الجمعة، 13 يونيو 2008

.. في التشريفة



فتاةٌ تبكي بحرقةٍ، في الطريق العام، المارةُ يسألونها، تزدادُ صراخاً، ضاعَ عليها الامتحانُ، تبخرَ سهرُ الليالي، أُهدِرَ المجهودُ، الطريقُ مختنقٌ، مُجَمَدٌ، حارٌ، توقفت الحياةُ، خُنِقَ الأملُ، عمداً، في انتظار الموكب. مشهدٌ التشريفةِ يتكررُ، كثيراً، أصبح من بلايا الحياة ونكباتها، الخروجُ إلي الشارعِ محفوفٌ به، في أي وقت، لا اِعتبار عنده لحياةٍ بشريةٍ قد تُفقد، لطيارةٍ قد تطيرُ في موعدِها، لحريقٍ نهمٍ، لأطفالٍ قد يتوهون من أهاليهم.
تُوقَفُ الحياةُ، الألافُ مسجونون، في الشوارعِ، وقوفاً أو داخل مركباتِهم، ممنوعٌ تَحَرُكُهم، عبورُهم من رصيفٍ لآخرٍ، الشوارعُ العامةُ أصبحت مُلكاً خاصاً، البلدُ كلُها. الانفصالُ كارثيٌ بين من يحكمُ والشعبُ، التشريفةُ تؤكدُه، تُزيدُه اِتساعاً، لم يعد ممكناً تقريبُ المسافاتِ. مفهوم حقوق الإنسان لا وجودَ له، ولا حقَ الشعبِ واحترامهِ، ولا الوقتَ من ذهبٍ، ولا العملَ، ولا العلمَ، ولا الحياةَ الإنسانية ذاتِها.
الألافُ ساخطون في سجن التشريفةِ، مُنعزلون عن العالم، لا يعرفون لمحنتِهم نهايةً، ولا متي يصلون لبرِ الأمانِ، خسائرُهم خارجَ الحسابِ. منذ سنواتٍ اِنفجرَ رحِمُ امرأةٍ في إحدي التشريفاتِ، دُمرت حياتُها، بلا ذنبٍ، ليست وحدَها، إنه شعبٌ بأكمله.
التشريفةُ رمزٌ لأسلوبٍ، دليلٌ عليه، الإطالةُ مُرةٌ، كتبتُ ما فيه الكفايةِ، أنا في التشريفةِ، الفتاةُ لا تزالُ باكيةً، المارة علي حَسرَتِهم،،

ليست هناك تعليقات: