الثلاثاء، 13 مارس 2012

  مركز الحرية للإبداع بالإسكندرية: معرض "فنان .. ثقافة"

نظم مركز الحرية للإبداع بالإسكندرية بدءآ من 4 مارس الحالى وضمن برنامجه الذى نشط مؤخرآ بشكل ملحوظ (نرجو الدوام له) معرضآ للفنان السكندرى ماهر جرجس يعد أول معارضه على الإطلاق ويأتى بعد تخطيه سن الستين. يقدم لنا الفنان ماهر جرجس مجموعة متنوعة من أعماله التى شملت نماذج لإسكتشات وكروت معايدة وأغلفة كتالوجات أو نشرات وبوسترات إلى جانب عدد كبير من لوحات الرسم ما بين الأكواريل والباستيل والأكريليك والجواش والحبر الأسود وألوان الزيت. الجدير بالذكر أن رسم الفنان لمثل هذه اللوحات بدأ فقط فى سنة 2009.


تمتاز أعماله بأنها مريحة للنظر, جذابة برقتها ونعومة خطوطها, وألوانها جميلة سواء كانت هادئة كألوان الماء أو زاعقة فى حالة ألوان الزيت, وهى أعمال تعبر عن شاعرية الفنان ورومانسيته. عمل الفنان منذ تخرجه فى عام 1973 من كلية الفنون الجميلة فى خدمة الثقافة الجماهيرية ويشغل حاليآ منصب نائب رئيس مجلس إدارة مركز الحرية للإبداع.

معرض أول متميز تأخر كثيرآ لكن كما يقول المثل الإنجليزى "التأخر أفضل من عدم الظهور" ‪"Better late than never"







  




























مهندس / دانيال تانيليان - سكندرى عاشق للسينما ومحب للفنون

الأحد، 11 مارس 2012

المنعُ في الإنترنت .. ليس حلالاً


طالَبت لجنةُ النقل في مجلس الشعب بمنع المواقعِ الإباحيةِ عن الإنترنت، تحقيقاً للفضيلةِ وحمايةً للشبابِ، هكذا قالوا في حزب النورِ. من المؤكدِ أنه يستحيل أن يرضى مواطنٌ بسوء السلوكِ من تحرشٍ وبلطجةٍ وقطعٍ للطريقِ العامِ، مروراً بالدخولِ على المواقعِ الإباحيةِ.  الأمرُ ليس إذن مزايدةً على أخلاقياتِ بشريةٍ في صورتِها السويةِ. من الناحيةٍ الفنيةِ، وهي الأيسر، فإنه من الممكنِ منعَ أي موقعٍ  على الإنترنت، لكن لفترةٍ محدودةٍ، فمن اليسير جداً أن تُغيرَ المواقعُ الإلكترونيةُ عناوينها وأن يكونَ لها أكثرُ من موقعٍ بديلٍ، وهو ما يجعلُ عبءُ متابعتِها مُكلفاً، إضافةً إلى مهارةِ جيلٍ صنعَ ثورةً من علي الإنترنت في التغلُبِ على كلِ المعوقاتِ وكل محاولاتِ التحاذُقِ عليه. 

وإذا كان المنعُ، وهو أسهلَ ما في الحدوتةِ ممكناً لوقتٍ قصيرٍ، فإن مبدأَ المنعِ في حد ذاتِه هو المصيبةُ، لأنه سيبدأ بالمواقعِ الإباحيةِ سُلماً وطريقاً ملفوفاً للتعدي على المواقعِ السياسيةِ والفكريةِ المخالفةِ، وأيضاًعلى الفنون والأدابِ وغيرها وغيرها. هل قام المصريون بثورةٍ على من افترضوا فيهم الخنوعَ والقصورَ والغباء ليظهرَ غيرُهم تحت عباءةٍ أخرى؟! الإنترنت شارعٌ طويلٌ ممتدٌ بلا نهايةٍ، دكاكينُه على الصفين، فيها الجيدُ والردئ، ولكلِ  الاختيارُ، حسب تربيتِه وضميرِه. التربيةُ هي المهمة الأصعب والأولى بالاهتمامِ بدلاً من تسطيحِ الأمورِ واختزالِها في شعاراتٍ تُظهرُ أنوفاً مُجملةً وحواجباً منتوفةً. 

الإنترنت فيه سمٌ قاتلٌ، لكن ماذا عن المخدرات والسجائر والكولة؟ هل نجحَ المنعُ في القضاءِ على المخدراتِ؟ هل قَلَلَت من التدخين الصورُ المقززةُ على علَبِ السجائرِ؟ أين البحثُ الحقيقي عن مشاكلِ الاقتصادِ والديون والأمنِ والإسكان والطعامِ والصناعةِ والزراعةِ والنقل؟! مصر لن تكون كوريا الشمالية ولا أفغانستان، ولا هي دولةً خليجيةً في الطباعِ والفكرِ، وما شاهدَه أعضاءُ لجنةِ النقلِ بمجلسِ الشعبِ حال مكوثِهم خارج مصر، ليس لها. 

هل الأجدى أن تُمنعَ دراسةَ الحاسباتِ أصلاً وكذلك إدخالِ أجهزتِها بالَمرة حتى تعمُ الفضيلةُ،؟! أم في المنع عن دخولِ مواقعٍ إلكترونيةٍ بعينِها كفاية؟! هل فكرَ أعضاءُ لجنةِ النقلِ في كيف يكون دخول الجيل الرابعِ من خدمات الإنترنت إلى مصر؟ لقد عَلَمَ الإنترنت العالم الانفتاح، وعلى كلِ عقلٍ الاختيارُ والتمييزُ بحريةٍ، بلا وصاية ولا مزايدة، لا مكانَ في عالمِ اليومِ لمن يمنعَ ويسمحَ حسب كيفه ومزاجه ومصلحته،،

Twitter: @albahary

الثلاثاء، 6 مارس 2012

عريان … ويسأل أين باب الكرامة؟


خرجَ الأمريكان المتهمون في إنشاء وتمويل المنظمات المدنية غير القانونيةِ، بالنهار وعيني عينك. هاجَت الدنيا، ووقفَت على أطرافِ أصابعها، الموجودون بمباني مجلسي الشعبِ والشورى أعملوا الزعيقَ وطالبوا بالتحقيقِ وإقالةِ كلِ من خطرَ لهم على بالِ، وطبعاً الصحفِ والفضائياتِ، موضوع الساعة وكله ساخنٌ ومُستنفرٌ، هذا ما يبدو. الحدوتةُ كلُها إما مسرحية وقَلَبت جَد، أو فعلاً جَد وخَرج عن السيطرةِ، المهم أن الموضوع انتهى بالنسبة للخواجات في مقابل شوية فلوس. طبعاً الكرامة الوطنية لا ترضى الهوانَ، والجوعُ ولا عيشة الذُل، ولا بدَ من تعليقِ كلَ من تورَطَ في هذه الفضيحةِ.

فرصةُ الفرصِ لتصريحاتِ الفصاحةِ والوطنيةِ والعروض الإعلاميةِ التي ما أكثر ما هاصَت لما هو أقل. كيف اِتُخِذَ قرارُ تسفيرِ الأمريكان على كفوفِ الراحة؟ الرواياتُ كثيرةٌ، لكن من المؤكدِ أن كثيرين يغسلون أياديهم مما هم فيه مشاركون، وأن المسؤولين عن إطعام ٨٥ مليون لهم حساباتٌ مختلفةٍ، الصورةُ أمامهم واضحةٌ قتامتُها، والساحةُ الدوليةُ أكبر من سيطرتِهم. زمنُ العنطزة ولى، لا مكانَ للنفخةِ الكاذبةِ، الواقعُ هو الحقيقةُ الوحيدةُ، الكبير كبير، والنص نص على قد حاله، والضعيف يا مرارُه.

لماذا يبيعُ شخصٌ أعضاءه؟ لماذا يزوجُ أبٌ طفلتَه؟ هل الإجابة عويصة؟ نفس المنطق، خرجَ الأمريكان مقابل شوية فلوس، إذا كان المنظرُ إلى هذا الحدِ مهيناً للكرامةِ والعزةِ والإباءِ والشممِ والإنفةِ والكبرياءِ، لماذا أجبَرَ الهائجون المائجون الساخطون الناقمون الفائرون الساخنون، في الميادين وأمام أبواب المصانعِ والمؤسساتِ، أصحابِ القرارِ على هذه الزيجةِ وهذه البيعةِ؟! لماذا توقفوا عن الإنتاجِ واعتصموا وقطعوا الطرقَ مُكتَفين بالتناحةِ والتناكةِ وكأن العملَ مناقضاً مخاصماً للثورةِ؟! هل ستُمطرُ لهم السماءُ جنيهات وخبز ومانجة وفراولة ولحمة وفراخ وسمك؟!

