الأحد، 8 يونيو 2008

هل نفكر؟



تكوين الرأي، ليس بالأمر الهين، لكنه نتاج قراءات متعددة وخبرات في المعاملات وقبل كل ذلك استعداد شخصي قابل للتنمية والتطوير. ليس كل إنسان بقادر علي التفكير، البعض بطبيعة تكوينه العقلي والنفسي والبيئي تنحصر قدراته في المحاكاة، في الوقوف في طابور لا يعلم أين وجهته. كلما زاد الوعي والثقافة والحرية في مجتمع كلما زادت قدرة أفراده علي التفكير وبناء رأي سليم ناء عن أية مؤثرات ولو كانت براقة عالية الصوت.
إذا كان التفكير نتاج استعداد شخصي وبيئة صحيحة أين نحن منه إذن؟ الإجابة ليست بالعسيرة، إنها ممكنة بمتابعة الصحف علي تنوعها ووسائل الإعلام علي اختلافها والشارع علي اتساعه. لننظر كيف يُقابل أي حدث، كيف يتم تحليل معطياته ودوافعه؛ رد الفعل لكل حدث هو مرآة لحال التفكير في المجتمع، هل هو التفكير العقلي الواعي أم أنه مجرد ترديد نمطي محفوظ يتكرر مع كل حدث ولو اختلف مع ما سبقه؟ التفكير النمطي لا يعد تفكيراً إنما هو راحة من التفكير، سلبية تركن إلي البغبغة بدلاً من مشقة البحث عن الحقيقة.
متابعة ما ينشر ويسمع ويري تدفع للتنقيب بقلق عمن يعملون فكرهم، من يجتهدون ويخاطرون لتنوير عقول أصابها الصدأ من فرط الإهمال. شاعت لدرجة الوباء السطحية البعيدة عن جوهر الأشياء، أُفرِدت لها مساحات شاسعة، فاض غثاؤها، السطحية مرض معد، التفكير لا يصيب إلا صاحبه إذا لم يعلم المجتمع كيف يجعل منه أسلوب حياة.
الصراعات المسلحة في الأندية، تَحول الشارع إلي فوضي يمارس فيها كل ما يهواه، حَصر كل المشكلات في نظرية المؤامرة، انتقاد الولايات المتحدة الأمريكية باعتباره السبيل الأيسر للشهرة والقبول، غض البصر عن مشاكل داخلية حقيقية، كلها نماذج خارج الحصر لتردي التفكير، لاندحاره وانهيار السلوكيات القويمة والمستقبل الواعد. انشغال أجهزة الدولة بقضاياها أعطي انطباعاً بعدم مقدرتها، استغله مناهضو التفكير، كل تراجع يصب في مصلحة معاكسة للدولة كنظام ومجتمع.
ظل التفكير خطراً حاربته الأنظمة المتسلطة علي اختلاف شعاراتها، أطفأته بالحديد والنار والظلام؛ انقلب السحر علي الساحر، علي الأنظمة ذاتها، حظر التفكير أخرجها عن العصر، أصبحت لقمة سائغة لقوي عاتية متربصة، أزاحت من أزاحت ودبرت بتفكير انتظاراً للحظة.
عالم التفكير ليس في الشعارات النمطية، إنه مقدرة تُنمي في المجتمعات السليمة في ظل أنظمة حقيقية، إنه تمييز الحق عن الباطل المتشح بالحق، إنه رؤية كل الحقيقة، فيه سلامة المجتمع شعوباً وأنظمة،،

ليست هناك تعليقات: