الأحد، 22 يونيو 2008

القاهرة اليوم00 فقط !؟


القاهرةُ، زاخرةٌ بالأحداثِ، بالضجيجِ، بالصخبِ، لا يخلو الإعلامُ من سيرتِها، لا يستطيعُ. القاهرةُ هي مصر، دولة عشراتِ الملايين وكذلك التاريخِ، شهدَت الفكرَ واضمحلالَه، استمتعَت بالفنِ وتعذَبّت من فرطِ ما حورِبَ، فيها المفكرون والمبدعون من كل الاتجاهاتِ، صوتُهم مسموعٌ ولو جارَ عليهم الزمنُ. موضوعٌ هي في كلِ الصحفِ الورقيةِ وصحافةِ الإنترنت، الفضائياتُ تعيشُ علي فنِها، وعلي الكلامِ في سيرتِها، مصدرٌ هي لرزقِهم، لملايينهم.
الفضائياتُ، لا تقومُ إلا بالمالِ، موجودٌ بكثرةٍ عند أصحابِ البترولِ، منه يغترفون ويستثمرون، القاهرةُ منجمُهم، عليها يتعيشون، أصبحت حرفةَ عشراتِ الفضائياتِ البتروليةِ، من كل مكانٍ حتي من القاهرةِ نفسِها. برنامجُ القاهرة اليوم أحدُها، استوطن الاستوديوهات المصريةَ، انطلقَ بجرأةٍ عن كلِ ما تعاني منه مصر، لا عيبَ في ذلك، مرآةٌ هو لكل ما تخفيه الصحافةُ الحكوميةُ المكبلةُ المُكممةُ المُتعيشةُ، الحريةُ الإعلاميةُ حقٌ للمواطنِ قبل أي مستثمرٍ.
برنامجُ القاهرة اليوم ليسَ فوقَ النقدِ، كما يَنتقدُ يُنتقَدُ، يقومُ علي مذيعٍ وحيدٍ متوحدٍ، احتكرَ لنفسِه الألمعيةَ والذكاءّ وخفةَ الظلِ، يفتعلُ القضايا والمواقفَ، يعيدُ ويكررُ، يلبسُ ثيابَ الثوري المناضلِ صاحبِ المواقفِ، حوارتُه مفبركةُ وكذلك ضيوفِه، يهاجمُ أشخاصاً بعينِهم، بكلِ الفجاجةِ والسماجةِ، بكلِ الغرضِ والهوي. كلُ من حولِه سنيدةٌ ، منبهرون بظرفِه ولطفِه وفكرِه، كلُه يهون من أجل دولاراتِ الخليجِ. الحرفيةُ الإعلاميةُ مُفتقدةٌ، غابَت المصداقيةُ، أساسُ الإعلامِ، لا يهمُ طالما أن القاهرةَ هي محورُ التناولِ.
ليس هجوماً علي برنامجِ القاهرة اليوم، توقيتُه الأفضلُ، يجمعُ يومَ القاهرة كلَه في ساعاتٍ ثلاث، لا مفرَ من مشاهدتِه لمتابعةِِ ما لن تنشرُه الصحفُ الحكوميةُ، لا مفرَ أيضاً من البحثِ عن قنواتٍ أخري ما أن تبدأ حوارات المذيعِ المتفردِ بكلِ فبركتِها. القاهرة اليوم، نموذجٌ للفكرِ في هذه المنطقةِ، فكرُ التحاذُق، تصورُ الذكاءِ في الذاتِ وانعدامِه عند الآخرين، الروؤيةُ بعينٍ واحدةٍ مُغمضةٍ، التركيزُ علي عيوبِ الغيرِ.
القاهرة اليوم ركزَ علي مصر، وعيون بيروت رأي لبنان، هل انتهَت عندهما الأخبارُ؟! أين مكة اليوم وعيون جدة؟! هل فيهما الفضائلُ كلُها؟ هل انعدَمَ فيهما ظلمُ الكُفلاءِ والعنصريةُ ورفضُ الآخرين؟ ألا يوجدُ بهما من الخطايا ما لا يصحُ ذكرُه تعففاً وخجلاً؟ بالمالِ اشتروا الفضائياتِ، لجني المزيدِ منه، لإخفاءِ خطاياهم، لا للحقيقةِ، ولو ولو، نراها جميعاً، هنيئاً لهم القاهرة اليوم ومذيعهم الخَفافة واللَطافة والظرافة،،

ليست هناك تعليقات: