الأحد، 5 فبراير 2012

الفلول والشرطة والمجلس العسكري … حيلةُ من؟

وقعت كارثة استاد بورسعيد قبل وأثناء وبعد مباراة الأهلي والمصري، قُتِل وأصيب العشرات، اندلَعَت المظاهرات واشتعَلَت أمام مديريات الأمن. بدأت مباريات أخرى، في مجلس الشعب والفضائيات والصحف، الكلُ بدأ في تقمصِ شخصيةِ شارلوك هولمز.


مجلسُ الشعبِ، بدأ عادتَه الأبديةَ في فتحِ باب الكلامِ والتسابقِ أمام الكاميرات، تَبارى النوابُ في رفعِ الصوتِ والتسابقِ في سبِ الحكومةِ والداخليةِ والجيشِ، فرصةٌ هائلةٌ للظهورِ ورفعِ الصوتِ وتلعيبِ الحواجبِ. الفضائياتُ أسرَفَت في الإشعالِ والتهييجِ بمُقدمي برامِجها الألمعيين المُتفَزلكين المُتحاذقين المُتفلسفين، استضافَت أستوديوهاتُها وجوهاً مُنفرةً، ماوراءها إلا سَكب الزيت والبنزين علي النارِ والتباهي بخطابٍ غيرِ مُهذبٍ مع مسؤولي الداخليةِ بالذاتِ، مسلكُ أصبحَ طابعاً لمن يرون أنهم ثوريون أو متشيعون لهم لأغراضِهم.

لم تُطرحْ أيةُ أفكارٍ أو رؤى جديدةٍ، التبريراتُ المعتادةُ، الفلولُ وسجن طرة والشرطة والجيش، أهي رغبةٌ في معرفةِ الحقيقةِ وتحديدِها أم تصفيةُ حساباتٍ؟ الواضحُ أن الحقيقةَ غائبةٌ مُجَهلةٌ. لم يتطرقْ العرضُ في مجلسِ الشعبَ ولا في الإعلامِ لسوابقِ مبارياتِ الأهلي مع أنديةِ القناةِ والاسكندرية والأقاليم، كلُها شغبٌ وتجاوزاتٌ وتطاولٌ، الأمر ليس في حاجةٍ لتدبيرٍ ولا فلولٍ. جمهورُ الأقاليمِ يشعرُ أن الأهلي فريقٌ مميزٌ بلا وجه حقٍ، يَستقوي على الآخرين ويفرضُ سلطانَه على اتحاد الكرةِ، يفوزُ بالزوقِ وبالعافيةِ، بأي وسيلةٍ، كَبَرَ الشعورُ بالظلمِ في الأقاليم، رأى مُشجعوها أنهم مُهمشون، كَرهوا الأهلي وما مَثلَه لهم من ظلمٍ وقهرٍ وبطشٍ وإرضاءٍ وإلهاءٍ للأكثريةِ. المناخُ المَرَضي هذا هو الشرارةُ المُثلى للانفجارِ، وقد حدَثَت في بورسعيد، واستغلَها عابثون حاقدون كارِهون. ألم يَنشأ الألتراس برعايةِ الأنديةِ؟ لقد موَلَته وكبرته وجعلته ذراعَها ولسانَها حتى خرجَ عن سيطرتِها في العديدِ من أحداثِ الشغبِ والانفلاتِ. لم تجرؤ إداراتُ الأنديةِ على الاعترافِ بخطورةِ ظاهرةِ الألتراس على الرياضةِ وعلى المجتمعِ، وها هو المردودُ وقد وصلَ إلى البلطجةِ والتعصُبِ والغوغائيةِ.

تَقصيرُ الأمنِ أكيدٌ، لكن تَقصيرَ غيرِِهم أفدحُ، لأنه يفتقدُ الصراحةَ والرؤيةَ وأمانةَ المسؤوليةِ السياسيةِ والإعلاميةِ. المجتمعُ في حالةِ تَفَسُخٍ، الكلُ في حالةِ كُرهٍ ورفضٍ للآخرين، تَربُصٌ، تَصيُدٌ للهفواتِ. الشرطةُ من المجتمعِ، فيها أخطاؤه وعشوائيته وتواكُلُه واسترخاؤه وتغافُلُه، وأيضاً ضيقُ ذاتِ يدِه وقلةُ حيلتِه وهوانُه علي الناسِ. هل ينصلحُ الحالُ؟ ليس بسهولةٍ. هل يتعظُ الإخوان من مأساةِ استادِ بورسعيد؟ هل يفهمون أن الاستقواءَ وبالٌ؟ هل يخرجون من ممارسات الحزب الوطني؟ أشكُ. هل يصبح رئيس المجلس فتحي الكتاتني؟ مع الأسف.

إذا كان من يُعجَبون بأحاديثِ الميكروفوناتِ والشاشاتِ لا يَكترثون بغيرِ الظهورِ والمغانمِ فليستمروا في تبريرِ كلِ مصيبةٍ، بالفلولِ والشرطةِ والمجلسِ العسكري. لكن ماذا لما تتكررُ المصيبةُ بعد أن يوزعوا الفلولِ على سجونِ مصر، وبعد أن يكسِروا الشرطةَ ويُهينوا الجيشَ؟ أين ستكون الحجةُ، حجةُ الغافلِ والمُخادعِ والبليدِ.

Twitter: @albahary

الأربعاء، 1 فبراير 2012

مصر إلى أين؟؟؟


مشهدُ ما بعد الخامس والعشرين من يناير فى مصر أصبحَ مزدحماً، إناسٌ تدخل وإناسٌ تخرج، عالمٌ تصيحُ وعالمٌ تصرخُ، بشرٌ فى الشوارع وأضعافُهم فى البيوت، شعاراتٌ من كل شكل، لافتات حمراء وخضراء وصفراء، بهلوانات بالمُخَطَط بالطول والمُخَطَط بالعرض، فوضى بأكثر من معنى الكلمة، الآراء تَضارَبَت، لا أحد يسمعُ سوى نفسَه، من ضرَبَ من؟ من قتلَ من؟ أنضحك؟ أنبكى؟ ما من إجابة!!

الفضائياتُ جَعلَت من شاشاتِها مُحَرِكاً للمشهد فى مصر، جَلَبت من لم نكن نعرفهم أو نسمعهم أو من طالما تجاهلناهم ونَفَرْنا منهم، كثيرون أصبحوا أبطالاً ومُحللين ومُعلقين، بوضع اليد!! إيه الحكاية؟! يأتون من الخارج لينصبوا أنفسَهم قادة، يحتلون الإنترنت من خارج مصر ليصورا أنفسهم نشطاء، فضائياتٌ تُحرِضُ بكل قوة، جماعاتٌ من الظلامِ آتت لتنقَضَ على ما ليس لها فيه من فضلٍ، أنظمةٌ قمعيةٌ قهرَت شوارعَها بالجيشِ وبالشعاراتِ المذهبيةِ لا تخجلُ من تحريضِ الشارعِ فى مصر، حتى من ينادون بالحرية فى الشارعِ يرفضون آراءَ غيرِهم، يتضاربون بالطوبِ وبالاتهاماتِ وبالسِبابِ!!

دَمرَ بدو الضبعة مشروعَ المفاعل النووي المصري، وأقاموا بدلاً منه عشوائياتٍ من طوبٍ وحجرٍ وماعزٍ، وهددوا مسؤولي الدولةِ بالقتلِ؛ بلغت الخسائرُ مليار جنيه!! في أي دولةٍ يُقبلُ هذا المسلكُ؟ كيف يُرددون ومعهم بعضُ إعلامٍ أنهم حرروا أراضيهم؟! وهل نتوقعُ نفسَ هذا الإجلاء عن مارينا ومراقيا وسائر الساحل الشمالي؟! جلاءُ المحتلين المصريين ورفع الأعلام البدوية التي قد تكون سوداء اللون؟! وهل يسيرُ بدو سيناء على نفس المنطقِ وهم يهاجمون يومياً المحالَ وكمائنَ الشرطةِ؟!

مباراة كرة القدم بين المصري والأهلي تنتهي بعشرات القتلى والمصابين، سابقة لا مثيل لها في التاريخ الكروي الحديث. هل يُعقلُ أن يتواكبَ ميلادُ مصرِ جديدةٍ مع عشرات الآلاف من التعدياتِ على الأراضى الزراعيةِ تبويراً وبناءاً فى الممنوعِ؟! من أين يأكلُ ثمانون مليوناً بعد أن تحوَلَت تلك الأراضى إلى عشوائياتِ بناءٍ؟! الأدهى أنهم بمنتهى الجرأة يقفون طوابيراً لتوصيل الكهرباء والمياه؟! أضفُ إلى ذلك الارتفاعُ غيرُ المسموحِ به فى المدنِ والتعدى على الشوارع بامتداداتٍ لا تمُتُ للعمارةِ ولا للذوقِ بأيةِ صلةٍ.

المقاهى ومحالُ العصيرِ والملابسِ ومعارضُ السياراتِ أُقيمَت فى الطوابقِ الأولى من العقاراتِ، لننظرُ فى شارعِ حسن المأمون بمدينة نصر كى نتعلمُ ونفهمُ معنى التحَسُرِ والأسى والحزنِ على اِنفلاتٍ سلوكىٍ وأخلاقىٍ يستحيلُ أن تكونَ له علاقةٌ بثورةٍ هدفُها الأولُ القضاءُ على الفسادِ. لنر كيف نُسِيَت كلُ قوانين المرورِ وكيف تسيرُ سياراتُ السيرفيس فى الممنوعِ بدون لوحاتٍ، من يرتدى حزامَ الأمانِ الآن؟ لنُلق نظرةً كَسيرةً على شوارعٍ رئيسيةٍ وقد بَرَكت فيها سياراتُ نقلٍ، تبيعُ الفاكهةِ والخضرِ، غيرُ عابئةٍ بتوقفِ المرورِ، شارعُ الطاقةِ بجوارِ النادى الأهلى بمدينة نصر شاهدٌ.

أما عن الاعتصاماتِ والإضراباتِ المُطالِبةِ بالفلوسِ، على بلاطة كده، ألآ يوجدُ تعبيرٌ أكثرُ عِفةٍ عن تلك المطالبِ الحقيقيةِ؟! هل من يقفون مُتَصورين فى أنفسِهم قدرةً على مكافحةِ الفسادِ والمُفسدين فى أماكِنِ عملِهم، قد غَفِلوا أنهم أيضاً يَضُرون بلداً عليه يعيشون وأنهم قد يخسرونه إلى الأبدِ بأفعالِهم تلك؟! هل يقفون فى إضراباتٍ واعتصاماتٍ وينتظرون راتباً آخر الشهرِ؟! بأى منطقٍ، إلا البلطجةِ والبجاحةِ، بصراحة كدة. المطالبةُ برفعِ مستوى المعيشةِ حقٌ مؤكدٌ، لكن الخوفُ على هذا البلدِ أيضاً واجبٌ. كلُ واحد أضرَبَ فى مصر، ولو كان عايز يهرش أو يدخلُ الحمامِ أو يختم شهادة مضروبة!! وأيضاً كلُ مكانٍ، البنوكُ، شركاتُ النقلِ العامِ، شركاتُ الغزلِ، شركات البترولِ، السككُ الحديديةُ، الشرطةُ، لم يتبق إلا الجيش!!

الانفلاتُ سادَ وأصبحَت السرقةُ والبلطجةُ عينى عينك، هو فى إيه؟! تقفيلُ شوارعٍ وحصارُها لسرقةِ المحالِ، بلطجيةٌ يحتلون شوارعاً فى صورةِ باعةٍ جائلين، محالٌ تدَعى عدمَ وجودِ فكةٍ لتصريفِ سلعٍ مضروبةٍ، احتلالُ شققٍ سكنيةٍ ومدنٍ جامعيةٍ والإقامةُ فيها!! فرصةٌ للتهليبِ الأعظم، أقول إيه وإيه وإيه؟! فى سيناء حُرِقَت المدارسُ، بعد أن حرقوا مراكزَ الشرطةِ، اختطفوا عمالاً صينيين، مش فاهم، حتى التعليم رفضوه؟!!

هل سيحتاجُ المُقيمون على أرضِ مصرِ إلى إعادةِ تأهيلٍ إذا قُدِرَ لها أن تقفَ على قدميها مرةً أخرى؟! هل أهلُ تونس أحسن منا؟! هل شعبُ مصر لا يسيرُ إلا بالعصى؟! أهو انتحارٌ جماعىٌ؟ أهو غيابٌ عن الوعى لشعبٍ بأكملِه؟ كلام ثقيل، لكن النكبةَ أكبرُ، مصيبة وألف مصيبة. هل تعودُ مصرُ لعصرِ ما قبلِ التاريخ الحديث؟! هل ستولدُ مصرٌ جديدةٌ كما كنا نتمنى ونأملُ؟ ألله أعلَم.

