الأربعاء، 11 يونيو 2008

هنيئاً لك يا محمود



طفلٌ صغيرٌ، غطسانٌ في كرسي كبيرٍ، جالسٌ بجوارِ الوزيرِ، متلقٍ قبلاتِه وابتساماتِه، هو العريسُ، حصلَ علي أعلي الدرجاتِ في اختبارٍ دوليٍ للذكاءِ. من يتباهي بمن؟ الوزير أم الطفل؟ لمن كان التكريمُ من قبل؟ لمنتخبِ حسن شحاتة أم لمن بالأحضانِ أخذوه وفي الصور أحاطوه؟
التقديرُ الدولي سببُ تكريمِ الطفلِ محمود، لو لم يكن دولياً ما كان المهرجانُ. أما التقريظُ الدولي في أي مجالٍ، فسوءُ فهمٍ، مؤمراتٌ، عدمُ تقديرٍ لخصوصيةِ كلِ دولةٍ، هكذا هاجَ الإعلامُ الحكومي بالإشارةِ بعد إدانةِ البرلمانِ الأوروبي لأوضاعِ حقوقِ الإنسانِ في مصر.
تكريمُ محمود لم يتوقف علي تصويرِ الوزيرِ معه، لكنه امتدَ إلي عدمِ الوقوفِ أمامَ عبقريتِه، إلي تأديبِ القانونِ الذي يتجرأ علي سدِ الدروبِ أمام نبوغِه. أصبحَ القانونُ عائقاً، لا بدَ من تخطيه، لا مفرَ من الاستثناءات!! بمنتهي البساطةِ ليسقط القانون، شعارُ دولةٍ لعصورِ الغابِ عادت، قتلٌ وصراعٌ علي الأراضي والعيشِ والكراسي، علي كلِ ما تطوله يدٌ ورجلٌ، استثناءُ محمود أبسط بكثير.
الطفلُ محمود تفوقَ، من فرطِ نبوغِه فضحَ أوضاعٍ بعضُها يذكرُ ببعضِه، إهدارُ القوانين، التمحكُ في انتصاراتِ الآخرين، اللعلعة للإشادةِ الدوليةِ والعويلِ عندما تنقلبُ تأنيباً، تصويرُ الحقيقةِ بما يجعلُ شدةَ البؤسِ نعيماً، نهجٌ يتكررُ وكأن الناسَ في مصر تنسي، لا تفهم. نشرت صحفُ الحكومةِ عن زيادةٍ بإحدي الجامعاتِ لدخولِ أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ، بالقراءةِ تبين إنها أساساً لعمداءِ الكلياتِ ووكلائها، وضعٌ يسيء لهم ولا يقدرهم. إنها أيضاً طوابيرُ العيشِ ومظاهراتُ واعتصاماتُ الفقرِ مخفيةٌ وراء صورٍ ملونةٍ وحكاوي عن النجاحِ الاقتصادى والريادةِ ووضعِِ الشعبِ في العيونِ.
آآه منك يا محمود، أيقظتَ المواجعَ بعبقريتِك، فضحتَ زيفَ ما نحن فيه، دستَ بقسوةٍ علي جراحِ القوانينِ التي من فرطِ الإهمالِ تفاقمَت. هنيئاً لك يا محمود، فتحت الطريقَ لكل من سيُداس القانونُ لأجلِ عيونِهم، ما أكثر ما سيظهرُ من عباقرةٍ، هنيئاً لكل من تجملوا علي حسابِك، لكن الأهم إنك كشفت بالجامد أوضاعاً في النازل قوي.
كله ده منك وانت إبن عشرة سنوات، يا تري لما تكبر ماذا سيكون منك؟ ما علينا، اللهم فضفضت، مبروك يا أبو حنف،،

ليست هناك تعليقات: