الأحد، 20 مايو 2012

هل الستين أصبحَت عورةً؟


أوصَت لجنةُ القوى العاملةِ بمجلسِ الشعبِ بعدم تعيين مستشارين لأجهزةِ الدولةِ طالما تَخَطوا الستين عامًا.  بدايةً،  من المؤكدِ أن تعيين المستشارين في الفترةِ الماضيةِ كان يخضعُ لمبدأ مكافآةِ نهايةِ الخدمةِ، وفاضَت العديدُ من الوزارات والشركات والمؤسسات بمن بدأوا حياةً وظيفيةً جديدةً تحت مسمى مستشار. الخطأُ إذن لا يمكنُ تبريرُه أو الدفاعُ عنه، لكن  يستحيلُ أيضًا مسايرةُ مَسلكَ مجلسِ الشعبِ بلجانِه في اتجاهِهم المحمومِ لتصفيةِ الحساباتِ مع الجميعِ بدءًا بالهواءِ.


 سنُ قوانينٍ لمنعِ من بلغوا الستين من وضعِ خبرتِهم ورأيهِم في خدمةِ الدولةِ وقد بلغَت أحوالُها ترديًا مأساويًا ليس إلا استمرارًا في مسلسلٍ من التخبطِ واستجداءِ التصفيقِ والهتافِ. هل تكون معالجةُ خطأ تعيين المستشارين بدون ضوابطٍ بالانقلابِ للضدِ في طرفةِ عينٍ، وأيضًا بلا تعقلٍ؟ إذا كان سنُ الستين عورةً فلابدَ أن يبدأ مجلسُ الشعبٍ بنفسِه ويستبعدُ أعضاءَه الذين بلغوا الستين وعَبَروها، أو أن يضعَ نسبةً لهم لا تجاوزُ ١٠٪ من الأعضاءِ، هذا إن كان صادقًا وأيضًا شريكُه مجلس الشورى. نفسُ المنطقِ ينطبقُ على رئيسِ الجمهوريةِ والوزراءِ، جَنِبوهم بالقانونِ لأنهم من سقطِ متاع الحياة، أتستطيعون؟ العقلُ زينة، كما يقولون وكما نَسى أعضاءُ مجلسِ الشعبِ "الزُغَنين المُقَطقَطين".

كم من أئمةِ المساجدِ وأهل الفتوى تجاوزوا الستين ومازالوا على منابرِهم في مساجدٍ القاهرة والاسكندرية الشهيرة؟ زحلقوهم إذن بمنطقِكم وقد بلغوا من  بعد الستين الشئَ الكثيرَ، أليسَت الستين عورةً؟ ألا تريدون فتحَ طريقٍ لشبابِكم؟ أم أن دماغَكم في ناسٍ وكاميراتٍ وهتافاتٍ وتصفيةِ حساباتٍ وانتقاماتٍ؟

 يا أعضاءَ مجلسي الشعبِ والشورى بلجانِهم،  الأمرُ لا يحتاجُ فلسفةً ولا فزلكةً، لا يجوزُ استبعادُ شريحةً من مجتمعٍ تحت أي مُسَمى لو كانت على العطاءِ قادرةٌ، وخاصةً في أوقاتِ المِحَنِ كتلك، تَجَنبوا أخطاءَ الماضي وانظروا في مستشاري رؤساءِ الدولِ المتقدمةِ، وفي تجاربِها، وإن لم تُعجِبَكم وغرَكم رأيكُم  وبه فُتِنتوا، فابدأوا بأنفسِكم، لو سمحتم نريد أن نرى عرض أكتافَ من تجاوزَ الستين منكم، لا تَتَحَجَجوا بأنكم أتيتم بالانتخاب، الانتخاباتُ ليست توكيلًا عامًا لأي فعلٍ أو قولٍ على حسابِ الشعبِ، لو سمحتم صَفوا حساباتِكم بعيدًا عن دِماغنا،،

Twitter: @albahary 

الجمعة، 18 مايو 2012

المنع في الإنترنت.. بكم؟ وعلى حساب من؟


طالَبت لجنةُ النقل في مجلس الشعب بمنع المواقعِ الإباحيةِ عن الإنترنت، وسافرَِ وفدٌ منها إلى الإمارات للاستفادة من خبرتِها في هذا المجال. لماذا؟ تحقيقاً للفضيلةِ وحمايةً للشبابِ، هكذا قالوا في حزب النورِ.  أمرُ لا يجوز أن يمر مرور الكرام. أولاً، لن تُقبل المزايداتُ على أخلاقياتِ بشريةٍ في صورتِها السويةِ، من المؤكدِ أنه يستحيل أن يرضى مواطنٌ بسوء السلوكِ من تحرشٍ وبلطجةٍ وقطعٍ للطريقِ العامِ، مروراً بالدخولِ على المواقعِ الإباحيةِ. أما من الناحيةٍ الفنيةِ، وهي الأيسر، فإنه من الممكنِ منعَ أي موقعٍ على الإنترنت، لكن لفترةٍ محدودةٍ، فمن اليسير جداً أن تُغيرَ المواقعُ الإلكترونيةُ عناوينها وأن يكونَ لها أكثرُ من موقعٍ بديلٍ، وهو ما يجعلُ عبءُ متابعتِها مُكلفاً، إضافةً إلى مهارةِ جيلٍ صنعَ ثورةً من علي الإنترنت في التغلُبِ على كلِ المعوقاتِ وكل محاولاتِ التحاذُقِ عليه.

وإذا كان المنعُ، وهو أسهلَ ما في الحدوتةِ ممكناً لوقتٍ قصيرٍ، فإن مبدأَ المنعِ في حد ذاتِه هو المصيبةُ، لأنه سيبدأ بالمواقعِ الإباحيةِ سُلماً وطريقاً ملفوفاً للتعدي على المواقعِ السياسيةِ والفكريةِ المخالفةِ، وأيضاًعلى الفنون والأدابِ وغيرها وغيرها. هل قام المصريون بثورةٍ على من افترضوا فيهم الخنوعَ والقصورَ والغباء ليظهرَ غيرُهم تحت عباءةٍ أخرى؟! الإنترنت شارعٌ طويلٌ ممتدٌ بلا نهايةٍ، دكاكينُه على الصفين، فيها الجيدُ والردئ، ولكلِ الاختيارُ، حسب تربيتِه وضميرِه. التربيةُ هي المهمة الأصعب والأولى بالاهتمامِ بدلاً من تسطيحِ الأمورِ واختزالِها في شعاراتٍ تغلُفها المزايدة وضيق الأفقُ.

الإنترنت فيه سمٌ قاتلٌ، لكن ماذا عن المخدرات والسجائر والكولة؟ هل نجحَ المنعُ في القضاءِ على المخدراتِ؟ هل قَلَلَت من التدخين الصورُ المقززةُ على علَبِ السجائرِ؟ أين البحثُ الحقيقي عن مشاكلِ الاقتصادِ والديون والأمنِ والإسكان والطعامِ والصناعةِ والزراعةِ والنقل؟! مصر لن تكون كوريا الشمالية ولا أفغانستان ولا إيران، ولا هي دولةً خليجيةً في الطباعِ والفكرِ، وما شاهدَه أعضاءُ لجنةِ النقلِ بمجلسِ الشعبِ حال مكوثِهم خارج مصر، ليس لها.

ثم ماذا؟ حَكَمت محكمةٌ على الفنان عادل إمام بالحبس على ما سبقَ أن قدَمَه من أعمالٍ فنيةٍ، بأثر رجعي. وتناثرَت المقالاتُ الصحفيةُ وعبر الإنترنت عن مشروعات القوانين التي تُعَدُ وتُسَبَك للمنع والتقييد والتكبيلِ والتكميمِ، على الفنانين والصحفيين والُمعدين والمخرجين وغيرهم وغيرهم!! هل ستظهر قوانين تُمنعُ وتجرمُ الفضائيات وأجهزة الاستقبال والهوائيات؟! من أى جيب سافر أعضاء لجنة النقل والمواصلات إلى الإمارات؟ وماذا سيكون في حقائبهم حال عودتِِهم؟ وعلى من ستكون ملايين المنع المستحيل في الإنترنت؟ من جيب الشعب أم خصمًا من مُخصصات مشروعات أخرى؟ لقد أتى حزب النور وغيرُه إلي مجلس الشعب بفضل براعة شباب غَيرَ مصر في ٢٥ يناير ولم يكن تحت يده سوى الانترنت، لقد زادَت اللحى والجلاليب بفضل هؤلاء الشباب. هل يكون الآن الإنقلاب على الإنترنت؟

هل الأجدى أن تُمنعَ دراسةَ الحاسباتِ أصلاً وكذلك إدخالِ أجهزتِها بالَمرة حتى تعمُ الفضيلةُ،؟! أم في المنع عن دخولِ مواقعٍ إلكترونيةٍ بعينِها كفاية؟! هل تُمنعُ أيضًا دراسة الإعلام والفنون؟! هل فكرَ أعضاءُ لجنةِ النقلِ في كيف يكون دخول الجيل الرابعِ من خدمات الإنترنت إلى مصر؟  لقد عَلَمَ الإنترنت العالم الانفتاح، وغزَت الأقمار الصناعية والاتصالات كل الحُجُب، ألا يفهمون ما يتخطى ما لُقِنوا؟ هل الانترنت والإعلام يكونون حلالاً، في بعض الأحيان، لتمرير ما يُراد فقط؟

على كلِ عقلٍ الاختيارُ والتمييزُ بحريةٍ، بلا وصاية ولا مزايدة، لا مكانَ في عالمِ اليومِ لمن يمنعَ ويسمحَ حسب كيفه ومزاجه ومصلحته. العلم وٍالإنترنت والفن والإعلام على نفس الوجه من العملة، الحريةُ ليس لها إلا وجهٌ وحيدٌ، بلا تأويلٍ أو تلاعبٍٍ،،

Twitter: @albahary

مستقبلُ المواقعِ الاجتماعيةِ بعد طرحِ فيسبوك للاكتتاب العام: خمسةُ اتجاهاتٍ أمامَها


هذا المقالُ مأخوذٌ عن:
What's Next for Facebook and Social Media? 5 Trends to Watch After the IPO
بقلم Ryan Holmes ومنشور يوم 17/5/2012 بصحيفة HuffPost Tech.

صفقةُ طرح فيسبوك للاكتتاب العام هي الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة، فقد حقَقَت عائدًا خياليًا طالَ  104 مليار دولار، وهو ما دَفعَ بقوةٍ تساؤلاً منطقيًا، هل يمكنُ للشركة الاستمرار في الابتكار حفاظًا على سعادة المساهمين فيها؟ وراء هذه التساؤلات واقعٌ لا يمكن إنكارُه، فالاكتتابُ في أسهم فيسبوك لحظةٌ فاصلةٌ على خط زمن الشبكات الاجتماعية،  فما من شك أنها  أصبحَت القوةَ الحقيقيةَ والثقافية والمالية في عالم اليوم، وأنها عملٌ ضخمٌ سيبقى مهما كانت المثالبُ وأيًا كانت الانتقاداتُ.

السؤالُ الكبيرُ هو، ما هي الخطوة التالية؟ فيسبوك وغيرها من الشبكات الاجتماعية تواجه تحدياتٍ ضخمةٍ حتى تستمرُ في الازدهارِ وإلا الخفوت والذبول. أمامَها خمسةُ  اتجاهاتٍ جديرةٍ بالمتابعةِ

1) الحاجةُ لهواتفٍ نقالةٍ أكثر تقدمًا وأكبر حجمًا:  أكثرُ من نصفِ مستخدمي فيسبوك  البالغُ عددهم 901 مليون يدخلون على موقعِه من خلال أجهزتِهم النقالة، علمًا بأنه  بحلولِ عام 2015 يُتوقَعُ أن يتجاوزَ عدد ُمستخدمي الهواتفِ النقالةِ والحواسيبِ اللوحيةِ مثل iPad و Samsung Galaxy عدد مستخدمي الحواسيب الشخصية.  ومع ذلك فإن تطبيقاتِ الشبكاتِ الاجتماعيةِ على الهواتفِ النقالةِ والحواسيبِ اللوحيةِ لا تزالُ في مراحلِها الأولى. من الضروري إذن زيادةُ امكاناتِ تلك الأجهزةِ من حيث الصوت والصورة والفيديو وابتكار تطبيقاتٍ تسمحُ بالإعلاناتِ التي تناسبُ صغرَ حجمِ شاشتِها، والإعلاناتُ هي روحُ تلك الشبكاتِ وحياتِها ومستقبلِها

2) المواءمةُ بين خصوصيةِ بياناتِ المستخدمين وتسويقِها:  هدفٌ تحقيقُه لا يكون إلا بالسير على سنِ سكينٍ،  فالنمو يعتمد على بناءِ ولاءِ المستخدمين للشبكةِ وثقتِهم فيها، ففي الولايات المتحدة يبلغُ متوسطُ الاستخدامِ للشخصِ البالغِ حوالي سبع ساعات شهريًا. لكن الربح يعتمد على حصادِ بياناتِ هؤلاء المستخدمين وايجادِ سبلٍ لبيعِها - مُباشِرةً أو غيرِ مُباشِرةٍ - للمُعلنين ولأطرافٍ أخرى.

وقد تسبَبَ استغلالُ بياناتِ المستخدمين  في صداعٍ مزمنٍ  للشبكات الاجتماعية، من ناحيةٍ إزاء التشديدِ والرقابةِ والتضييقِ الحكومي في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، ومن ناحيةٍ أخرى أمام حساسيةٍ مفهومةٍ للمستخدمين من تداولِ بياناتهِم الشخصيةِ.  إلا أنه مع طرحِ فيسبوك أسهمِها للاكتتاب العام ومع إلحاحِ المساهمين على الربح، فإن الضغطَ على الشبكاتِ الاجتماعيةِ باتجاهِ تسويقِ بياناتِ مُستخدميها سيزدادُ.

3) ضرورةُ ابتكارِ أنشطةٍ بديلةٍ لكسبِ المالِ: وقد ظهرت هذه الأنشطةُ فعلًا من دون تنفيرِ المستخدمين أو استفزازِ الحكوماتوعلى سبيل المثال العملاتُ الافتراضيةُ التي تُستخدم لشراء السلع من خلال ألعاب الإنترنت، وقد سدَدَ الأميركيون، العام الماضي وحده، مبلغ  2.3 مليار دولار  لشراءِ أشياءٍ وهميةٍ في ألعابٍ مثل FarmVille وحروب المافيا. ومن المنتظرِ أن تَنحَى الشبكاتُ الاجتماعية ُهذا النموذجَ، فقد بدأت فيسبوك، تلك الأعمال التجارية الإفتراضية، في العام الماضي لما أتاحت لمستخدميها الحصولَ على ألعابٍ إلكترونيةٍ وتطبيقاتٍ عند تجميعِ نقاطٍ.

وهناك نموذجُ الحد المجاني freemium  الذي ابتكرَته الخدماتُ السحابيةُ مثل Dropbox  وSpotify، حيث تُتيحُ تخزينًا مجانيًا حتى حدٍ ما، وما يزيدُ عنه يخضعُ لسياسةٍ سعريةٍ، دون الإخلالِ بخصوصيةِ بيانات المستخدمين جميعًا، وهو نموذجٌ تستخدمهُ أيضًا خدمات Flickr لتبادل الصور وLinkedln لتبادل المعلومات المهنية.  

4) التعاونُ بين مواقع التواصل الاجتماعي والشركات: صفحاتُ فيسبوك هى بالفعِل أداةُ الشركاتِ الصغيرة للتفاعل مع عملائها على شبكة الإنترنت. ومع الحاجةِ  لمصادرِ دخلٍ بديلةٍ، من الواردِ أن تنشئ فيسبوك للشركات والأنشطة الاجتماعية صفحاتٍ بمقابلٍ، وهو ما يتفقُ مع قيمتِها التي أكدَها الاكتتابِ العامِ ومع رغبةِ الشركاتِ في الترويجِ لأنشطتِها

5) التكاملُ للازدهارِ: من أسبابِ نجاحِ فيسبوك التكاملُ مع شركاءٍ يضيفون تطبيقاتٍ وألعابٍ إليها، وعلى سبيل المثال لعبة Zynga الشهيرة، وهذا الانفتاحُ ينقُصُ مواقعًا منافسةً مثل +Google. وقد وعَت الشبكاتُ الاجتماعيةُ الأخرى هذا الدرسَ من القلب  بالسماحِ لشركاءٍ متعددين بالمساهمةِ في أنشطتِها، عملًا بمبدأ تكاملُ شركاتٍ جيدةٍ يُعطي شركةً عظيمةً

فيسبوك يتطلعُ إلى البقاءِ لسنواتٍ، هكذا أكدَ المؤسِسُ مارك زوكربيرج، وهو ما لن يكون إلا بالتكاملِ والتعاونِ  مع كلِ شركةٍ أو نشاطٍ يرغبُ في الازدهارِ المُتبادلِعبقري شاب غَيرَ وجه العالمِ.



فيسبوك، نجاحٌ لم تُحققه دولٌ، هل نتعلمُ؟ 


Twitter: @albahary 

الأربعاء، 9 مايو 2012

سيناء إلى أين ولمن؟


لو سكتنا عما يحدثُ يوميًا في سيناء لما سامحنا أنفسَنا على غدٍ غيرِ مُبَشرٍ قد يفرض واقعَه وشروطَه. سيناء التي انتشرَت في صحرائها رُفاتُ عشرات الآلاف من المصريين تضيعُ عيني عينك وكأن من ماتوا في سبيلِها أضاعوا عمرَهم عبثًا. المصريون لاهون تمامًا ما بين مزايداتٍ سياسيةٍ خائبةٍ مُتذاكيةٍ، واعتصاماتٍ شديدةِ الأنانيةِ، وبرامج توك شو انتهازيةٍ؛ نفسُ حكاية حصان طروادة التي أضاَعت بيزنطة لما تفرغَ أهلُها للسفسطةِ والهلفطة والهيافة.  

في سيناء الآن، كمائنٌ تُنصب للشرطةِ والجيشِ، هجماتٌٍ إرهابيةٌ على ما يمثلُ سلطةَ الدولةِ، قتلى برصاصاتٍ في الرأس ومختطفون، أعلامٌ سوداءٌ تُرفعُ مع منشوراتِ التهديدِ بالقضاءِ على وجودِ الدولةِ المصريةِ؛ التحد طالَ سائحين ولم تسلمْ منه قواتُ حفظ السلامِ الدوليةِ. أخبار سيناء متواريةٌ خجولةٌ، الكلُ أُصيب بالبلادةُ، لا يرون ولا يسمعون ولا يتكلمون، مصالحهم أهم، لا تهمهم سيناء ولا مصر كلَها، ولو ادعوا غير ذلك

وبينما المصريون على هذا الحالِ الخاسرِ، وبينما مصرُ بهم تعيسةٌ، فإن من حولَها يُخططون ويُدبرون ويَتَحَسَبون، يستحيلُ آن تقومَ للقاعدةِ دولةٌ في سيناء، ستُمنعُ بالقوةِ، ولو باحتلالِ أجزاءٍ من سيناء لإقامةِ مناطقٍ عازلةٍ على الحدودِ مع اسرائيل. انفلَتت الأوضاعُ في سيناء كما تنفلتُ في بعض مدن اليمن ومالي،  وما ببعيدٍ ما يحدثُ على حدود باكستان مع أفغانستان والهند، وما آلَت إليه الصومال.  الجماعاتُ المسلحةُ باسم الدين تَتَبِعُ نهجًا لا يتغيرُ، السيطرةُ على أي أرضٍ، ولو كانت خرابةً، المهمُ أن يرفعوا عليها أعلامَهم السوداءَ ويطبقوا شريعتَهم، لن يتغيروا أبدًا، كُمون ثم انقضاض ولو مع أقلِ فرصةٍ

كان الله في عونِك يا جيش مصر، يُشتتونك، يتهمونك، يُرهقونك، بالجهلِ وسؤ النيةِ، هل فكروا في سيناء؟ هل خطرَت على بالِهم؟ هل استجوبوا الحكومةَ من أجلِها؟ أليست أولى من منع الإنترنت؟ ألا تسبقُ القضايا ضد الفضائيات والمُبدعين؟ أليست أهم من عروضِ مجلسِ الشعبِ المتعددةِ المُتكررةِ السخيفةِ المُملةِ؟ ماذا سيفعلون لو لا قدَرَ الله ضاعَت سيناء؟ هل سيَجُرون مصر إلى مغامراتٍ مُهلِكَةٍ؟

في هذا الزمن القاسي ما يضيعُ لا يُسترجعُ، الله يرحم شهدائك يا مصر،،


الجمعة، 4 مايو 2012

جيش مصر يا صابر ...



يعلقون عليك شماعات اخفاقاتهم،  يتصورون أن قاماتِهم ستطول بالتطاول عليك، يحاولون توريطَك في نزاعاتٍ وخناقاتٍ داخليةٍ وخارجيةٍ، يداومون على الإيقاع بينك وبين مجلسك العسكري، يلوون ذراعك بالبلطجة، تصوروا أن بطولتهم لا تكون إلا على حسابك، مصر ليست في أجندتهم. يستحيل أن يكونوا أسوياء، عقولاً ونفوسًا، أعمتَهم الأنانيةُ والخبث والمكر وضيق الأفق


حالٌ مصر الآن فضحَ كلَ من ادعى أنه سياسي أو داعية. من بنوا دعايتهم على مهاجمةِ الجيش المصري والتهجمِ عليه وكأنها سلمُ ترشحِهم للرئاسةِ فشلوا في تجميع الحد الأدنى من التوكيلات لدخولهم سباق الرئاسة، أخفق مسلكُهم ولا يزالون بكل البجاحة والتلامة في الشارع، بنفسِ الشعارات واللافتات، لم ولن يفهموا، أنهم خائبون باردون. وهناك من يتعامل مع السياسة بمنطق القُمرتي الذي يخادع ويقامر بكل ما يملك، وعندما يخسر يقلب الترابيزة، ويدعي الشرف تارة والجنون تارة أخرى!! يصدق نفسَه ويجمع  شلته بمنطق يا فيها لاخفيها، يهدد ويتوعد، من يعوقه؟ الجيش، لا بد من إلصاقِ التهمِ كلِها به. كيف يكون رئيسًا من لا يؤتمن؟ 


الخيالُ السئ جمحَ بمدعيي البطولة ومشخصاتييها، افتعلوا الآراء والمواقف، ولو على حساب استمرار مصالح الناس وتواصل الدراسة، إذا أصابَت حادثةُ طريق شخصيةً ما، فلا بد أن تكون بمؤامرة، وما من متآمرٍ إلا الجيش، تدهورٌ في أخلاقهم قبل أن يكونَ في العقولِ. مصر أصبحت سوقَ عكاظ لكل ما هو سئ وقبيح، كلُ واهمٍ  ومرعوشٍ ومهووسٍ  يعرض بضاعتَه الفاسدة من مواقفٍ مفتعلةٍ وآراءٍ تالفةٍ، يتصورَها فرصةَ عمرِه لهَبرةٍ


أما عن التلونِ والتبدلِ فلم يعدْ إلا عنوانًا لما بعد انتخابات مجلس الشعبِ، من فازوا قَلَبوا على الوجه الثاني، الحقيقي، بكل ما فيه من طمعٍ وحب استحواذ وسيطرة وهيمنة وشر، إما أن يؤول لهم كلُ شئٍ أو بئس المصير، إما أن تُجابَ مطالبُهم ولو بالباطلِ أو تأليب الشارعِ، من تحت، بالسنج والمطاوي والمولوتوف والخرطوش. مصلحة مصر، مش مهم؛ وكأن الانتخابات توكيلٌ عامٌ، لكلِ فعلٍِ ولو كان البطلانُ نصيبَه!! منطقٌ انتهازيٌ، كأن الحكمَ في حد ذاتِه هدفٌ، بغضِ النظرِ عن سلامةِ وطنٍ ووحدةِ أراضيه، بغضِ النظر عن اختلافاتٍ في الفكرِ والدين


مصر الحقيقيةُ حزينة، مكتئبة، غاضبة، ولا على بالِ واهمي الرئاسةِ وسالبي السياسةفي أزمنةِ الجفافِ يكثرُ الأشباحُ وأشباه البشرِ، يتصدرون الشاشات والميادين، يعيشون أدوارَ البطولةِ، بالأونطة، يتوهمون التصفيقَ والهتافَ، عظَمة على عظَمة على عظَمة، كلُ تصفيقةٍ مدفوعةُ الثمنِ، مثل كل طوبة وكل سنجة، يتناسون ويتعامون، جنونُ عظَمةٍ


جيش مصر العظيم، يجدونك عقبةً أخيرة في طريق مخططاتهم لسرقة مصر والاستيلاء عليها، لذلك يتكالبون عليك، صبرت وتحملت كل صنوف العبث والنكران والجحود، شعب مصر معك، لا تَهُن ولا تَحزَن،،

Twitter: @albahary

الجمعة، 27 أبريل 2012

الإنترنت والفن والإعلام .. على نفس الوجه

طالَبت لجنةُ النقل في مجلس الشعب بمنع المواقعِ الإباحيةِ عن الإنترنت، تحقيقاً للفضيلةِ وحمايةً للشبابِ، هكذا قالوا في حزب النورِأمرُ لا يجوز أن يمر مرور الكرامأولاً، لن تُقبل المزايداتُ على أخلاقياتِ بشريةٍ في صورتِها السويةِ، من المؤكدِ أنه يستحيل أن يرضى مواطنٌ بسوء السلوكِ من تحرشٍ وبلطجةٍ وقطعٍ للطريقِ العامِ، مروراً بالدخولِ على المواقعِ الإباحيةِ.   أما من الناحيةٍ الفنيةِ، وهي الأيسر، فإنه من الممكنِ منعَ أي موقعٍ  على الإنترنت، لكن لفترةٍ محدودةٍ، فمن اليسير جداً أن تُغيرَ المواقعُ الإلكترونيةُ عناوينها وأن يكونَ لها أكثرُ من موقعٍ بديلٍ، وهو ما يجعلُ عبءُ متابعتِها مُكلفاً، إضافةً إلى مهارةِ جيلٍ صنعَ ثورةً من علي الإنترنت في التغلُبِ على كلِ المعوقاتِ وكل محاولاتِ التحاذُقِ عليه