إيه الحكاية؟ الدنيا فى مصر شُلَت، لمصلحةِ من الخراب ووَقف الحال؟ أهو هدفٌ فى حدِ ذاته لتنقض خفافيش الظلام على مصر؟ أين العقل؟ هل يَحكُمُ الشارعُ مصر؟ هل تُحركُه الفضائياتُ وتُحدِدُ اتجاهاتِه؟ هل تُسَيرُه؟ لماذا غَفَلَت الإنترنت عن التعدديةِ التى تُميزها؟ لماذا أصبَحَت أحاديةَ النظرَ؟ هل أصبحَ الهدوءُ عورةً؟ هل غدا التزامُ المنازلِ سبباً للتجاهلِ؟ هل ضاعَت الحقيقةُ؟ كلُهم يتحركون وكأنهم على المسرحِ وحدِهم. كل ما فى الساحةِ الآن لا يعبرُ إلا عن مصالحٍ خاصةٍ، لجماعاتٍ وأحزابٍ وأشخاصٍ ما تُريدُها إلا فوضى.

هل أصبَحَت مصر ملطشة الكلِ؟ السؤال المُلِحُ الآن هل بشرُ مصر تخافُ ولا تستحي؟! لمن الكلمة فى مصر الآن؟ للشارع؟ للألتراس؟ للجالسين فى بيوتهم؟ للفضائيات؟ للإنترنت؟ لراكبى الموجة من رافعى الشعارات الدينية والسياسية؟ المشهدُ امتلأ بالكومبارس الذين صوروا أنفسهم أبطالاً، مسرحيةٌ باخَت، وعجبى وأسفى وحزنى،،


نُشِرَت بجريدة الجمهورية يوم الجمعة ١٠ فبراير ٢٠١٢
Twitter: @albahary


الاثنين، 23 يناير 2012

كَم ذراعاً؟


حزبُ الحريةِ والعدالةِ هو الذراعُ السياسيةُ لجماعةِ الإخوانِ المسلمين، هكذا يقولُ الإعلامُ ويكتبُ. متى بدأ هذا التوصيف؟ بعد ٢٥ يناير ٢٠١١ بعد أن أصبح الإخوانُ المسلمين كياناً مُعترفاً به. لكن لماذا هذا التوصيف تحديداً؟ هنا التساؤلُ. فالذراع ُالسياسيةُ ليست الوحيدة، من المؤكد أن هناك غيرها، فالجماعةُ من واقعِ هذه التسميةِ كيانٌ أخطبوطيٌ. لكن لا بد من تساؤلٍ آخر، هل للجماعةِ أرجلٌ وألسنةٌ وأعينٌ؟ 

الخروجُ للنورِ يفرضُ وجوبَ إعلانِ كلِ ما يتعلقُ بجماعةِ الإخوانِ المسلمين، فمن حق الشعبِ أن يكونَ على بينةٍ من الذين اختارَهم كثيرون. الذراعُ السياسيةُ، مع فظاظةِ التسميةِ، تؤكدُ أن هناك أذرعاً أخرى، قد تكون عسكريةً وإعلاميةً وشبابيةً وخدميةً وغيرها، لماذا يتُركُ هذا الأمرُ للتأويلِ والتخمين؟ شفافيةُ تولي المسؤوليةَ بعد السعي الطويل لها تقتضي بلا تأخيرٍ التخلي عن مسلكِ العملِ السري واحتياطاتِه إلي اعتيادِ التعاملِ مع النورِ والعلنِ، أمام الشعبِ والعالمِ. 

طولُ فترةِ عملِ جماعةِ الأخوان المسلمين تحت الأرض جعلَ غموضَ التصريحاتِ والتحركاتِ طابعاً لها، وهو ما يتلازمُ مع إظهارِ وإعلانِ خلافِ ما تُبطنُه الصدورُ والعقولُ بها. العملُ السياسي المسؤولُ يُلزمُ بالوضوحِ حتى تُمكنُ المساءلةُ والمحاسبةُ، إلا إذا كان على الشعبِ بتنويعاتِه الثقافيةِ والسياسيةِ والدينيةِ والاجتماعيةِ التدربُ على حلِ فوازيرِ وألغازِ تلك الجماعةِ التي تفترضُ في نفسِها حصانةَ من مساءلةٍ طالما طالبـت بها في سجالاتِها مع النظامِ السابقِ. 

مريدو جماعةِ الإخوان سيبلعون لها الزلطَ، ولو أخطآت، فهي بالنسبةِ لهم معصومةً، ما من باطلٍ في تصرفاتِها وممارساتِها، لكن، ليسوا وحدُهم الآن ولا غداً. مصر تغيرَت وتجرآت وما كان محلَ حرجٍ في الطرحِ والنقاشِ رُفعَ عنه البرقعُ، ولو أرادَت الجماعةِ اسدالِه. عرضُ الأزهر العسكري الذي قدمته الجماعة منذ سنواتٍ قريبةٍ دَقَ أجراسَ قلقٍ مما تُخفيه الجماعةُ، نيةً وفعلاً، الأمُس غيرُ اليومِ، وبالتأكيدِ الغدُ،،

Twitter: @albahary

الأحد، 22 يناير 2012

الضبعةُ ... الاستيلاءُ على أرضِ الدولةِ بوضعِ اليدِ


دَمرَ بدو الضبعة مشروعَ المفاعل النووي المصري، وأقاموا بدلاً منه عشوائياتٍ من طوبٍ وحجرٍ وماعزٍ، وهددوا مسؤولي الدولةِ بالقتلِ؛ بلغت الخسائرُ مليار جنيه!! في أي دولةٍ يُقبلُ هذا المسلكُ؟ كيف يُرددون ومعهم بعضُ إعلامٍ أنهم حرروا أراضيهم؟! وهل نتوقعُ نفسَ هذا الإجلاء عن مارينا ومراقيا وسائر الساحل الشمالي؟! جلاءُ المحتلين المصريين ورفع الأعلام البدوية التي قد تكون سوداء اللون؟! وهل يسيرُ بدو سيناء على نفس المنطقِ وهم يهاجمون يومياً المحالَ وكمائنَ الشرطةِ؟! 

شئٌ عجيبٌ أن يكونَ وضعُ اليدِ شرعَ دولةٍ في العصرِ الحديثِ وأن تَفرضَ جماعاتٌ أياً كانت مقدرتُها سلطَتها على الدولةِ، والمأساةُ أن تعجزَ الدولةُ عن الدفاعِ عن هيبتها أو أن تتحسبَ لما هو متوقعٌ فتمنعه!! ما حدَثَ في الضبعةِ أعطى الضوءَ الأخضرَ الفاقعَ لكل من يريدُ أن يفرضَ منطقَه ولو اِعوجَ، وأكدَ على ضعفِ الدولةِ المصريةِ وهوانِ شأنِها، مع شديدِ الأسفِ. لا غرابةَ إذن إذا عجزَت الدولةُ على كافةِ مستوياتِها عن استقراءِ الأحداثِ واستيعابِها، في أي مكانٍ، وأن تكونَ نظريةُ الرجلِ الخفي هي التفسيرُ الوحيدُ لكل بليةٍ. لقد فهمَ الكلُ هذه الرسالةَ، فأغلق كل من هبَ ودبَ السككَ الحديديةَ والطرقَ، وغزا الباعةُ الجائلون كلَ شبرٍ من أرضِ مصر، واحتلَ منادو السياراتِ كلَ شارعٍ فيها، وانتشرَت العشوائيات وفاضَت، وبُوِرَت الأراضي الزراعيةِ، وترعرعِ التوك توك في كل شارعٍ وزاحمَ أعتى وسائلِ النقلِ. 

كيف يمكنُ أن تُبنى مصرٌ جديدةً ووضعُ اليدٍ هو المنطقُ المستشري؟! قوانينٌ تُسَنُ تحت ضغطٍ، ومطالبٌ يُستجابُ لها تحت إكراهٍ، وشوارعٌ وأراضٍ تُحتلُ بلا خوفٍ ولا وازعٍ ولا رادعٍ. دولةٌ تُستباحُ في سيادتٍها وكيانِها ووجودِها، البصائرُ ملتفتةٌ عن تفتيتِ الدولةِ، من المؤكدِ أنها عَميَت، مصيبةٌ هل منها منجاةٌ؟ 
 
السؤال المُلِحُ الآن هل بشرُ مصر تخافُ ولا تستحي؟! 

Twitter: @albahary

الأربعاء، 11 يناير 2012

ساويرس يزدَري …

أحال النائب العام رجل الأعمال المعروف نجيب ساويرس إلى المحاكمة، بتهمة ازدراء الأديان والإساءة للدين الإسلامي عبر رسوم كاريكاتيرية، على أن تحدد محكمة استئناف القاهرة موعداً لإجراء أولى جلسات نظر الدعوى. وكانت النيابة العامة قد انتهت من التحقيقات التي يتضمنها البلاغ رقم 8655 الذي يشمل الترويج للسخرية من الدين الإسلامي وازدراء الأديان، وهو تصرفٌ يعتبرُه القانونُ المصري مُهدداً السلام الاجتماعي، ومثيراً الفتن في المجتمع. وقد انتهت التحقيقات التي أجرتها النيابة، مع مقدم البلاغ عضو مجلس النقابة العامة للمحامين وأربعة عشر محاميًا آخرين شاركوا في تقديمه ضد ساويرس، مُتهمينه بتعمد الإساءة للإسلام والاستهزاء بالملابس والرموز الإسلامية. وذكر مقدم البلاغ في أقوالِه أن لساويرس مَواقفٌ مُعلنةٌ منها رفضُه للمادة الثانية من الدستور التي ترى أن الإسلامَ دينٌ للدولةِ ومصدرٌ أساسيٌ للتشريع، وكذلك رفضُه للحجاب وجلاليب الرجال القصيرة، وهو ما يدلُ على أنه يتعمدُ ازدراءَ الملابسِ والرموزِ الإسلاميةِ. ونَسبَت التحقيقاتُ لساويرس أنه تعمدَ إظهارَ رسم كاريكاتير لصورتين لشخصية ميكى ماوس، على رسمٍ منهما نقاباً لإمرأة وعلى الآخر لحيةً وجلابيةً لرجل. يُذكَر أن ساويرس كان قد قدم اعتذارَه، على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي تويتر، كما أكَدَ أن الرسمين موجودان على الإنترنت من قبل وليسا من فعلِه، وذلك بعد أن تعَرضَ على خلفية نشره للرسمين لهجومٍ وانتقادٍ شديدين ومقاطعة لشركة موبينيل لخدمات المحمول.

وينصُ قانون العقوبات المصري في 
المادة 98 فقرة (ا) على أنه يؤثمُ الازدراءُ بالعقيدة الدينية ويُعاقب مرتكبها بالحبس من ستة شهور إلى خمس سنوات وغرامة من خمسمائة جنيه إلى ألف جنيه مصرى. 
أما المادتان 160و161 من القانون ذاته فتنصان على أنه يُعاقبُ بالحبس وبغرامة لاتقل عن مائة جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى العقوبتين، وتُحددان الجنح المتعلقة بالأديان في كل من شَوش على إقامة شعار ملة أو احتفال دينى خاص بها أو عطلها بالعنف أو التهديد، وأيضاٍ كل من خَرَب أو كَسرَ آو أتلَفَ أو دنَسَ مبانى مُعدة لإقامة شعائر دين أو رموزاً أو أشياءً أخرى لها حرمةٌ عند أبناءِ ملةٍ أو فريقٍ من الناس، وكذلك كل من انتهَكَ حرمةَ القبورِ أو الجبانات أو دَنَسَها. ويخضعُ لذاتِ العقوبةِ من طبع أو نشر كتاباً مقدساً فى نظرِ أهل دين من الأديان التي تُؤدى شعائرُها علناً إذا حَرَفَ عمداً نصَ هذا الكتاب تحريفًا يُغيرُ من معناه، وكذلك من قَلَدَ احتفالاً دينياً فى مكانٍ عمومى أو مجتمعٍ عمومى بقصدِ السخرية به أو ليتفرجُ عليه الحضورُ.

النصوصُ واضحةٌ في تحديدِ الأفعالِ المؤثمةِ والعقوباتِ المُقررةِ لها، وهو ما يؤكدُ على أن القوانينَ موجودةً، أين الخَلَلُ إذن؟ الإجابةُ بسيطةٌ، في تنفيذِ القانونِ وتطبيقِه على الجميعِ. اِحتلَ خبرُ إحالةِ ساويرس للمحاكمةِ مساحاتٍ واسعةٍ من الصحفِ ووكالاتِ الأنباءِ العالميةِ، وهي إشارةٌ إلى أن الشأنَ المصري ليس محلياً فقط، وأن مصرَ تحت أعين العالمِ في توجُهاتها الُمقبلةِِِ من حيث احترامِ حرية الأديانِ والتعبيرِ والمساواة أمام القانون وغيرِها من حقوقِ الإنسان واجبة الاحترام.

لا دفاعَ عن مخطئ أياً كان، لا ساويرس ولا غيره، وهم كُثرُ، وهنا موطئ هذا المقالُ. ما أعطى إحالةَ ساويرس إلى المحكمةِ بتهمةِِ ازدراءِِ الأديانِ هذا الصخبَ أنه حالةٌ لم تتكررْ في أحداثٍ شَهَدَت إحراقَ كنائسٍ وتعدٍٍ على رموزِ المسيحيين الدينيةِ وأشخاصِهم ومحالِهم، وهو ما أعطى انطباعاً بأن ازدراءَ الأديانِ فعلٌ يلقى تسامحاً أو تجاهُلاً، أنه إذن مباحٌ، للجميع على قدرِ المساواةِ. لكن ما نشهدَه الآن هو استخدامٌ انتقائىٌ للقانونِ، يَرى عندما يرادُ له وأيضاً كذلك يَغفَلُ. الإنترنت ووسائلُ الإعلامِ الحديثةُ لا تكذبُ ولها ملايين الأعين، ما نشرَت من أفعالٍ مؤثمةٍ حسب نصوص قانونِ العقوبات المصري السالفِ ذكرُها أكَدَت أن ازدراءَ الأديانِ في مصر فعلٌ شائعٌ واردٌ عيني عينك، ومع ذلك لم تُحلْ للقضاءِ إلا حالاتٍ نادرةٌ كان مرتكبوها من الأقباطِ.

أُحيلَ ساويرس للمحكمةِِ لأنه ازدرى الدين، لكن لماذا تُقاطعُ شركاتُه التي يعملُ فيها عشرات الآلاف من المسلمين؟ هل عُدنا لعصورِ منحِ صكوكِ القبولِ والمنحِ والمنع؟ إلى ما تذهبُ مصر؟ الدين أسمى من يُستغلَ القانونُ باسمِه للترهيبِ والإذلالِ وكسرِ العيون، وأنزهُ من أن ينامَ القانونُ عن ملاحقةِ من ازدرى دياناتٍ أخرى تحت أي فتوى أو إباحة، إذا كانت مصر في الخاطرِ، وليس أهدافاً وأغراضاً أخرى.

مصر تُفاوضُ صندوقَ النقدِ الدولي من أجلِ ثلاثة مليار دولار تقترضُها، ألهذه الدرجةِ أهينَت بفعلِ كلِ من غَفِلوا عن أمانةِ الحفاظِ عليها وتفرغوا لما يخصُهم تحت مسمياتِهم وأولوياتِهم؟

Twitter: @albahary


الجمعة، 30 ديسمبر 2011

دولةُ الخلافةِ …


أذاعَت فضائية BBC يوم الجمعة ٣٠ ديسمبر أن مُرشدَ الإخوان المسلمين صَرحَ في مؤتمرٍ صحفي أن جماعته على وشك تحقيقِ هدفِ مؤسسِها، وهو تحقيقُ دولةِ الخلافةِ. وتصدَرَ صحيفةَ الأهالي يوم الأربعاء ٢٨ ديسمبر ما قالَه أحدُ السلفيين بأن من يخرج على حكمِهم خارجٌ عن الإسلام يجبُ قتالُه. أضف ما نُشِرَ عن هيئةٍ أُنشئت بفعلِ فاعلٍ للأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ. وطبعاً يستحيلُ أن نَغفلَ عن الوجوه التي تنتشرُ في الفضائيات مُسَفِهةٌ كلَ من يخالفُها وكأنه مخالفٌ للشريعةِ، لا معارضاً لهم كأشخاصٍ. المثيرُ للعَجبِ صدورُ التصريحِ ثم نفيه، والتزاحمُ علي المواقعِ الإلكترونية للصحفِ وغيرِها دفاعاً عن أي فعلٍ أو قولٍ من الجماعةِ أو السلفيين ولو كان على خصام مع المنطقِ وطبيعة الشعب المصري الكاره للتطرفِ. لما أُعلِنَ تصريحُ الخلافةِ الإسلاميةِ أو بيانُ هيئةِ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ، إنهمَرَت تعليقاتُ التأييدِ والمباركةِ، وكأن ما كان منذ مئات السنين صالحاً اليوم.

الانتخاباتُ اِعتُبِرَت شيكاً على بياض لأي قولٍ أو فعلٍ أو توجه أو قرار، ولو كان مؤداه إلحاقَ الدمارِ بالدولةِ المصريةِ، كيانُها ووحدةُ أراضيها، وما يزالُ النموذجُ الصومالي وكذلك الأفغاني والسوداني والغزاوي واضحاً تماماً في كيف تكونُ النظرةُ أحاديةً، الحكمُ بأي وسيلةٍ ولو على الأنقاضِ، ولو جلَبَ التعاسةَ والشقاءَ والبؤسَ. متابعةُ ما يُقالُ وينتهَجُ من تصرفاتٍ وممارساتٍ لا تثيرُ إلا قلقاً أكيداً ممن ركبوا الديمقراطيةَ ليجلسوا إلي ما لا نهاية، ليشطحوا ويتجاوزوا وهم بمنأي عن المساءلةِ لأنهم الشريعةُ، كما يظنون. الديمقراطيةُ تعني الاستعداد للنزولِ عن الحكمِ وقتما يشاءَ الشعبُ، والخلافةُ تحصرُ الحكمُ في طبقةٍ أو طائفةٍ بعينِها، وتستبعدُ عنه من سيُصَنفون غير أهلٍ للحكمِ أو لاختيارِ الخليفةِ. الخلافةُ تتناقضُ مع الديمقراطيةِ التي بهم أتَت، كيف نصدقُهم إذن وهم يكشفون وجهاً ثم يُخفونَه وكأننا في حفلٍ تنكري؟! يريدون طولَ البقاءِ لأهدافِهم الخاصةِ، لمصلحتِهم التي يصورونها ويتصورونها للكافةِ، يريدون أن يسحبوا شعباً في عصرٍ ولى فيه جَرَ الشعوبِ من قفاها.

هناك من يُدافعُ عن السلفيين بحجةِ أنهم لا يجيدون الكلام، بأنهم لم يحترفوا السياسةَ، عذرٌ مخادعٌ، هل مطلوبٌ منهم الكذب والملاوعة؟! اليومُ كلامٌ معسولٌ وغداً فعلٌ قامعٌ مدمرٌ!! وكيف يكونُ حسنُ التعبيرِ عن نوايا ليست بالحسنة؟! الأمرُ ليس في التعبيرِ، لكنه فيما تُضمِرَه النفوسُ. انتهَت دولةُ الخلافةِ العثمانيةِ بكارثةٍ أنهَت إلى غير رجعةٍ آخر نموذجٍ لها، وزالَت معها الدولةُ التركيةُ والحكم الديني، عالمُ اليوم أشدُ قسوةً.

مصر ليست خَمارة كما يصرخُ من طَفوا على السطحِ، ليست هي الأرضُ والثقافةُ التي تُحَلِلُ ضربَ النساءَ وشدَهم من شعورِِهم وتجنيبَهم؛ مصر لا تتحملُ حكماً ديكتاتورياً تحت أي مُسمى، يستحيلُ فيها تكفيرُ المخالفين، لا مكانَ فيها للصفوةِ الحاكمةِ، ولا لأي سلطةٍ أعلى تُنَزَه وتُحَصَن تحت أي مسمي،،

Twitter: @albahary

الاثنين، 26 ديسمبر 2011

مئوية نجيب محفوظ فى مكتبة الإسكندرية


 نظم مركز الفنون بمكتبة الإسكندرية كعادته فى شهر ديسمبر من كل عام, إحتفالية بمناسبة عيد ميلاد الأديب الكبير نجيب محفوظ (1911 – 2006) المئوى هذا العام, رغم الظروف الصعبة التى تمر بها المكتبة.


شملت الإحتفالية عرض بعض الأفلام التسجيلية والروائية إلى جانب معرض صور له (من ضمنها صورة التخرج من قسم الفلسفة بكلية الأداب جامعة القاهرة عام 1934 المصاحبة لهذا التقرير).

بدأت الإحتفالية بكلمة من الناقد سمير فريد الذى تحدث عن نجيب محفوظ وحرصه على الكتابة باللغة العربية الفصحى حفاظآ على اللغة ثم عرض برنامج تلفزيونى من تقديم المذيعة ليلى رستم ضم عميد الأدب العربى طه حسين ومجموعة من الكتاب من بينهم نجيب محفوظ.

كما تم عرض الفيلم التسجيلى "نجيب محفوظ ضمير عصره" (1989) سيناريو وإخراج هاشم النحاس.
والفيلم الروائى "ساحر النساء" (1958) عن قصة سينمائية لنجيب محفوظ (عن الدجل والشعوذة) وسيناريو (متميز) لعباس كامل ومحمود صبحى وكامل التلمسانى ومن إخراج فطين عبد الوهاب وتمثيل فريد شوقى وهند رستم (التى قامت بأداء رائع) وتوفيق الدقن.

وأخيرآ عرض فيلمان مكسيكيان عن روايتين لنجيب محفوظ يؤكدا عالمية أدبه وحققا العديد من الجوائز.
الأول "بداية ونهاية" (Principio y fin) 1993 من إخراج المخرج المكسيكى الكبير أرتورو ريبستاين.

الثانى "زقاق المدق" (El callejon de los Milagros" ( Midaq Alley) 1994 من إخراج جورجى فونس وتمثيل سلمى حايك التى لفتت الأنظار فى هذا الفيلم وإنطلقت إلى السينما العالمية والنجومية.

  









مهندس / دانيال تانيليان - سكندرى عاشق للسينما ومحب للفنون