شرُ البليةِ ما يضحكُ، وأتعسُ الضحكِ ما يبكي، على حالٍ بالقوى مال؛ لا كرامةَ لفقيرٍ ولا جوعانٍ بفعلِه وغفلتِه وكسلِه وسوء تقديرِه، الدرسُ واضحُ، والذي يتسولُ بدلاً من أن يعملُ وهو قادرٌ هو الأغبى. أمثالُ أجدادنا باقيةٌ، هي موجودةٌ وواضحةٌ لمن يريد أن يَفهمَ ويَعي، أنسيتم عريان مش عارف إيه وبيسأل الباب إياه منين؟ أيضاً عريان مش عارف إيه وبيتأمز تأميز! وطبعاً دلع مش عارف إيه يفقع المرارة. الواحد برضه لازم يعمل حساب للرقابة.

Twitter: @albahary

السبت، 3 مارس 2012

الجودةُ المعطوبةُ ...





طُرِحَ منذ قرابة الأربع سنوات مشروعٌ لاعتماد الجامعات الحكومية تحت مسمى استيفاء متطلبات الجودة. الجودةُ كمفهوم لا يمكن الاعتراضُ عليها أو رفضُها، لكن ما لازمَ طرحَها من اتجاهٍ سائدٍ في الدولةِ لشغلِ الشعبِ بمختلفِ فئاتِه الدينيةِ والاجتماعيةِ والوظيفيةِ عن الالتفاتِ لما يُدبرُ سياسياً  صَبغَها بنفورٍ شديدٍ من أعضاءِ هيئة التدريسِ، خاصة مع تردي أحوالِهم الماديةِ وإبعادِهم عن مناقشةِ متاعبِهم ومشكلاتِهم المزمنةِ واغفالِ آرائهم حتى المتخصصِ منها. وفي ظلِ تدهورٍ مستمرٍ في الحالِ العامِ واسنادِ مناصبٍ لمن تعوزُهم الكفاءةُ، اِستخدِمَت الجودةُ سلماً لتصعيدِ البعضِ وتَزَيا بها آخرون حتى تصعدَ بهم، فازدادَت تنفيراً وكان لها من عداء أعضاءِ هيئات التدريسِ النصيبُ الأوفرُ ففشلَت فشلاً مونديالياً.




الجودةُ مفهومٌ متكاملٌ يضمُ كلَ عناصرِ العمليةِ التعليميةِ دون أغفالٍ لأيٍ منها، سواء من باب الاستهالِ، أو السهو، أو الممالأةِ وهو أسوأها. وقد كان ولايزالُ رفضُ أعضاء هيئاتِ التدريسِ للجودةِ متُمَحوراً حول سؤالٍ رئيسى، بأمارة إيه؟! الجودةُ هي تقديمُ خدمةٍ تعليميةٍ متميزةٍ تحققُ النفعَ العام للمجتمعِ، لكنها اِختُزِلَت الآن بتسطيحٍ مُخلٍ في كيف يشتكي الطالب!! وكأن مبدأَ شغلِ أعضاءِ هيئاتِ التدريس قبل 25 يناير اِستُعيضَ عنه بعد 25 يناير بكيف يكونُ نفاقُ الطلابِ وإسكاتهم، على حسابِ العمليةِ التربويةِ والتعليميةِ.

العمليةُ التعليميةُ في حدوتةِ الجودةِ بصورتِها الحاليةِ أفرَدَت صفحاتٍ ولجانٍاً لوضعِ ألياتِ الشكوى، شكوى الطلاب!! لكن، أين رضاء أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ؟! أين المعاملُ والمكتباتُ والمدرجاتُ؟! أين دورِ المياه، بدون مؤاخذة؟! أين النظافة؟! وأين المياه والكهرباء في أحيانٍ كثيرةٍ؟!

مع كلِ الاشمئناط فإن مبدأَ نفاقِ الشوارع والحارات المزدحمة هو لافتةُ هذه المرحلةِ، الصوابُ ليس الهدفَ، ولا الحقَ، لا غرابةَ في أن يُرفعَ شعارُ "تأديب وتهذيبَ وإصلاحَ  أعضاءِ هيئات التدريسِ".


الجودةُ المعطوبةُ والانبطاحيةُ تلك لن يكون وراءها إلا التخريبُ الممنهجُ للمجتمعِ، يستحيلُ أن ينصلحَ مجتمعٌ وجامعاتُه يُعاملُ فيها أعضاءُ هيئاتِ التدريسِ كمُدانون ومُذنبون ومُتَهمون، بلا خطأ ولا أمارةٍٍ، وكأن قدرَهم أن يُعاديهم نظامٌ سقَطَ وأن يتاجرُ على حسابِهم نظامٌ لم يأت بعد،،


Twitter: @albahary




الثلاثاء، 21 فبراير 2012

إعادةُ النقاط ِإلى حروفِها …


دعواتٌ للاعتصامِ المدني لم تلقْ تجاوباً من الشارعِ، خناقاتٌ في مجلسِ الشعبِ مُذاعةٌ ومُتلفزةٌ، تطاولاتٌ على رموزٍ لم تستثن كبيراً ولا صغيراً، كلُ صغيرٍ تصورَ نفسَه كبيراً وكلُ كبيرٍ اِنزوى، ما عادت هناك ثوابتٌ من أخلاقٍ أو تاريخٍ أو عاداتٍ أو تقاليدٍ، تاه الشارعُ المصري وغابَت عنه قيمٌ كثيرةٌ. لم يعدْ للكلامِ معنى، ما عادَت الآذانُ تسمعُه ولا العقولُ تَعيه. أي كلامٍ أولى؟ كلامُ أهلِ التسخين أم كلامُ الداعين للتهدئةِ؟ كلامٌُ باسم الدين أم كلامٌ باسم الدولة المدنية؟ كلامُ التحرير أم كلامُ العباسية؟ كلامُ التخوين أم كلامُ الوطنية؟ كلامُ التفرقةِ والتمييزِِ أم كلامُ المواطنةِ والمساواةِ؟

تاه الجميع، لم يعدْ الصديقُ صديقاً، الشكُ أصبحَ لغةً ومنهجاً، ومعه الأنانيةُ وتضخيمُ الذاتِ، لا غرابةَ في الاعتصامات والبلطجة والتطاول والتجاوز والسباب والتعدي. عندما هُزِمَت مصر في عام ١٩٦٧ رُفِعَ شعارُ اعرف عدوَك، لقد كانت الهزيمةُ نتيجةً طبيعيةً للانغلاقِ داخل الشعاراتِ والأوهامِ والخداعِ والزعيقِ وانكارِ قدرات الغيرِ وامكاناتِهم، لا يبدو مع كلِ الأسفِ أن للتاريخِ اعتباراً، قريبُه وأبعدُه. لغةُ العنفِ في الفعلِ واللفظِ، احتلَت أوفرَ مساحاتٍ في الفضائياتِ والصحفِ، أتقنَها الجميعُ. ما هي القدوةُ التي يقدمُها مجلس الشعبِ وهو علي الهواءِ ينشرُ الخناقاتِ وعدم تقبلِ واستيعابِ الآراءِ جميعِها؟ كيف يكونُ استيعابُ المنزلُ والعملُ والشارعِ للغةٍ التناطحِ التي سادَت حواراتِ السياسيين والدعويين؟ ما من رسالةٍ إلا أن الغلبةَ تدينُ للأعلى صوتاً أو الأكثرُ عدداً، غابةٌ بكلِ معناها، تأكيدٌ على ما يسودُ ُمن انفلاتٍ.

تغيرَ نظامٌ وطَفَت أخلاقياتٌ طالما كَمِنَت، الانتهازيةُ وتصيدُ السقطةِ واللقطةِ، بالذوقِ وبالعافيةِ، سيارةٌ أو قطعةُ أرضٍ، رصيفُ أو جزء من شارعِ، أرضٌ زراعيةٍ أو نيلٌ، موقفٌ يُرادُ أن يُصبغَ بالوطنيةِ أو يالثوريةِ، شعاراتٌ تُرفعُ بغرضٍ يخفي باطنَها؛ الكلُ سواء، ما من فارقٍ بين المثقف وغيره، بين السياسي وغيره، بين الدَعَوي وغيره،أوضحُهم البلطجي والسارقُ!! من المؤكدِ أن رفضَ العصيان المدني يُعطي رسالةً واضحةً، أن الشعبَ في غالبِه ليس بالسهلِ الانقيادِ، وأن الصوتَ العالي لا يُكسِبُ أنصاراً، لكن الأهم هل يوضعُ كلُ في إطارِه وداخل حدودِه، بنفسِه أولاً؟ هل يفهمُ الجميعُ أن الزمنَ تغيرَ وأن لصبرِ الشعبَ حدوداً؟

لن تستقيمُ الأمورُ إلا بفهمِ التاريخِ بأمانةٍ، بالبعدِ عن شهوةِ السلطةِ والانتقامِ، بدراسةِ السياسةِ الدوليةِ باحترافٍ، بالاتعاظِ من الأخطاء الشخصيةِ قبل أخطاءِ السابقين والغير، بوضعِ خطوطٍ حمراءٍ لا يجوزُ تخطيها في التعاملِ مع الحرياتِ والمعتقداتِ. في حالةِ التوهانِ تلك يبدو المشوارُ طويلاً غائماً، لكن يستحيلُ أن تنصلحَ الأحوالُ إلا عندما يَفهمُ كلٌ ما له وما عليه، إلا عندما يتيقنُ كلٌ من حجمِه فلا يتجبرُ غروراً أو يصرخُ عجزاً.

لن يكونُ لمصرِ شأنٌ إلا عندما تعودُ النِقاطُ إلى حروفِها ...


نُشِرَت بجريدة الأهرام يوم الخميس ٢٣ فبراير ٢٠١٢

Twitter: @albahary

الأحد، 5 فبراير 2012

الفلول والشرطة والمجلس العسكري … حيلةُ من؟

وقعت كارثة استاد بورسعيد قبل وأثناء وبعد مباراة الأهلي والمصري، قُتِل وأصيب العشرات، اندلَعَت المظاهرات واشتعَلَت أمام مديريات الأمن. بدأت مباريات أخرى، في مجلس الشعب والفضائيات والصحف، الكلُ بدأ في تقمصِ شخصيةِ شارلوك هولمز.


مجلسُ الشعبِ، بدأ عادتَه الأبديةَ في فتحِ باب الكلامِ والتسابقِ أمام الكاميرات، تَبارى النوابُ في رفعِ الصوتِ والتسابقِ في سبِ الحكومةِ والداخليةِ والجيشِ، فرصةٌ هائلةٌ للظهورِ ورفعِ الصوتِ وتلعيبِ الحواجبِ. الفضائياتُ أسرَفَت في الإشعالِ والتهييجِ بمُقدمي برامِجها الألمعيين المُتفَزلكين المُتحاذقين المُتفلسفين، استضافَت أستوديوهاتُها وجوهاً مُنفرةً، ماوراءها إلا سَكب الزيت والبنزين علي النارِ والتباهي بخطابٍ غيرِ مُهذبٍ مع مسؤولي الداخليةِ بالذاتِ، مسلكُ أصبحَ طابعاً لمن يرون أنهم ثوريون أو متشيعون لهم لأغراضِهم.

لم تُطرحْ أيةُ أفكارٍ أو رؤى جديدةٍ، التبريراتُ المعتادةُ، الفلولُ وسجن طرة والشرطة والجيش، أهي رغبةٌ في معرفةِ الحقيقةِ وتحديدِها أم تصفيةُ حساباتٍ؟ الواضحُ أن الحقيقةَ غائبةٌ مُجَهلةٌ. لم يتطرقْ العرضُ في مجلسِ الشعبَ ولا في الإعلامِ لسوابقِ مبارياتِ الأهلي مع أنديةِ القناةِ والاسكندرية والأقاليم، كلُها شغبٌ وتجاوزاتٌ وتطاولٌ، الأمر ليس في حاجةٍ لتدبيرٍ ولا فلولٍ. جمهورُ الأقاليمِ يشعرُ أن الأهلي فريقٌ مميزٌ بلا وجه حقٍ، يَستقوي على الآخرين ويفرضُ سلطانَه على اتحاد الكرةِ، يفوزُ بالزوقِ وبالعافيةِ، بأي وسيلةٍ، كَبَرَ الشعورُ بالظلمِ في الأقاليم، رأى مُشجعوها أنهم مُهمشون، كَرهوا الأهلي وما مَثلَه لهم من ظلمٍ وقهرٍ وبطشٍ وإرضاءٍ وإلهاءٍ للأكثريةِ. المناخُ المَرَضي هذا هو الشرارةُ المُثلى للانفجارِ، وقد حدَثَت في بورسعيد، واستغلَها عابثون حاقدون كارِهون. ألم يَنشأ الألتراس برعايةِ الأنديةِ؟ لقد موَلَته وكبرته وجعلته ذراعَها ولسانَها حتى خرجَ عن سيطرتِها في العديدِ من أحداثِ الشغبِ والانفلاتِ. لم تجرؤ إداراتُ الأنديةِ على الاعترافِ بخطورةِ ظاهرةِ الألتراس على الرياضةِ وعلى المجتمعِ، وها هو المردودُ وقد وصلَ إلى البلطجةِ والتعصُبِ والغوغائيةِ.

تَقصيرُ الأمنِ أكيدٌ، لكن تَقصيرَ غيرِِهم أفدحُ، لأنه يفتقدُ الصراحةَ والرؤيةَ وأمانةَ المسؤوليةِ السياسيةِ والإعلاميةِ. المجتمعُ في حالةِ تَفَسُخٍ، الكلُ في حالةِ كُرهٍ ورفضٍ للآخرين، تَربُصٌ، تَصيُدٌ للهفواتِ. الشرطةُ من المجتمعِ، فيها أخطاؤه وعشوائيته وتواكُلُه واسترخاؤه وتغافُلُه، وأيضاً ضيقُ ذاتِ يدِه وقلةُ حيلتِه وهوانُه علي الناسِ. هل ينصلحُ الحالُ؟ ليس بسهولةٍ. هل يتعظُ الإخوان من مأساةِ استادِ بورسعيد؟ هل يفهمون أن الاستقواءَ وبالٌ؟ هل يخرجون من ممارسات الحزب الوطني؟ أشكُ. هل يصبح رئيس المجلس فتحي الكتاتني؟ مع الأسف.

إذا كان من يُعجَبون بأحاديثِ الميكروفوناتِ والشاشاتِ لا يَكترثون بغيرِ الظهورِ والمغانمِ فليستمروا في تبريرِ كلِ مصيبةٍ، بالفلولِ والشرطةِ والمجلسِ العسكري. لكن ماذا لما تتكررُ المصيبةُ بعد أن يوزعوا الفلولِ على سجونِ مصر، وبعد أن يكسِروا الشرطةَ ويُهينوا الجيشَ؟ أين ستكون الحجةُ، حجةُ الغافلِ والمُخادعِ والبليدِ.

Twitter: @albahary

الأربعاء، 1 فبراير 2012

مصر إلى أين؟؟؟


مشهدُ ما بعد الخامس والعشرين من يناير فى مصر أصبحَ مزدحماً، إناسٌ تدخل وإناسٌ تخرج، عالمٌ تصيحُ وعالمٌ تصرخُ، بشرٌ فى الشوارع وأضعافُهم فى البيوت، شعاراتٌ من كل شكل، لافتات حمراء وخضراء وصفراء، بهلوانات بالمُخَطَط بالطول والمُخَطَط بالعرض، فوضى بأكثر من معنى الكلمة، الآراء تَضارَبَت، لا أحد يسمعُ سوى نفسَه، من ضرَبَ من؟ من قتلَ من؟ أنضحك؟ أنبكى؟ ما من إجابة!!

الفضائياتُ جَعلَت من شاشاتِها مُحَرِكاً للمشهد فى مصر، جَلَبت من لم نكن نعرفهم أو نسمعهم أو من طالما تجاهلناهم ونَفَرْنا منهم، كثيرون أصبحوا أبطالاً ومُحللين ومُعلقين، بوضع اليد!! إيه الحكاية؟! يأتون من الخارج لينصبوا أنفسَهم قادة، يحتلون الإنترنت من خارج مصر ليصورا أنفسهم نشطاء، فضائياتٌ تُحرِضُ بكل قوة، جماعاتٌ من الظلامِ آتت لتنقَضَ على ما ليس لها فيه من فضلٍ، أنظمةٌ قمعيةٌ قهرَت شوارعَها بالجيشِ وبالشعاراتِ المذهبيةِ لا تخجلُ من تحريضِ الشارعِ فى مصر، حتى من ينادون بالحرية فى الشارعِ يرفضون آراءَ غيرِهم، يتضاربون بالطوبِ وبالاتهاماتِ وبالسِبابِ!!

دَمرَ بدو الضبعة مشروعَ المفاعل النووي المصري، وأقاموا بدلاً منه عشوائياتٍ من طوبٍ وحجرٍ وماعزٍ، وهددوا مسؤولي الدولةِ بالقتلِ؛ بلغت الخسائرُ مليار جنيه!! في أي دولةٍ يُقبلُ هذا المسلكُ؟ كيف يُرددون ومعهم بعضُ إعلامٍ أنهم حرروا أراضيهم؟! وهل نتوقعُ نفسَ هذا الإجلاء عن مارينا ومراقيا وسائر الساحل الشمالي؟! جلاءُ المحتلين المصريين ورفع الأعلام البدوية التي قد تكون سوداء اللون؟! وهل يسيرُ بدو سيناء على نفس المنطقِ وهم يهاجمون يومياً المحالَ وكمائنَ الشرطةِ؟!

مباراة كرة القدم بين المصري والأهلي تنتهي بعشرات القتلى والمصابين، سابقة لا مثيل لها في التاريخ الكروي الحديث. هل يُعقلُ أن يتواكبَ ميلادُ مصرِ جديدةٍ مع عشرات الآلاف من التعدياتِ على الأراضى الزراعيةِ تبويراً وبناءاً فى الممنوعِ؟! من أين يأكلُ ثمانون مليوناً بعد أن تحوَلَت تلك الأراضى إلى عشوائياتِ بناءٍ؟! الأدهى أنهم بمنتهى الجرأة يقفون طوابيراً لتوصيل الكهرباء والمياه؟! أضفُ إلى ذلك الارتفاعُ غيرُ المسموحِ به فى المدنِ والتعدى على الشوارع بامتداداتٍ لا تمُتُ للعمارةِ ولا للذوقِ بأيةِ صلةٍ.

المقاهى ومحالُ العصيرِ والملابسِ ومعارضُ السياراتِ أُقيمَت فى الطوابقِ الأولى من العقاراتِ، لننظرُ فى شارعِ حسن المأمون بمدينة نصر كى نتعلمُ ونفهمُ معنى التحَسُرِ والأسى والحزنِ على اِنفلاتٍ سلوكىٍ وأخلاقىٍ يستحيلُ أن تكونَ له علاقةٌ بثورةٍ هدفُها الأولُ القضاءُ على الفسادِ. لنر كيف نُسِيَت كلُ قوانين المرورِ وكيف تسيرُ سياراتُ السيرفيس فى الممنوعِ بدون لوحاتٍ، من يرتدى حزامَ الأمانِ الآن؟ لنُلق نظرةً كَسيرةً على شوارعٍ رئيسيةٍ وقد بَرَكت فيها سياراتُ نقلٍ، تبيعُ الفاكهةِ والخضرِ، غيرُ عابئةٍ بتوقفِ المرورِ، شارعُ الطاقةِ بجوارِ النادى الأهلى بمدينة نصر شاهدٌ.

أما عن الاعتصاماتِ والإضراباتِ المُطالِبةِ بالفلوسِ، على بلاطة كده، ألآ يوجدُ تعبيرٌ أكثرُ عِفةٍ عن تلك المطالبِ الحقيقيةِ؟! هل من يقفون مُتَصورين فى أنفسِهم قدرةً على مكافحةِ الفسادِ والمُفسدين فى أماكِنِ عملِهم، قد غَفِلوا أنهم أيضاً يَضُرون بلداً عليه يعيشون وأنهم قد يخسرونه إلى الأبدِ بأفعالِهم تلك؟! هل يقفون فى إضراباتٍ واعتصاماتٍ وينتظرون راتباً آخر الشهرِ؟! بأى منطقٍ، إلا البلطجةِ والبجاحةِ، بصراحة كدة. المطالبةُ برفعِ مستوى المعيشةِ حقٌ مؤكدٌ، لكن الخوفُ على هذا البلدِ أيضاً واجبٌ. كلُ واحد أضرَبَ فى مصر، ولو كان عايز يهرش أو يدخلُ الحمامِ أو يختم شهادة مضروبة!! وأيضاً كلُ مكانٍ، البنوكُ، شركاتُ النقلِ العامِ، شركاتُ الغزلِ، شركات البترولِ، السككُ الحديديةُ، الشرطةُ، لم يتبق إلا الجيش!!

الانفلاتُ سادَ وأصبحَت السرقةُ والبلطجةُ عينى عينك، هو فى إيه؟! تقفيلُ شوارعٍ وحصارُها لسرقةِ المحالِ، بلطجيةٌ يحتلون شوارعاً فى صورةِ باعةٍ جائلين، محالٌ تدَعى عدمَ وجودِ فكةٍ لتصريفِ سلعٍ مضروبةٍ، احتلالُ شققٍ سكنيةٍ ومدنٍ جامعيةٍ والإقامةُ فيها!! فرصةٌ للتهليبِ الأعظم، أقول إيه وإيه وإيه؟! فى سيناء حُرِقَت المدارسُ، بعد أن حرقوا مراكزَ الشرطةِ، اختطفوا عمالاً صينيين، مش فاهم، حتى التعليم رفضوه؟!!

هل سيحتاجُ المُقيمون على أرضِ مصرِ إلى إعادةِ تأهيلٍ إذا قُدِرَ لها أن تقفَ على قدميها مرةً أخرى؟! هل أهلُ تونس أحسن منا؟! هل شعبُ مصر لا يسيرُ إلا بالعصى؟! أهو انتحارٌ جماعىٌ؟ أهو غيابٌ عن الوعى لشعبٍ بأكملِه؟ كلام ثقيل، لكن النكبةَ أكبرُ، مصيبة وألف مصيبة. هل تعودُ مصرُ لعصرِ ما قبلِ التاريخ الحديث؟! هل ستولدُ مصرٌ جديدةٌ كما كنا نتمنى ونأملُ؟ ألله أعلَم.

إيه الحكاية؟ الدنيا فى مصر شُلَت، لمصلحةِ من الخراب ووَقف الحال؟ أهو هدفٌ فى حدِ ذاته لتنقض خفافيش الظلام على مصر؟ أين العقل؟ هل يَحكُمُ الشارعُ مصر؟ هل تُحركُه الفضائياتُ وتُحدِدُ اتجاهاتِه؟ هل تُسَيرُه؟ لماذا غَفَلَت الإنترنت عن التعدديةِ التى تُميزها؟ لماذا أصبَحَت أحاديةَ النظرَ؟ هل أصبحَ الهدوءُ عورةً؟ هل غدا التزامُ المنازلِ سبباً للتجاهلِ؟ هل ضاعَت الحقيقةُ؟ كلُهم يتحركون وكأنهم على المسرحِ وحدِهم. كل ما فى الساحةِ الآن لا يعبرُ إلا عن مصالحٍ خاصةٍ، لجماعاتٍ وأحزابٍ وأشخاصٍ ما تُريدُها إلا فوضى.

هل أصبَحَت مصر ملطشة الكلِ؟ السؤال المُلِحُ الآن هل بشرُ مصر تخافُ ولا تستحي؟! لمن الكلمة فى مصر الآن؟ للشارع؟ للألتراس؟ للجالسين فى بيوتهم؟ للفضائيات؟ للإنترنت؟ لراكبى الموجة من رافعى الشعارات الدينية والسياسية؟ المشهدُ امتلأ بالكومبارس الذين صوروا أنفسهم أبطالاً، مسرحيةٌ باخَت، وعجبى وأسفى وحزنى،،


نُشِرَت بجريدة الجمهورية يوم الجمعة ١٠ فبراير ٢٠١٢
Twitter: @albahary