السبت، 28 يونيو 2008

هل سيسمحون؟


النظامُ المصري يتعرضُ لانتقاداتٍ منهمرةٍ في كافةِ وسائلِ الإعلامِ، المحليةِ والعربيةِ والعالميةِ، مكتوبةِ أو علي الإنترنت، أرضيةٍ أو فضائيةٍ، لم يسلم منها رئيسُ الدولةِ وأي من أركانِ نظامِه، قليلاً ما تعرضَ صحفيٌ أو غيرُه للمطاردةِ أو التنكيلِ، مقارنةً بكمِ ما يُنشرُ، بالحقِ والباطلِ. لستُ من المدافعين عن النظامِ الحالي، بل علي العكسِ، لكنني بقلقٍ أتساءلُ، وهو ما يعتريني وغيري، هل من يشتاقون إلي السلطةِ سيسمحون لنا بهذا القدرِ من التهجمِ عليهم وانتقادِهم؟ ضحايا الرأي في لبنان والعراق وإيران والسعودية وسوريا وفلسطين أكثرُ من الحصرِ، أما الماضي قريبُه وبعيدُه ففيه من القهرِ أشكالاً وصنوفاً.
متابعةُ صحفِ المعارضةِ المتباكيةِ بحرقةٍ علي انعدامِ الديمقراطيةِ يؤكدُ أنها تتبعُ أشدَ أنواعِ الديكتاتوريةِ والقهرِ، رؤساءُ الأحزابِ يحتلون الكراسي كما لو كانوا في الحزبِ الوطني، صحفُهم تهللُ لهم وكأنهم بلا خطيئةٍ، تحجِبُ أيَ رأيٍ يُخالفُ ما تروجُ له، كما لو كانت صحيفةً قوميةً ممن جارَ عليهم الزمنُ.
أما المتشحون بشعاراتِ الحلولِ الهلاميةِ البراقةِ فليسوا بأفضلِ حالاً، أسلحتُهم مشهرةٌ لتكفيرِ كلِ من يخالفُهم في العقيدةِ والرأي، فتاواهم جاهزةٌ لأي طارئ، تُحللُ وتُحرمُ، بلا قاعدةٍ إلا المصلحةِ والحاجةِ للسيطرةِ. ما من برامجِ حقيقيةٍ للتطويرِ، مجردُ وعودٍ ورؤي مناميةٍ تستدرُ ماضٍ سحيق فيه من الإخفاقاتِ والعِبرِ ما يفوقُ إنجازاتٍ شحيحةٍ يُرَوجُ لها وكأنها الواقعُ والقاعدةُ، إخفاقاتٌ أوردَت إلي ما يشهدُه الحاضرُ من تردٍ واندثارٍ. الزمنُ الحالي لا وقتَ فيه لإعادةِ تجاربِ ماضٍ فاشلٍ بعدما تخطانا آخرون واكتسحوا بلا رحمةٍ، بالعلمِ واحترام الإنسانِ ككيانٍ له الحقُ في الحريةِ كلِها، ليست منحةً ولا منقوصةً.
النظامُ الحالي يُهاجَمُ بشراسةٍ مُستحقةٍ، يتطوعُ منافقوه بالإساءةِ إليه، ولو تصوروا العكسَ، في مقابلِ مصالحِهم الخاصةِ جداً، أستاذٌ بإحدي الجامعات الإقليميةِ نُكِلَ به لأنه انتقدَ استضافةَ مطربِ الحمارِ في الحرمِ الجامعي، لم يقُم أحدٌ ممن فيهم ذرةُ عقلٍ بالدفاعِ عنه، لا لسوادِ عيونِه، إنما لخاطرِ نظامٍ يسعي حثيثاً لتدميرِ نفسِه، لجرِ وطنٍ غابَ عنه الأملُ إلي مهاوٍ سحيقةٍ لا نجاةَ منها.
نظامُ حكمِ تحملَ كثيراً، وأخطأ كثيراً، هل يتحملَ معارضوه لو آلَ إليهِم الكرسي، شواهدُهم تؤكدُ أنهم جاهزون، بكلِ القمعِ وضيقِ الصدرِ، لنا اللهُ من ماضٍ داسَنا وحاضرٍ قهرَنا ومستقبلِ سيشهدُ انقراضَنا،،

ليست هناك تعليقات: