهلُ تمريرُ كلِ خطأٍ أو تجاوزٍ تدثرَ بالدينِ، ما أقربَ جرائمِ توظيفِ الأموالِ بلافتاتٍ دينيةٍ، ما أكثرَ المحالِ التي ترفعُ أسماءً دينيةً وتذيعُ شرائطاً دينيةً طوال اليومِ جلباً للزبائنِ وتخديراً لهم عن أسعارٍ مرتفعةٍ وبضاعةٍ بعيدةٍ عن الصلاحيةِ والجودةِ.
العمليةُ التعليميةُ تربيةٌ في المقامِ الأولِ، انسوا وزيري التعليمِ والمزايدين عليهما باسم تفرغِ الأسرِ للعبادةِ، لا تعطوا الفرصةَ لمن يرددون أن الإسلامَ ليسَ دينَ عملٍ وعلمٍ. مجتمعٌ يتركُ عملَه ودراسَته ليعتكفُ لا بدَ وأن يصحو والكلُ فوقَ أنفاسِه وعلي رقبتِه،،

الجمعة، 1 أغسطس 2008

المكتبة و الصيف


استهلت مكتبة الاسكندرية موسم الصيف بافتتاح ثلاثة معارض فنية بالاضافة الى عروض فنية يومية متنوعة.

سمبوزيوم الاسكندرية الدولى للنحت فى الخامات الطبيعية.
فى هذه الدورة الثالثة تم اختيار الخشب كمادة قام بتشكيلها نخبة مختارة من الفنانين المبدعين المصريين و الاجانب.
بدون شك اقوى المعارض الثلاثة و اكثرها تميزا.
بالمناسبة بعض اعمال الدورة السابقة المنحوتة من الرخام ما زالت معروضة الى جوار المعرض الجديد.

معرض الفنان المقيم.
ايضا فى دورته الثالثة ياقى المعرض هذه المرة الضؤ على ستة فنانين فى تخصصات مختلفة من تصوير و جرافيك و نحت.
الاعمال و هى ليست كثيرة ملفتة للنظرالا ان مدى الاعجاب بها يتوقف على المشاهد نفسه.

معرض اول مرة.
فى الملتقى الثالث ايضا لشباب الفنانين التشكيليين يشارك سبعة عشر فنان و فنانة بأعمال يصل عددها الى اكثر من مائة قطعة ما بين صغيرة و كبيرة.
لا شك ان هناك من بين هؤلاء مواهب جديرة بالاهتمام و بعض الأعمال المتميزة الا أن المستوى العام لا يزيد عن المتوسط و لكن لا ننسى أنه معرض اول مرة حتى و لو بعض أعماله عرضت من قبل.

العالم يرقص مع محمود رضا.
افتتحت مكتبة الاسكندرية عروضها الفنية بمفاجأة سارة و هى اعادة تقديم رقصات فرقة رضا القديمة من خلال فرق راقصات حضرت الى مصر من اسبانيا و سويسرا و فرنسا و فنلندا و ايطاليا بالاضافة الى مجموعة راقصين من مصر.
هكذا استمتعنا برقصات الفنان محمود رضا الشهيرة مثل "لقصر بلدنا" "حلاوة شمسنا" "العصاية" "فريدة" "يا مراكبى" "النوبة" و غيرها.
العرض كان متميزا خاصة الفرقة الاسبانية و الراقصة السويسرية و طبعا راقصى مصر.
الملابس كانت جميلة و انيقة و الوانها زاهية و متناسقة.
العرض استمتع به كل الحضور.

و تستمر العروض الفنية اليومية للمكتبة ما بين موسيقى و رقص و سينما حتى منتصف شهر أغسطس.


مهندس / دانيال تانيليان - سكندرى عاشق للسينما ومحب للفنون

السبت، 26 يوليو 2008

القانونُ الجديدٌ للمرورِ.. والماشطة!!


قانونٌ جديدٌ للمرورِ، صدرَ سريعاً، لا مانعَ، عقوباتُه مغلظةٌ، تهذيبٌ وإصلاحٌ، شعارُه وعنوانُه. المجتمعُ المصري يشهدُ تردياً أخلاقياً وسلوكياً في كل جزئياتِ معيشتِه، المرورُ أحدُها. قانونُ المرورِ الجديدِ هو المنقذُ، سوبرمان وباتمان والرجل الأخضر، في أنٍ واحدٍ.
تناولَ القانونُ تجاوزَ السرعةِ والوقوفَ في الممنوعِ والتحدثَ في المحمولِ والسيرَ عكسِ الاتجاهِ والإزعاجَ وعدمَ ارتداءِ الحزامِ والخوذةِ وأمنَ وسلامةَ المركبةِ وغيرها وغيرها، كبرَ دماغَه مع مقطوراتِ النقلِ للقتلِ الجماعي، لم نفهمْ وضعَ التوك توك وما شابه؛ كلامٌ في معظمِه قابلٌ للهضمِ، مدهونٌ بالزبدةِ.
هل مشاكلُ المجتمعِ المصري عموماً والمرورُ علي وجهِ الخصوصِ تقتصرُ علي تحديدِ الخطأِ ودرجتِه وتقريرِ عقوبتِه؟ أبداً، وإلا ما كنا فيما نحن فيه من حوادثٍ وكوارثٍ يوميةٍ يستحيلُ أن يكونَ للقضاءِ والقدرِ فيها يدٌ. مآسينا في معظمِها من صنعِ أيادٍ عامدةٍ، بجهلٍ وبدونِه، كيف سيكون التصرف الحقيقي مع تجاوزاتِ سياراتِ الشرطةِ، ضباطاً قبلَ جنودٍ تابعين مُقلدين، مع استثناءاتِ القضاءِ ومجلسِ الشعبِ والشوري من المخالفاتِ، مع تعدياتِ من ضموا أنفسَهم لطائفةِ المُهمين من وزراءٍ وأصحابِ مالٍ وحظوةٍ؟ لا يعرفُ القانونُ زينبَ في الدولِ التي احتلَت مكانتَها علي خريطةِ الاحترامِ العالمي، الكلُ سواسيةٌ أمامَه، أمامَ أصغرِ شرطي، عندنا توجدُ زينب وسوسن وزنوبة وفكيهة وغيرهن رجالاً ونساءاً، عندنا يُلطعُ العسكري علي قفاه ببجاحةٍ، لعجزِ القانونِ عن الدفاعِ عن نفسِه قبل أن يمكنَه فرضَ نفسِه علي المجتمعِ، مجتمعُ الغابِ وأعماقِ المحيطاتِ، مجتمعٌ ثقافتُه التواكلُ والتخاذلُ والتحاذقُ والنصاحةُ والفتاكةُ.
الكلُ ينتظرُ بريبةٍ، لا يتوقعُ الكثيرَ، ما أكثرَ القوانين، يا لما فيها، لم تغفلْ عن شاردةٍ وواردةٍ، تلاعبوا بها، تحايلوا عليها، طوعوها، مطوها، فردوها، من مضمونِها فرغوها، حكامٌ ومعارضوهم والشعبُ. مجتمعٌ بعضُه يأكلُ بعضَه لا يقوي فيه قانونُ مرورٍ ولا غيرُه، مجتمعُ الطبقيةِ لن يطبقُ فيه إلا علي الضعفاءِ، وقتُها سيكون مارداً، أما أمامَ البلطجةِ المتخفيةِ تحتَ البدلِ والكرافتاتِ فسيكونُ مجردَ خيالٍ هفهافٍ. لا أملَ في قانونٍ صدرَ كردِ فعلٍ لفواجعٍ للأسفِ مؤكدةٍ طبيعيةٍ، لا رجاءَ في مجتمعٍ وصلَ الترهلُ فيه لأخرِ المنتهي.
القوانينُ ليست ديكوراً، ليست للتجميلِ، إيه تعمل أشطر الماشطةُ في الوشِ إياه؟!!