وإذا كان المنعُ، وهو أسهلَ ما في الحدوتةِ ممكناً لوقتٍ قصيرٍ، فإن مبدأَ المنعِ في حد ذاتِه هو المصيبةُ، لأنه سيبدأ بالمواقعِ الإباحيةِ سُلماً وطريقاً ملفوفاً للتعدي على المواقعِ السياسيةِ والفكريةِ المخالفةِ، وأيضاًعلى الفنون والأدابِ وغيرها وغيرها. هل قام المصريون بثورةٍ على من افترضوا فيهم الخنوعَ والقصورَ والغباء ليظهرَ غيرُهم تحت عباءةٍ أخرى؟! الإنترنت شارعٌ طويلٌ ممتدٌ بلا نهايةٍ، دكاكينُه على الصفين، فيها الجيدُ والردئ، ولكلِ  الاختيارُ، حسب تربيتِه وضميرِه. التربيةُ هي المهمة الأصعب والأولى بالاهتمامِ بدلاً من تسطيحِ الأمورِ واختزالِها في شعاراتٍ تُظهرُ أنوفاً مُجملةً وحواجباً منتوفةً

الإنترنت فيه سمٌ قاتلٌ، لكن ماذا عن المخدرات والسجائر والكولة؟ هل نجحَ المنعُ في القضاءِ على المخدراتِ؟ هل قَلَلَت من التدخين الصورُ المقززةُ على علَبِ السجائرِ؟ أين البحثُ الحقيقي عن مشاكلِ الاقتصادِ والديون والأمنِ والإسكان والطعامِ والصناعةِ والزراعةِ والنقل؟! مصر لن تكون كوريا الشمالية ولا أفغانستان ولا إيران، ولا هي دولةً خليجيةً في الطباعِ والفكرِ، وما شاهدَه أعضاءُ لجنةِ النقلِ بمجلسِ الشعبِ حال مكوثِهم خارج مصر، ليس لها.

ثم ماذا؟ حَكَمت محكمةٌ على الفنان عادل إمام بالحبس على ما سبقَ أن قدَمَه من أعمالٍ فنيةٍ، بأثر رجعي. وتناثرَت المقالاتُ الصحفيةُ وعبر الإنترنت عن مشروعات القوانين التي تُعَدُ وتُسَبَك للمنع والتقييد والتكبيلِ والتكميمِ، على الفنانين والصحفيين والُمعدين والمخرجين وغيرهم وغيرهم!! هل ستظهر قوانين تُمنعُ وتجرمُ الفضائيات وأجهزة الاستقبال والهوائيات؟!


هل الأجدى أن تُمنعَ دراسةَ الحاسباتِ أصلاً وكذلك إدخالِ أجهزتِها بالَمرة حتى تعمُ الفضيلةُ،؟! أم في المنع عن دخولِ مواقعٍ إلكترونيةٍ بعينِها كفاية؟! هل فكرَ أعضاءُ لجنةِ النقلِ في كيف يكون دخول الجيل الرابعِ من خدمات الإنترنت إلى مصر؟ هل تمنعُ دراسة الإعلام والفنون؟! لقد عَلَمَ الإنترنت العالم الانفتاح، وغزَت الأقمار الصناعية والاتصالات كل الحُجُب، ألا يفهمون ما يتخطى ما لُقِنوا؟ هل الانترنت والإعلام يكونون حلالاً، في بعض الأحيان، لتمرير فقط ما يُراد؟

على كلِ عقلٍ الاختيارُ والتمييزُ بحريةٍ، بلا وصاية ولا مزايدة، لا مكانَ في عالمِ اليومِ لمن يمنعَ ويسمحَ حسب كيفه ومزاجه ومصلحته. الإنترنت والفن والإعلام على نفس الوجه من العملة، الحريةُ ليس لها إلا وجهٌ وحيدٌ، بلا تأويلٍ أو تلاعبٍ،،


Twitter:@albahary

الثلاثاء، 17 أبريل 2012

انبطح.. ينبطح .. منبطحون


تُفرز هذه الأيام نوعيةً غريبةً من البشرِ القادرين على التحولِ في أقل من فيمتو ثانية، ولو على حساب الأخلاقيات والسلوكيات، وما يؤكدُ ذلك ما نشهدُ من تطاولاتٍ لا استثناءَ فيها لسنٍ أو علمٍ، تلاعبٌ بالقانونِ من أجل أعلى كراسي الدولةِ، تهديدٌ بالقضاء على الأخضر واليابسِ إذا لم تكنْ الانتخاباتُ إلا مجردَ شكلٍ للاستحواز ِوالهيمنةِ. والعجبُ العجاب تبارى وزراءٍ وغيرهم من المسؤولين في الرضوخِ ولو على حسابِ الحقيقةِ والواجبِ، وكأن الانبطاحَ لزومُ المنصب، قبل ٢٥ يناير وبعده.

وما أرى في حدوتةِ الجودةِ والاعتمادِ التي طُرحَت بغير حسنِ نيةٍ منذ قرابة الأربع سنوات إلا استمرارًا لمسلسلِ الخداعِ رغم استنكارِ عقولِ الأمةِ من أعضاء هيئاتِ التدريسِ، لكن لكلِ مهمةٍ ناسُها، وللقائمين على الجودةِ بالفعلِ مواصفاتٌ ليس من السهلِ توفرُها في النفوسِ الَحيِية. الجودةُ كمفهوم لا يمكن الاعتراضُ عليها أو رفضُها، لكن ما لازمَ طرحَها من اتجاهٍ سادَ في الدولةِ لشغلِ الشعبِ بمختلفِ فئاتِه الدينيةِ والاجتماعيةِ والوظيفيةِ عن الالتفاتِ لما يُدبرُ سياسياً،  صَبغَها بنفورٍ شديدٍ من أعضاءِ هيئة التدريسِ، خاصة مع تردي أحوالِهم الماديةِ وإبعادِهم عن مناقشةِ متاعبِهم ومشكلاتِهم المزمنةِ واغفالِ آرائهم حتى المتخصصِ منها.

وفي ظلِ تدهورٍ مستمرٍ في الحالِ العامِ واسنادِ مناصبٍ لمن تعوزُهم الكفاءةُ، استخدِمَت الجودةُ سلماً لتصعيدِ البعضِ وتَزَيا بها آخرون حتى تصعدَ بهم، فازدادَت تنفيراً وكان لها من عداء أعضاءِ هيئات التدريسِ النصيبُ الأوفرُ ففشلَت فشلاً مونديالياً. 

الجودةُ مفهومٌ متكاملٌ يضمُ كلَ عناصرِ العمليةِ التعليميةِ دون أغفالٍ لأيٍ منها، سواء من باب الاستسهالِ، أو السهو، أو الممالأةِ وهو أسوأها. وقد كان ولايزالُ رفضُ أعضاء هيئاتِ التدريسِ للجودةِ متُمَحوراً حول سؤالٍ رئيسى، بأمارة إيه؟! الجودةُ هي تقديمُ خدمةٍ تعليميةٍ متميزةٍ تحققُ النفعَ العام للمجتمعِ، لكنها اِختُزِلَت الآن بتسطيحٍ مُخلٍ في كيف يشتكي الطالب، وكيف يطالبُ بإحالةِ أعضاء هيئةِ التدريسِ لمجالسِ تأديبِ، وكيف تكون الانترنت وسيلةَ سَبٍ ونشرِ أكاذيبٍ!! وكأن مبدأَ شغلِ أعضاءِ هيئاتِ التدريس قبل 25 يناير اِستُعيضَ عنه بعد 25 يناير بكيف يكونُ نفاقُ الطلابِ وإسكاتهم، على حسابِ العمليةِ التربويةِ والتعليميةِ.

العمليةُ التعليميةُ في حدوتةِ الجودةِ بصورتِها الحاليةِ أفرَدَت صفحاتٍ ولجانٍاً لوضعِ ألياتِ الشكوى، شكوى الطلاب!! لكن، أين رضاء أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ؟! أين المعاملُ والمكتباتُ والمدرجاتُ؟! أين دورِ المياه، بدون مؤاخذة؟! أين النظافة؟! وأين المياه والكهرباء في أحيانٍ كثيرةٍ؟!

 مع كلِ الاشمئناط فإن مبدأَ نفاقِ الشوارع والحارات المزدحمة هو لافتةُ هذه المرحلةِ، الصوابُ ليس الهدفَ، ولا الحقَ؛ لا غرابةَ في أن يُرفعَ شعارُ "تأديب وتهذيبَ وإصلاحَ  أعضاءِ هيئات التدريسِ"، ولا غرابةَ أن من القياداتِ الحاليةِ من لا يستحى من مراضاةِ الطلابِ على حسابِ الأدبِ والاحترامِ.

الجودةُ المعطوبةُ والانبطاحيةُ تلك لن يكون وراءها إلا التخريبُ الممنهجُ للمجتمعِ، يستحيلُ أن ينصلحَ مجتمعٌ وجامعاتُه يُعاملُ فيها أعضاءُ هيئاتِ التدريسِ كمُدانون ومُذنبون ومُتَهمون، بلا خطأ ولا أمارةٍٍ، وكأن قدرَهم أن يُعاديهم نظامٌ سقَطَ وأن يتاجرُ على حسابِهم نظامٌ لم يأت بعد. ما نرى من انفلاتٍ وخلطٍ للأوراقِ نتيجةٌ حتميةٌ لتعليمٍ بائسٍ ومسؤولين تصوروا أن انبطاحَهم أضمنُ طرقِ البقاءِ، على الخرابات طبعاً،،

Twitter: @albahary